حبس مدرس متهم بالتحرش بتلميذة في الشرقية.. و"التعليم" ترد بإجراءات حاسمة    بنك ناصر الاجتماعي يشارك في أعمال "قمة التعليم المجتمعي"    معدلات شراء الفضة في مصر ترتفع خلال الشهور الماضية    حنفي جبالي يلتقي وفد العلاقات مع دول المشرق بالبرلمان الأوروبي    غزة.. توقف المخابز المدعومة أمميا بعد 3 أيام من استئناف عملها    بث مباشر، مشاهدة مباراة ليفربول وكريستال بالاس في الدوري الإنجليزي 2025    ختام الموسم.. ماذا يحدث في 10 مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز؟ (مُحدث)    الداخلية: حفيد نوال الدجوي انتحر بالرصاص لهذا السبب    الداخلية تكشف تفاصيل تخلص حفيد الدكتورة نوال الدجوي من حياته    حوار نبيلة مكرم يتصدر مشاهدات منصة dmc plus في أول شهر من انطلاقها    تامر حسني وأبطال "ريستارت" يحتفلون اليوم بالعرض الخاص للفيلم    إنجاز على صعيد العمل.. توقعات برج القوس في الأسبوع الأخير من مايو 2025    موعد وقفة عرفات 2025 وكيف تستغل هذا اليوم المبارك    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تستضيف انعقاد "المجلس الأعلى" للجامعات الخاصة والأهلية    عمر مرموش يقود تشكيل مانشستر سيتي ضد فولهام في الدوري الإنجليزي الممتاز    خلال المؤتمر الجماهيري الأول لحزب الجبهة الوطنية بالشرقية.. عثمان شعلان: ننطلق برسالة وطنية ومسؤولية حقيقية للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    إيتو: مستوى الفرق بكأس العالم للأندية متقارب.. وأثق في أنديتنا الأفريقية    شادي محمد: "مدورش ورا الاهلي في اللوائح".. والفريق لم ينسحب أمام الزمالك    "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    إصابه 5 أشخاص في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالمنوفية    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    فلكيًا.. غرة شهر ذي الحجة 1446ه وأول أيامه    الهيئة العربية للاستثمار توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أمريكية لدعم التحول الرقمي في الزراعة    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    قريبا.. انطلاق برنامج "كلام في العلم" على القناة الأولى    لجنة تصوير الأفلام تضع مصر على خريطة السينما العالمية    5 سنوات على مقتل جورج فلوريد.. نيويورك تايمز: ترامب يرسى نهجا جديدا لخطاب العنصرية    الأهلي يحتفي بذكرى تتويجه بلقب دوري أبطال أفريقيا للمرة ال 12    تقارير: الهلال السعودي يحدد موعد سفره إلى أمريكا.. ويترك القائمة للمدرب الجديد    مصر تهنيء الأردن بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال    مصرع 14 شخصا وإصابة أكثر من 50 بسبب سوء الأحوال الجوية فى باكستان    المئات يشيعون جثمان القارئ السيد سعيد بمسقط رأسه في الدقهلية    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    ضبط سائق سيارة نقل بتهمة السير عكس الاتجاه بالقاهرة    محافظ المنوفية: تقييم دوري لأداء منظومة النظافة ولن نتهاون مع أي تقصير    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    المجلس الصحي المصري: 4 من كل 5 أمراض حديثة من أصل حيواني    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    «بني سويف الأهلية» تناقش مشروعات طلاب المحاسبة والتمويل الدولي.. والجامعة: نُعد كوادر قادرة على المنافسة العالمية    بعد افتتاح الوزير.. كل ما تريد معرفته عن مصنع بسكويت سيتي فودز بسوهاج    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    وزير الإعلام الكويتى يؤكد حرص بلاده على دعم وحدة الصف الخليجي    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    انتظام كنترول تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    «ليلة التتويج».. موعد مباراة ليفربول وكريستال بالاس والتشكيل المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضريبة أمينة رزق !
نشر في المصريون يوم 15 - 12 - 2009

لم أكن أعلم أن وزير ماليتنا – حماه الله – يملك كل هذا الحس الفكاهي ، وخفة الدم التي يقدم من خلالها قانون ترويع الشعب المصري ، وهو المسمى بقانون الضريبة العقارية ! كان الرجل الذي يدعي الحرص على موارد الدولة لتستطيع التخديم على مطالب الشعب المصري يحاول أن يثبت أن القانون إنساني إلى أقصى حد ، وأنه يراعي مشاعر الذين كانوا أغنياء ثم افتقروا كما جري لأحمد مظهر وصلاح ذو الفقار في أحد الأفلام حيث اشتري الأول كوز ذرة مشويا بنيشان حصل عليه والده الراحل .. ثم هناك المادة التي ناقشها أعضاء في مجلس الشعب في القانون وأطلقوا عليها مادة " أمينة رزق " تعاطفا مع الفقراء والمساكين وأبناء السبيل من الشعب البائس الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا !
