أقل 5 درجات.. تنسيق جديد لفصول الثانوية العامة 2025 في محافظة دمياط    محافظ أسيوط يوجه بإنشاء معمل مركزي لدعم إنتاج العسل الأسود    بعد زيادة 30 جنيهًا في عيار 21 بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأحد 10-8-2025 بيعًا    "الإحصاء": ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 7.9% خلال يونيو 2025    بتكلفة 10.5 مليون جنيه.. محافظ الشرقية: تنفيذ 40% من مشروع كوبري سيارات في أبوحماد    بسبب خطة احتلال غزة.. «الصهيونية الدينية» تهدد بحل الحكومة الإسرائيلية    تحمل 3700 طن مساعدات غذائية وإغاثية.. انطلاق القافلة ال11 من «زاد العزة» إلى غزة    كوريا الجنوبية: الجارة الشمالية تبدأ في تفكيك مكبرات الصوت على الحدود المشتركة    موعد مباراة مصر والتشيك والقنوات الناقلة في كأس العالم لكرة اليد للناشئين 2025    الأهلي يشكو جماهير الزمالك بعد سب زيزو    نونيز خارج حسابات إنزاجي في مباراة الهلال ضد أراو السويسري    مودرن سبورت عن احتفال حسام حسن: جمهور الاهلي "سبه" بعد تسجيل الهدف    التشكيل - أوناجم يقود كهرباء الإسماعيلية في أول لقاء بالدوري المصري.. ونور السيد أساسي مع الجونة    موجة شديدة الحرارة.. طقس المنيا والمحافظات غدا الإثنين 11 أغسطس    رسميًا.. بدء قبول الاعتراضات على نتائج الصف التاسع 2025 في سوريا    تأجيل استئناف متهم بالانضمام لجماعة إرهابية بالجيزة ل16 سبتمبر    عاصي الحلاني يدعم أنغام في أزمتها الصحية :«أدعو الله أن تعود في أقرب وقت بكامل تألقها»    حسين الجسمي عن حفل الساحل: «ليلة من العمر»    «بتقع في مواقف غريبة».. 3 أبراج ساذجة    قوافل طبية مجانية في بنى مزار بالمنيا    والد الطفل «علي» المُصاب بضمور في العضلات يكشف تطورات حالته الصحية    موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025 للقطاعين العام والخاص    البورصة تربح 21.3 مليار جنيه في نهاية تعاملات اليوم الأحد    البنك الأهلي يوقع بروتوكول تعاون مع "بيزنس كوميونتي" لدعم الشركات    تسجيل منتجي ومالكي العلامات التجارية حسب «الرقابة على الصادرات والواردات»    وزير الصحة يبحث مع «هواوي» التعاون في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي    الجوازات والهجرة تواصل تقديم خدماتها للمترددين عليها    بتكلفة 114 مليونا إنشاء مدرسة ثانوية صناعية متطورة ببنى عبيد    حبس المتهم بإلقاء ماء نار على طليقته فى الوراق    زلزال بقوة 3.7 ريختر يضرب عاصمة مدغشقر ويثير قلق السلطات    والد أسير إسرائيلى بغزة: ابنى يسحق بين يدى نتنياهو    "كيف وأين ولماذا مات؟!".. محمد صلاح يهز عرش الاتحاد الأوروبي بتساؤلات جريئة حول استشهاد بيليه فلسطين.. صحف العالم تحتفي بشجاعة "الفرعون" فى مواجهة يويفا.. و800 شهيد حصيلة جرائم الإبادة الإسرائيلية بحق الرياضيين    شرم الشيخ للمسرح الشبابى يطلق استمارة المشاركة فى مسابقاته بالدورة 10    مصادر إسرائيلية: ترامب يضغط لمنع احتلال قطاع غزة والتوصل إلى صفقة    تفاصيل لقاء أشرف زكى مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية.. صور    الانتهاء من تنفيذ مشروع ربط التغذية الكهربائية للحى الرابع على محطة 3 بمدينة بدر    رسالة محمد صلاح عن بيليه فلسطين تسجل أرقامًا قياسية بمنصة "إكس"    الإمارات ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    تحرير 125 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات خلال 24 ساعة    أضرار التهاب المسالك البولية المزمن لدى