القيادة المركزية الأمريكية: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ من اليمن تجاه البحر الأحمر    الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما داعما لفلسطين في برلين    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    مجلس جامعة كولومبيا يصوت على قرار للتحقيق مع الإدارة بعد استدعاء الشرطة لطلبة متضامنين مع غزة    4 أيام متواصلة.. تعرف على عطلة شم النسيم وعيد العمال والإجازات الرسمية حتى نهاية 2024    اليوم.. جلسة محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب وقذف عمرو أديب    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    تحذير دولي من خطورة الإصابة بالملاريا.. بلغت أعلى مستوياتها    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    واشنطن تعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 6 مليارات دولار    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    عاد لينتقم، خالد بيبو: أنا جامد يا كابتن سيد واحنا بنكسب في الملعب مش بنخبي كور    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    محمد هلب: السيارات الكهربائية بمثابة مشروع قومى لمصر    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    وسام أبو علي يدخل تاريخ الأهلي الأفريقي في ليلة التأهل للنهائي    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توابع محاكمة القرن
نشر في أكتوبر يوم 10 - 06 - 2012

تداعيات مثيرة ومتباينة شهدها الشارع المصرى منذ صدور الحكم على مبارك والعادلى بالمؤبد وبراءة نجلى الرئيس السابق جمال وعلاء، ومساعدى العادلى الستة فى قضية القرن. وقد وصف عدد من فقهاء القانون رد فعل بعض القوى السياسية بأنه مزايدة على دماء الشهداء من المرشحين الخاسرين فى سباق الرئاسة، منتقدين الهجوم الشرس على القضاء، وأكدوا أن محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت طبقت القانون وفق ما وصلها من أدلة ومستندات مشددين على أن الحكم هو الأول فى القضية التى ينتظرها جولات أخرى من الطعن.. «أكتوبر» التقت نخبة من علماء القانون والسياسة والاجتماع للحديث عن هذه القضية.د. مصطفى عرجاوى أستاذ القانون الخاص بجامعة الأزهر أكد أن أى متخصص فى القانون لا يمكنه أن يعلق علىالحكم قبل الاطلاع على حيثياته.. فالحكم على الرئيس السابق مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى بالمؤبد.. هو أقصى عقوبة كان يمكن أن يصدرها أى قاض.. فالقاضى يحكم بناء على نص القانون الجنائى ولا يجد عقوبة أقصى من ذلك.. لأن قرار الإحالة من النيابة العامة لم يتهم الرئيس السابق ولا وزير داخليته بقتل المتظاهرين.. وإنما اتهمها بعدم التدخل لوقف هذا الأمر.. ولهذا كانت العقوبة القصوى هى حكم المؤبد عليهما.
أما مساعدو وزير الداخلية، فلم يجد القاضى فيما عرض عليه من مستندات ما يمكنه أن يحكم بمقتضاه عليهم، لأن الشك يفسر لصالح المتهم.. والأحكام الجنائية تقوم على القطع واليقين.. لأن المتهم برىء إلى أن تثبت إدانته، والمحكمة كانت أمينة فى ذلك لأنها عملت وفق النصوص القانونية.. فقضت على المساعدين بالبراءة لعدم توافر أدلة الإدانة، وكذلك قضايا الاستغلال المالى والتربح كما قضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة.. لأن واقعة الرشوة مضى عليها ما يزيد على 10 سنوات.
من الناحية القانونية الشكلية الظاهرة لنا من خلال منطوقه صحيح، ومتفق مع القانون.. ومع ذلك فإن النيابة العامة سارعت بالطعن عليه.. لأنها هى التى تملك الطعن بالنقض فى أحكام البراءة، والأحكام المتعلقة بانقضاء الدعوى بمضى المدة، فضلاً عن الأحكام التى صدرت ضد الرئيس السابق مبارك ومساعديه، كما يملك النائب العام الطعن على جميع الأحكام بالنقض.
