نائب وزير الإسكان يؤكد أهمية ملف إعادة الاستخدام الآمن لمياه الصرف المعالجة    صديقة مقربة من كيت ميدلتون تكشف تطورات علاجها من السرطان    فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة فى إيران بعد مصرع رئيسي بحادث تحطم مروحية    موقف ميسي من المشاركة في أولمبياد باريس 2024    لحظة اعتماد محافظ شمال سيناء نتيجة الشهادة الإعدادية (فيديو وصور)    حالة الطرق اليوم، كثافات متحركة بشارع شبرا وفيصل وكوبري الجلاء    "أبو بناتي طلع شمال".. أم تتهم زوجها بهتك عرض ابنتيه في الهرم    حبس صاحب أكاديمية وهمية للنصب والاحتيال على المواطنين بالدقهلية    فوز 36 أستاذًا بجامعة القاهرة بجوائز الجامعة للتميز والتقديرية ونجيب محفوظ والتفوق العلمي والتشجيعية    الفائز بجائزة أفضل ممثلة في كان يقاضي سياسية بتهمة إهانة المتحولين جنسيا    الصحة: افتتاح وتطوير 20 قسما للعلاج الطبيعي بالمستشفيات والوحدات الصحية ب10 محافظات    رواتب تصل ل 51 ألف جنيه.. فرص عمل للمصريين بالإمارات (الشروط والأوراق المطلوبة)    أسعار الدواجن ترتفع بأقصى قوة اليوم 30 مايو.. الفرخة تصل ل300 جنيها    الدولار يسجل أعلى مستوياته عالميا مقابل العملات الرئيسية.. قفز بنسبة 0.5٪    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. وزير التموين يعلن تفاصيل كارت الخبز غير المدعم وسعر الرغيف (فيديو).. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 30 مايو في مصر (حرارة شديدة)    «المحامين» تعلن انتهاء لجنة المعاشات من فحص ومراجعة 165 ملفًا للأعضاء    الإعلان عن نتائج الشهادة الإعدادية لعام 2024 في محافظة المنوفية    4 حالات اختناق وسط جحيم مخزن بلاستيك بالبدرشين (صور)    «البيطريين» تكشف قيمة «إعانات العلاج» المصروفة للأعضاء وموقف باقي الإعانات (تفاصيل)    حدث ليلا: صفعة مدوية لنتنياهو وغليان في تل أبيب وصدمة بأمريكا بسبب كورونا    أحمد خالد صالح ينضم لفيلم الست مع مني زكي: دوري مفاجأة للجمهور    بلينكن يتعهد بدعم مولدوفا ب 135 مليون دولار    عاجل:- قوات الاحتلال تقتحم مدن الضفة الغربية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-5-2024    بعد رفع السعر.. تعرف علي تفاصيل كارت الخبز "غير المدعم"    تراجع أسعار الذهب في بداية تعاملات اليوم الخميس 30 مايو    محمد بن زايد: يجب إيجاد أفق سلام فى الشرق الأوسط بتنفيذ حل الدولتين    علاج أول مريض سكري باستخدام الخلايا في سابقة فريدة علميا    السل الرئوي.. الأعراض والمخاطر والعلاج والوقاية    كارثة تهدد حياة 23 مليون أمريكي بسبب كوفيد طويل الأمد.. ما القصة؟    خالد أبو بكر يهاجم "المحافظين": "التشكيك بموقف مصر لو اتساب هتبقى زيطة"    هل تجوز الصدقة على الخالة؟ محمد الجندي يجيب    ثغرة جديدة في نظام تشغيل ايفون.. تفاصيل    بعد تصريحات «شيكابالا».. «كهربا»: «في ناس مبطلة من 2010 بيروحوا البيت لبابا عشان يجددوا»    تريزيجيه يتحدث عن مصيره بعد اعتزال كرة القدم    خالد مرتجي: لن ننسى العامري فاروق.. والخطيب تحمل ما لا يتحمله بشر    الطريق إلى يوم التروية.. خطوات الحج 2024 من الألف للياء    كهربا: الأهلي غير حياتي وأنا رقم 1    ميدو يطالب مجلس إدارة الزمالك بالرد على بيان بيراميدز    العراق.. سماع دوي انفجار في منطقة الجادرية بالعاصمة بغداد    ياسمين صبري: أتمنى أمثل مع توم كروز وليوناردو دي كابريو    ضبط سيدة تبيع السلع المدعومة بالسعر الحر.. نصف طن سكر مدعم و203 زجاجة زيت و800 كيلو عسل    عضو جمعية الاقتصاد السياسي: يمكن للمستثمر الاقتراض بضمان أذون الخزانة    كهربا: أدعم الزمالك والضغط العصبي سبب انفعالي    بيبو: التجديد ل معلول؟ كل مسؤولي الأهلي في إجازة    الجيش الأمريكي يعلن تدمير مسيرتين ومنصتي صواريخ للحوثيين في اليمن    اللواء أحمد العوضي ل"الشاهد": سيناء تشهد طفر غير مسبوقة وتنمية كبيرة    «البوابة نيوز» تهنئ قناة القاهرة الإخبارية على حصدها جائزة التميز الإعلامي العربي    وزير الصحة يبحث مع سكرتير الدولة الروسي تعزيز التعاون في مجال تصنيع الدواء والمعدات الطبية    مع زيادة سعر الرغيف 4 أضعاف .. مواطنون: لصوص الانقلاب خلوا أكل العيش مر    وزير الخارجية الروسي: مساعي الغرب لعزل روسيا ستفشل    أحمد عبد العزيز يكتب // الإدارة ب"العَكْنَنَة"!    بعد مراسم مماثلة ل"عبدالله رمضان" .. جنازة شعبية لشهيد رفح إسلام عبدالرزاق رغم نفي المتحدث العسكري    الحكومة تعلن الانتهاء من خطة تخفيف الأحمال في هذا الموعد    حظك اليوم| برج الثور الخميس 30 مايو.. «ابتعد عن المشاكل»    الإفتاء توضح حكم التأخر في توزيع التركة بخلاف رغبة بعض الورثة    "خلال أيام".. مبابي يكشف موعد الإعلان عن فريقه الجديد    ما هو اسم الله الأعظم؟.. أسامة قابيل يجيب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوتوبيا.. بين الشرعية والمعارضة المشبوهة!
نشر في المصريون يوم 06 - 04 - 2013

تشير دلالة مصطلح يوتوبيا إلى العديد من المفاهيم والمعاني المتعلقة بأحكام القيم المطلقة والنسبية، ويشير المعنى العام إلى اليوتوبيا باعتبارها الحالة الصحيحة التي ينبغي أن يكون عليها الوضع السائد حاليًا خاصة بعدما أتى السيد الرئيس عبر انتخابات شرعية صندوقية لم يأت مثلها في تاريخ مصر الحديث... كنموذج من الفلسفة المثالية يرمي إلى خلق دولة ومجتمع مثالي يتفانى الأفراد في خدمته بغية تحقيق أهدافه المثالية، التي رسمها وخطط لها مقدمًا.. فاليوتوبيا تنعكس في أفكار أفلاطون وغيره من الفلاسفة المثاليين، فضلًا عن أنها قد توجد في القصص الخيالية للعلم الحديث.. كما قد تستخدم صفة اليوتوبيا على جميع الأفكار والأوضاع والملابسات التي لا تروق للمفكر أو الكاتب أو لأي إنسان آخر، فجميع الأفكار والمبادئ السياسية والاجتماعية والفلسفية التي لا يمكن قبولها أو تطبيقها على المجتمع يمكن تسميتها بالأفكار والمبادئ اليوتوبية، نظرًا لبعدها عن الواقع والحقيقة، حيث نجد أن كل الشواهد المعاصرة تؤكد استحالة استغناء الإنسان نهائيًا عن الحلم واليوتوبيا, والوقوف عند واقع بعينه، كما تؤكد استحالة القضاء على كل ما في الروح الإنسانية من نزوع نحو التجديد والكمال، وهذا النزوع اللا متناه نحو الكمال هو الذي يجعل الوعي عاجزًا على الدوام عن الاقتناع أو التوقف أو الركون إلى واقع بعينه، آملًا بأنه لابدّ أن يرقى إلى ذلك الكمال الأقصى, الذي يخاطبه بلغة الرجاء والحلم، بالرغم مما يعتريه أحيانًا من شك وتردد وارتياب. فالعالم سيظل ناقصًا من جهة طموح الإنسان, دون أن يحقق كفاية مقاصده اللامتناهية, إذ سرعان ما يجد الوعي الحر ثغرة في نسيج العالم القائم, ويجد نفسه مدعوًا إلى التعالي على الوضع القائم، مؤمنًا على نحو ضمني بإمكان عالم أكثر كمالًا يتجاوز النقص الموجود. فنراه يسلّط عليه نقدًا قاسيًا وينسب إليه كل تأخر وعجز ومحدودية, ممهّدًا بذلك لفكرة جديدة. هكذا هو الحال بالنسبة للوعي اليوتوبي حين يؤمن بالتقدم المستمر واللامتناه. نفهم من ذلك أن هذا الوعي يظلّ قائمًا على إيمان لا متناه بأنه في طريق مفتوح إلى كمال لايحدّه حد, وأنه صائر على نحو مستمر إلى التحكم بمصيره وبمستقبله ، ارتبطت كثيرًا اليوتوبيا بحركة الفكر الإنساني، وحاول الكثير من المفكرين والفلاسفة