الرجال والنساء.. وطرق الوقاية    السيسي يوافق على صرف البدل النقدي المقترح من الحكومة للصحفيين    ضبط 5488 قضية بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    أمين الفتوى يوضح حكم الصلاة أو الصيام عن المتوفى غير الملتزم وطرق إيصال الثواب له    لست قادرا على الزواج ماذا افعل؟.. يسري جبر يجيب    حكم قضاء المرأة الصلاة التي بدأ نزول الحيض في أول وقتها.. المفتي السابق يوضح    ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: تجربة المدينة المنورة في العهد النبوي نموذجا يحتذى به في جهود النهوض بالأمة    إبعاد 6 أشخاص خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام بقرارات من الداخلية    جهود منظومة الشكاوى الحكومية في يوليو 2025 |إنفوجراف    صناعة المفتى الرشيد فى عصر الذكاء الاصطناعى    الرد فى الصندوق لا فى الهاشتاج    وزير الري: توفير الاحتياجات المائية للمنتفعين بالكميات المطلوبة وفي التوقيتات المناسبة    رئيس جامعة جنوب الوادي يناقش الحوكمة الإلكترونية للموارد الذاتية    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    طارق يحيى: ريبيرو يعاني في قراءة المباريات.. والزمالك حقق انطلاقة موفقة    في هذا الموعد.. علي الحجار يحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    وزير الدفاع يلتقى بعدد من مقاتلى القوات الخاصة من المظلات الصاعقة.. شاهد    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    مؤتمر ريبيرو: التعادل أفضل من الخسارة رغم أنه ليس طموحنا.. وهذه رسالتي للإعلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المؤشرات الدولية".. الشعوب العربية في واد والحكومات في واد آخر!
نشر في المصريون يوم 11 - 11 - 2009

انطلاقًا من القاعدة التي يتعلَّمها المبتدئ في عالم الصحافة والقائلة بأن "قيام كَلب بِعَضِ رجلٍ خبر لا يستحق النشر"، لم يعد نشر تقرير دولي جديد أو صدور مؤشر عالمي حديث يرصد نتائج محدّدة عن وضعٍ ما من الأوضاع العربية (السياسية والإقتصادية والإعلامية والإجتماعية والفنية والرياضية..) خبرا في حدّ ذاته، وذلك من فرط تِكرار النتائج السلبية والمراكز المُتدنِية التي تحقِّها بلدان المنطقة، بل إن البعض أصبح يفضّل قراءة نتائجها من أسفل لأعلى، لكونها لم تعُد صادمة، بل معتادة وشبه متوقعة.
وانطلاقًا من كون الأصل أن تختلف نظرة أهل الحُكم وأصحاب السلطتيْن، التشريعية والتنفيذية، في بلدان المنطقة العربية إلى هذه المؤشرات والتقارير الدولية، التي تصدرها هيئات ومؤسسات عالمية، على اعتبار أنها معينٌ لأصحاب القرار ورجال التخطيط، غير أن الواقع العربي المأزوم يعكِس صورة مُؤسفة، حيث لا يلقي أهل الحُكم في العواصم العربية بالا لنتائج ومؤشِّرات هذه التقارير، سواء كانت لقِياس درجة الفساد أو ضيق الحريات العامة أو حرية الصحافة، وإن علّقوا عليها، فباتِّهام ناشريها بالتآمر والعمالة والتقليل من شأنها والتحقير من قيمتها العِلمية والعمَلية.
فلا يكاد يمُر شهر، إلا وتتداول وكالات الأنباء العالمية والمؤسسات الإعلامية بمُختلف أنواعها، (مقروءة ومسموعة ومرئية وإلكترونية...) نبأ صدور تقرير أو مؤشر دولي، يرصد الحالة السياسية أو الوضع الاقتصادي والتنموي وغير ذلك في العالم، إلا وتؤكّد نتائجه أن بلدان العالم العربي تحتلّ ذيل القائمة، كما انقلب ترتيب الدول العربية فيما بينها، فلم تعُد (ألف) الدولة الأكبر ولم تعُد (جيم) الدولة الأصغر ولم تعد (باء) الدولة الأقوى ولم تعد (ياء) الدولة الأضعف إلخ...
