قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن تصاعد القمع الأمني في جانب، وغيابه التام عن أداء دوره في جانب آخر، هما طرفا معادلة واحدة، تكرس لدور الأجهزة الأمنية كأداة لتحقيق مصالح السلطة وحدها، وتضرب بمصالح المواطنين وحقوقهم عرض الحائط. وأشارت الشبكة في بيان لها حصلت "المصريون" على نسخة منه، إلى أنه في الوقت الذي تواصلت فيه الاشتباكات الدامية بين قوات الأمن من جانب وبين عشرات المحتجين من جانب آخر في محيط كوبري قصر النيل، لتسفر عن سقوط ما بين 3 إلى 8 شهداء وفق تقديرات متضاربة لوزارة الصحة ولأطباء المستشفى الميداني بكنيسة قصر الدوبارة، إضافة إلى عشرات الجرحى، شهدت هذه الأحداث تعدي الأمن على صحفيين واحتجاز بعضهم وتحطيم معداته، كان الغياب الأمني التام هو سيد الموقف في واقعة تعرض مقر جريدة الوطن وقناة سي بي سي للاعتداء من قبل مجهولين أسفر عن احتراق دورين بالمبنى الذي تشغله المؤسستان وتحطيم معدات وأثاث مملوك لهما. وكانت قوات الأمن قد واصلت أول أمس السبت 9 مارس 2013، اشتباكها اليومي مع عشرات المتظاهرين في محيط كوبري قصر النيل، واستخدمت في ذلك الغاز المسيل للدموع بكثافة مما أدى إلى وفاة اثنين على الأقل ممن تعرضوا له أحدهما طفل -حسب تأكيدات شهود عيان، كما استخدمت قوات الأمن الخرطوش موقعة إصابات عدة. وأكد شهود عيان وأطباء بالمستشفى الميداني أن قوات الأمن قد استخدمت أيضا الرصاص الحى مما أدى إلى مقتل أكثر من متظاهر أحدهم طفل مجهول الهوية، في المقابل أكدت بيانات وزارة الصحة مقتل 3 أشخاص فقط ليس من بينهم أطفال رغم تناقل النشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي لمقاطع فيديو وصور توضح أن عدد القتلى قد يصل إلى ثمانية بينهم طفلين. في إطار الاشتباكات ذاتها، قامت قوات الأمن بإلقاء القبض على “محمد سعد”، المصور الصحفي بجريدة البديل الجديد الإلكترونية، أثناء تواجده للقيام بعمله الصحفي في تغطية الأحداث، وتم الاعتداء عليه بالضرب وتكسير الكاميرا الخاصة به ثم احتجازه بأحد سيارات ترحيل المتهمين لمدة خمس ساعات قبل إطلاق سراحه. كما تعرض الزميل“حسن شاهين” الصحفي بجريدة الوادي للاعتداء بالضرب من قبل ضباط القوة المسئولة عن تأمين وزارة الداخلية أثناء مروره بمحيطها، بعد مشادة نتجت عن محاولتهم منعه من المرور بسبب كونه صحفي. وقال البيان:“إن استخدام الأجهزة الأمنية للعنف المفرط في مواجهة محتجين في مكان، وغيابها التام عن القيام بدورها في حماية منشآت ومؤسسات إعلامية في مكان آخر، إضافة إلى استهدافها للصحفيين وتعدي أفرادها عليهم، هو في المجمل نمط متصل لسياسة أمنية تتمحور حول حماية مصالح النظام من خلال قيام هذه الأجهزة بدور عصاه الغليظة التي تقمع صور المعارضة المختلفة له”. واعتبر البيان أن تحجج وزارة الداخلية بقيام أفرادها بدورهم في حماية المنشآت الحيوية، كمبرر لاستخدامهم العنف المفرط ضد المتظاهرين في بعض المواقع، ينكشف كذبه جليا عندما يغيب التواجد الأمني ودوره في حماية منشآت ومؤسسات تتعرض فعليا للاعتداء، كما ينكشف التضليل المتعمد في مثل هذه التبريرات عندما تتوقف الاشتباكات ولا تتعرض المنشآت للاعتداء وذلك حينما تنسحب قوات الأمن من خطوط المواجهة مع المحتجين كما يشهد على ذلك ما حدث في كل من مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، وفي مدينة بورسعيد، وفي بعض مناطق مدينة الإسكندرية”. وطالبت الشبكة العربية بوقف الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن في مواجهة المتظاهرين، ودعت النائب العام إلى الأمر بفتح التحقيق فورا في جرائم القتل والتعدي والاحتجاز غير القانوني وغيرها من الممارسات المخالفة للقانون التي ترتكبها قوات الأمن، وألا تكتفي النيابة العامة بالتحقيق فقط مع من تقدمه إليها الشرطة ممن تتهمهم بإثارة الشغب والتعدي على قوات الأمن إلى آخر قائمة الاتهامات المعدة سلفا، والتي توجه إلى العشرات من المقبوض عليهم بشكل عشوائي ويشوبها شيوع الاتهام ومخالفة إجراءات الضبط للقواعد القانونية. كما كررت الشبكة مطالبتها بوقف التعدي من قبل قوات الأمن على الصحفيين بهدف إعاقتهم عن القيام بعملهم في نقل حقيقة الأحداث إلى الرأي العام، وطالبت النيابة بالتحقيق في واقعتي الاعتداء على صحفيي البديل والوادي، وكذا طالبتها بأن يشمل تحقيقها في واقعة الاعتداء على مقر جريدة الوطن الكشف عن ملابسات التقاعس من قبل الشرطة في توفير الحماية للمؤسسة الصحفية، وتقاعسها في وقف الاعتداء حال وقوعه رغم إبلاغها عنه. وحذرت الشبكة من أن استمرار نهج الأجهزة الأمنية الانتقائي للتواجد في مكان والغياب عن غيره حسبما تقتضيه المصالح الضيقة للنظام دون التفات إلى مصالح المواطنين التي يفترض بهذه الأجهزة أن توفر الحماية لها، وكذا استمرار القيادة السياسية في الاعتماد على الحلول الأمنية وتغييبها لأي أفق سياسي بديل، ينذر بتصاعد العنف لمستويات قد لا تكون السيطرة عليها ممكنة مما يعرض المجتمع بمجمله لمخاطر جسيمة.