جمال سلطان الحملة التي تشنها الحكومة من خلال بعض صحفها وصحفييها على نادي القضاة تحمل الكثير من معالم الارتباك والتخبط ، بعض "الكتبة" يفجرون في الخصومة ويشنعون على القضاة وناديهم بعض الأيام ، ثم إذا بهم تتلبسهم حالة من الحكمة والأدب فيعودون إلى ما يشبه الاعتذار والكلام العاقل والمهذب ، حسب الريح الواصلة إلى مكاتبهم من رؤوس السلطة المتعددة ، "التيمة" الجديدة التي يحاولون تسويقها الآن ، الحكومة وبرلمانها وكتابها تتمثل في قولهم بأن نادي القضاة هيئة شكلية لا ولاية لها على شؤون القضاء ولا دخل لها في مراجعة القانون المقترح ، ونسي هؤلاء جميعا أن "الفيلم" كله من أوله لآخره هو صناعة "نادي القضاة" وحده ، فالذي فجر قضية استقلال القضاء هو نادي القضاة ، والذي قاتل من أجل صدور قانون جديد للسلطة القضائية هو نادي القضاة ، والذي ناضل واعتصم وضغط على السلطة من أجل تحريك الجهود للبحث عن مخرج هو نادي القضاة ، ولولا ضغوط النادي ومعركته الباسلة لما فكر مخلوق في أن يبحث عن تعديل أو تغيير أو صناعة قانون جديد للقضاة ، والرئيس مبارك عندما أعلن أنه سيضع في برنامجه الانتخابي إصدار قانون جديد يحقق الاستقلال للسلطة القضائية كان يتجاوب بوضوح كامل مع مطالب نادي القضاة ، باختصار أيها السادة ، نادي القضاة هو الممثل الشرعي الحقيقي لقضاة مصر ، وهو قائد حركة الإصلاح في الشأن القضائي ، هذه شهادة الواقع والمجتمع والحقيقة التي تسبق كل تشريع وكل قانون ، أنا هنا لا أتدخل في النصوص والمعايير الفنية لكيان النادي ، كمؤسسة اجتماعية أو غيرها ، وإنما أنا أقرر كراصد للواقع الدور السياسي والوطني والأخلاقي لنادي القضاة في خلق أجواء ضاغطة على كل أطراف السلطة من أجل البحث عن إصلاح حقيقي للشأن القضائي ، وبالتالي فعندما يقول اليوم رئيس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو رئيس تحرير صحيفة الحكومة ببراءة كاذبة : ما هي مشروعية نادي القضاة من أجل أن نطلعهم على مشروع القانون ، فهو يسخر من نفسه ومن الناس ، ويكذب ولا يتجمل ، وإلا فليشرح لنا هؤلاء الظرفاء ، لولا غضبة نادي القضاة وجهادهم الجميل الرائع طوال السنوات الماضية ، هل كنا سنجد مثل هذا القانون في برنامج الرئيس أو خططه ، لقد ظل الرئيس قبل ذلك عشرين عاما وهو يتغني بأن مصر تعيش أزهى عصور الديمقراطية ، وفي الأخير اكتشف أن المسألة ليست "زاهية قوي " وأن هناك خرقا في استقلالية القضاء ينبغي أن نبحث معه عن قانون جديد يحقق هذه الاستقلالية ، والقطيع من ورائه يرددون الآن أن القانون الجديد سيحقق استقلال القضاء ، يعني هل اعترفتم الآن أن القضاء لم يكن مستقلا طوال العهد السعيد ، هل تعترفون الآن بما قاله شيخ القضاة المستشار يحيى الرفاعي الذي بح صوته من أجل إثبات هذه الحقيقة ، أيضا ، هل يمكن أن يتصور عاقل في مصر أن البحث عن قانون جديد للإصلاح القضائي كان من نبت جهاد الأخ "أبو الليل" أو الحاج " فتحي سرور" أو حتى من وقفة لله وللتاريخ لم تحدث من مجلس القضاء الأعلى الذي يتمسحون به الآن ، أيها السادة أنتم لا تخدعون أحدا بمثل هذه السفسطة الإجرائية حول وضع نادي القضاة ، ومن العبث أن ينازلكم أحد في مثل هذا الجدل العقيم حول شرعية قيادة نادي القضاة لمصالح قضاة مصر واستقلالهم ، لأن الأمر كما قال الشاعر الحكيم : وليس يصح في الأذهان شيئ .. إذا احتاج النهار إلى دليل ، إن آلاف القضاة الشرفاء الذين يحضرون الجمعيات العمومية لنادي القضاة ويعلنون مطالبهم من خلاله ، هؤلاء هم وحدهم الذين يمنحون الشرعية الكاملة للنادي ودوره ورسالته الوطنية ، وهي شرعية لا يجرؤ أحد ولا سلطة أخرى دستوريا أن تنزعها منهم لأن هؤلاء القضاة سلطة لها استقلالها ، ناهيك عن أنهم يمثلون الآن بالفعل أمل أمة بكاملها في الإصلاح والحرية ، مفتتحها عند خطوة تحقيق الاستقلال الكامل للقضاء المصري ، وهذا ما يفهمه جيدا رؤوس عديدة في السلطة ، ولذلك يقاتلون حتى آخر نفس للحيلولة دون تحقيق مطالب القضاة . [email protected]