بناء اليوتوبيات، باعتبارها النموذج الأمثل الذي يجب أن تسعى الإنسانية إلى تحقيقه، فنرى يوتوبيا الفلسفة من جانب ونرى يوتوبيا الدين من جانب آخر ونرى يوتوبيا الأيديولوجية على عدة محاور متمثلة في المحور المجتمعي الرأسمالي والليبرالي منه أو المحور الشيوعي الماركسي. إذن لن تتوقف ثقافة اليوتوبيا، طالما أن الحلم كامن في أعماق النفس البشرية، وأيضًا لم يعد التبشير باليوتوبيا من مهمة الأديان والمصلحين الاجتماعيين فقط، بل أصبح الأمر يرتبط بالكيانات الدولية العملاقة، وها هو الكيان الذي يسمي نفسه المعارضة أو بجبهة الإنقاذ تستخدم يوتوبيا الإعلام المضلل تارة والمظاهرات المصطنعة تارة أخرى، حيث تعتبر ذلك هو المخرج من الشقاء المزعوم والمدخل لجنة نعيم ورفاهية اعتلاء حكم البلاد، وستظل يوتوبيا الإعلام المضلل التي تقوم على الافتراض من تغيير الحقائق وتزويرها وتضخيمها واستنادهم على حركة الذهن التجريدية في عملية بناء النماذج الافتراضية، والتي من أبرزها جمهورية أفلاطون، دولة المدينة لأرسطو، والمدينة الفاضلة للفارابي. وكذلك يوتوبيا الدين التي تقوم على الربط بين الوسيلة والغاية، ولكن بتغيير الحقائق واستبدالها، حيث كانت طاعة الدين هي الوسيلة الإلهية اليوتوبية وتمثل فكرة (الجنة) واليوتوبيا الدينية التي يسعى إلى الوصول إليها كل المتدينين في هذا العالم بيوتوبيا التضليل واستخدام ذلك في عكس الاتجاه الحقيقي ليوتوبيا الدين بأن يتم تشويه الدين، وكل من يتمسك بتعاليمه وإشاعة الفوضى وحياة البلطجة.
يا سادة.. إن عالمًا أجمل وأفضل محتمل التحقق في زمن مقبل, يعدّ تعبيرًا عن رغبة الإنسان إلى عالم مثالي وتنطوي هذه الرغبة على نقد ورفض ونزوع نحو تخطي الوضع المزري القائم والمتمثل في كافة جيهات العنف الممنهج. إنه سعى إلى صياغة دولة على نحو يتفق وتلك المقاصد الإنسانية، وهذه الثقافة هي التي تخلع على البلاد تلك الأهمية من القدسية والأبدية وحتى المعقولية, لكن الجدل الأساسي دار حول علاقة الأيديولوجيا باليوتوبيا من ناحية، والتجليات الاجتماعية السياسية للأديان، من جهة ثانية، إذ إن كليهما كان، ولا يزال، محل تفاعل وتشابك مع التصور الأيديولوجي عبر محكات عديدة. وبما أن اليوتوبيا صيغة تطلق على جميع الأفكار والأوضاع والملابسات التي لا يمكن تطبيقها في الواقع المعيش، نظرًا لبعدها عنه، لذلك تبقى نوعًا من المسرحية السياسية والاجتماعية الخلاقة التي تطرح في إطار خيالي، وهي تختار منذ اللحظة الأولى التي نحت فيها توماس مور أولية طريق الغموض والخيال ، لتصبح اليوتوبيا بمعنى المكان غير الموجود في أي جهة، أو الأيديوتوبيا بمعني المكان غير الموجود في أي زمن، أو الأوتوبيا بمعنى مكان السعادة، حيث كل جديد، وهي في كل الأحوال "مجتمع مثالي" تم نسجه عبر رحلة خيالية، وبذلك اكتسبت كلمة "يوتوبيا" منذ الأصل أو المنشأ معنى المستحيل إنجازه، سواء لدى العامة في استخدامهم اليومي لها كمصطلح، أو لدى الكثير من المفكرين الاجتماعيين، حين أرادوا أن يصفوا لنا تلك المشروعية المجتمعية التي نراها مستحيلة التنفيذ أصلًا. إنها تعني هنا اللااتصال بالواقع أو نوعًا من الخيال الجامح، ولذا أصبح البعض، إن لم تكن الأغلبية الكاسحة، ينظر إلى الشخص الذي يؤمن بها، على نطاق واسع، بأنه مختل عقليًا. ومهما حاول اْعداء المثالية طرد فكرة اليوتوبيا من الوعي البشري, بزعم الواقعية العملية السائدة, فإن الحاجة إلى اليوتوبيا ستظلّ قائمة في صميم الوجود الإنساني حتى ولو ظل أملًا يحلق بعيدًا خارج نطاق ما يمكن أن يراه مايدعون أنهم معارضة أو يلمسوه.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.