أما المدعون بالحق المدنى فلا يمكنهم الطعن على البراءة والأحكام الصادرة بعدها إلا بعد طعن النيابة العامة، ويمكنهم الادعاء مدنيا إلحاقاً بالطعن الذى تم من النيابة العامة، بينما لا يجوز الطعن من المدعين مدنيا على أحكام البراءة دون أن تطعن النيابة العامة لأن الجنائى حجة على المدنى.. وهذا الطعن سينظر فى محكمة النقض، إذا قبلته ونقضت الحكم.. فهذا لا يعنى حكما بالبراءة ولا الإدانة.. وإنما سيعيد الدعوى إلى محكمة أخرى بدائرة أخرى لتنظر القضية، وقرار الإحالة من جديد، شريطة ألا يحكم بعقوبة أكبر مما حكمت به المحكمة الأولى لأن الطاعن لا يضار بطعنه.. أما الذين حصلوا على البراءة عندما ينقض الحكم وتعاد القضية إلى دائرة أخرى، يمكن لهذه الدائرة أن تحكم عليهم بمقتضى القانون بأى عقوبة، مهما بلغت، مادامت تتوفق مع الأدلة المقدمة.. ومن حق جميع المحكوم عليهم بعد حكم المحكمة فى القضايا ضدهم بالإدانة أن يطعنوا بالنقض للمرة الثانية - فإذا ما قضت محكمة النقض بنقض الحكم فإنها تتحول إلى (محكمة موضوع).. أى تتولى محكمة النقض بنفسها الفصل فى القضية والحكم فيها بالإدانة أو بالبراءة ويضيف عرجاوى: مسألة التعليق السياسى والشعبى أو الإنسانى على أحكام القضاء أمر محظور وممنوع بمقتضى القانون لأن القضاء حكمه هو عنوان الحقيقة، إلى أن يصبح حكماً باتاً.. أو يتم نقضه.. أما أن يعلق كل من ليس له صفة قانونية على أحكام المحكمة فهذا غير لائق.. ولا يوجد حكم يمكن الاتفاق عليه فهناك من يعترض عليه. فالمتهم الذى يحكم بتبرئته يرحب بالحكم ويسعد به، والمجنى عليه أو المدعى بالحق المدنى يعترض عليه لأنه لم يلب طلبه، لذا فلا ينبغى علينا أن نترك أحكام القضاء للأهواء والأغراض.
ويحذر عرجاوى من أن الأخطر من ذلك أن تستغل الأحكام التى صدرت سياسيا لمصلحة مرشح معين أو حزب.. ويعتبر ذلك بمثابة عمل غير مشروع.. ولا يحق على الاطلاق لكل مواطن ثورى أن يسمح بذلك لأن القضاء سلطة مستقلة.. والتدخل فى أعماله هو اعتداء على إحدى سلطات الدولة الثلاث.. ولا يصح للسلطة التشريعية ولا السلطة التنفيذية أن تتخذ أى اجراءات تجاه السلطة القضائية غير قائمة على أسس قانونية والمناداة بوجود نظام جديد للقضاء المصرى.. أو إنشاء محاكم ثورية لاسترجاع حقوق أسر الشهداء هى بداية النهاية لكل القيم التى يحميها القضاء.. وهى (كلمة حق) يراد بها باطل.. لأن الذى يقبل بمحاكمة بعيدة عن الأصول القانونية والدستورية يفتح الباب على مصراعيه للانتقام الشخصى.. وهذا لا يمكن أن يسمح به مطلقاً مهما كانت الدوافع.. لأن مصر لابد أن تكون فوق الجميع.. والحق هو الفصل بين السلطات.. وإعطاء كل سلطة ما يميزها عن الأخرى لمصلحة الوطن والمواطنين.
وينهى د. مصطفى عرجاوى حديثه قائلاً إن الحق ثقيل، ولكنه خير ما قيل فى ذلك قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: قل الحق ولو كان مراً.. فالحق أحق أن يتبع وليطمئن الجميع أن ميزان العدالة والحق فوق الجميع.
