نستهل جولتنا اليوم في صحافة القاهرة الصادرة أمس (الأربعاء) من صحيفة الوفد "الليبرالية" ، حيث أكد محمد أمين في الصحيفة أن جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي للفيفا لم ينتظر حتي تمر الأيام، وحتي تأكل النار بعضها.. فالحكمة التي يؤمن بها الشرقيون.. دع النار تأكل بعضها.. فالعكس هو الصحيح، فقد تحرك »بلاتر« ودعا إلي اجتماع طارئ لبحث الأزمة، وتأثيراتها علي الاتحاد الدولي في المستقبل.. فيما لو اقتضت الضرورة مواجهة أخري بين مصر والجزائر.. بينما لم يتحرك عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية، ولم يدع إلي اجتماع طارئ في »بيت العرب«، ولو علي مستوي المندوبين، وليس علي مستوي وزراء الخارجية العرب.. فما معني هذا.. معناه أنه لا توجد جامعة عربية.. مجرد مبني بلا روح وبلا فاعلية.. ومعناه أن الأمين العام مازال يبحث ويبحث.. أو كما قال هو إنه يجري اتصالات للإحاطة بأطراف الأزمة!! هدوء المقابر ويرى أمين أنه لم يبالغ حين قلت إنك لن تعثر علي ورقة في الجامعة العربية، ولا وثيقة بشأن أزمة مصر والجزائر.. فقد انتقلت الأحداث من ملعب الكرة إلي ملعب السياسة.. ومع هذا لن تجد شيئاً يدل علي أن هناك أزمة.. وبزيارة واحدة لمبني الجامعة العربية، سوف تعرف أن ما قلته صحيح.. وسوف تعرف أن الأمور هادئة هدوء المقابر.. ما يعني أنه لا توجد مشكلة من أي نوع.. برغم الحرب الضروس بين البلدين.. وهي عندي صدمة أكبر من صدمة الأحداث نفسها.. سبقها صدمة أخري، وهي أن الأمين العام لم يتعرض للأزمة إلا في موقفين وكلاهما صدفة.. الأول حين جاءه مذيع قناة العربية علي هامش ندوة في دبي، والثاني حين فاجأه رئيس البرلمان الأوروبي »بوزاك«، وأعرب عن دهشته مما انتهت إليه أحداث المباراة!! ولولا هذا ماسمعنا شيئاً من عمرو موسي.. فقد حدث تعليق الأمين العام للجامعة العربية بالصدفة في المرتين.. فقال إن هناك اتصالات بكل الأطراف.. وإن القانون سوف يطبق علي الجميع.. وإن هناك علاقات هامة بين البلدين، وأعمق من كل هذه الأمور.. كلام دبلوماسي ويرى أمين في كلام عمرو موسى آنفا أنه لا يدخل في لب القضية، ولا يتعرض للأزمة.. ولا يكشف أن هناك وساطة.. ولا يكشف أنه هناك إجراءات للمصالحة، واحتواء الأزمة.. مجرد كلام تستطيع أنت أن تقوله دون أن تكون دبلوماسياً.. ودون أن تكون أميناً عاماً.. ودون أن تكون عمرو موسي.. الذي تعلقنا به وغنينا له.. وغني له »شعبولا« بحب عمرو موسي وبكره إسرائيل.. عمرو موسي الذي لم يفكر مثل »بلاتر« في دعوة المندوبين لاجتماع طارئ، ولم يفكر في وساطة.. ولم يذهب إلي الجزائر.. ولم يعقد حتي مؤتمراً صحفياً بعد الأزمة.. لا ولم يفعلها من قبل ببيان ولانداء.. فماذا بقي من اسم الجامعة العربية.. لا شيء غير شارع في المهندسين!! أعداء عروبة مصر حسنين كروم في صحيفة المصري اليوم يؤكد أن ما يحدث بين حكومة مصر والجزائر لا يعنينا لأن كل شىء سينتهى وستظل العلاقة بين الشعبين والبلدين كما هى، إن لم تزدد قوة بأن تعطيها الأزمة دفعة للأمام بمناقشة مكشوفة لما داخل صدور البعض، خاصة أن