"نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    محافظ جنوب سيناء وسفير الهند يبحثان سبل تعزيز التعاون السياحي وإنشاء مدرسة دولية متخصصة في رياضة اليوجا بسانت كاترين    إصابات في رشقة صاروخية إيرانية جديدة تستهدف إسرائيل وجيش الاحتلال يدعي اعتراضها    عضو بالبرلمان التونسي: «الإخوان» اخترقوا قافلة الصمود وحولوها لمنصة تهاجم مصر وليبيا    كومباني بعد الانتصار الكاسح: قمنا بواجبنا فقط وفارق الأهداف قد يصنع الفارق    «الشروق» تكشف موقف بن شرقي بعد الغياب عن مباراة إنتر ميامي    الزمالك يحدد مواعيد وأماكن اختبارات الناشئين    إحالة أوراق المتهم بقتل زوجته في الشرقية للمفتي    الثقافة: تغيير اسم المعرض العام للفنون التشكيلية إلى معرض مصر في دورته ال45 بمشاركة 326 فنانا    مسلسل مملكة الحرير.. صراع الدم واللعنة يُشعل شاشة ON نهاية يونيو الجاري    رحلة إلى الحياة الأخرى.. متحف شرم الشيخ يطلق برنامجه الصيفي لتعريف الأطفال بالحضارة المصرية القديمة    لميس الحديدي: كرة اللهب تتناوب بين تل أبيب وطهران.. ولا نهاية قريبة للحرب    شباب القلب.. 4 أبراج تتمتع بروح الطفولة    قبل عرضه على "يانجو بلاي".. أسماء أبو اليزيد تروج لمسلسل "مملكة الحرير"    بعد تصدره «التريند».. الحسن عادل: «أغنياتي نابعة من إحساسي وبتعبر عن مشاعري»    أمين الفتوى يوضح حكم الزيادة في البيع بالتقسيط.. ربا أم ربح مشروع؟    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    أوليس أفضل لاعب بمباراة بايرن ميونخ ضد أوكلاند سيتى فى كأس العالم للأندية    السعودية: وصول طلائع الحجاج الإيرانيين إلى مطار "عرعر" تمهيدًا لمغادرتهم    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوجيهات رئاسية جديدة تتصدر نشاط السيسي اليوم    رسمياً.. جينارو جاتوزو مديراً فنياً لمنتخب إيطاليا    عائلة تطرح جزيرة في اسكتلندا للبيع بسعر أقل من 8 مليون دولار    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    «جزار الوراق» ينكر التعدي على تلميذة: «ردت علىَّ بقلة ذوق فضربتها بس» (خاص)    صراع مع آلة لا تعرف الرحمة.. «نيويورك تايمز»: الذكاء الاصطناعي يدفع البشر للجنون    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وإلقاء جثته بمقابر أسوان    رامي جمال يوجه رسالة لجمهور جدة بعد حفله الأخير    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    التعليم: تدريب مجاني لمعلمي الإنجليزية بالتنسيق مع السفارة الأمريكية -(مستند)    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    10 سلوكيات خاطئة ابتعدى عنهم مع أطفالك حفاظا على صحتهم    التنظيم والإدارة يعلن ترتيب امتحانات مسابقات التوظيف بالجهاز الإداري للدولة    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    محافظ الغربية يجرى جولة مفاجئة داخل مبنى الوحدة المحلية بسبرباى بمركز طنطا    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    طريقة عمل فطيرة السكر باللبن في خطوات بسيطة    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    سعادة بين طلاب الثانوية العامة في أول أيام مارثون الامتحانات بالقليوبية    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    استمرار استقبال محصول القمح المحلي للمواقع التخزينية بالشرقية    "طوارئ" بشركات الكهرباء تزامنًا مع امتحانات الثانوية العامة    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    ترقب وقلق.. الأهالي ينتظرون أبناءهم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة| شاهد    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    ماراثون الثانوية العامة بدأ.. طلاب الأقصر يتوافدون على اللجان لأداء أول يوم امتحانات    الأهلي أوقفه.. ميسي يتعطل لأول مرة في كأس العالم للأندية    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    تعليق ساخر من مجدي عبد الغني على مدرب الأهلي قبل مواجهة إنتر ميامي    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المؤشرات الدولية".. الشعوب العربية في واد والحكومات في واد آخر!
