من عجائبنا نحن المصريين أن فريقا منا مصمم على أننا فراعنة وفقط ، وللأسف بلع كثير من المصريين هذا الطعم، فصاروا يتغنون بأننا فراعنة ويسمون منتخبنا الوطني لكرة القدم بإسم فريق الفراعنة، وحين يخوض هذا المنتخب منافسة كروية عاتية يلجأون إلى الله وتلهج ألسنتهم بالدعاء، ويوصون بعضهم بأدعية خاصة لفك الكرب وإستمطار النصر من السماء، ويتعاهدون فيما بينهم على قراءة أوراد قرآنية معينة في أوقات السحر كما حدث مع الجزائر مؤخرا لدرجة تظن معها أن الله هو رب المصريين فقط وليس رب الجزائر أيضا، أو أن الجزائريين هم ألعن من كفار قريش . أليس من التناقض الغريب أن ندعي ونتفاخر أننا فراعنة ثم نلجأ إلى الله نطلب نصره لهؤلاء الفراعنة؟ ألا يعرفون معنى الفرعونية، وألم يقرأوا وصف القرآن لفرعون وتبيان نهايته، ألم يقراوا في القرآن أيضا أن فرعون نفسه حين أحاطه الغرق صرخ قائلا " آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ " فرد عليه الخالق تعالى "آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين". أفهم أننا نأخذ من الفرعونية محاسنها في التقدم العلمي والعمراني الذي سبق كثيرا من الأمم، ولكن لا أفهم أن نتخذها هوية بديلا لهويتنا العربية الإسلامية. الحقيقة ان الشعب المصري من أكثر الشعوب تدينا ومن أكثر الشعوب المسلمة بالذات إلتزاما بالإسلام ، ومن أكثر الشعوب العربية حبا لأشقائه ،لكن هذا التيار الجديد الذي يريد وصف المصريين بالفراعنة يريد أن يسرق هذا الشعب من إسلامه، ويسلخه عن عروبته، ويقصره على هوية واحدة ساهمت مع غيرها من الحضارات في تشكيل وجدانه وثقافته، لكنها كانت مجرد حقبة من تاريخه الممتد والذي إختتم بالإسلام. هذا التيارالجديد يلتف الآن حول مشروع التوريث ( بإعتباره إمتدادا للفرعونية القديمة التي قامت على التوريث) مع وجود تفريعات أخرى في أحزاب وجمعيات علمانية متناثرة، ورغم أن هذا التيار يستغل إمكانيات الدولة إلا انه والحمد لله يمنى بالنكسات تلو النكسات، فقد حاولوا من قبل تكوين تنظيم شبابي في الجامعة لمواجهة المد الإسلامي بين الطلاب وأطلقوا على ذلك التنظيم "حورس" تيمنا بإسم الإله الفرعوني حورس ، ووضعوا كل إمكانيات وزارة الشباب والرياضة وكل إمكانيات الجامعات تحت إمرته، وجعلوا له فرعا في كل جامعة وميزوا طلابه عن باقي الطلاب في الخدمات والتسهيلات بهدف إغراء وإغواء الطلاب بالإنضمام إليه، لكن التنظيم تعرض للإنتكاسات والفضائح المتتالية التي أجهزت عليه وجعلته أثرا بعد عين، واليوم يحاولون تخليق جيل جديد من الشباب المنبت الصلة بهويته العربية الإسلامية والمفاخر بهوية فرعونية خالصة تتطلع إلى عالم يلفظها ويهينها، وتتملص من عالم إحتضنها ومنحها قيادته لحقبة طويلة. وهذا التيار هو ذاته الذي فرض على الشعب المصري معركة وهمية مع بلد عربي ومسلم شقيق، وحول مبارة كرة قدم إلى موقعة حربية، وقام بعملية تهييج وتضليل كبرى، وإستغل تطلع الشعب إلى نصر أو أي إنجاز حقيقي يعوضه عن حالة العجز والشلل التي يعانيها تحت هذا النظام الباطش فأوهمه أن الإنتصار على الجزائر هو عين الوطنية والإنتماء، بل هو التقرب إلى الله، وإختذلوا كل تطلعات الشعب في الفوز على فريق شقيق، وراح بعض إعلاميينا المزيفين يوقدون نار الحرب ويدقون طبولها، ورد عليهم إعلاميون جزائريون لايقلون عنهم غباء وعداء للوحدة والتقارب بين الشعبين راحوا يكذبون على شعبهم ويدعون وقوع قتلى ومصابين وإغتصاب جزائريات في القاهرة وصدقهم الغوغاء فحملوا أسلحتهم وطاروا إلى السودان للإنتقام. وبالمناسبة أيضا فهذا التيار الفرعوني في مصر يقابله تيار فرانكفوني في الجزائر يراها أقرب إلى فرنسا وأبعد ما تكون عن العرب ، ولرب الجزء الأكبرمن الغوغاء الذين إعتدوا على المنشآت المصرية في الجزائر او سافروا إلى الخرطوم لملاحقة المصريين هناك هم من المنتمين لهذا التيار أو المتأثرين بافكاره المنحرفة. البداية الصحيحة للعلاج هي الإعتراف بالخطأ، وإبعاد هؤلاء "المتفرعنين" من صدارة المشهد، فهم "متفرعنون" على الأشقاء لطفاء مع الأعداء، ولاتنتظروا نصرا من الله لمن يتشبه ب" فرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك صوت عذاب"