الاعتداءات التى تعرض لها المصريون فى الجزائر والسودان لم يسقط فيها قتيل واحد أو حتى إصابة خطيرة، ونفس الأمر مع الاشتباكات التى حدثت فى حى المهندسين بين مصريين وجزائريين فلا جزائرى قُتل أو أصيب إصابة خطيرة، وعلينا أن نتذكر أن الاشتباكات الدموية التى حدثت بين مصريين وكويتيين فى منطقة خيطان، وأدت لأعمال تخريب، ومثلها حدث فى ليبيا بين مصريين وليبيين، وكلها تخللتها أعمال قتل وترتبت عليها محاكمات انتهت إلى لا شىء، ومشاكل أخرى تكررت فى حى المهندسين عندنا أدت إلى مقتل أكثر من عشرة لاجئين سودانيين معظمهم من الجنوب، ومعارك فى العاصمة الخرطوم بين سودانيين ومصريين وتدخل الشرطة ضد المصريين، ومشاكل مع السعودية بسبب عقود العمل ومحاكمة مصريين بتهم مختلفة، ومشكلة مع ألمانيا بسبب مقتل مروة الشربينى أعقبتها مظاهرات واحتجاجات، ومع إسرائيل التى قتلت جنوداً وضباطاً لنا، وجاء أولمرت رئيس وزرائها السابق واجتمع مع الرئيس مبارك فى شرم الشيخ، ومع ذلك بعنا لها الغاز بأسعار مدعومة، ولم نغلق سفارتها ونطرد رعاياها وننسحب من اتفاقية الكويز، رغم الكراهية الشعبية الكاسحة لها ورفض التطبيع معها حتى من جانب قطاعات رسمية من الدولة. سمعة مصر ويرى كروم أن ما يهمنا هو البحث عن أخطائنا والمسؤولين عنها، وقد امتلأت الصحف بها وهى تحويل المباراة إلى معركة وطنية، بحيث أصبحت سمعة مصر وكرامتها مرتبطتين بأرجل اللاعبين، وصرف الملايين من الجنيهات لإرسال مشجعين من غير مشجعى الكرة وهم قادرون مالياً على دفع قيمة تذاكرهم، لو كانوا حقاً يرغبون فى التشجيع، ولم نرسل أعداداً من قواتنا فى ملابس مدنية لحمايتهم من بلطجية مشجعى الجزائر، وتحول كتاب وصحفيون إلى معلقين رياضيين، والمعلقون الرياضيون إلى كتاب سياسيين وقادة للرأى العام، واستعنا بأغانى الحروب الوطنية، وناشدنا السودانيين دعمنا وطلبنا من الشعب أن يدعو: يارب.. قبل ثلاثة أيام من المباراة، فى واحد من أسوأ أعمالنا، لأن هزيمتنا تعنى أنه غير راض عنا، وكان واضحاً أن الحزب الوطنى حولها إلى معركته هو، ليكون النصر فيها له، وتوافرت لدينا الأموال لتوزيعها على اللاعبين تطييباً لخواطرهم، وهم يحصلون على الملايين سنوياً مقابل احترافهم والإعلانات، بينما المستشفيات الحكومية فى نصف المحافظات لا يوجد فى أى منها أجهزة رنين مغناطيسى وأشعة مقطعية، كما اعترف بذلك وزير الصحة للرئيس علناً منذ شهرين. الرئيس مبارك وعلى كل حال، فالرئيس أعطى إشارة واضحة لأجهزة الدولة بوقف مهزلة تحديد سياسة مصر بواسطة عدد من الهواة بقوله فى خطابه يوم السبت أمام أعضاء مجلسى الشعب والشورى: «تظل دائرة تحركنا العربى أولوية من أولويات سياستنا الخارجية.. ستبقى القضية الفلسطينية أولوية رئيسية فى تحرك سياستنا الخارجية.. أقول بعبارات لا تحتمل اللبس إن إسرائيل تقوض فرص السلام.. ارفعوا حصاركم عن غزة.. كفاكم تعنتاً ومراوغة». ولم يتطرق إلى ما حدث بكلمة سوى عبارة قال فيها: «رعاية مواطنينا بالخارج مسؤولية الدولة، لا نقبل المساس بهم، أو التطاول عليهم، أو امتهان كرامتهم، إن كرامة المصريين