"الحُكم الرشيد".. جنوب القارة السمراء يكسب!
وفي محاولة للوقوف على أحدث وأهم نتائج أشهر وأعرق المؤشرات الدولية والتصنيفات العالمية والتقارير السنوية، قامت swissinfo.ch بجولة سريعة في أشهر 13 مؤشرا إعلاميا والأكثر تداوُلا، فجاءت النتائج على هذا النحو:
انتهى مؤشر إبراهيم للحُكم الرشيد بإفريقيا لعام 2009، إلى أن نصف أفضل 10 دول إفريقية في الأداء، تتواجد في الجزء الجنوبي من القارة، وهو أمر يدُلّ بوضوح على أن إفريقيا الجنوبية عموما تخطّت إفريقيا الشمالية في الأداء المتهلق بالحُكم الرشيد.
وحظِي مؤشر الحُكم الصالح في السنوات العشر الأخيرة، وحتى تقرير 2009، باهتمام منقطع النظير من قِبل المؤسسات الدولية المعنية بمكافحة الفساد والنزاهة والعمل الرقابي، خاصة وأنه يغطّي بمؤشراته تلك، أكثر من 202 بلدا حول العالم، لتُصبح تقاريره على درجة كبيرة من الأهمية للأمم المتحدة ومنظماتها حول العالم.
واعتبر مؤشر الديمقراطية في الوطن العربي، حسب مجلة "الايكونوميست"، بشأن مؤشر الديمقراطية لعام 2008، أن جُل الدول العربية تسودها أنظمة متسلطة.
وأكد مؤشر الرخاء العالمي «ليغاتوم» لعام 2009، تصدر الإمارات العربية المتحدة، قائمة الدول العربية، حيث صنِّفت ضمن أعلى 50 دولة للعام الثاني على التوالي، فيما جاءت الكويت في المرتبة 52 وتونس 68 والأردن 80 والسعودية 81 والمغرب 83 ولبنان 86 ومصر 88 والجزائر 96 واليمن 101.
توقيعات في اليوم العالمي لحرية الصحافة اليوم الذى يوافق 3 مايو من كل عام "العربية" خارج بُلدان "الصحافة الحرة"!!
ومن جهة أخرى، كشف مؤشر حرية الصحافة في العالم لعام 2009، عن أن جُزر القمر قد جاءت في المرتبة الأولى عربيا (101 عالميا)، تليها الكويت (115 عالميا)، ثم لبنان في المرتبة الثالثة عربيا (118 عالميا)، ثم موريتانيا الرابعة عربيا (124 عالميا) وجاءت مصر في المرتبة الخامسة عربيا (128 عالميا) فالجزائر السادسة عربيا (136 عالميا)، وأوضح أن البلدان العربية الستة الأولى جميعها مُتدنِية في التصنيف عالميا، وتدخل في فئة الدول ال "حرة جزئيا"، وليس بين الدول العربية دولة واحدة ضِمن البلدان ذات الصحافة الحرة!
وبدوره جاء مؤشر تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2009، امتداداً لتقرير سابق في سلسلة تقارير التنمية البشرية للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، صدر عام 1994 حول أمن الإنسان، وانطلق من أن جوانب القُصور في التنمية الإنسانية العربية (التي فصّلتها التقارير الأربعة السابقة للتنمية الإنسانية العربية في الفترة 2002 - 2005)، قد ازدادت عُمقاً، ممّا نتج عنه خللٌ واضح في أمن الإنسان في البلدان العربية.
وفي مؤشر التصنيف الرسمي الجديد للجامعات لعام 2009، الذي أصدره موقع (Webometrics)، التابع لمجمّع وِحدة الأبحاث الدولية Cybermetrics Lab CSIC ، جاءت أبرز التغييرات الملحوظة عن تصنيف النصف الأول من عام 2009: تقدم الجامعة الإسلامية في غزة لتُصبح 14 عربيًا و2392 عالمياً والأولى على فلسطين وتراجُع جامعة القدس (تقع في ضاحية أبو ديس) بمرتبتيْن لتصبح 18 عربيًا و2831 عالميًا والثانية على مستوى الأراضي الفلسطينية.
