رئيس جامعة سوهاج: توفير بيئة امتحانات آمنة وعادلة مع تطبيق الإجراءات الاحترازية    الفراخ البيضاء ب110 جنيهات.. ارتفاع أسعار الدواجن في أسواق الإسكندرية    مستقبل وطن: مشاركة الرئيس السيسي بعيد النصر بموسكو تؤكد عمق العلاقات التاريخية بين مصر وروسيا    حكماء المسلمين يهنئ البابا ليو الرابع عشر بمناسبة انتخابه رئيسا للكنيسة الكاثوليكية    ميرتس يتوقع "مفاوضات جادة" حول أوكرانيا بعد عطلة نهاية الأسبوع    صلاح يشارك هنري عرش إنجلترا    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    الزمالك في جولته الأخيرة أمام المقاولون في دوري الكرة النسائية    ضبط شخصين لاتهامهما بالنصب وسرقة المواطنين في عين شمس    محمد رياض يعلن تشكيل اللجنة العليا للدورة ال18 للمهرجان القومي للمسرح    الإفتاء توضح شروط وأحكام حج الحامل والمرضع    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    مصر أكتوبر: مشاركة الرئيس السيسي في احتفالات موسكو تعكس تقدير روسيا لدور مصر    تهدئة أم تخلي.. كيف غيّر اتفاق واشنطن مع الحوثيين ميزان التحالف الأمريكي- الإسرائيلي؟    «التموين» تواصل صرف «الخبزالمدعم» الجمعة 9 مايو حتى الخامسة    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    رئيس مصلحة الضرائب: رفع نحو 1.5 مليار وثيقة إلكترونية على منظومة الفاتورة الإلكترونية حتى الآن    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    الشباب والرياضة بالأقصر تنظم ورشة عمل الاكسسوارات والأعمال الحرفية    وزير الري يؤكد سرعة اتخاذ قرارات طلبات تراخيص الشواطئ دعما للمستثمرين    دون وقوع إصابات... سقوط سلك كهرباء تيار عالي على 3 منازل بكفر الشيخ والحماية المدنية تخمد الحريق    ضبط شخص بالوادي الجديد لقيامه بالترويج لبيع الأسلحة البيضاء بمواقع التواصل    إدارة شئون البيئة بالإسماعيلية تعقد حلقات حوارية للصيادين ببحيرة التمساح (صور)    مروان موسى: أنا مش سلعة علشان أقعد أتابع أرقام الأغاني    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز توت عنخ آمون استعدادا للافتتاح الرسمي    محمد رياض يعلن تشكيل اللجنة العليا للدورة ال18 للمهرجان القومى للمسرح    ووكر بيرسى.. ضائع فى هذا العالم    السفير الأمريكى لدى إسرائيل: ترامب يوجه بتوزيع الغذاء فى غزة عبر 400 نقطة    تعليم الأقصر يحصد 9 مراكز على مستوى الجمهورية في نشاط الكشافة    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    قصة وفاء نادرة.. كيف ردّ النبي الجميل لامرأتين في حياته؟    10.3 ألف شكوى خلال أبريل.. تكثيف الحملات الرقابية على الأسواق ومحطات الوقود    «الصحة» تُطلق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد والجهاز الهضمي    لطفل عمره 13 عامًا وشقيقته هي المتبرع.. نجاح أول عملية زرع نخاع بمستشفى أبوالريش المنيرة    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    محمد صلاح يحصد جائزة "لاعب الموسم" من رابطة الكتاب 22 مايو    وزيرة البيئة: التمويل وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا عوامل مُمكّنة وحاسمة للعمل المناخي    بسبب حادث سير.. تغيير في طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا    ضبط دقيق مجهول المصدر وأسطوانات بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    سقوط شبكة دولية لغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات بمدينة نصر    سنن النبي وقت صلاة الجمعة.. 5 آداب يكشف عنها الأزهر للفتوى    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    جدول امتحانات خامسة ابتدائي الترم الثاني 2025 بالقليوبية «المواد المضافة للمجموع»    إنفانتينو يستعد لزيارة السعودية خلال جولة ترامب    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    عودة الراعي، البابا تواضروس يحمل إلى القاهرة رسائل سلام من قلب أوروبا    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راحت الفطنة فجاءت الفتنة
نشر في المصريون يوم 25 - 11 - 2009

(( وكأنني أسمع جدودنا في قبورهم وهم يلعنون هذه الفتنة ويلعنون من أوقدها ويصبون غضبهم على من أيقظها ، وأكاد أرى أحمد عرابي وعبد الله النديم ومصطفى كامل ومحمد فريد وجمال عبد الناصر ومعهم الأمير عبد القادر الجزائري والعلامة بن باديس ومالك بن نبي والشيخ البشير الإبراهيمي وجميلة بوحريد وهم ينظرون إلينا من وراء الحجب نظرة حنق ))
أغلب الظن أننا لا نعرف الأديب الجزائري الكبير حسين ليشوري أو نعرف قدر إبداعاته الأدبية التي ترسخ لقيم وطنية حقيقية ، ولكننا بالقطع نعرف الزعيم الديني الجزائري الشيخ عباس مدني زعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ ، أما عن الشيخ مدني فقد كتب بيانا حكيما عقب الأحداث المؤسفة التي تلت "موقعة" السودان والتصعيد المتبادل الذي وصل إلى درجة غير مسبوقة قال فيه بعد أن دعا إلى وأد الفتنة " متى كان المصرى ضد الجزائري أخيه ؟ ومتى كانت الجزائر ضد مصر أبدا هذا لن يكون ولن يكون أبدا" .. ومع ذلك لم يسلم الشيخ الوقور من صحافة الفتنة في الجزائر ونال منها ما ناله من غمز وتحقير وهو الذي على مشارف الثمانين .
