لقد بلغ القلق مداه في الشارع المصري من الأحوال التي باتت غير واضحة المعالم وأصبح هذا عنوان كل شيء في مصر وزاد من هذا القلق صمت مؤسسة الرئاسة وعدم تصديها لما يحدث بحسم وحزم مما جعل الكثير من الناس يعتقدون أن الثورة المضادة على وشك النجاح في سرقة الثورة، عودة ليس النظام الفاسد السابق فقط بل احتمال عودة المتهم مبارك لحكم مصر أو احتمال عزل الرئيس المنتخب وتنصيب المتهم شفيق رئيسًا لمصر، خاصة أن الأمور تسير بطريقة تدل على ذلك وكل مؤشراتها سلبية تجاه مؤسسة الرئاسة والحكومة. فالشرطة لم تعد شرطة والنيابة العامة لم تعد نيابة عن الشعب بقدر ما هي نيابة عن النظام الفاسد السابق إلا ما رحم ربي والقضاء كله لم يعد عنوانًا للعدالة بقدر ما أصبح أهم وأخطر آليات الثورة المضادة التي باتت أقرب للوصول لما تهدف من سرقة الثورة أو الانحراف بها عن جادة الطريق فقد توحش وتفحش الإعلام المصري بكل وسائطه الفضائيات والجرائد وتجرأ حتى على شخص الرئيس والسبب في ذلك سلبية الرئيس الظاهرة للعيان والتي جعلت الفلول والمنتفعين من النظام السابق يتجرأون بشكل غير مسبوق. قلت قبل ذلك إنه لا إصلاح بآليات الفساد فالشرطة كانت ولا تزال في معظمها فاسدة تتآمر علنًا على الثورة ولا تتحرك كما ينبغي لها ولا كما يسمح لها القانون فهي لا تظهر عادة في المظاهرات إلا وتقف بجانب البلطجية في منظر لا تخطئة العين مع العلم أن الحكومة يمكنها القضاء على هذه السلبية بدفع دماء جديدة داخل الشرطة عن طريق قبول الحاصلين على ليسانس حقوق بأكاديمية الشرطة وتمنحهم تدريب لمدة ستة شهور على الأكثر في العلوم الشرطية وتدفع بهذه الدماء الجديدة في الشرطة ويمكنها أن تقبل خريجي الجامعات كما تفعل في كلية الضباط المتخصصين وعدم الأخذ بهذا تقصير معيب وسلبية لا مبرر لها. والأخطر من ذلك النيابة العامة والقضاء فقد أعلنّا صراحة وبدون أي مواربة أنهم من أهم وأخظر آليات الثورة المضادة فقد تآمر النائب العام السابق مع الشرطة في تدمير الأدلة والمستندات التي تثبت ارتكاب المتهم مبارك ووزير داخليته ومعظم ضباط جرائم قتل المتظاهرين، وأكمل القضاء المؤامرة وحكم ببراءة في جميع قضايا قتل المتظاهرين في مهرجان البراءة للجميع الذي إن استمر سوف تصل الثورة المضادة لهدفها في سرقة الثورة أو على الأقل الانحراف بها بإعادة النظام الفاسد السابق بأشخاص مختلفة على رأسها المتهم أحمد شفيق ولا عزاء للشعب المصري. فقد تبادل القضاء الأدوار في المؤامرة القضائية ضد الثورة فالقضاء الجنائي ومن قبل النيابة العامة منحت حماية قانونية بأحكام أقل ما يقال عنها إنها جرائم جنائية فيه أخطاء قانونية تستوجب التحويل إلى لجنة صلاحية والعزل من الوظيفة بل والمحاكمة الجنائية لكل قاضٍ أصدر حكم براءة في قتل المتظاهرين وحتى محاكمة المتهم مبارك ونجليه ووزير داخليته ومساعديه باتت على مقربة من الحكم فيها بالبراءة استكمالًا لمهرجان البراءة للجميع الذي ينتظر نهايته بحكم قضائي بإعلان فوز المتهم أحمد شفيق بالرئاسة وبطلان إعلان فوز محمد مرسي بالرئاسة ويخطط لهذا قضائيًا ويشجعهم على ذلك سلبية الرئاسة وضعف الحكومة وما حكم بطلان تعيين النائب العام المستشار الجليل إلا بروفة لذلك. والقضاء الإداري الذي أصدر أحكامًا أقل ما يقال عنها إنها جرائم جنائية تستوجب المحاكمة أحكام فيها مخالفات صريحة وواضحة لأبجديات القانون فقد نسفت هذه الأحكام ما استقر في الأنظمة القانونية كافة في العالم، خاصة في نظرية أعمال السيادة التي أصدرت دائرة توحيد المبادئ فيها حكمًا يجب وينبغي على قضاة مجلس الدولة الالتزام به ولكنهم ضربوا به عرض الحائط فقرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين للاستفتاء من أعمال السيادة وقد حكم ذات القضاء والمحكمة الدستورية العليا بذلك ومع ذلك حكمت محكمة القضاء الإداري وأيدته المحكمة الإدارية العليا عكس ذلك تمامًا بل، الأكثر من ذلك أنهم ضربوا عرض الحائط بالدستور الذي استفتى عليه الشعب في هذا الحكم الذي نص في المادة (177) منه على أن الرقابة الدستورية على قوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية رقابة سابقة على صدور مثل هذه القوانين ومع ذلك أحالت محكمة القضاء الإداري وأيدتها المحكمة العليا قانون الانتخابات البرلمانية للمحكمة الدستورية/ السياسية العليا في تحدٍ واضحٍ للشعب ولرئيس الجمهورية ولو كان في مصر قانون يحترم ويطبق فعلًا كان من المفروض إحالة الدائرة التي أصدرت هذا الحكم والدائرة التي أيدتها إلى لجنة صلاحية مع العزل من الوظيفة فورًا ولكن القضاء يقف بكل بجاحة ووقاحة ضد هذا الشعب ولم يعترف بإرادته في الاستفتاء على الدستور، علمًا بأن هؤلاء القضاء يصدرون الأحكام باسم الشعب الذي لم يحترموه بل أهانوه إهانات بالغة بتكبر وصلف وساعدهم في ذلك سلبية الرئاسة وضعف الحكومة الظاهر للعيان يا سيادة الرئيس لا احترام لمجرم. ناهيك عن وسائط الإعلام التي يجب محاكمتها على جرائمها في حكم الشعب وحق مصر على جريمة الخيانة العظمى وليس بالتنازل عن قضايا وجرائم ارتكبوها، يا سيادة الرئيس ليس من حقك التنازل عن هذه القضايا لأنها وقعت في حق مصر وحق الشعب المصري ماذا تنتظر ومتى تتحرك؟! ماذا تنتظر ومتى تتحرك!؟ ومصر مقبلة على أبواب وأيام يعلم الله ما فيها بعدما استأسد الذباب يا سيادة الرئيس الفلول وأرباب الثورة المضادة يعتبرون أدبك ضعفًا ووهنًا واحترامك لهم وللقانون ضعفًا بسلبيتك وتهاونك مع الفاسدين.