تسببت حالة الغموض التي يشهدها الحزب "الوطني" إزاء اختيار مرشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية القادمة في تأجيل الإعلان عن اسمه خلال المؤتمر العام السادس للحزب المنعقد حاليا، بعدما اعتبرته قيادات الحزب أنه من المبكر للغاية الإعلان عنه قبل عامين من حلول موعد الانتخابات المقررة عام 2011. ورغم المؤشرات التي رجحت أن يتم حسم المسألة خلال المؤتمر، إلا أن تصريحات قيادات الحزب استبعدت أن يتم الإعلان عن ذلك في الوقت الراهن، وهو ما كرس حالة الغموض حول المرشح الرئاسي القادم، فيما عزت مصادر حزبية عدم اختيار المرشح إلى عدم الاتفاق داخل البيت الرئاسي على الترشح، في ظل تصاعد الجدل حول ترشح جمال مبارك للانتخابات، رغم تزايد المؤشرات الدالة على ذلك. وأدى ذلك بالتبعية إلى إرجاء الإعلان عن اسم المرشح، وسط احتمالات قوية بأن يتم تأجيل للمؤتمر السنوي القادم للحزب على أقصى تقدير، بينما تعكس المواقف التي يتم تسريبها من داخل أروقة صنع القرار بالحزب انقساما بين "الحرس القديم" والمجموعة المحسوبة على أمانة "السياسات" حول المرشح القادم. ويدفع جناح داخل الحزب بقوة لاستمرار الرئيس مبارك في السلطة والترشح في الانتخابات القادمة، وهو ما عكسته تصريحات الأمين العام للحزب صفوت الشريف وتأكيده بعدم استطاعة احد الترشح في وجود مبارك وأن الحزب لن يقبل بترشيح احد غيره في الانتخابات الرئاسية المقبلة. لكن المصادر لم تنف رغبة الرئيس مبارك الرامية لضرورة التنحي عن الحكم وتسليمه لجيل الشباب في الحزب بعد أن أدى الرئيس واجبه تماما تجاه الوطن، بشكل يجعل هناك ضرورة لتسليم الراية لجيل جديد، غير أن هناك اتجاها داخل الحزب يقاوم تلك الرغبة ويأمل في إقناعه بالاستمرار في السلطة. في المقابل، يدفع "تيار السياسات" بقوة باتجاه دعم ترشح جمال مبارك لخلافة والده، خاصة مع تأكيد الرئيس في كلمته خلال افتتاح المؤتمر على مضي الحزب في سياسة "الفكر الجديد" التي يروج لها أمين "السياسات" في خوض انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى وانتخابات مجلس الشعب المقررة العام القادم. في حين يوجد "تيار ثالث" داخل الحزب يطالب بمرشح يحظى بتوافق شعبي ووطني في حال عدم إقدام الرئيس مبارك في ترشيح نفسه، خصوصا مع استمرار العزوف الشعبي عن تأييد جمال مبارك لخلافة والده، وإن كان هذا التيار لا يتمتع بالقبول داخل هيئات الحزب المختلفة، أو يحظى بالثقل داخل الحزب.