يشهد مجلس الشعب خلال جلساته التي تبدأ أول فبراير المقبل مناقشات برلمانية عنيفة حول قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية، في ضوء الجدل القانوني بين النواب والدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة والدكتور حمدي السيد رئيس لجنة الصحة بالمجلس ونقيب الأطباء، حول مدى عقوبة استئصال بعض الأنسجة البشرية ومنها شعر الرأس والأظافر والشارب. ويؤيد أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب توقيع العقوبة، في حين أكد الدكتور حمدي السيد أن الشعر والشارب والأظافر يعدوا من الأنسجة البشرية، إلا أنهما لا يصلحان للنقل والزرع في جسم إنسان آخر، دون أن يذكر موقف من يقوم بنزع تلك الأنسجة، وهل تدخل عقوبات من يفعل ذلك ضمن العقوبات الواردة في قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية أم في القوانين الأخرى من قانون العقوبات. وكان الاجتماع المشترك من لجنة الصحة والدستورية أمس الأربعاء برئاسة الدكتور فتحي سرور وحضور وزير الصحة والدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية ونقيب الأطباء والدكتورة أمال عثمان رئيس اللجنة التشريعية والدستورية شهد مناقشات حادة. فقد حذر الدكتور حمدي السيد من خطورة العقوبات الواردة في القانون والتي أيدها مجلس الشورى، خاصة عقوبة الإعدام، كما طالب عدد من أعضاء اللجنة المشتركة حذف هذه العقوبة التي سوف تكون حائلا في إجراءات عمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية. وعرض السيد العديد من التقارير التي يعترض فيها الأطباء على هذه العقوبة، واتفق معه نائب الأغلبية محمد دويدار الذي أكد أن هذه العقوبة ستؤدي إلى خوف وارتعاش الأطباء من إجراء هذه العمليات، وأيدهم وزير الصحة والدكتور سرور والدكتور مفيد شهاب . ووصف النائب ماهر الدربي رئيس لجنة الإدارة المحلية، مشروع الحكومة بأنه متناقض ويتعارض مع القوانين المقدمة من النواب والتي أشاد بها الدكتور حمدي السيد. وأشار الدربي إلى أن استحسان نقيب الأطباء للمشروعات المقدمة من النواب بمثابة حكم محكمة، مؤكدا أن العديد من العقوبات الموجودة داخل قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية متناقضة للحد الذي يجعل الأطباء المخالفين لمواد القانون يحصلون على البراءة عند تقديمهم للمحاكمة، خاصة إذا لم تتوافر العلاقة السببية بين الخطأ والنتيجة، ورغم وجود فقهاء القانون الجنائي والدستوري إلا أنه لم يعقب أحد على ما قاله الدربي. فيما أكد الدكتور فتحي سرور حول عقوبة الإعدام التي طالب الدكتور حمدي السيد بإلغائها من مواد القانون، أنها عقوبة "جوازية" في أيدي القاضي، لافتا إلى أن القصد منها التخويف حتى لا يتم مخالفة النصوص القانونية، وأيده الدكتور مفيد شهاب، كما تساءل وزير الصحة: لماذا يخاف الأطباء من هذه العقوبة التي لا يعاقب بها سوى المخالفين لأحكام هذا القانون، وفي مواد معينة، ومنها الاستئصال خلسة وبدون موافقة اللجنة الطبية الثلاثية؟. وفي غضون ذلك، شهدت اللجنة مشادات ومداعبات من قبل الدكتور سرور مع النواب الذين حاولوا إجراء العديد من التعديلات على المواد العقابية في القانون، حيث أكد سرور أنه غير جائز أن يشكك في الأطباء بهذه الصورة، مطالبا بالانتهاء من تشريع القانون، معترضا على التعديلات المقدمة من النائب علاء عبد المنعم حول المادة 18، وقال سرور موجها حديثه إلى علاء: "امشوا معانا من الأول.. لو أنكم حضرتم من الأول ما قدمتم تلك التعديلات، واصفا ما يحدث من النواب بمن حضر لمشاهدة الفيلم من أخره وهنا يزهق اللي جنبه ويسأله ايه اللي حصل"، كما داعب الدربي المحامي بالنقض قائلا له:" احنا كدة هانرجع الدربي إلى ثانية حقوق والدربي نفسه في ذلك بشرط أن يرجع بعمره إلى طالب ثانية حقوق. وطمأن سرور، حمدي السيد عن موقف اللجنة الثلاثية المشكلة من ثلاثة أطباء والتي تقرر الموافقة على نقل وزراعة الأعضاء البشرية، عندما تخطئ في تشخيص بعض الحالات، وهل سيعاقب الأطباء الثلاثة بالإعدام إذا أثبتوا أن المريض قد توفى ثم ثبت عكس ذلك، مؤكدا أن الخطأ المهني سيكون عقوبته السجن المؤبد أو الإعدام. وطالب النائب محمود أباظة رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بضم عضو النيابة العامة إلى اللجنة الثلاثية المشكلة، مؤكدا أن عضو النيابة لديه من الخبرة ما يكشف عمليات التحايل والنصب والاتجار، وأن وجوده ضمن اللجنة الثلاثية يحمي الأطباء من الوقوع في مثل هذه الأمور، إلا أن الدكتور سرور رفض اقتراحه، موجها حديث لأباظة: هل عندما ينتقل الطبيب الشرعي إلى موقع الجريمة وتشريح جثة المقتول ينتقل معه عضو النيابة؟. وأدخل الدكتور سرور خلال اللحظات الأخيرة من الموافقة النهائية على مواد القانون عددا من التعديلات الجوهرية بشأن العقوبات الواردة، وتأكيده على أهمية التدرج في هذه العقوبات، بحيث تكون عقوبة السجن المشدد الذي يتراوح ما بين 5 و 15 عند استئصال عضو بشري بطريق الخلسة، بينما تزداد العقوبة إلى السجن المؤبد أو الإعدام أو بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تتجاوز 200 ألف جنيه إذا كان الاستئصال بطريق الإكراه أو التحايل، وأدى إلى وفاة المنقول إليه، مشددا على خطورة نقل الأعضاء بطريقة متعمدة مع سبق الإصرار والترصد، وقال إن هذا الأمر يستحق الإعدام لمنع ارتكاب مثل هذه الجرائم في حق المواطنين، وأيده في ذلك الدكتور مفيد شهاب والدكتور حاتم الجبلي الذي أيد أيضا هذه العقوبة، خاصة وإن كانت عملية الاستئصال تمت دون موافقة اللجنة الثلاثية. فيما وافقت اللجنة على العمل بهذا القانون بعد 3 شهور من إصدار اللائحة التنفيذية للقانون، وإن كان بعض النواب وفي مقدمتهم كرم الحفيان قد طالب بأن تصدر اللائحة التنفيذية مع القانون حتى يشارك النواب في إعدادها.