نموذج سيئ متكرر في عدد من البيوت العربية، له ويلات خطيرة وتأثيرات سلبية تهدد أمن وسلامة واستقرار الكيان الأسري، ألا وهو نموذج الزوجة المتسلطة التي تتحول من جنس رقيق وناعم وشديد الأنوثة بالفطرة إلى كائنة متمردة وعنيفة وعنيدة لسانها سليط وصوتها عالٍ وطبعها حاد لا يمكن أن يتحمله سوى زوج مسلوب الإرادة منقوص القوامة والهيبة وضعيف الشخصية، يقبل بتبادل الأدوار والانصياع والرضوخ لأوامرها ونواهيها ورغباتها إما كُرهًا أو اعتيادًا، حتى يتقي شرها ويأمن مكرها وجبروتها، وينأى بنفسه عن قائمة العقوبات التي تفرضها عليه لتكبله وتسلبه حقوقه الشرعية!، ولينأى أيضًا عن وصلات الردح والتشليق والتحقير التي تسمعه إياها أمام أبنائه أو بعض أفراد عائلته خشية الإحراج والطعن في رجولته أو خدش كرامته ومروءته!.. حيث تفرض آراءها عليه بكل الوسائل رغمًا عنه، كما تسلبه الاحترام والتقدير كرجل وكزوج بل وكإنسان له حقوق، فتتعمد إضعاف وإلغاء شخصيته وتنتقده بداعٍ أو بدون داعٍ، وتحط من شأنه وتشعره بالضآلة دائمًا وأبدًا كي يترسخ لديه الشعور بالنقص والعجز أمامها لتبقى الكائن الأقوى المسيطر على كل مقاليد الأمور في البيت بشتى الوسائل دون منازع، لا صوت يعلو فوق صوتها، ولا يستطيع أحد كائنًا من كان أن يعارضها أو يناقشها في قرار اتخذته حتى وإن كان مصيريًا يترتب عليه بعض النتائج المستقبلية التي تهم أفراد الأسرة وتؤثر عليهم، وبالتالي تتطلب استشارتهم جميعًا وأخذ آرائهم في الاعتبار تجنبًا لحدوث ما لا يحمد عقباه!.. أرى أن وراء كل زوجة متسلطة زوجً سلبيًا وضعيف الشخصية سمح لها بالتمرد والتحكم والامتطاء بدلًا منه في مقدمة السفينة الزوجية عنوة أو طواعية لقيادتها خطأً والسير بها في الاتجاه المعاكس المهلك والمدمر الذي يخالف الفطرة الإنسانية والشريعة الإسلامية والثقافة العربية، ويؤثر سلبًا على طبيعة تكوين الأبناء الذين يقعون في حيرة وعدم فهم لمجريات الأمور التي تلتبس وتختلط لديهم، والذين غالبًا ما يكون مصير معظمهم – إلا من رحم ربي يشبه إلى حد بعيد مصير أبيهم الضعيف وأمهم المتسلطة المتجبرة!.. وهذا لا يعني أن قوة شخصية الزوج تكمن في تسلطه وقسوته وتجبره دائمًا وأبدًا وإساءة معاملته لزوجته سواء بالسب أو الضرب أو إلغاء كيانها وشخصيتها والتحقير من شأنها، فلا يمكن على الإطلاق أن يعالَج التسلط بتسلط أو يُواجَه الأذى بأذى، وإنما لابد من القوة دون بطش، والحكمة واللين من غير تهاون وضعف أو تفريط في الحقوق والثوابت، فلا يسمح لها بالتجاوز لفظًا وفعلًا ولا يعطيها فرصة للاستهزاء به وعدم احترامه والاستحواذ المطلق على كل أمور البيت، بل عليه أن يحسن توزيع الأدوار والمسؤوليات بشكل صحيح، ليتمكن من تحقيق القوامة والقُدرة التي تحملها بموجب الميثاق الغليظ.. فالحِلم على الزوجة وعدم التربص بها وترصد الأخطاء لها باستمرار أمر مطلوب، فلا ينبغي أن يعتاد الزوج الغضب والضجر وعلو الصوت والسب والتوبيخ لأتفه الأسباب حتى لا يفقد هيبته ومكانته، لأن جرس الإنذار لو سُمِع يوميًا فلن يخيف أو يُزعِج أحدًا.. كما ينبغي على الزوج أن يحترم كلمته ويوفي بوعوده ولا يتخذ قرارات عشوائية غير مدروسة في أوقات غير مناسبة وبمفرده مما يضطره إلى العدول عنها سريعًا، كي لا تفقد الزوجة تقديرها واحترامها له فيدفعها فيما بعد إلى الدخول معه في سباق اتخاذ القرارات الخاطئة دون اللجوء إليه، مما يزلزل أركان الأسرة ويؤدي بها إلى ما لا يسر.. وفي حال رفع الزوجة صوتها وتفوهها بعبارات وألفاظ غير لائقة فعلى الزوج أن يحرجها بصمته وهدوئه ويتجاهلها تمامًا ولا يلتفت إليها، وإنما يفكر بحكمة وتريث في اختيار وسيلة مناسبة لعقابها، لتضطر بعد ذلك إلى احترامه والالتزام بأدب الحوار معه وعدم تجاوز الخطوط الحمراء لتحفظ له منزلته وهيبته في قرارة نفسها وأمام الأبناء.. قال تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله، واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليًا كبيرًا} (34) سورة النساء. [email protected]