كشفت 4 منظمات حقوقية من خلال تقرير لتقصى الحقائق عن حقيقة الأحداث التى شهدتها مدينة بورسعيد، والتى راح ضحيتها 42 شخصاً، بينهم اثنان من ضباط الشرطة، أن سبعة رجال مجهولي الهوية فتحوا النار على الشرطة أمام سجن بورسعيد العمومي يوم 26 يناير الماضى، وتمكن المسلحون الذين استخدم بعضهم أسلحة آلية من قتل 2 من ضباط الشرطة وجرح 10 آخرين، وذلك بعد حكم محكمة الجنايات بإعدام 21 من سكان المدينة فى قضية مجزرة بورسعيد. وقال التقرير إن الشرطة فتحت النار حين تعرضت لهجوم يوم 26 يناير، فقتلت وجرحت عدداً من المحتجين والمارة، كما استخدمت الشرطة الطلقات الحية في اليومين التاليين. وبحسب التقرير، فإن رجال الشرطة أطلقوا الذخيرة الحية من سطح السجن وساحاته، وبانتهاء الصباح كانت حصيلة القتلى قد بلغت 28 شخصا، هم ضابطا الشرطة و26 شخصاً من خارج السجن. وأشار 5 شهود على الأقل للمنظمات إلى أنهم شاهدوا عربات شرطة مدرعة تتحرك عبر شوارع بعيدة عن السجن وبداخلها أفراد شرطة يطلقون النار عشوائياً على المارة، مما أدى إلى وفيات وإصابات. وأكد أحد كبار مسئولي الأمن في بورسعيد لإحدى المنظمات قائلا: "لم يُقتل أحد ممن أطلقوا النيران على الشرطة، ونحن الآن نقبض عليهم بناءً على ما التقطته كاميرات المراقبة". وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع في 27 يناير على موكب جنازة كانت تشيع بعض ضحايا أحداث اليوم السابق، بعد أن قذف المشيعون بوابات نادي الشرطة بالحجارة. وأكد الدكتور عبد الرحمن فرح، مدير المستشفيات بمديرية الشئون الصحية في بورسعيد، أن الأغلبية الساحقة من القتلى قتلوا بطلقات حية، وأصيب معظمهم في النصف الأعلى من الجسم، 11 منهم في منطقة الرأس والعنق، فيما أصيب اثنان بطلقات فى الرأس من الخلف. وذكر الطبيب الشرعي للمنظمات أنه قام بإجراء بعض عمليات التشريح، قائلا إنه بخلاف رجل واحد توفي بنوبة قلبية نجمت عن التعرض المفرط للغاز المسيل للدموع، فإن الآخرين جميعاً أصيبوا بطلقات من عيار 7,62 ملم التي تستخدمها الشرطة. وخلص الطبيب الشرعي إلى أن معظم قتلى يوم 26 يناير أصيبوا على بعد ومن أعلى، بما يدل على احتمال إصابتهم من قبل رجال الشرطة الذين تمركزوا فوق سطح السجن وأطلقوا النار على الحشود بعد أن بدأ الهجوم على السجن. وقالت المنظمات فى تقريرها إن تحقيق النيابة المبدئي في أحداث بورسعيد شابته مخالفات إجرائية، تشمل الاحتجاز التعسفى ومزاعم بالتعذيب، ولم تبدأ النيابة التحقيق في الأحداث قبل 29 يناير، فأدى التأخير لمدة 3 أيام إلى إعاقة التحقيق من البداية، حيث لم يزر وكلاء النيابة مسرح الأحداث ولا أشرفوا على تشريح الجثث، ووكلاء النيابة أخفقوا في استدعاء ضابط شرطة واحد لاستجوابه بشأن استجابة الشرطة، فلم يستجوبوا سوى السكان ال36 المعتقلين حتى الآن بتهم حيازة واستخدام أسلحة نارية. وأوصت المنظمات بنشر تقرير لجنة تقصي الحقائق الرئاسية التي حققت في وقائع عنف الشرطة ضد المتظاهرين في الفترة بين يناير 2011 ويونيه 2012، ورفعت تقريرها إلى الرئيس في نهاية ديسمبر 2012، والعمل على قيام قاضي التحقيقات بإجراء تحقيق مستقل ومحايد في أحداث بورسعيد، وإعطاء الأولوية لإصلاح قوات الأمن المركزي ومطالبة الرئيس أن يراجع الأوامر التي يصدرها مسئولو وزارة الداخلية للقوات على مستوى الشارع وأن يأمر الوزارة علناً بالالتزام بالمعايير الدولية فيما يتعلق باستخدام القوة والأسلحة النارية. وطالبت المنظمات بتعديل المادة 102 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لعام 1971، بحيث تقصر استخدام القوة المميتة على حالات الدفاع عن النفس أو الآخر، وإلغاء مرسوم وزارة الداخلية رقم 156/1964 الذي يسمح باستخدام الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين. وقام باحثون من منظمات مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة الكرامة، وهيومن رايتس ووتش بزيارة بورسعيد لمدة 3 أيام بدأت في 27 يناير الماضى، وقاموا بجمع أدلة من شهود العيان وبزيارة المستشفيات وبإجراء المقابلات مع الطواقم الطبية والخبراء الجنائيين والمصابين وعائلات الضحايا، كما زاروا موقع إطلاق النار وراجعوا مقاطع فيديو وحصلوا على تقارير الصفة التشريحية وشهادات الوفاة.