نشر في المصريون يوم 11 - 11 - 2009

انطلاقًا من القاعدة التي يتعلَّمها المبتدئ في عالم الصحافة والقائلة بأن "قيام كَلب بِعَضِ رجلٍ خبر لا يستحق النشر"، لم يعد نشر تقرير دولي جديد أو صدور مؤشر عالمي حديث يرصد نتائج محدّدة عن وضعٍ ما من الأوضاع العربية (السياسية والإقتصادية والإعلامية والإجتماعية والفنية والرياضية..) خبرا في حدّ ذاته، وذلك من فرط تِكرار النتائج السلبية والمراكز المُتدنِية التي تحقِّها بلدان المنطقة، بل إن البعض أصبح يفضّل قراءة نتائجها من أسفل لأعلى، لكونها لم تعُد صادمة، بل معتادة وشبه متوقعة.
وانطلاقًا من كون الأصل أن تختلف نظرة أهل الحُكم وأصحاب السلطتيْن، التشريعية والتنفيذية، في بلدان المنطقة العربية إلى هذه المؤشرات والتقارير الدولية، التي تصدرها هيئات ومؤسسات عالمية، على اعتبار أنها معينٌ لأصحاب القرار ورجال التخطيط، غير أن الواقع العربي المأزوم يعكِس صورة مُؤسفة، حيث لا يلقي أهل الحُكم في العواصم العربية بالا لنتائج ومؤشِّرات هذه التقارير، سواء كانت لقِياس درجة الفساد أو ضيق الحريات العامة أو حرية الصحافة، وإن علّقوا عليها، فباتِّهام ناشريها بالتآمر والعمالة والتقليل من شأنها والتحقير من قيمتها العِلمية والعمَلية.
فلا يكاد يمُر شهر، إلا وتتداول وكالات الأنباء العالمية والمؤسسات الإعلامية بمُختلف أنواعها، (مقروءة ومسموعة ومرئية وإلكترونية...) نبأ صدور تقرير أو مؤشر دولي، يرصد الحالة السياسية أو الوضع الاقتصادي والتنموي وغير ذلك في العالم، إلا وتؤكّد نتائجه أن بلدان العالم العربي تحتلّ ذيل القائمة، كما انقلب ترتيب الدول العربية فيما بينها، فلم تعُد (ألف) الدولة الأكبر ولم تعُد (جيم) الدولة الأصغر ولم تعد (باء) الدولة الأقوى ولم تعد (ياء) الدولة الأضعف إلخ...
"الحُكم الرشيد".. جنوب القارة السمراء يكسب!
وفي محاولة للوقوف على أحدث وأهم نتائج أشهر وأعرق المؤشرات الدولية والتصنيفات العالمية والتقارير السنوية، قامت swissinfo.ch بجولة سريعة في أشهر 13 مؤشرا إعلاميا والأكثر تداوُلا، فجاءت النتائج على هذا النحو:
انتهى مؤشر إبراهيم للحُكم الرشيد بإفريقيا لعام 2009، إلى أن نصف أفضل 10 دول إفريقية في الأداء، تتواجد في الجزء الجنوبي من القارة، وهو أمر يدُلّ بوضوح على أن إفريقيا الجنوبية عموما تخطّت إفريقيا الشمالية في الأداء المتهلق بالحُكم الرشيد.
وحظِي مؤشر الحُكم الصالح في السنوات العشر الأخيرة، وحتى تقرير 2009، باهتمام منقطع النظير من قِبل المؤسسات الدولية المعنية بمكافحة الفساد والنزاهة والعمل الرقابي، خاصة وأنه يغطّي بمؤشراته تلك، أكثر من 202 بلدا حول العالم، لتُصبح تقاريره على درجة كبيرة من الأهمية للأمم المتحدة ومنظماتها حول العالم.
واعتبر مؤشر الديمقراطية في الوطن العربي، حسب مجلة "الايكونوميست"، بشأن مؤشر الديمقراطية لعام 2008، أن جُل الدول العربية تسودها أنظمة متسلطة.
وأكد مؤشر الرخاء العالمي «ليغاتوم» لعام 2009، تصدر الإمارات العربية المتحدة، قائمة الدول العربية، حيث صنِّفت ضمن أعلى 50 دولة للعام الثاني على التوالي، فيما جاءت الكويت في المرتبة 52 وتونس 68 والأردن 80 والسعودية 81 والمغرب 83 ولبنان 86 ومصر 88 والجزائر 96 واليمن 101.
توقيعات في اليوم العالمي لحرية الصحافة اليوم الذى يوافق 3 مايو من كل عام "العربية" خارج بُلدان "الصحافة الحرة"!!