اختار الوزير يوسف بطرس غالي أن يظهر على قناة خاصة بدلا من القنوات الحكومية الصريحة ليقول للناس إن قانون الترويع مطبق لا محالة ، وأن الشعب كله الذي يملك ثلاثين مليون منزلا ومسكنا ؛ لا بد أن يقدم الإقرار العقاري قبل آخر ديسمبر 2009م ، وإلا فالغرامة الفتاكة وقدرها ألفان من الجنيهات ستدفع على الفور من كل من تقاعس عن تسليم الإقرار قبل الموعد المذكور ولو كان متسولا يتكفف الناس ..
يقول الوزير الموقر إن الذين ستنطبق عليهم الضريبة عمليا من الشعب المصري حوالي خمسة بالمائة وهم الأغنياء أو الأثرياء الذين يملكون شققا وفللا ؛ يصل ثمن الواحدة نحو مليون جنيه ، أو يزيد عن نصف مليون .. حسنا ، فلماذا ترويع خمسة وتسعين بالمائة من الشعب المصري لتقديم الإقرارات وهم غير داخلين في سياق ضريبة الخالة أمينة رزق رحمها الله ؟ لماذا لم يذهب المختصون من أهل الضريبة مباشرة إلى أصحاب الشقق والفلل لتي سيدفع أصحابها ، أو يتوجب على أصحابها الدفع دون جرجرة بقية الشعب المتهالك إلى مأموريات الضرائب العقارية والدخول في معمعة الزحام والتعرض لقسوة الغرامة وإشغال ما لا يحصى عددا من موظفي الدولة في لجان تقدير أثمان العقارات التي يملكها ثلاثين مليون مواطن ؟
إن الدولة تعرف دبة النملة فيما يجري على أرض البلد التعيس ، فلماذا يتم تحريك الملايين لتقديم إقرارات لا داعي لها ؛ في ظل ظروف وصل فيها الضيق والغيظ والألم بالناس إلى حد الانفجار بسبب الغلاء والزحام وقسوة الحياة وكثرة المصروفات ومتطلبات الأبناء والمستشفيات والمدارس والمواصلات والملابس والغذاء ؟
لاشك أن الوزير المبجل يبحث عن زيادة الموارد لتقيم الدولة مشروعات الخدمة العامة للناس ، وهذا حق واضح لا جدال فيه ، ولكنه حق يراد به باطل ، والباطل هو إذلال الناس ، وتسويد حياتهم - أي تغطيتها بمزيد من السواد - فهم بعد أن فقدوا الحرية وتحولوا إلى عبيد في بلاط الحزب الحاكم ، ولا يملكون من أمرهم شيئا ، ولا يستطيعون المشاركة في تقرير مصيرهم أو مستقبلهم ، بل إنهم لا يعرفون ماذا سيحدث لهم غدا ، صاروا أسرى القوانين والقرارات العشوائية التي تخطر على بال الحكام والمسئولين لتغطية أوجه العجز أو التمويل التي يريدها هؤلاء القادة المحترمون .. دون أن ينظروا نظرة شاملة على الواقع الذي يعيشونه ، ويروا ما الذي يمكن أن يزيد الموارد ، أو ما الذي يقلل منها ؟
إن هؤلاء القادة يستسهلون عادة القرارات السلبية ، أو قل الفلسفة السلبية ، التي لا تحب العمل ولا التفكير ، ولا بذل الجهد .. إنها فلسفة القرارات النظرية العشوائية على المكاتب دون النزول إلى الشارع ورؤية ما فيه والتعامل معه كما ينبغي أو يجب .. الفلسفة السلبية تشبه فلسفة الولد البليد الذي يكتفي بمسح السبورة عسى أن ينشغل الأستاذ عن طلب الواجب منه ، أو يسمع صوت الجرس فتنتهي الحصة ، وبعدها ينسى الأستاذ المسألة برمتها ، وتبدأ حصة جديدة ليس فيها واجبات منزلية أو علمية !
تأمل مثلا معالم هذه الفلسفة ممثلة في النماذج الآتية علي سبيل المثال لا الحصر :
- تحديد النسل ورصد الميزانيات له وتعيين وزيرة وتخصيص وزارة بميزانية قدرها كذا ، ليقف نمو المصريين بدلا من استثمار الزيادة السكانية في الإنشاء والتعمير، وتقوية البلاد والعباد وزيادة الدخل القومي على مساحة فارغة تقدر بستة وتسعين بالمائة من أرض مصر العامرة . ( قارن ما يفعله اليهود الغزاة القتلة في فلسطين بما تفعله الحكومة المصرية !).