حكم عادل
ويرى المستشار محمد حسن الشحات نائب رئيس هيئة قضايا الدولة أن الحكم قد جاء منطويا على كثير من العدل والجدية.. إلا أن البعض يريدون نشر الفوضى والضبابية، وبالرغم من عدم معرفة جموع المعترضين بأبعاد القضية وظروفها إلا أن المعظم يعرف موضوعها المحدد بشأن اتهامات بعينها لذا وجدنا رد فعل متباينا فالمتظاهرون وأصحاب المصالح يريدون حكماً يشمل كل ما هو منسوب للنظام السابق مرة واحدة، بينما رأى بعض أنصار المتهمين أن الحكم عادل بل يبحثون عن براءة من أدين وهذا حق يكفله لهم القانون، ولكن الأغرب كان اختلاف الحكم فيما بين الفقهاء والسياسيين قبل صدور الحكم، فكلُ تحكمه أهدافه وأغراضه، بعيداً عن وقائع القضية وحماية الثورة أو الحفاظ على أمن وسلامة البلاد، وأغفلوا أن المحاكمة ستصدر بناء على يقين ناجم عن قراءة وفحص وتميحص ما يزيد على 160 ألف صحفية بكل دقة وعناية وأمانة علمية وعادلة، فهذه المظاهرات بعيداً عن كل ذلك يحكمها فهم يختلف عن حقيقة ما تناوله الحكم.. فهذه القضية تخص جزءاً من كل المنسوب إلى المتهمين، ويوضح الشحات أنه إذا ما تأملنا الحكم وما انتهى إليه نجد الآتى:
معاقبة الرئيس السابق مبارك بالسجن المؤبد.. فمنطوق الحكم أشار إلى أن هذه النتيجة جاءت فى ضوء ما أسند إليه من قراراتها فى الاشتراك فى جرائم القتل، ولا يترتب على الحكم إلا ربط جناية الاشتراك فى جرائم القتل المقترن بجنايات الشروع فى قتل آخرين بالغرض الذى قام من أجله التجمهر.. واجماع أفراد المتجمهرين لتنفيذ مقتضاه.. وأن ما يثيره بعض المحامين بأن المحكمة عدلت وصف الجريمة إلى جناية الاشتراك فى الامتناع أو الترك لحماية المتظاهرين.. وأن ما انتهت إليه المحكمة فى تعديل الوصف يهدر حقهم فى الدفاع وأنهم سيقومون بالطعن على الحكم لهذا السبب فهذا أمر لا يجوز فهو يؤدى إلى مصادرة المحكمة فى عقيدتها بشأن ما ولا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.. فقد كيفت المحكمة الوقائع، وما تشكله من جرائم تناولها قانون العقوبات من تقديرها لظروف القضية والأدلة المقبولة.. وبإعادة النظر فى هذا الموضوع فإن جرائم القتل وقعت نتيجة نشاط إجرامى من طبيعة واحدة أثناء التجمهر وبرصاص وأسلحة لا تستعمل فى مصر.. وطبقاً لأوراق الدعوى فلم يستغل هذه التصريحات أحد المتهمين لحسابه.. وكان وقوعها بقصد تنفيذ الغرض بالتجمهر ولم يقع تنفيذ لقصد سواه.. ولم يكن الالتجاء إليها بعيدا عن المألوف الواقع.. والذى يصح أن يفترض، فالحكم قد أصاب صحيح الواقع والقانون.. ويجب الامتثال إلى قاعدة أن الحكم عنوان الحقيقة.
وعن واقع فيلات شرم الشيخ التى قدمها حسين سالم لمبارك ونجليه علاء وجمال مبارك مقابل استغلال نفوذ الرئيس السابق وتخصيص مساحات شاسعة من الأراضى لشركات حسين سالم.. فلم يتضح من البيان الذى ألقاه رئيس المحكمة أيه معلومات عن واقعة البيع أو التبرع وحجم الثمن.. وهل يتفق السعر مع بيع تلك الأراضى وقت التخصيص.. وهل هناك أطراف أخرى.. وما ورد فى شأن انقضاء الدعوى الجنائية فغير معلوم الوصف المقيده بها الجريمة عند إحالتها من النيابة العامة إلى المحكمة، وأى تاريخ بدأ منه التقادم أو معنى المدة فى حساب المحكمة.. والمفترض أن يبدأ تاريخ التقادم من تاريخ الإقالة أو العزل.
ويختتم المستشار محمد حسن الشحات حديثة بقوله تعالى جل شأنه:
" أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور ِ" سورة الحج - آية (46).
خطيئة كبرى
ومن جهته يقول د. إبراهيم أحمد إبراهيم أستاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس إن أحكام محكمة الجنايات لا تقبل الطعن بالاستئناف.. وإنما هى أحكام نهائية.. ويمكن الطعن عليها أمام محكمة النقض، والمحكمة التى سيعاد إليها القضية إما أن تصدر نفس الحكم.. أو أن تصدر أحكاماً أخرى مختلفة على المتهمين.
