التفجيرات المستهدفة للمدنيين في الأسواق والمساجد لم تكن من عمليات قوي المقاومة للعدو المحتل بأي حال من الأحوال ، وحدوثها يدل دلالة مؤكدة أنها من صنع العدو وأجهزة استخبارا ته ،وان كانت في مظهرها منفذة من خلال بعض المواطنين ،الذي تم استغفاله وخداعه بأساليب الدس والتمويه ،فكثير منهم لا يعلم بالمتفجرات المخفية في سيارته ، وقد وضعت له أثناء توقفه أمام الحواجز "الأمنية" ويتم تفجيرها عن بعد ، لحظة وصول السيارة إلى الموقع المستهدف ووسط التجمعات ، ويسبق ذلك بالطبع معرفة استخبارات العدو لوجهة السائق المعتادة وخط سيره .. وعندئذ يبدو الأمر وكأن الضحية ( سائق السيارة ) هو المنفذ الفعلي للعملية ، وعندها يتحرك العملاء لإشعال نار الفتنة وسط الدهماء ،وتأجيج مشاعرها ضد الضحية وعشيرتها .. ووسط هذا الضجيج تختفي حقائق الأمور ، وتخبو أصوات المنبهين إلى المؤامرة والمنفذين لها !! وبالطبع هذه إحدى وسائله لتحقيق غاياته .. فمن الأمور البديهية أن لا يقبل المجاهد المقاوم للعدو من أجل دينه ووطنه أن تحبط أعماله بمثل هذه الجرائم ، وليست له أية مآرب أو مكاسب عملية من فعلها .. ويرجع السبب إلى نجاح العدو ، وأذياله في إثارة الفتنة إلى الانتقادات التي تطلقها بعض الفصائل ضد بعضها ، والتي تحمل في طياتها اللوم أكثر من الانتقام في أغلبها .. ولتجاوز مثل هذه الأخطار ، ينبغي أن تعلن تضامنها وتعذر بعضها بعضا ، في أساليب مقاومتها وآرائها .. وأن تتعاهد علنا على مواجهة العدو المحتل دون غيره ، حتى لا تجعل للعملاء فرصة الكيد بينها ، وذلك ، بأن تبعد ، وسائل الإعلام عن خلافتها الجانبية ، فمقاومتها للعدو هدف سام ، يعزز الثقة ، ويلغي الشكوك التي قد تنشأ بينها .. ويرقي بنظرتها في القضية برمتها ، ويدفع بها ،نحو تجاوز التفاصيل المختلف عليها .. فالقضية أهم وأخطر من أية تفاصيل في إدارة الصراع مع العدو ، ويسحب من تحته بساط الفتنة ، ويعزز فعل المقاومة للمحتل .. صحيح قد نلاحظ أن البعض من المدنيين يسقط أثر عملية مستهدفة لمواقع العدو ، ولكن الغاية واضحة وظروفها ونتائجها تبرر أخطاءها غير المقصودة في كثير من الأحيان .. ولقد استغلت استخبارات العدو في أكثر من موقع ،ونفذت عملياتها وسط أجواء التصريحات والانتقادات الإعلامية من هذا المسؤول أو ذاك ،وما يحدث هذه الأيام في باكستان (حيث قُتل وجُرح المئات من الأبرياء )لا يعدو أنه دور من أدوار الاستخبارات الغريبة والصهيونية لتأليب الشعوب ضد القوي المجاهدة .. وقد اتهمت حركة طالبان باكستان الشركة الأمنية الأمريكية "بلاك ووتر"" بتفجير بيشاور، وأغلب الظن أنها صادقة . ومن ذلك نجد أن العدو قد اغتال رفيق الحريري في لبنان مستغلا لخلاف سوري معه .واستغل الخلاف السني الشيعي المعلن في العراق فقام بتفجير المراقد والمساجد ، ولعل القارئ الكريم يذكر محاولة التفجير التي قام بها جنود بريطانيون في البصرة وقد تنكروا بأزياء عربية .. وسرعان ما طُمس الأمر ، بل وأطلق سراحهم سريعا ، حتى لا يكشف التحقيق عن المزيد من أسرارها !! ومنابر الإعلام مطالبة بصورة فاعلة بتوضيح مثل هذه الملابسات للرأي العام ، فلا يكفي نقل الخبر دون الكشف عن بواعثه وأدواته ، والتركيز عليه بالتحليل وتبصير الناس بكل تفاصيله .. كما ينبغي التركيز على دور العملاء وفضحهم .. وفي هذه الأيام يظهر أحدهم في قناة فضائية ، ويروي قصص تآمره مع العدو !! ومع ذلك مازال بيننا من يتبجح بالقول بضرورة الكف عن اتهام الآخرين بالخيانة والتآمر !! أن مواقف الأطراف وأفكارها ، دليل كاف على أفعالها وأهدافها ..أليس كذلك؟