كثير من أبناء المحروسة في العقود الماضية قرابة الخمسة عقود وجدوا أنفسهم أمام خيارات محددة ومحصورة في سبيل إمكانية رفع مستوى المعيشة أو هربًا من بطش الأنظمة الحاكمة وقتها فكان خروجهم محصورًا فيما بين السعي وراء لقمة العيش ورغبة في رفع مستوى المعيشة أو هربًا من البطش وفئة ليست بالقليلة قررت الخروج لتنعم بنعيم الخارج والاستقلال عن الوطن، وسعت تلك الأطياف المختلفة إلى الدول التي تحقق لهم هذا الغرض فكان الخروج إلى بلدان النفط العربي لفئة ما من أهل المحروسة وهم الأقرب إلى الفكر الديني أو أصحاب الشهادات العلمية وكانت مشاركتهم في نهضة هذه الدول واضح وضوحًا جليًا وفئة أخرى تلك التي خرجت إلى الدول الغربية فمنهم من انصهر في البوتقة الغربية بما لها أو عليها ولكن تبقى للجميع الارتباط برباط الطين لهذا البلد وكلهم يحدث نفسه بأمانٍ: متى تصبح المحروسة كسابق عهدها منارة العلم والتقدم والرقي والرخاء الذي كانت أثاره واضحة على الجميع من البلاد الشقيقة وغير الشقيقة؟ وظلت تلك الأماني تراود أهل المحروسة المغتربين وبدا في كثير من الأحيان حلمًا بعيد المنال . وظهرت في الأفق بوادر توحي بإمكانية تحقيق الحلم حتى كانت انتفاضة يناير وما أحدثته من تغييرات سياسية واجتماعية منها ما هو سلبي وكثير منه يمكن وصفه بالإيجابي ووفقًا لتلك المتغيرات تبلور في الذهن أن الحلم في وضع المحروسة في مصاف الدول المتقدمة وعودة الريادة إليها ثانية لم يعد حلمًا بعيد المنال بل أصبح واقعًا يمكن تحقيقه ولكنه لن يتحقق إلا بتوحيد الصف لكل أطياف المجتمع المصري وبالطبع لا يمكن أن ننسى المصريين من أهل المحروسة المغتربين وما حدث من تغييرات بالمحروسة حدث أيضًا في بلاد المهجر أو بلدان الغربة حتى وإن كانوا أشقاء ولذا لابد من وضع آلية محددة لتفعيل دور المغتربين بما لهم من حقوق وعليهم من واجبات حتى يمكن أن يلتئم أبناء المحروسة المغتربين مع الجسد الأم حتى وإن ظلوا خارج الحدود الجغرافية للوطن إلا أن الانتماء والممارسة في رفعة شأن المحروسة لتصبح أفضل مما كانت لابد وأن تكون من الأولويات لأبناء المحروسة كافة. إن عدد المصريين في الخارج يصل إلى ثمانية ملايين مصري ومن هنا أقترح أن يكون هناك وزن نسبي انتخابي لهذا العدد السكاني مماثلًا لما له في الوطن ويخصص له من الدوائر الانتخابية ما يخصص لمثيله في الوطن وتجرى الانتخابات في تلك الدوائر باختيار من يمثل هذه الكتلة المصرية الموجودة خارج حدود الوطن من المصريين بالخارج وبهذا سيشارك كل المصريين في صنع مستقبل هذا البلد وهذا الحل يبعدنا عن ادعاءات البعض بأن تخصيص مقاعد للعاملين في الخارج بأنها كوتة مخصصة لهم فنحن ضد كل الاستثناءات التي تفتح أبواب الفساد إن لم تكن هي ذاتها الفساد بعينه . فإن كان هذا حق من حقوق المصريين بالخارج فعليهم واجبات لا يمكن أن يقوموا بها إلا بمد يد العون لهم حتى يمكنهم القيام بها ومنها على سبيل المثال ضرورة إنشاء بنك من البنوك الوطنية المصرية بأفرع متعددة بدول العالم كافة خاصة في الأماكن ذات الوزن النسبي العالي من تعداد المصريين يمكن من خلال تلك البنوك تفعيل استثمارات المصريين في الخارج على مدار العام، ويمثل ظهير للاحتياطي النقدي باستمرار تدفق إيداعات المصريين بالخارج ...إلى آخر ذلك من الأفكار التي لن تنضب وحتى تظهر على أرض الواقع نطالب بوجود مسئولين في القنصليات والسفارات تنزل إلى أماكن تجمع المصريين لتفعيل الحوار المجتمعي وبلورة نتائج هذا الحوار إلى مشروعات تصب في مصلحة المحروسة وألا يقتصر دور السفارات والقنصليات على الدور الدبلوماسي أو الخدمات القنصلية فوطن لا يشارك الجميع في نهضته لا نستحق أن نكون ممثلين عنه أو سفراء له فلا نهضة إلا بقيام كل منّا ليس فقط بدوره وإنما بالتخطيط نحو الأفضل من الجميع فدعاة النهضة لا يقفون عند الحقوق والواجبات بل يتعداه إلى الابتكار والتفاني في أداء ما هو أعمق من الدور المنوط به . لحظات الشروق قد حانت بعد أن بزغ فجر الحرية وقريبًا ستكون الثورة الحقيقة عندما نثور من أجل تحقيق الثورة الفكرية والثورة الصناعية والثورة الزراعية ثورات نحن في أشد الحاجة إليها فيا أصحاب المعالي الجدد أفسحوا أماكن لأبناء المحروسة المخلصين فالبناء يقتضى التمايز وليشارك الجميع واعلموا أنه بالاستمرار في الإقصاء سيضيع الحلم ونكون كلنّا غرباء في وطن الغربة حيث كنا عقودًا طويلة ومع بصيص الأمل، اسلمي يا بلادي ولك منى السلامة... م / عصام العباسي استشاري هندسي ومحكم دولي. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]