زعمت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن السلطات الأمنية المصرية تقوم بملاحقة وتهديد المترددين على المركز الأكاديمي الإسرائيلي والذي تأسس في أعقاب توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979. وأشارت الصحيفة على سبيل المثال إلى الطالب حسين بكر الذي يدرس اللغة العبرية بجامعة المنوفية، قائلة إنه تلقى تهديدات من الأمن المصري، نتيجة تردده على المركز منذ شهور، لافتة إلى أن التهديدات طالت أيضا صديقته. وأفادت أن المركز ظل على مدى ثلاثة عقود منذ تاريخ إنشائه ثابتا وصامدا كصخرة تقف على ضفاف نهر النيل، وقالت إن الذين يزورون مصر يتحدثون عن مطاردات السلطات المصرية لهم فور قيامهم بزيارته، وحسين كان أحد هؤلاء الذين تلقوا تهديدا صريحا بألا يعاود زيارته وإجراء علاقات واتصالات مع إسرائيليين. وأقيم المركز في بداية ثمانينات القرن الماضي في إطار توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، بهدف تطوير العلاقات الثقافية والعلمية والأكاديمية بين الجانبين. وأوضحت أن الطلاب أو الباحثين أو حتى المواطنين المصريين الذين يترددون على المركز يمكنهم الاختيار بين تصفح كتابات الأديب الإسرائيلي عاموس عوز وبين قراءة الأبحاث الأكاديمية الإسرائيلي التي تتضمنها مكتبة المركز المثيرة للإعجاب، والتي تعرض أفلامًا وتستضيف مثقفين إسرائيليين لإلقاء محاضرات به. وحسب "يديعوت"، فإن حسين (20 عاما) وهو طالب في السنة الرابعة بقسم اللغة العبرية بجامعة المنوفية قرأ عن المركز في الصحف وشعر بالحماس، ناقلة عنه القول: "عندما دخلت إلى المبنى اندهشت من عدم وجود جندي أو ضابط شرطة بالمكان، المبنى بدا هادئا مثل أي مبنى آخر وعندما وقفت أمام اللافتة المكتوب عليها المركز الأكاديمي الإسرائيلي والمكتوبة باللغتين العبرية والعربية لم أستطع كبت انفعالاتي" حسبما نسبت إليه. وأضافت أن حسين وبعد دخوله المركز جلس مبهورا لعدة ساعات وأخذ يقرأ في الكتب والصحف العبرية، ناقلة عنه القول: "رغبت في إقامة علاقات مع العاملين بالمركز وتركتهم على أمل العودة مرة أخرى للمكان، وخلال سيري بالشارع أخذت أفكر في السبب الذي يدفع النخبة الثقافية المصرية أن ترفض وبكل قوة السماح بالتطبيع الثقافي مع إسرائيل، الأمر الذي قد يؤدي إلى دعم مسيرة السلام". وقال إنه بعد عدة أشهر من تردده على المركز وجد صوتا مصريا ينادي عليه باسمه معرفّا نفسه بأنه رجل أمن مصري واسمه "حسام"، مضيفا: نظرت إليه في رعب وسألت هل فعلت شيء ما؟، فأجابني أنه يرغب في إلقاء بعض الأسئلة عليّ وبدأ في التحقيق معي عن سبب زيارتي للمركز منذ عدة أشهر، وسأله: من قابلت هناك وما هو رأيك في إسرائيل وماذا يكتب الإسرائيليون عن مصر في صحفهم. وأشار إلى أن رجل الأمن تركه ينصرف بعد أن أجاب عن الأسئلة، وتابع: اعتقدت في سذاجة أن الموضوع انتهى، وأنه يكفي أن أكون طالبا للغة العبرية كي أقوم بزيارة المركز بهدف الدراسة لكن بعد حوالي الأسبوع تلقت إحدى زميلاتي مكالمة هاتفية من رجل أمن آخر قام بسؤالها عن تفاصيل تخص زوجها وآرائه السياسية. وأضاف أنها عندما روت له تفاصيل ما حدث لم يعرف ماذا يفعل، وكشف أنه تلقى عقب ذلك مكالمة من المركز الأكاديمي قال إنه أسعدتنه جدا، وذلك عندما أبلغوه أنه سيعرضون يوم الثلاثاء المقبل فيلما إسرائيليًا مستوحى من كتاب الأديب الإسرائيلي دافيد جروشمان. وقال إنه إثر ذلك تلقى مكالمة هاتفية، "كنت أعلم من على الجانب الآخر من المحادثة، كان ضابطا مصريا سألني عدة أسئلة الإجابة عليها من نوع نعم ولا، وذلك كي يثبت لي أنه يعلم كل شيء، وبعد ذلك قال لي: لا تقم بزيارة المركز الأكاديمي مرة أخرى". وأكد أنه لم يحب طريقته في الحديث معه، "قلت له إنني مواطن حر ويمكنني الذهاب أينما أريد، بعدها أخذ يتحدث معي بنغمة تهديد مما دفعني إلى الامتثال بعدم الذهاب للمركز، وهكذا انتهت المحادثة وانتهت أحلام التطبيع والسلام الخاصة بي". وعلى ما تقول "يديعوت"، فإن حسين يخشى وعقب الإدلاء بتصريحاته أن يأتيه اتصال هاتفي من الأمن المصري، حيث يتخوف من ردة الفعل على كلامه الذي أبدى فيها اعتراضه على منعه من زيارة المركز ورغبة في التطبيع مع إسرائيل. وتابعت نقلا عنه: "ما يفعلونه ليس ضد إسرائيل فقط، بل ضد الإنسان نفسه. النظام المصري في علاقة سلام مع إسرائيل والآن يقولون لي لا تقم علاقات مع إسرائيليين، لم أقم بزيارة السفارة الإسرائيلي جئت للمركز لهدف أكاديمي وقراء الكتب، كنت أرغب بشدة في مشاهدة الفيلم الإسرائيلي لكني أخاف الآن". ويشعر حسين بالخوف إلى حد الرعب من احتمالات تعرض الأمن له، قائلا: "من الصعب مواجهة هؤلاء الأشخاص، قوات الأمن المصرية معروفة بمعاملاتها الخاصة للمواطنين. لا أريد أن يقوموا بالتعرض لدراستي أنا لا زلت صغيرا عندي بداخلي إيمان في السلام مع إسرائيل لكن الرعب يسيطر الآن على هذا الإيمان". من جانبه، قال البروفيسور جابيروزنباوم مدير المركز الأكاديمي إنه لا يعرف ما حدث لهذا الطالب بشكل شخصي، قائلا إنه على الرغم من ذلك فإنه يعلم بمحاولات السلطات المصرية لإقناع المصريين بعدم زيارة المركز. وتابع: "أنا لا أعرف لماذا يفعلون هذا، في الماضي كان يعطونا إجابات مختلفة للأمر وحسب زعمهم فإنهم يحاولون الحفاظ على المكان و الاهتمام بأمننا الشخصي"، واستدرك قائلا: "آمل في أن يتوقف الأمر في المستقبل لكني في نفس الوقت أنظر بواقعية وأعتقد أن هذا لن يحدث".