وبعد طعن النيابة العامة يمكن أن تُصدر أحكام أشد.. أما إذا كان الطعن من المتهمين فيمكن أن تُصدر عليهم أحكام أخف.
وبالنسبة للمتهمين التسعة الذين صدرت لصالحهم أحكام بالبراءة ومنهم جمال وعلاء مبارك وحسين سالم فقد انقضت الدعوى بالتقادم.
أما المتهمين الستة الذين حصلوا على البراءة يكون لمحكمة النقض أن تؤيد الحكم بالبراءة يكون أن تنقض الحكم وتعيد القضية إلى دائرة جديدة للنظر فيها.. وفى هذه الحالة تكون كل الاحتمالات واردة إما أن تؤيد الحكم بالبراءة.. أو أن تصل الأحكام إلى الإعدام.
وبالنسبة للأحكام التى استندت إليها المحكمة لإصدار حكمها فإن ما أبدى أثناء الجلسة من مبررات قد يبدو به شىء من التناقض.. حيث لم يثبت أن قتل الثوار كان بسلاح الشرطة.. وهناك أحكام صدرت بالإدانة ضد المتهمين الرئيسين مبارك والعادلى، والمتهمون الباقون لم ينفذوا الجريمة بأنفسهم.. وإنما من خلال من يأتمرون بأوامرهم.. وبالتالى فهناك بعض التساؤلات فى شأن الحكم بالبراءة.. وبالإضافة إلى الجزء الذى حكم بانقضاء الدعوى حيال جمال وعلاء مبارك وحسين سالم.. وأمامنا نقطتان الأولى أن اتفاقية مكافحة الفساد الدولية التى وقعت عليها مصر تعتبر جزءاً من القانون المصرى وأحكامها واجبة التنفيذ.. والتى تعتبر قضايا الفساد لا تسقط بالتقادم.. والنقطة الثانية أن مدة التقادم لا يمكن أن تحسب إلا من تاريخ 11 فبراير 2011.. وهو تاريخ عزل الرئيس السابق مبارك.. لأنه قبل هذا التاريخ كانت هناك استحالة قانونية وواقعية أن يتم تحريك الدعوى ضد المتهمين الذين كانوا على سدة الحكم.
وبالنسبة لحكم الإدانة الذى صدر بالمؤبد على مبارك والعادلى فمن الواضح أنه كان نتيجة للمقدمة التى أبدتها المحكمة بإدانة النظام السابق.. ومن الواضح أن المحكمة قد خففت الحكم من الإعدام إلى المؤبد.. وللمحكمة السلطة التقديرية فى ذلك بالنظر إلى سن المحكوم ضدهما.. وقد أثار ذلك ردود أفعال كثيرة لدى أسر الشهداء والشارع المصرى، لأنه جاء مخيبا لآمالهم وطموحاتهم فى القصاص ممن قتلوا أبناء الشعب المصرى.
أما الذين نادوا باتخاذ اجراءات غير قانونية، أو لا تتفق مع الدستور والقانون المصرى.. فهذا أمر خطير فالذين طالبوا بمحاكم ثورية لمحاكمة المتهمين من الممكن أن يدخلوا البلاد فى دوامات من الخطوات غير الشرعية والتى يمكن أن تؤدى إلى عدم الاستقرار والاحتقان بين أفراد المجتمع وتلغى الدستور والقانون.. وهذا أمر غير مقبول ويتناقض مع الطبيعة الحضارية للشعب المصرى الذى استقر فى وجدانه وكيان القضاء المصرى الشامخ منذ آلاف السنين.. حيث إن المحكمة الدستورية العليا فى مصر توصف بأنها المحكمة الثالثة على مستوى المحاكم الدستورية فى العالم.
ويواصل د. إبراهيم أحمد إبراهيم حديثه أن ما يمكن أن نطالب به لتحقيق المطالب الشعبية التحقيق فى المخالفات الأخرى الكثيرة التى ارتكبها رموز النظام السابق والتى تصل إلى حد الخيانة العظمى للوطن.. ومن الممكن محاكمتهم عنها بواسطة القضاء المصرى الطبيعى .. دون تعارض مع الحكم الذى صدر، حيث إن هناك جرائم قتل ارتكبها النظام السابق فى وضح النهار.. وسجلت بكاميرات الفيديو ولم يتم محاكمتهم عليها حتى الآن.