أما عن ليشوري فقد كتب مقالا رائعا عقب أحداث الفتنة الثانية عفوا المباراة الثانية يعزي نفسه ويعزي الأمة في وحدتها التي فقدتها عقب مباراة كرة ، وألقى باللائمة على يدٍ هنا ويدٍ هناك عبثت في الأمن القومي للأمة بأسرها إما بحثا عن مصالح خاصة أو تنفيذا لمخطط صهيوني محكم .. وأبدى ليشوري ذهوله وألمه من مشاهد حرق العلم المصري على يد مجموعة من الصبية الجزائريين الذين لا يعرفون قدر هذا العلم وقدر مصر التي لم تتأخر عن مساعدة إخوانها في كل الوطن وقت الشدة أو حتى في أوقات الرخاء .
لم يكن بيان عباس مدني أو مقال حسين ليشوري أو حتى بيان المثقفين الجزائريين الذي دعا عقلاء الأمة إلى التضامم لوأد تلك الفتنة مجرد مبادرات فردية لا تعبر إلا عن أصحابها ، ولكنها كانت وطنية صادقة تعبر عن مشاعر حقيقية لغالبية الشعب الجزائري .
فلم يكن أهلنا في الجزائر أو أهلنا في مصر ينتصرون في هذه المباريات، لوطن ولكنهم في حقيقة الأمر كانوا ينتصرون لفريق كرة ، والوطن لا يمكن تلخيصه في فرقة كرة أو ركلة قدم قد تصيب تارة وقد تخيب تارة أخرى .. إلا أن واقعنا في مصر وفي الجزائر في وقتنا الراهن جعلنا نفتقد لمشروع قومي يلتف الناس من حوله وينتصرون له فبات الانتصار معدوما إلا في مجالات اللعب والكرة .. ومن أسف أننا مصر والجزائر في ذيل الأمم في كل مجالات البحث العلمي والصناعة والزراعة والتعليم .. نحن مصر والجزائر شعوب فقيرة مغلوبة على أمرها معظمنا يقبع تحت حد الفقر ، نموت في حوادث القطارات والعبارات ونهلك من أمراض الكبد والسرطان الذي انتشر بالمبيدات المسرطنة .. ويهلك أهلنا في الجزائر من الفقر والجهل أربعون بالمائة من الجزائريين تحت خط الفقر وقتلاً تحت رايات التعصب الذي يتستر بالدين ، وغرقا أثناء التسلل بمركب متهالك إلى فرنسا .. زادت عندنا وعندهم معدلات البطالة إلى درجات مفزعة فأصبح ما يؤرق حكامنا الذين حصلوا على دكتوراه في حكم الشعوب هو البحث عن وسيلة لتفريغ احتجاجاتنا وثورتنا وتوجيهها في مجال آخر بعيدا عن رؤوسهم ، فكانت كرة القدم التي أصبح بموجبها حسن شحاتة ورابح سعدان شركاء من الباطن في حكم مصر والجزائر ، إذ بدونهما ستكون العاقبة وخيمة على رأس حكوماتنا ، لذلك كان لا بد من التوظيف السياسي لكرة القدم وتحويلها من مجرد لعبة إلى مشروع قومي يلتف الناس من حوله ويعتبرونه هو الوطن ، فإذا انهزمنا فإن الوطن هو الذي انهزم وإذا فزنا فاز الوطن ، من أجل هذا لم نر الناس عندنا ترتفع مشاعرهم الوطنية إلى عنان السماء بعد حرب أكتوبر إلا قبل وأثناء هذه المباراة وكأن الجزائر هي إسرائيل !! ولم نر وطنية إخواننا من شعب الجزائر تصل إلى هذه الروح المقاتلة العنيدة بعد ثورة الجزائر التي بدأت عام 1954 إلا عند هذه المباراة ، وكأن جهادهم ضد الاستعمار لا يزال متواصلا وكأن مصر هي الاستعمار !! .
