كتبت قبل ساعات من مباراة مصر والجزائر التي أقيمت في السودان الأربعاء الماضي محذرا من فتنة الكرة وما يمكن أن تجره علينا في ظل أوضاع مقلوبة جعلت من الكرة هي محور الاهتمام و قلب خطة البعض الإستراتيجية . واليوم وبعد هذا الكم الرهيب من الدموع والقصص والروايات والحكايات التي تثير في النفس اللوعة وتزيد من شعورنا كمصريين بالانهيار والتراجع وكأننا كنا في انتظار أحداث السودان لتضيف إلى مواجعنا مواجع جديدة . اليوم وبعد ما عرفنا الحكاية من أول استدعاء قوات الحزب الوطني من الفرافير إلى استدعاء الرصيد الاحتياطي من الفنانين واللاعبين والمحللين وأنصاف المتعلمين ليرافقوا بعثة الشرف التي كان من المتوقع لها أن تعود بالفوز وبأشياء أخرى( ولكل وجهة هو موليها ) السلطة الحمقاء في مصر تصرفت في مباراة كرة قدم بطريقة تصرفها في بقية الملفات داخل الوطن ، فبداية من التمثيل الحضري للحزب ورجاله ورفاقه وأنصاره لجمهور مصر العظيم وانتهاء بفرار هؤلاء المسئولين ليلا ليتركوا خلفهم عشرات المئات من المصريين ليروا للفضائيات المهازل التي تعرضوا لها ولم أر عبر هذا الكم من التقارير أي مسئول وهو يقف مع الجماهير الحزينة والمكلومة والوحيدة ، وهكذا شعر الجمهور الحزين بأنه راح ضحية لخداع كبير ووهم أكبر اسمه الحزب الوطني ، صحيح أن الحزب ومن جيب الدولة منحهم التذاكر والإقامة ولكنه وللحق لم يعدهم بالحماية وبالعودة سالما في حال الخسارة لأن الخسارة لم تكن واردة في حسبان هؤلاء الأشاوس الذين ذهبوا وفي نيتهم العودة مظفرين بما يحلمون به . منظر الفنانين الباكين ومن بينهم فنانين طول بعرض يثير الشفقة في النفوس خصوصا بعد أن عاد ليتوعد الجزائريين بالويل والثبور وعظائم الأمور مع وصلة ( ردح ) من ألفاظ جارحة قيلت على الهواء مباشرة من مذيعين لا يعرفون كيف ماذا يقولون بل ان بعضهم ( كابت مصطفى عبده) اخذ وقتا طويلا حتى يتمكن من نطق اسم محي الدين عميمور ولم ينجح على الرغم من أن الأخير يكتب للأهرام المصرية بصفة مستمرة . الكلام الذي قيل والدعوات التي خرجت من البعض تطالب الرئيس مبارك وتتمنى عليه قطع العلاقات والأخذ بثأر المصريين ذهبت أدراج الرياح بعد خطاب الرئيس الذي عرَض على الموضوع بعبارة حماسية ولم يتعرض للتفاصيل واعتقد أن ذلك خيب آمال المزايدين . ما حدث يثبت أن جمهور الحزب الوطني هو مجموعة من الفرافير التي لا يمكنها حماية اسم مصر ولا علم مصر ولا مكانة مصر وهذا الحزب الإقصائي وبعد هذه الحادثة لا يستحق فعليا تمثيل مصر ولا التحدث باسمها فلو ذهب جمهور من شبرا أو بنها أو المنصورة او الإسماعيلية لما تجرأ عليهم أحد ولما عاد منهم احد باكيا شاكيا . أما ما يثير الشفقة أكثر فهي القول بأن الجزائر اشترت الفيفا وفرانس 24 ساعة والجزيرة والبي بي سي والفرانس فوتبول وبالتالي لن نستطيع أن ندين الجزائر عالميا ولن نتمكن من إثبات حقنا في المحافل الدولية ،وعليه فنحن أمام مؤامرة متكاملة الأركان ، هكذا يريدنا فرافير الحزب أن نصدق فشلهم وعجزهم وأتساءل : أين إعلام الريادة ؟ وأين الزعامة ؟ وأين مكانة مصر العربية والعالمية والإقليمية ؟ نحن يا سادة باختصار رهائن في يد السلطة التي تريد أن تستثمر انتصارات الكرة لترسيخ أقدامها أو تستخدمنا وقودا في حال الخسارة ؟ آخر السطر كلما شاهدت الفضائيات المصرية كلما زادت قناعتي بأن أمامنا شوط كبير حتى نتحرر منا نحن أولا. نحن الأسرى يا سادة ونحن في ذات الوقت السجان هكذا وضعنا بأيدينا في أيدينا القيود ثم قسمنا أنفسنا أسيادا وعبيد ثم توجهنا بالشكوى منا إلينا فلم نسمع شيئا سوى صدى أقوالنا وهتافات وتنديد وتهديد ووعيد نحن يا سادة أسرى مآسينا ونحن وإن كنا بالأمس سادة فنحن وبأيدينا لا يد سوانا تحولنا إلى حفنة عبيد !!