أما نجلا الرئيس السابق علاء وجمال مبارك فقد ارتكبا جرائم نهب أموال الدولة ومثال ذلك بيع ديون مصر.. وهذه الواقعة لها مستندات ولم يتم فتح هذه القضية حتى الآن.. وهذه الجريمة على سبيل المثال لا الحصر.. وهناك جرائم مالية أخرى ارتكبتها عائلة الرئيس السابق ورموز حكمه.
و ينهى د. إبراهيم أحمد إبراهيم حديثه لنا قائلا: لسنا فى حاجة مطلقاً إلى محاكم ثورية أو استثنائية.. ولا الخروج على الدستور والقانون.. وإنما يكفى ان تطبق احكام قانون العقوبات بصورة عادلة.. وهى كفيلة بالقصاص من كل من أهدر دماء المصريين أو استباح حرماتهم وأموالهم.
ويشير د. يسرى عبد المحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة إلى أن الأحداث التى أعقبت صدور الحكم على رموز النظام السابق إنما هى أفعال غوغائية تدل على عدم وجود وعى سياسى وإدراك لمعنى الحكم القضائى الذى يستند إلى أدلة.. ولهذا فلابد من توعية الرأى العام لكى يدرك أن هذا الحكم هو مرحلة أولى تعقبه مرحلة ثانية ينقض فيها الحكم.. ومن الخطورة التشكيك فى هيبة المحكمة والادعاء بأن الحكم سياسى أو أن القضاة خالفوا ضميرهم. نحن أمام جهل ثقافى يقوده عدد من المنتفعين.. ومن المؤكد أن الشعب يعى هذه المؤامرات وإذا كان البعض يرى أن هناك أخطاء فى الحكم.. فهناك طرق مشروعة لتعديل الأخطاء.
وأكد د. يسرى عبد المحسن أن الشعب المصرى عريق فى الديمقراطية.. وهذه التصرفات غير المسئولة يجب ان تتصدى لها أجهزة الإعلام والأحزاب السياسية.. وعلى الجميع أن ينظر إلى مصلحة الوطن بدلاً من النظر إلى المصالح الشخصية.. ولدينا الآن جماعات سياسية وصلت إلى أكثر من 150 ائتلافا.. لكننا نلاحظ تغلب المصالح الشخصية.. وقد لعب التمويل الاجنبى دورا سلبيا فى المجتمع والإعلام له الدور الاكبر فى التأهيل الديمقراطى للجماهير مع انتخاب رئيس جديد للبلاد ستتحسن الأجواء، ويقوى دور الدولة لبدء عملية الاصلاح المنتظرة.
ثقافة قبول الآخر
ويوضح د. كامل كمال أستاذ علم الاجتماع أن الحكم له شق سياسى وآخر قانونى.. والذى جعل البعض يرفض هذا الحكم انه جاء مخيباً لطموحاتهم.. خاصة ونحن نستعد لجولة الانتخابات الرئاسية الثانية.. والشعب أمام خيارين فى اختيار الرئيس القادم .. مما يهدد بانقسام الشارع، ذلك لأن البعض ليس لدية خلفية سياسية.. وإنما يسيرون وراء مشاعرهم.. والمجتمع المصرى ليس لدية ثقافة الاختلاف، أو قبول الآخر.. ومن الخطأ أن يشكك البعض فى نزاهة القضاء. و يضيف د. كامل كمال أن النخب السياسية غير مؤهلة وتبحث عن مصالحها الشخصية.. وهم لا يعرفون الصالح من الطالح.. وهناك شعور بالاتجاه إلى إجهاض الثورة.. والشعب يريد الحرية والديمقراطية.. ولابد من إجراء محاكمات ثورية لرموز النظام السابق.. وبسبب كثرة مرشحى الرئاسة لم يتمكن مرشحو الثورة من الفوز فى المرحلة الأولى ولإصلاح المسار فلابد أن تعلى النخبة المصالح العامة للوطن على مصالحها الخاصة.. أما التيارات الدينية فتسعى إلى السيطرة على جميع السلطات وهذا أمر خطير يجب أن تتوقف عنه فوراً.. ولابد من الحوار وقبول الآخر ونشر فكر التعددية ومبادئ الديمقراطية الحقيقية.
