(موسوعة تاريخ الأفكار) للدكتورة مرفت عبد الناصر.. هي محاولة لعرض وشرح أهم الأفكار التي توصل إليها العقل الإنساني عبر تاريخه الطويل من أجل أن يحقق لنفسه حلم المدينة الفاضلة (اليوتوبيا). وعبر الأزمنة أخذ الإنسان يحلم بهذه اليوتوبيا (المكان الموجود فقط في الخيال) ويظن أن في إمكانه تحقيقها إذا استطاع أن يصل بعقله إلي الفكر المثالي الذي يمكنه من بناء هذه المدينة الفاضلة، والمجتمع المثالي لابد أن يكون مجتمعاً أكثر إنسانية يؤكد علي كرامة الإنسان وقيمة الإنسان. وتؤكد كاتبة الموسوعة علي أن مصطلح (الإنسانية) يؤمن بوجود قيم أخلاقية مشتركة بين البشر جميعاً رغم اختلاف أنواعهم وألوانهم وعقائدهم ويقتنع بقدرة الإنسان علي التواصل إلي الخطأ والصواب عن طريق التفكير العقلاني المنطقي إذا أتيحت له سبل المعرفة بتعدد زواياها وجوانبها. وتضم الموسوعة ثلاثة أجزاء متسلسلة تهدف إلي عرض وشرح أهم هذه الأفكار التي توصل إليها العقل الإنساني عبر تاريخه بأسلوب سهل وبسيط ومترابط. ويتناول الجزء الأول من الموسوعة تاريخ الأفكار من القرن السادس قبل الميلاد إلي القرن السادس عشر الميلادي من خلال كل من: سقراط، وأفلاطون، وأرسطو، وسينيكا وماكيافيلي، وجاليليو ونيوتن. ثم يأتي الجزء الثاني، الذي يتناول أفكار القرنين السابع عشر والثامن عشر من خلال كل من: ديكارت، وسبينوزا، ولوك وهيوم، وفولتير وديدرو وجان جاك روسو، وكانت وشوبنهاور. ثم يأتي الجزء الثالث، والذي يضم أفكار القرن التاسع عشر والقرن العشرين من خلال كل من: هيجل وماركس، ونيتشه، وليام جيمز، ورسل، وبيرجسون وكيرجارد وهيدجر وسارتر وسيمون دبوفوار وكامي. لقد قامت د. مرفت عبد الناصر من خلال موسوعتها (تاريخ الأفكار) بتتبع مسيرة حلم الإنسان في حياة أفضل (اليوتوبيا) من خلال مشاهد متعددة من تاريخ العالم. وهو تتبع منهجي من خلال تتبع الأفكار وتدقيقها من جانب، والرموز الفكرية علي مستوي العالم من جانب آخر. لقد قامت مؤلفة الموسوعة برسم ملامح تاريخ (اليوتوبيا) من خلال المفكرين العظماء، فضلاً عن تناولها لإسهام العلماء العرب، ومن قبلهم أفكار الحضارة الفرعونية وفلسفتها. وربما يؤكد علي ما سبق.. ما كتبته عن (ماعت) حيث قالت إنها تعرف في كتب التاريخ المصري القديم بأنه ربة العدل والاعتدال لدرجة أن القضاة في مصر القديمة كانوا يلقبونها بكهنة ماعت. ولقد رمز المصري القديم لماعت بصورة امرأة ترتدي تاجاً من ريشة نعام، وهي الريشة نفسها التي استخدمها المصري القديم رمزياً في عملية حساب الموتي حيث كان القلب يوزن مقابل الريشة ، فإذا كان وزنه وزن الريشة وقت الحساب كان صادقاً مع نفسه خلال رحلة حياته واستحق بذلك أن يظل اسمه حياً في الوجود، أما إذا كان أثقل من الريشة دل هذا علي خداع النفس وعدم وئام الفعل والكلمة في الحياة. إنها حقاً موسوعة قيمة تتسم بالبساطة والعمق.