من أجل هذا كله فإنني لا أظن أن الهوس الذي حدث بين البلدين الشقيقين مبعثه وطنية حقيقية ، ولكنها للأسف الشديد وطنية مزيفة تم تسييسها لمصلحة فئة بعينها ، كما لا أظن أن الأعلام التي تم رفعها كانت أعلام البلد الحقيقية ولكنها كانت أعلام مشروع وطني وهمي لا يتغذى إلا على التعصب الغبي .. ولذلك كان من ظني أن يقف العقلاء من النخب المتميزة من البلدين موقفا عاقلا موجها لمشاعر الجماهير إلى وجهتها الحقيقية ولكن للأسف تراجعت معظم النخب واختبأت خلف صيحات المتعصبين دون أن يكون لها أثر .
وإذا كنت لا أحب التترس خلف نظرية المؤامرة إلا أن أصابع الصهاينة كانت ظاهرة بلا خفاء .. فقد انتهزت إسرائيل الفرصة فأوقدت الفتنة بيننا .. فها هو صحفي إسرائيلي يتم القبض عليه في مصر وهو يلتحف بالعلم الجزائري بعد المباراة الأولى ويهتف ضد مصر هتافات مستفزة .. وهاهي الشائعات المصنوعة بدقة وهي شائعات مركزها الرئيسي تل أبيب تجد طريقها للإفساد على يد صحافة جزائرية مفسدة تروّج عن مقتل عدد من الجزائريين في القاهرة عقب المباراة الأولى ، وكان من المؤسف أن تتأخر السلطات الجزائرية في نفي هذه الشائعات حتى أن النفي جاء على استحياء رغم أن صاحب أي عقل في الجزائر كان يدرك أن هذا الخبر لو كان صحيحا لقامت الجزائر فورا بإبلاغ "الفيفا" بغية إلغاء نتيجة المباراة ، وهاهي الصحافة الجزائرية الرسمية تنطلق في وصلة سب بذيء وتعيير بالفقر للشعب المصري مع أننا " في الهوا سوا " وتقارن بين مصر والجزائر فيكتب أحد المأجورين في صحيفة الشروق الجزائرية " إن بلد المليون شهيد سيهزم بلد المليون راقصة " !! ويكتب آخر "إن مصر تنام في حضن إسرائيل" !! وإن مصر هي مصرائيل !! وهاهي الفضائيات المصرية الخاصة تطلق عنان انفعالاتها غير المسئولة وتهاجم في رعونة وجهالة الشعب الجزائري وتسلب منه عروبته بل وإسلامه .. وهاهو إعلامي مصري ينتفض غاضبا بعد أحداث السودان طالبا ضرب الجزائريين في مصر !! ولاعب معتزل يعلن أنه سيكون مشجعا لإسرائيل لو لعبت مع الجزائر !! وهاهي صور مفبركة عبر الفيس بوك تزعم أن الجزائريين كانوا يحرقون المصحف في المدرجات وكأن المصحف هو كتاب الله الذي أنزله على المصريين المسلمين وحدهم دون باقي المسلمين !! مع أن الواضح من الصور المفبركة أن المصحف كان في يد أحدهم مصونا وكانت بضعة أوراق لا هوية لها تحترق بجوارهم !! وتحولت حضارة البربر إلى شَّتيِمة وتَّشَاتُم على ألسنة الإعلاميين والسياسيين وأبناء القادة دون أن يعرف أحدهم أي شيء عن البربر وحضارتهم ، وانفلت الزمام من بين أيدينا جميعا وضاعت البوصلة وتحول الوطن إلى فريق كرة قدم وتحولت الشعوب إلى جمهور متعصب يسعى إلى الثأر من الجمهور الآخر حتى ولو كان بقتله والتنكيل به .
حقا ... صدق القول المنسوب للرسول صلى الله عليه وسلم ( الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ) ونظرا لأنني لا أحب أن تصيب اللعنة قومي فإنني أقول : إذا كانت الخلافات صناعة عربية إلا أن الفتنة صناعة صهيونية .
هامش .. قال لي أحد الأدباء وهو يناقش معي هذا المقال " إن فتنة الصهيونية ظهرت لأن فطنة المسلمين غابت "
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.