المحكمة الثورية
ويؤكد د. حازم حسنى الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسة بجامعة القاهرة أن هناك جماعات سياسية استغلت الأحكام الصادرة للترويج لمرشحها، والقاضى ليس لديه دلائل وبراهين تجعله يحكم على مساعدى وزير الداخلية السابق بأنهم مسئولون بشكل قاطع عن اعمال القتل، ولابد من احترام حكم القضاء بمراحله المختلفة.. وعدم انتقاد أحكامه ونحن أمام قوى سياسية استغلت الحكم لحشد الشارع سياسيا للضغط على الشعب لمصلحة مرشح بعينه، وهؤلاء ابتعدوا عن النقاش الموضوعى.. وكان من الأفضل أن تكون المحكمة ثورية، كما أن النخب السياسية تحاول الحشد لنفسها دون النظر إلى مصلحة الوطن.. وكل طرف يظهر نفسه على أنه ممثل للثورة.. أما القول بأن الشعب غير مؤهل للديمقراطية فهى حجة لإبقاء الاستبداد.. ولابد من خوض معركة الديمقراطية بكل صعوباتها.. وعلى النخبة المثقفة أن تمارس دورها فى توعية الجماهير.
ويختتم د. حازم حسنى حديثه أن طريقنا إلى الديمقراطية هو نشر الوعى والعمل على إيجاد مستوى ثقافى وتعليمى ينهض بالأمة، مشدداً على ضرورة خوض الديمقراطية مهما كانت الصعوبات.
الفاعل الأصلى
ويقول د. يحيى الشيخ الناشط الحقوقى والمحامى بالنقض والإدارية العليا إنه لا تعقيب على حكم القضاء إلا بعد نقض الحكم، أى أن يصبح الحكم نهائياً باتا، والسؤال هل هناك فاعل أصلى تم القبض عليه حتى يكون مساعدو العادلى شركاء طبقا لنص المادة 34 من قانون العقوبات؟. إذا لا يوجد شريك.. وهنايسأل البعض من سيحاكم على جرائم القتل؟.. والإجابة المسئول هو الرئيس السابق ووزير داخليته.. وعن توقعاته فى حكم النقض يقول د. يحيى الشيخ إذا قدم فاعل اصلى سيكون الحكم مختلفا.. فإذا كان الفاعل شخصا بعينه من الشرطة.. يمكن أن يكون الحكم فى إطارالاهمال الجسيم من قبل وزارة الداخلية.. وهنا سيكون تقاعسا نظراً لعلمه بوجود عناصر أجنبية مدربة وفى هذه الحالة سيؤكد الحكم الأول.. أما إذا ثبت تورطه بأى شكل كالتسهيل لهم لقتل المتظاهرين سيكون الحكم بالإعدام.. وسيكون كالفاعل الأصلى الذى قام بالقتل. ويشير د. يحيى الشيخ إلى أن رد فعل الشارع المصرى أمر طبيعى.. فبعد إعلان الحكم انقسم الشارع بين مؤيد للحكم ومعارض له.. فالكثيرون يعيشون فى حالة من رفض الحكم ببراءة مساعدى العادلى.. والذين يتهمونهم بأن لهم دورًا فى قتل المتظاهرين بالرغم من معاقبة الرئيس ووزير داخليته بالمؤبد.
ويرى عبد الفتاح نصار المتحدث الرسمى لائتلاف 19 مارس انه من المفروض ان القاضى قال الحقيقة والحكم على مبارك ومساعديه تم بمقتضى الاوراق المقدمة، والأدلة المقدمة غير قاطعة.. وهذا ما نادينا به فى مارس 2011.. والمتسبب فى إهدار دم الشهداء من المتظاهرين انفسهم الذين خرجوا فى مليونيات.. وضغطوا على النائب العام والمحكمة لمحاكمة الرئيس السابق قبل جمع الادلة كاملة .. أما البراءة التى حصل ضباط اقسام الشرطة عليها فهى أحكام صحيحة لأنهم فى حالة دفاع شرعى عن النفس.. والشهيد الحقيقى هو من مات فى الميدان.. ولكن من مات أمام أقسام الشرطة هو ليس بشهيد.. وقد طالب ائتلاف 19 مارس بإحضار الصحف الجنائية لجميع من ماتوا أمام أقسام الشرطة للتأكد من أنهم مسجلون خطر أم مواطنون عاديون. ومن جانبه يقول عصام الاسلامبولى المحامى بالنقض والدستورية العليا أن الحكم الآن بيد النيابة العامة وهى المسئولة عن تكملة الأدلة.. وعدم تحديد المسئول عن توجيه أوامر القتل يعد ثغرة فى الحكم.. لكن حكم الادانة مبنى على شىء آخر.. والنص يقول إما الإعدام أو المؤبد.. والاحتمال الأسوأ هو تبرئة الرئيس السابق مبارك من التهم المنسوبة إليه فى مرحلة النقض.. ومن الممكن أن يلجأ المتضررون إلى المحكمة الدولية.