ومن جهة أخرى، كشف مؤشر حرية الصحافة في العالم لعام 2009، عن أن جُزر القمر قد جاءت في المرتبة الأولى عربيا (101 عالميا)، تليها الكويت (115 عالميا)، ثم لبنان في المرتبة الثالثة عربيا (118 عالميا)، ثم موريتانيا الرابعة عربيا (124 عالميا) وجاءت مصر في المرتبة الخامسة عربيا (128 عالميا) فالجزائر السادسة عربيا (136 عالميا)، وأوضح أن البلدان العربية الستة الأولى جميعها مُتدنِية في التصنيف عالميا، وتدخل في فئة الدول ال "حرة جزئيا"، وليس بين الدول العربية دولة واحدة ضِمن البلدان ذات الصحافة الحرة!
وبدوره جاء مؤشر تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2009، امتداداً لتقرير سابق في سلسلة تقارير التنمية البشرية للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، صدر عام 1994 حول أمن الإنسان، وانطلق من أن جوانب القُصور في التنمية الإنسانية العربية (التي فصّلتها التقارير الأربعة السابقة للتنمية الإنسانية العربية في الفترة 2002 - 2005)، قد ازدادت عُمقاً، ممّا نتج عنه خللٌ واضح في أمن الإنسان في البلدان العربية.
وفي مؤشر التصنيف الرسمي الجديد للجامعات لعام 2009، الذي أصدره موقع (Webometrics)، التابع لمجمّع وِحدة الأبحاث الدولية Cybermetrics Lab CSIC ، جاءت أبرز التغييرات الملحوظة عن تصنيف النصف الأول من عام 2009: تقدم الجامعة الإسلامية في غزة لتُصبح 14 عربيًا و2392 عالمياً والأولى على فلسطين وتراجُع جامعة القدس (تقع في ضاحية أبو ديس) بمرتبتيْن لتصبح 18 عربيًا و2831 عالميًا والثانية على مستوى الأراضي الفلسطينية.
أما جامعة النجاح، فتقدّمت للمركز 19 عربياً وال 2838 عالمياً والثالثة فلسطينيًا، بينما تراجعت جامعة بيرزيت لتُصبح ال 22 عربيًا و3228 عالميًا والرابعة على فلسطين. كما لوحظ ظهور جامعة الأزهر بالتصنيف لأول مرة، حيث جاءت ال 77 عربياً و7227 عالمياً، واحتلت جامعة بوليتكنيك الخليل، المركز 83 عربياً و7530 عالميا، فيما استمرت جامعتَا الأقصى والخليل خارج التصنيف أصلا!
تفاقم "الفساد".. وتأخر "البنية الرقمية"!!
وأظهر مؤشر مدركات الفساد لعام 2008 مستويات أدنى من مدركات الفساد في قطر (الأولى عربياً وال 28 عالميا) والإمارات (الثانية عربياً وال 35 عالميا) ثم عُمان والبحرين، ثم الأردن (الخامسة عربياً وال 47 عالميًا)، فيما احتلت سوريا ذيل المؤشر، حيث لم يتخلّف عنها سوى السودان والعراق، فيما أثنَت منظمة الشفافية الدولية التي تسهر على بلورة المؤشر على تحسُّن جهود المغرب ومصر ولبنان والأردن والكويت واليمن في مكافحة الفساد.
وفي مؤشر السلام في العالم لعام 2009، جاءت الدول العربية ضِمن مجموعة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وضمّت (16) بلداً عربياً إلى جانب إيران وإسرائيل، فجاءت قطر الأولى عربيًا وال 16 عالميا وتبعتها عُمان (21 عالميا) ثم الإمارات (40 عالميا) ثم الكويت (42 عالميا)، وجاءت ليبيا خلف تونس السادسة عربيًا (46 عالميا) وحلّت مصر المرتبة السابعة عربيا (54 عالميا) ثمّ المغرب (63 عالميا)، فالأردن (64 عالميا) فالبحرين (69 عالميا) فسوريا (92 عالميا) والسعودية ال 12 عربيا (104 عالميا).
وفي مؤشر جاهزية البنية الرقمية العالمي لعام 2009، حافظت الإمارات على تصدّر الترتيب عربياً (27 عالمياً) تلتها قطر (29 عالمياً) ثم البحرين (37 عالمياً) ثم تونس (38 عالمياً) فالسعودية (40 عالمياً) فالأردن (44 عالمياً) فسَلطنة عُمان (50 عالمياً) فالكويت (57 عالمياً) فمصر (67 عالمياً) فليبيا (101 عالمياً)، بينما جاءت كل من المغرب والجزائر وموريتانيا في المراكز 86 و108 و109، عالمياً على التوالي.
"التنافسية" و"التنمية".. تقدّم خليجي!