- اللجوء إلى الاستدانة من الدول الكبرى بفوائد مركبة ، والاستنامة للاستدانة وفركشة الديون فيما يفيد وما لا يفيد ، والتراخي في التسديد ، حتى صار المصري مدينا حتى بعد مماته .. فضلا عن الرضوخ لإرادة الدول الدائنة !
- الإنفاق السفيه على نشاطات لا تسمن ولا تغني من جوع ، لصالح فئات هامشية متسلقة ، مع المبالغة في نشاطات محدودة الأثر على جموع الشعب المصري ، وتأمل ما يتم إنفاقه على منظومة الدعاية التي يسمونها الإعلام ( عشرات القنوات التلفزيونية والموجات الإذاعية والصحف الخاسرة ) وهي فاشلة بكل المقاييس، ثم انظر ما ينفق على مباريات كرة القدم ، والمهرجانات أو المهارج الفنية والثقافية والدعائية والحزبية والمجالس القومية للمرأة والطفولة وتحريم الختان وتحديد النسل .. ثم هذا الإنفاق الضخم الذي لا تعرفه دولة أخرى في العالم على الأمن الداخلي .. والموظفين الذين يسمونهم مستشارين بعد المعاش دون أن يكون لهم أية ضرورة فنية أو عملية ....
- أما الفساد وما يستنزفه من أموال الدولة فقد تعب الناس من الحديث عنه ، وهو يعني عمليا تجريف الملايين التي يعتصرها الوزير يوسف بطرس غالى اعتصارا من دماء الفقراء والمساكين والموظفين الغلابة ؛ الذين صاروا مستحقين للزكاة وعلى رأسهم علماء مصر وأساتذة الجامعات الذين يحترمون أنفسهم ولا يصفقون للحكومة أو لا يمارسون أعمالا إضافية .. إن البقرات السمان التي أقعدتها السمنة عن الحركة ، واكتفت أن تقوم بدور كهنة آمون ، الذين يؤيدون الاستبداد والفرعنة والباطل ، ولا يتورعون عن التهام الحرام في بطونهم الواسعة ( .. وكله بالقانون !!! ) يجب ذبحها والتضحية بها في سبيل إنقاذ الاقتصاد المصري المهلهل ! ولكن السلطة لا تفعل !
- ثم تأمل تجريد الدولة أو الشعب من ممتلكاته فيما كان يسمى القطاع العام وبيع أصوله بأبخس الأسعار إلى مغامرين وانتهازيين – معظمهم أجنبي - يتناولونه وليمة رخيصة ، حصلوا عليها في ظل ظروف غامضة ومعتمة ، ثم يبيعونها بعدئذ بالملايين ، أو تقوم الدولة بدفع تعويضات باهظة لاسترداد بعضها الذي يدخل تحت بند الأمن القومي ، ولا يحاسب من أخطأوا أو عتموا أو تصرفوا بمنطق المصالح الخاصة .....
هذا فيض من غيض يتم من خلاله تبديد أموال الشعب البائس وفقا للفلسفة السلبية ، لحساب ألأنشطة الهامشية أو الفساد الذي يجاهر بنفسه ولم يعد يخشى رقيبا أو حسيبا ، لأنه هو الذي يصنع القانون وينفذه .. أما كان الأولى بالسيد وزير المالية أن يبحث عن هذه الموارد الضائعة بدلا من أن يشعل النار في فتيل القنبلة الموقوتة لانفجار الشعب المصري ، وهو الانفجار الذي لو وقع – لا قدر الله – سيأكل الأخضر واليابس ؟
إن قانون الخالة أمينة رزق ما كان ينبغي أن يصدر قبل معالجة الإنفاق السفيه ، والتجريف المالي الذي يتم وفقا للقانون أو خارج القانون ،ووقف دعم المليارديرات السمان بالطاقة والإعفاءات الضريبية .. وهذه المعالجة بالتأكيد ستوفر أضعاف الضريبة العقارية التي يطمح إليها الوزير المبجل يوسف بطرس غالي .. ويكفي أن والد السيد الوزير يعارض هذه الضريبة وموظفو مكتبه فضلا عن زملائه من الوزراء الفقراء - وليس الوزراء المليارديرات الذين على ثقة بأنهم لن يدفعوا مليما واحدا للدولة ، وإن كانوا يدفعون الألوف والملايين في الأفراح والليالي الملاح ..
سيدي الوزير : متى تخضع لمنطق الواقع ومواضعاته وخاصة في الأرياف ؟
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.