احترام أحكام القضاء
ويضيف د. عثمان محمد عثمان رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة 6 أكتوبر أنه لا يجوز التعليق على أحكام القضاء ولكن من منظور شعبى فإن الحكم لا يرضى بعض الأطراف.. وما حدث من ردود الافعال هو انتهاز من بعض القوى السياسية لهذه الفرصة للعودة إلى المسرح السياسى.. والتجمع الجماهيرى فى ميدان التحرير هو رد فعل عاطفى.. وعلى القوى السياسية أن تتخذ وسائل قانونية أخرى للاعتراض على الحكم وتحقيق أهداف ومطالب الثورة.. وهناك أدلة وحيثيات جديدة للطعن لها على قرار المحكمة.
مضيفاً أن حكم المحكمة سيؤثر على نتائج الانتخابات الرئاسية.. والدليل على ذلك محاولة كل من شفيق ومرسى استثمار الحكم لصالحهما.. حيث قال مرسى إنه إذا انتخب سيعيد محاكمة المتهمين مرة أخرى. بينما قال شفيق إن حكم المحكمة جاء ليؤكد أنه لا يوجد أحد فوق القانون.. وانه اذاوصل للرئاسة فسيعمل على إعلاء كلمة القضاء والقانون.. ويعتبر ذلك مزايدة غير مقبولة من الطرفين للتأثير على الناخب. ويعقب المحامى ممدوح رمزى على المحاكمة ويتساءل كيف يمكن محاكمة مبارك والعادلى وتبرئة باقى المتهمين؟.. وأشار إلى أن هناك الكثيرين من المعترضين على الحكم.. وهذا من حقهم، لأن الحكم جاء متناقضا مع نفسه.. ولا يستبعد قيام ثورة أخرى.. وهناك تأثيرات للحكم على سير الانتخابات الرئاسية. وأكد نجاد البرعى الناشط الحقوقى انه مندهش من براءة نجلى مبارك ومساعدى العادلى معتبرا إياها مهزلة قضائية، وأكد أن الحكم الذى تم إصداره على الرئيس المخلوع سيتم نقضه.. ويمكن أن تتم تبرئته والمفروض أنه كان على القاضى أن يحكم بالإدانة على الكل.. أو تبرئة الكل!
وفى النهاية يؤكد فريد زهران عضو مجلس الشعب السابق أن محاكمة مبارك هى مسرحية هزلية والكرة الآن فى ملعب القوى السياسية.. فعليهم التوافق لإنقاذ الثورة وبالنسبة للقضاء المصرى فعلينا جميعا رفع أيدينا عنه. والمؤبد الذى عوقب به مبارك يعتبر سجنا مدى الحياة.. والقاضى يحكم بضميره ولا سلطان لأحد عليه سوى الله والقانون.. وهناك الكثير من الجرائم الاقتصادية وجرائم الفساد ومتورط فيها غالبية رموز النظام السابق وعلى رأسهم مبارك، ولابد أن يحاكموا على هذه القضايا بعد تقديم الأدلة الدالة على ذلك.
مشيراً إلى أن اللغط الدائر حول القضاء المصرى غير مقبول.. ونحن نرفضه.. فلايصح لأى صاحب عقل وضمير أن ينال من مؤسسة القضاء المصرى العريقة وكفانا ما حدث لجهاز الشرطة من تدمير.. والأهم من كل ذلك وضع دستور جديد لمصر يتفق مع روح ثورة يناير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.