أما جامعة النجاح، فتقدّمت للمركز 19 عربياً وال 2838 عالمياً والثالثة فلسطينيًا، بينما تراجعت جامعة بيرزيت لتُصبح ال 22 عربيًا و3228 عالميًا والرابعة على فلسطين. كما لوحظ ظهور جامعة الأزهر بالتصنيف لأول مرة، حيث جاءت ال 77 عربياً و7227 عالمياً، واحتلت جامعة بوليتكنيك الخليل، المركز 83 عربياً و7530 عالميا، فيما استمرت جامعتَا الأقصى والخليل خارج التصنيف أصلا!
تفاقم "الفساد".. وتأخر "البنية الرقمية"!!
وأظهر مؤشر مدركات الفساد لعام 2008 مستويات أدنى من مدركات الفساد في قطر (الأولى عربياً وال 28 عالميا) والإمارات (الثانية عربياً وال 35 عالميا) ثم عُمان والبحرين، ثم الأردن (الخامسة عربياً وال 47 عالميًا)، فيما احتلت سوريا ذيل المؤشر، حيث لم يتخلّف عنها سوى السودان والعراق، فيما أثنَت منظمة الشفافية الدولية التي تسهر على بلورة المؤشر على تحسُّن جهود المغرب ومصر ولبنان والأردن والكويت واليمن في مكافحة الفساد.
وفي مؤشر السلام في العالم لعام 2009، جاءت الدول العربية ضِمن مجموعة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وضمّت (16) بلداً عربياً إلى جانب إيران وإسرائيل، فجاءت قطر الأولى عربيًا وال 16 عالميا وتبعتها عُمان (21 عالميا) ثم الإمارات (40 عالميا) ثم الكويت (42 عالميا)، وجاءت ليبيا خلف تونس السادسة عربيًا (46 عالميا) وحلّت مصر المرتبة السابعة عربيا (54 عالميا) ثمّ المغرب (63 عالميا)، فالأردن (64 عالميا) فالبحرين (69 عالميا) فسوريا (92 عالميا) والسعودية ال 12 عربيا (104 عالميا).
وفي مؤشر جاهزية البنية الرقمية العالمي لعام 2009، حافظت الإمارات على تصدّر الترتيب عربياً (27 عالمياً) تلتها قطر (29 عالمياً) ثم البحرين (37 عالمياً) ثم تونس (38 عالمياً) فالسعودية (40 عالمياً) فالأردن (44 عالمياً) فسَلطنة عُمان (50 عالمياً) فالكويت (57 عالمياً) فمصر (67 عالمياً) فليبيا (101 عالمياً)، بينما جاءت كل من المغرب والجزائر وموريتانيا في المراكز 86 و108 و109، عالمياً على التوالي.
"التنافسية" و"التنمية".. تقدّم خليجي!
وفي مؤشر التنافسية العالمي لعام 2009 -2010، جاء ترتيب الدول العربية كالتالي:
قطر(22) والإمارات العربية المتحدة (23) والسعودية(28) والبحرين (38) والكويت (39) وتونس (40) وسلطنة عُمان (41) والأردن (50) ومصر (70) والمغرب (72) والجزائر (83) وليبيا (88) وسوريا في الذيل (94).
وفي مؤشر التنمية المالية لعام 2009، تصدرت الإمارات التصنيف عربيًا (20 عالميًا)، وجاءت السعودية الثانية عربيا (24 عالميا)، ثم الأردن الثالث عربيا (25 عالميا) والبحرين الرابع عربيا (27 عالميا) والكويت الخامس عربيا (30 عالميا)، وجاءت مصر السادسة عربيا (36 عالميا).
وفي مؤشر التنافسية في إفريقيا لعام 2009، احتلت تونس المركز الأول ثم جنوب إفريقيا وبتسوانا وجزر الموريشيوس والمغرب، وجاءت مصر مع ناميبيا في المرتبة السادسة، تليهما غامبيا وكينيا ونيجيريا. ويوضح التقرير، أن ترتيب مصر يتراجع سنويًا من المرتبة 71 (2006/2007) إلى 77 في (2007/2008) إلى 81 (العام الحالي).