وفي مؤشر التنافسية العالمي لعام 2009 -2010، جاء ترتيب الدول العربية كالتالي:
قطر(22) والإمارات العربية المتحدة (23) والسعودية(28) والبحرين (38) والكويت (39) وتونس (40) وسلطنة عُمان (41) والأردن (50) ومصر (70) والمغرب (72) والجزائر (83) وليبيا (88) وسوريا في الذيل (94).
وفي مؤشر التنمية المالية لعام 2009، تصدرت الإمارات التصنيف عربيًا (20 عالميًا)، وجاءت السعودية الثانية عربيا (24 عالميا)، ثم الأردن الثالث عربيا (25 عالميا) والبحرين الرابع عربيا (27 عالميا) والكويت الخامس عربيا (30 عالميا)، وجاءت مصر السادسة عربيا (36 عالميا).
وفي مؤشر التنافسية في إفريقيا لعام 2009، احتلت تونس المركز الأول ثم جنوب إفريقيا وبتسوانا وجزر الموريشيوس والمغرب، وجاءت مصر مع ناميبيا في المرتبة السادسة، تليهما غامبيا وكينيا ونيجيريا. ويوضح التقرير، أن ترتيب مصر يتراجع سنويًا من المرتبة 71 (2006/2007) إلى 77 في (2007/2008) إلى 81 (العام الحالي).
ولوضع النقاط فوق الحروف، التقت swissinfo.ch المفكر الاجتماعي والخبير التنموي المصري الدكتور نادر فرجاني، الأستاذ بجامعة القاهرة ورئيس فريق تحرير تقرير التنمية العربي، الصادر عن برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة UNDP ورئيس مركز المشكاة للبحث والتدريب، ليقدِّم من خلال قراءته "المتخصّصة" لنتائج أشهَر التقارير وأهم المؤشرات العالمية، إجابة واضحة على بعض الأسئلة التي تدور في الأذهان لدى مطالعة هذه المؤشرات ومنها: ما هي مكامِن الخلل في منظومة العالم العربي؟ وما هو التحليل الموضوعي لأسباب تراكُم مؤشرات الفساد والتخلّف في العالم العربي؟ وما أهمية وجدوى هذه التقارير وهذه المؤشرات، بالنسبة لعملية الإصلاح المنشود؟ وما مدى مِصداقية هذه المؤشرات في نتائجها ودلالاتها؟
وفي البداية، أوضح الدكتور نادر فرجاني أن "قراءة سريعة لتقارير المؤشرات التي تصدرها أهمّ وأشهر المنظمات والمؤسسات الدولية، العامة أو المتخصصة، تُمكِّننا من رصد خمسة ملاحظات أساسية فيما يخُص العالم العربي، وهي تمثل في وجهها الآخر مكامن الخلل في العالم العربي ويمكن تلخيصها في أن حكومات العالم العربي تفتقِر إلى تداول السلطة والحكم الديمقراطي والاستقلال الكامل للقضاء وحرية حقيقية للرأي والتعبير و"الحوكمة" أو ما يسمَى بالحكم الرشيد".
وقال فرجاني في تصريحات خاصة ل swissinfo.ch: "القضية الكلية في العالم العربي، هي غياب الحكم الرشيد، ويظهر هذا في غياب الممارسة الديمقراطية من ناحية السلطة بوجه خاص، كما أن غالب هذه المؤشرات تعبِّر عن ضعف مؤسسات الحُكم الرشيد وتقييد حرية الرأي والتعبير وإهدار سيادة القانون"، وأضاف "ولو دخلنا في بعض التفاصيل، سنجد أن واقع الأمر في العالم العربي، أسوأ من المؤشرات التي ترصُدها التقارير الدولية، وأوضح مثال على ذلك: الإعتقال التعسفي وظهور الأحكام والمحاكم الاستثنائية، التي بدأت تنتشِر بكثرة في العالم العربي، ومصر حالة واضحة في هذا الأمر، وهو أمر يؤكِّده الواقع بأضعاف ما جاء في هذه المؤشرات".
وحول أسباب تراكُم مؤشرات الفساد والتخلف في العالم العربي؛ قال فرجاني: "الأسباب الأساسية متلازمة خبيثة، يمكن تسميتها (تزاوج السلطة والثروة في البلدان العربية)، وهو ما يؤدي إلى تحول السلطة إلى ثلة قليلة، هدفها إهدار الثروة وإفقار الآخرين"، رافضًا التقليل من أهمية وجدوى هذه المؤشرات وأثر نتائجها على عملية الإصلاح. وأضاف: "هذه المؤشرات لها أثر جيِّد على الحوار أو النقاش الفكري الدائر حول الإصلاح. صحيح أنها لا تؤدّي إلى تغيير مباشر، لكنها – بلا شك - تمثل نوعا من الزّاد الفكري لقوّة التغيير التي تتحرّك على أرض الواقع".