من كرامة مصر، ومصر لا تتهاون مع من يسىء لكرامة أبنائها». الصغار والكبار نتحول إلى صحيفة الشروق "اليومية" المستقلة ، حيث عبر جلال أمين عن انزعاجه بشدة مما حدث فى الأسبوعين الماضيين. كان ما حدث بين شبان مصريين وشبان جزائريين، من ضرب وسب وطعن، مزعجا بما فيه الكفاية، ولكن الأفظع فى رأيى هو ما حدث بن الدولتين. ليست هذه أول مرة ولا آخر مرة ينشب فيها عراك بين مجموعتين من البشر، تنتميان إلى جنسيتين مختلفتين أو دينين مختلفين أو حتى لونين مختلفين. ولكن أن يؤدى هذا إلى عراك بين دولتين، تنتصر كل منهما لحاملى جنسيتها أو دينها أو لونها، فهذا شىء نادر الحدوث إلا فى إعلان دولة للحرب على أخرى. ولكن حتى هذا لا يحدث عادة بسبب شجار بين مواطنين، بل يحدث لأسباب أعمق بكثير تتعلق بتاريخ العلاقة بين الدولتين، أو عداء دفين بينهما يرجع إلى مشكلات أو اختلافات قديمة. فإذا حدث عراك كهذا بين دولتين عربيتين، لهما تاريخ قديم من المودة والمؤازرة، وتربطهما وشائج قوية للغاية من الدين واللغة والحضارة والمصالح المشتركة، فهذا هو الشىء المزعج حقا والبالغ القبح. معركة الجزائر ويؤكد جلال أنه طالع الكثير مما يكتب تعليقا على ما حدث، وكثير منه للأسف يؤجج النار ويزيد المشاعر التهابا. من بين الدوافع لهذا الموقف المؤسف من بعض الكتاب والإعلاميين، بل وأيضا بعض السياسيين، الطمع فى تحقيق مكسب شخصى أو سياسى من وراء هذه المؤازرة، عن طريق الظهور بمظهر الوطنى الذى يدافع عن حقوق شعبه وكرامته. ولكن حتى إذا كان الدافع لدى الكاتب هو مجرد الشعور الغريزى بالوقوف إلى جانب أهل بلده ضد أهل البلد الآخر، فأظن أنه موقف غير حميد أيضا. إذ المفترض فى الكاتب الذى يعلق على الشئون العامة أن يكون أعقل من غيره، وأكثر قدرة على التروى فيما حدث، وعلى رؤيته فى إطاره الأوسع، ومن خلال معرفته الأوسع بتاريخ العلاقة بين البلدين وبمشكلاتهما المشتركة. المفروض فى المعلق على هذه الأحداث أن يكون قادرا على إدراك ما يمكن أن يترتب على تدهور العلاقة بين مصر والجزائر، من عواقب وخيمة، كالعجز عن توحيد موقفهما إزاء مشكلات أكبر بكثير من مشكلات كرة القدم وكأس العالم، كالقضية الفلسطينية مثلا، والعجز عن تحقيق تعاون اقتصادى أكبر يساهم فى الإسراع بتحقيق التنمية المنشودة فى كلا البلدين، والعجز عن تحقيق الحماية اللازمة والمعاملة اللائقة لمواطنى كل من الدولتين المقيمين فى الدول الأخرى..الخ. إن إدراك أهمية هذه الأمور بالنسبة للانتصار والانهزام فى مباراة لكرة القدم من شأنه أن يمنع الكاتب أو الإعلامى من المساهمة فى تأجيج المشاعر وفى زيادة النار اشتعالا. أولياء الأمور ويرى جلال أنه كان المفروض أيضا أن يدرك الكاتب أو الإعلامى انه فى عراك كهذا، مهما كانت شدته ودمويته، لا يهم كثيرا فى الحقيقة معرفة من البادئ بالعدوان، ومن الذى تصرف كرد فعل لهذا العدوان. ففى مثل هذه الأمور، يصعب جدا تقدير ما إذا كان رد الفعل متناسبا من الفعل المردود عليه. الطرفان فى نظرى مذنبان، ومن السهل جدا، بمعرفتنا لظروف التهييج الإعلامى، وأعمار المتعاركين وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية، أن نعرف سبب ارتكابهم لهذا الذنب. ولكن من المؤكد أيضا أن المنتظر من أولياء أمورهم أن يتصرفوا تصرفا أعقل مما رأيناه من تصرفات أولياء أمورنا. فمن الحماقة أن يأتى الأب والأم فيشتركان فى عراك مع أب أو أم الولد الآخر، ويتبادلا السباب مثلما تبادله أولادهم، فتنقلب المعركة من شجار بين صبيين غريرين إلى معركة بين دولتين المفروض أنهما شبتا عن الطوق، وتعرفان ما يمكن أن يترتب على عراكهما من خسارة فادحة للجميع، الصغار والكبار. المجد للكراهية في صحيفة الدستور "اليومية" وجد د. أحمد خالد توفيق أنه من الأفضل أن يصمت المرء هذه المرة بعد ما وصلت الأمور إلي هذا الحد، فلو تكلمت قائلاً أي شيء لقلت الشيء الخطأ.. إما أن تلهب النفوس وتزيد النار اشتعالاً وتسكب عليها المزيد من البنزين، أو تدعو للحكمة والتعقل وتذكر الناس بالقومية العربية، وهي دعوة تبدو مائعة رقيعة جدًا أمام كل العنف الذي تعامل به الجزائريون مع انتصارهم. مرة أخرى كل الناس يتكلمون وقد فُتحت طاقة القدر لوسائل الإعلام التي وجدت مادة تكفي لملء الصفحات وساعات الإرسال لمدة شهر علي الأقل، فلن أضيف شيئًا جديدًا إلي كل ما قيل ويقال، لكن لا بأس من أن يوجه المرء بعض الاتهامات. الاتهام الأول موجه بالطبع للإعلام الذي سقط سقوطًا ذريعًا في هذا الاختبار منذ اقتربت المباراة. قمة انعدام المسئولية أظهرتها وسائل الإعلام المصرية والجزائرية علي حد سواء، وهكذا تم شحن الجماهير علي الطرفين لحرب حقيقية لا خيارات فيها سوي النصر أو الشهادة، مع ولع سادي مجنون بنقل كل حرف.. لو أطلق مشجع جزائري أحمق سبة في مصر، سرعان ما تسوّّد مقالة كاملة عن هذه السبة، ثم يجلس كاتب المقال ويسترخي في مقعده ممسكًا بقدح النسكافيه، ويتابع في استمتاع ردود القراء علي الإنترنت.. القراء الذين احمرت عيونهم وصفّر الدم في آذانهم فلم يعودوا يعون ما يكتبون. شتائم مهينة جدًا انهالت علي رأس مصر ورأس الجزائر في الفترة الأخيرة، فنحن عملاء الصهاينة الذين نتصرف بحقارة، وهم البربر أبناء الفرنسيين الذين لا يعرفون العربية ولا الإسلام ولا آباءهم الحقيقيين، حتي إنني فعلاً لا أعرف بأي معجزة يمكن أن تصفو العلاقات مرة أخرى .. من عرفات من صحيفة الجمهورية "القومية" نطالع : يقف ملايين الحجاج اليوم علي جبل عرفات في ذروة شعائر الحج. لا فرق بين سني وشيعي. ولا عربي وكردي ولا مصري وجزائري!! تجمع الكل ديانة واحدة سمحة تدعو للوحدة والتضامن والتكافل وترفع شعارات المصالحة والتسامح وتنادي بالسلام والحرية والعدالة وتنبذ العنف والاستغلال والاستعباد وترفض الاحتلال والأغلال والعدوان. الكيانات الشاردة تواجه الأمة الإسلامية والمبعثرة صفوفها وامكانياتها الآن أزمة لا يمكن اخفاؤها بل ينبغي الاعتراف بها للبحث عن اسبابها واكتشاف الوسائل لعلاجها حتي يلتئم شملها وتتجاوز عثراتها وتستأنف مسيرتها موحدة الكلمة. متساندة الصفوف. متكاملة الإمكانات. قادرة علي الصمود في عالم يموج بالقوي الكبري الساعية لالتهام الكيانات الصغيرة والشاردة.