أودعت محكمة جنايات القاهرة أسباب حكمها فى براءة الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، من عدم تنفيذ حكم قضائى، صدر لمحامين شقيقين اعتقلا سياسياً وصدر حكم بالإفراج عنهما عام 2003، وأكدت هيئة المحكمة فى حيثيات حكمها الصادرة برئاسة المستشار حسن داود، وأمانة سر ناصر عبد الرزاق حلمى، وأشرف عبد العزير وعماد عبد الحميد، والتى جاءت فى ورقتين فلوسكاب، مدونة على جهاز الكمبيوتر، وبدأت المحكمة حيثياتها بحديث نبوى، عن النبى عن ابن عباس رضى الله عنه، قال: كنت خلف النبى فقال ياغلام إنى أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله لك، رفعت الأقلام وجفت الصحف. وأكدت المحكمة أن "مبارك" بما كان ملقى على عاتقه من مسئوليات جسام على كافة الأصعدة والمستويات فى إدارة شئون البلاد، وما كان يبذله من مجهودات فى كافة المجالات للوصول بالبلاد لبر الأمان، يجعل المحكمة لا تطمئن أصلا لتوافر علمه بذات الحكم، أو أنه تعمد عدم تنفيذه، خاصة أنه لم يثبت للمحكمة قيام المتهم فى أى وقت سابق حال تواجده على قمة السلطة فى البلاد، أن امتنع عن تنفيذ أى حكم يصدر من أى محكمة، باختلاف درجاتها، ومن ثمة تنفى تماما الأركان المنشئة فى تلك الجريمة فى حق المتهم. كان محاميان قد تقدما بدعوى أمام محكمة القاهرةالجديدة، تتهم الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، بعدم تنفيذ حكم قضائى، صادر من محكمة القضاء الإداري، بالإفراج عنهما. وأشار المحاميان فى دعواهما إلى أن وزارة الداخلية اعتقلتهما عام 1995 سياسياً، وفى عام 2003 صدر قرار من محكمة القضاء الإدارى بالإفراج عنهما، إلا أن رئيس الجمهورية لم ينفذ قرار المحكمة، الأمر الذى أدى إلى قيامهما بإقامة الجنحة المباشرة أمام المحكمة. وأشارت المحكمة أنها لا تخضع مطلقا لثمة رأى أو اتجاه ولا تخشى فى الحق لومة لائم، وإن نبراس المحكمة فقط هو قول الحق الذى ينطق به الله على قلبها ولسانها، وأن القاضى الحق من اتسع صدره لما ضاقت به صدور الناس، وضاقت ذمته عما اتسعت له ذمم الناس، وأضافت المحكمة أن الثابت من أوراق الجنحة وبتطبيق كل القواعد القانونية المتقدم ذكرها فى الدعوى، فقد تأكدت المحكمة من عدم توافر أحد شروط الركن المادى المتطلب قانونا لقيام جريمة الامتناع عن تنفيذ حكم، وهو شرط إعلان السند التنفيذى للموظف المختص، لشخصه أو فى موطنه الأصلى أو فى مقر عمله مع شخصه، حيث إنه تم فقط إنذار المتهم على مقر عمله، بطلب الإفراج عن المدعى بالحق المدنى، وهو لا يعتبر إعلانا للسند التنفيذى، ولم يتم كذلك بالطريقة القانونية الصحيحة. كما لم يتأكد للمحكمة توافر القصد الجنائى وهو تعمد عدم تنفيذ الحكم رغم إمكانية تنفيذه، كما أن التراخى فى تنفيذ الحكم لا يكفى بمجرده على توافر القصد الجنائى، كما لا يكفى الاستناد أيضا إلى مسئولية المتبوع على أعمال تابعة، كما لم يتبين للمحكمة وجود ثمة قرينة واحدة على علم المتهم بأى من الادعاءات الواردة بصحيفة الدعوى المدنية، بشأن ما يحدث أو ما حدث مع المتهم، حيث يوجد أجهزة أمنية متخصصة فى الدولة، لمثل تلك الإجراءات، خاصة وقد جاء مضمون الإنذار الموجه إلى المتهم، مخاطبا وزير الداخلية فى معظمه، وليس المتهم، كما أن المتهم بما كان ملقى على عاتقه من مسئوليات جسام على كافة الأصعدة والمستويات فى إدارة شئون البلاد، وما كان يبذله من مجهودات فى كافة المجالات للوصول بالبلاد لبر الأمان. وأكدت المحكمة أن الأوراق نفت كافة الادعاءات الواردة والتى رأت المحكمة عدم انطباق أى توصيف قانونى على قرار المدعى بالحق المدنى بصحيفة دعواه، ومن ثم جاءت الدعوى جاءت مفتقرة لأى سند صحيح من الواقع أو القانون، مما يتعين معه القضاء ببراءة المتهم وانتفاء أركان الجريمة تماما فى حقه، ويستلزم ذلك رفض طلب التعويض بأنها ليست دعوى تعويض عن فعل لم يثبت فى حق ما نسبت إليه.