لعل هذه الميليشيات هي الأغرب والأقذر في تاريخ مصر، والتي ظهرت بعد ثورة 25 يناير، الغريب أن هذه المليشيات لا تستخدم الأسلحة النارية ولا المولوتوف بل تستخدم التحرش والتعدي الجنسي الجماعي على بعض السيدات المصريات، وخاصة المشاركات في ميدان التحرير بشكل منظم ومدروس وممنهج بميدان التحرير، الذي شهد أطهر ثورة على مستوى العالم، حيث لم تسجل خلال أيام الثورة ال 18 حالة تحرش واحدة. وهو الأمر الذي تبرأ منه الثوار الحقيقيون، بل وأطلقوا تحذيراتهم للفتيات من الذهاب إلى الميدان في ذكرى الاحتفال الثاني لثورة 25 يناير، لأن من يوجد بالتحرير ليسوا ثوارًا بل بلطجية ومسجلين خطر لا يحكمهم دين أو أخلاق أو قيم أو مبادئ. ظاهرة مخيفة طرأت على المجتمع المصري واختلف تقييم فئاته لها، ولكن الغريب هو أن يظل المتورطون في حوادث الاعتداء والتحرش الجنسي الجماعي بعيدين عن قبضة القضاء .. طلقاء عن يد العدالة. وتقييمًا لهذه الظاهرة جاءت آراء المعارضة – كما المتوقع - لتلقي بالمسئولية على عاتق النظام وأنه وراء هذه الحوادث، بل تجاوز البعض واتهم التيارات الإسلامية بارتكاب هذه الجرائم. حيث اتهمت المستشار تهانى الجبالى, نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق النظام الحاكم برعاية ميليشيات من أجل الاعتداء على المرأة المصرية وإرهابها في الشارع المصري، بينما وصفت جبهة الإنقاذ الوطني - المعارضة – أحداث التحرش الجنسي والأسلحة البيضاء ب''الممنهجة'' ضد المتظاهرات السلميات، والتي تم استخدامها بصورة غير مسبوقة، بهدف قهر إرادة المرأة وإخماد صوتها، محملة رئيس الجمهورية وحكومته ووزير داخليته المسئولية السياسية والجنائية عن اعتداءات مليشيات العنف والبلطجة، وعلى رأسهم "نساء مصر". ولعل ما ساعد المعارضة على اتهام الإسلاميين في الضلوع في مثل هذه الجرائم البشعة أن قلة منهم أعلن عن رأي صادم بخصوص مثل ما قاله الشيخ أحمد محمود عبد الله، الشهير ب"أبو إسلام"، حيث وجه نقدًا لاذعًا للناشطات السياسيات اللاتي تواجدن في ميدان التحرير مطالبات برحيل النظام بأنهن يذهبن للتحرير "لكي يتم اغتصابهن متنازلات عن أنوثتهن". وقال :"إنهن نساء عرايا سافرات" رايحين علشان يُغتصبوا". وأضاف: "تسعة أعشارهن صليبيات، والعشر "روتاري" و"ليونز" وأرامل ما لهمش حد يلمهم أو يخافوا منه أو يختشوا". وقال فتحي فريد، منسق مبادرة «شفت تحرش»، على أن الاغتصاب الجماعي بالتحرير"ممنهج" بقوله: لاحظنا أن أماكن التحرش الموجودة في الميدان محددة، يقوم فيها المتحرشون باصطياد الفتيات لمحاولة اغتصابهن، وأن هذا العمل ليس عشوائيا ومما يدل على أنها عملية مدروسة من قبل ميليشيات منظمة، مدربة على التحرش والاغتصاب، حيث يحددون فريستهم ثم يصنعون كردونًا بثلاثة أضلاع ويحكمونه بالضلع الرابع ليفصلوها نهائيًا عن العالم الخارجي ويحاولون الابتعاد بها إلى أحد أطراف ميدان التحرير ثم يهاجمونها بعد تقطيع ملابسها. وأكد أنهم حصلوا على تسجيل بالصوت والصورة لأحد المتحرشين وهو يعترف بأن هناك جهة معينة تقوم بدفع مبالغ مالية لهم من أجل الاحتكاك بالنساء وإرهابهن لتشويه صورة الميدان. واتهمت جانيت عبد العليم، منسقة حملة "شفت تحرش" الإخوان المسلمين بأنهم وراء هذه الأحداث، واتفقت معها في الرأي الدكتورة ماجدة عدلي، مدير مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، حيث وصفت ما تعرضت له الفتيات بأنه "جريمة حرب" وفقًا لتعريف المحكمة الجنائية الدولية وتعذيب جنسي وشروع في قتل باستخدام الأسلحة البيضاء، مؤكدة أن النظام الحالي يستخدم ميليشيات منظمة للاعتداء على السيدات. وفي المقابل، تؤكد مي عباس - الكاتبة بموقع رسالة المرأة- أنه لا دليل على تورط الإخوان المسلمين في مثل هذه الأحداث، مؤكدة أنه "لا منطق أو احترام لعقول المصريين الذين شاهدوا لافتات" ممنوع دخول الإخوان" في الميدان ومحيطه، موضحة أن نوعية المتواجدين تختلف مع أبناء التيار الإسلامي.