ولوضع النقاط فوق الحروف، التقت swissinfo.ch المفكر الاجتماعي والخبير التنموي المصري الدكتور نادر فرجاني، الأستاذ بجامعة القاهرة ورئيس فريق تحرير تقرير التنمية العربي، الصادر عن برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة UNDP ورئيس مركز المشكاة للبحث والتدريب، ليقدِّم من خلال قراءته "المتخصّصة" لنتائج أشهَر التقارير وأهم المؤشرات العالمية، إجابة واضحة على بعض الأسئلة التي تدور في الأذهان لدى مطالعة هذه المؤشرات ومنها: ما هي مكامِن الخلل في منظومة العالم العربي؟ وما هو التحليل الموضوعي لأسباب تراكُم مؤشرات الفساد والتخلّف في العالم العربي؟ وما أهمية وجدوى هذه التقارير وهذه المؤشرات، بالنسبة لعملية الإصلاح المنشود؟ وما مدى مِصداقية هذه المؤشرات في نتائجها ودلالاتها؟
وفي البداية، أوضح الدكتور نادر فرجاني أن "قراءة سريعة لتقارير المؤشرات التي تصدرها أهمّ وأشهر المنظمات والمؤسسات الدولية، العامة أو المتخصصة، تُمكِّننا من رصد خمسة ملاحظات أساسية فيما يخُص العالم العربي، وهي تمثل في وجهها الآخر مكامن الخلل في العالم العربي ويمكن تلخيصها في أن حكومات العالم العربي تفتقِر إلى تداول السلطة والحكم الديمقراطي والاستقلال الكامل للقضاء وحرية حقيقية للرأي والتعبير و"الحوكمة" أو ما يسمَى بالحكم الرشيد".
وقال فرجاني في تصريحات خاصة ل swissinfo.ch: "القضية الكلية في العالم العربي، هي غياب الحكم الرشيد، ويظهر هذا في غياب الممارسة الديمقراطية من ناحية السلطة بوجه خاص، كما أن غالب هذه المؤشرات تعبِّر عن ضعف مؤسسات الحُكم الرشيد وتقييد حرية الرأي والتعبير وإهدار سيادة القانون"، وأضاف "ولو دخلنا في بعض التفاصيل، سنجد أن واقع الأمر في العالم العربي، أسوأ من المؤشرات التي ترصُدها التقارير الدولية، وأوضح مثال على ذلك: الإعتقال التعسفي وظهور الأحكام والمحاكم الاستثنائية، التي بدأت تنتشِر بكثرة في العالم العربي، ومصر حالة واضحة في هذا الأمر، وهو أمر يؤكِّده الواقع بأضعاف ما جاء في هذه المؤشرات".
وحول أسباب تراكُم مؤشرات الفساد والتخلف في العالم العربي؛ قال فرجاني: "الأسباب الأساسية متلازمة خبيثة، يمكن تسميتها (تزاوج السلطة والثروة في البلدان العربية)، وهو ما يؤدي إلى تحول السلطة إلى ثلة قليلة، هدفها إهدار الثروة وإفقار الآخرين"، رافضًا التقليل من أهمية وجدوى هذه المؤشرات وأثر نتائجها على عملية الإصلاح. وأضاف: "هذه المؤشرات لها أثر جيِّد على الحوار أو النقاش الفكري الدائر حول الإصلاح. صحيح أنها لا تؤدّي إلى تغيير مباشر، لكنها – بلا شك - تمثل نوعا من الزّاد الفكري لقوّة التغيير التي تتحرّك على أرض الواقع".