وردا على سؤال حول مدى تأثير هذه المؤشرات والتقارير الدولية كورقة ضغط من الخارج على حكومات العالم العربي لتسريع خُطى الإصلاح، قال فرجاني: "أي تغيير له قيمة لن يصدر إلا من الداخل العربي. فالتعويل على الخارج في التغيير المنشود، كلام لا قيمة له، لأن كلا المشروعيْن (الإمبريالي الأمريكي والتوسعي الصهيوني على حد تعبيره)، مضادّين لمصالح العالم العربي، لأنهما يقومان في الأساس على الاستفادة من الأنظمة المستبدّة، ومن ثَم فإن التحول للديمقراطية الحقيقية في البلدان العربية ليس في صالح المشروع الإمبريالي الأمريكي أو التوسعي الصهيوني، ولهذا، فإنهما لن يدفعا إليه"، معتبرًا أن "الأنظمة العربية المستبدّة تخدِم هذين المشروعين. أما الأنظمة الديمقراطية، فستعبر عن الشعوب العربية، ومن ثَم فإنها سترفض كِلا المشروعيْن".
وحول مدى مصداقية هذه المؤشرات في التعبير عن واقع العالم العربي، ذكر فرجاني أنه "إذا لم نعوِّل عليها أكثر من طاقتها، فهي مفيدة بطريق غير مباشر، فربّما لا تستطيع هذه المؤشرات أن تلمّ بخريطة الأوضاع في البلدان العربية، لكنها قد تمثل جرس إنذار وبداية للتأشير العام على الوضع، غير أنه يجب أن لا نعتمد عليها على اعتبار أنها كل الحقيقة، بل يمكن الإنطلاق منها أو الإسترشاد بها في الحدود التي تصلح لها كمؤشرات عامة"، مشيرًا إلى أنه "لكي تكتمل الفائدة، يجب استثمارها في إجراء دراسات تفصيلية وبحوث معمّقة عن بلدان العالم العربي".
الحاكم العربي تخلعه "المشيئة الإلهية"!
وحول مؤشر إبراهيم للحكم الرشيد في إفريقيا؛ قال فرجاني: "التغيير تُجاه الحكم الرشيد في إفريقيا (جنوب الصحراء)، أفضل من حالة البلدان العربية التي تعيش في ركود استبدادي طويل، تظهر أهمّ ملامحه على الإطلاق في عدم تداول السلطة. فالرئيس في العالم العربي، لا تخلعه عن الكرسي إلا (المشيئة الإلهية) وفترات حُكم الرئيس في العالم العربي، تحسب بالعقود (العقد = 10 سنوات) لا بالسنوات، والأمثلة كثيرة، منها على سبيل المثال:
1- الزعيم الليبي معمر القذافي، أمضى في السلطة أربعة عقود (40 عامًا)، حيث يحكم منذ انقلاب 1969.
2- ويليه السلطان العُماني قابوس بن سعيد، أمضى في السلطة أربعة عقود، إلا عامًا واحدًا (39 عامًا)، حيث اعتلى عرش البلاد عام 1970.
3- ثم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، فقد أمضى في السلطة ثلاثة عقود وعامين (32 عامًا)، حيث وصل للسلطة منذ 1978.
4- ثم الرئيس المصري محمد حسني مبارك، أمضى في السلطة ثلاثة عقود إلا عامين (28 عامًا)، حيث يحكم منذ اغتيال سلفه الرئيس السادات عام 1981، والمفترض أن يكمل العقد الثالث بانقضاء ولايته في 2011.
5- ثم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، أمضى في السلطة عقدين وعامين (22 عاماً)، حيث وصل للحكم في انقلاب عام 1987.
وكان الناشط المصري، الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مجلس أمناء مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، قد سبق أن صرح في حوار خاص أجرته معه swissinfo.ch في 15 ديسمبر 2004: "في كل الدول العربية، لا تجد إلا لقب "الرئيس الراحل"، فالرئيس، إما أن يموت أو أن يُغتال، لكنه أبدا لا يستقيل ولا يترك الحكم حيا أبدا، أما في أوروبا وأمريكا، فإنك تجد لقب "الرئيس السابق" أو "الأسبق"، وفي أمريكا العام الماضي (2003)، جمعت حفلة بين 5 رؤساء أمريكيين، منهم "الحالي" و"السابق" و"الأسبق". وفي الدول العربية، رؤساء وملوك، جلسوا على كرسي الحكم 20 و30 و38 عاما!!!
المصدر:سويس انفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.