وردا على سؤال حول مدى تأثير هذه المؤشرات والتقارير الدولية كورقة ضغط من الخارج على حكومات العالم العربي لتسريع خُطى الإصلاح، قال فرجاني: "أي تغيير له قيمة لن يصدر إلا من الداخل العربي. فالتعويل على الخارج في التغيير المنشود، كلام لا قيمة له، لأن كلا المشروعيْن (الإمبريالي الأمريكي والتوسعي الصهيوني على حد تعبيره)، مضادّين لمصالح العالم العربي، لأنهما يقومان في الأساس على الاستفادة من الأنظمة المستبدّة، ومن ثَم فإن التحول للديمقراطية الحقيقية في البلدان العربية ليس في صالح المشروع الإمبريالي الأمريكي أو التوسعي الصهيوني، ولهذا، فإنهما لن يدفعا إليه"، معتبرًا أن "الأنظمة العربية المستبدّة تخدِم هذين المشروعين. أما الأنظمة الديمقراطية، فستعبر عن الشعوب العربية، ومن ثَم فإنها سترفض كِلا المشروعيْن".
وحول مدى مصداقية هذه المؤشرات في التعبير عن واقع العالم العربي، ذكر فرجاني أنه "إذا لم نعوِّل عليها أكثر من طاقتها، فهي مفيدة بطريق غير مباشر، فربّما لا تستطيع هذه المؤشرات أن تلمّ بخريطة الأوضاع في البلدان العربية، لكنها قد تمثل جرس إنذار وبداية للتأشير العام على الوضع، غير أنه يجب أن لا نعتمد عليها على اعتبار أنها كل الحقيقة، بل يمكن الإنطلاق منها أو الإسترشاد بها في الحدود التي تصلح لها كمؤشرات عامة"، مشيرًا إلى أنه "لكي تكتمل الفائدة، يجب استثمارها في إجراء دراسات تفصيلية وبحوث معمّقة عن بلدان العالم العربي".
الحاكم العربي تخلعه "المشيئة الإلهية"!
وحول مؤشر إبراهيم للحكم الرشيد في إفريقيا؛ قال فرجاني: "التغيير تُجاه الحكم الرشيد في إفريقيا (جنوب الصحراء)، أفضل من حالة البلدان العربية التي تعيش في ركود استبدادي طويل، تظهر أهمّ ملامحه على الإطلاق في عدم تداول السلطة. فالرئيس في العالم العربي، لا تخلعه عن الكرسي إلا (المشيئة الإلهية) وفترات حُكم الرئيس في العالم العربي، تحسب بالعقود (العقد = 10 سنوات) لا بالسنوات، والأمثلة كثيرة، منها على سبيل المثال:
1- الزعيم الليبي معمر القذافي، أمضى في السلطة أربعة عقود (40 عامًا)، حيث يحكم منذ انقلاب 1969.
2- ويليه السلطان العُماني قابوس بن سعيد، أمضى في السلطة أربعة عقود، إلا عامًا واحدًا (39 عامًا)، حيث اعتلى عرش البلاد عام 1970.
3- ثم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، فقد أمضى في السلطة ثلاثة عقود وعامين (32 عامًا)، حيث وصل للسلطة منذ 1978.
4- ثم الرئيس المصري محمد حسني مبارك، أمضى في السلطة ثلاثة عقود إلا عامين (28 عامًا)، حيث يحكم منذ اغتيال سلفه الرئيس السادات عام 1981، والمفترض أن يكمل العقد الثالث بانقضاء ولايته في 2011.
5- ثم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، أمضى في السلطة عقدين وعامين (22 عاماً)، حيث وصل للحكم في انقلاب عام 1987.
وكان الناشط المصري، الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مجلس أمناء مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، قد سبق أن صرح في حوار خاص أجرته معه swissinfo.ch في 15 ديسمبر 2004: "في كل الدول العربية، لا تجد إلا لقب "الرئيس الراحل"، فالرئيس، إما أن يموت أو أن يُغتال، لكنه أبدا لا يستقيل ولا يترك الحكم حيا أبدا، أما في أوروبا وأمريكا، فإنك تجد لقب "الرئيس السابق" أو "الأسبق"، وفي أمريكا العام الماضي (2003)، جمعت حفلة بين 5 رؤساء أمريكيين، منهم "الحالي" و"السابق" و"الأسبق". وفي الدول العربية، رؤساء وملوك، جلسوا على كرسي الحكم 20 و30 و38 عاما!!!
المصدر:سويس انفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.