يتداول الشباب من التيار الليبرالي علي الإنترنت مقولات رائعة وكلمات مختصرة لعلماء ودعاة تتحدث عن سماحة الإسلام وعن منهجه في نشر السلام والحب والخير. علماء محبوبون مثل الشعراوي وعطية صقر والغزالي ، ودعاة من الشباب مثل عمرو خالد ومعز مسعود ومصطفيحسني وغيرهم كلهم قالوا كلاما جميلا في قيم الإسلام الجميلة ، وسجلوا عشرات الساعات في معانيها اللطيفة. أفترض حسن النية طبعا فيمن ينشر هذه المقولات ، لكني في نفس الوقت أفهم علي وجه الدقة السبب الحقيقي وراء انتشارها ، والإصرار علي تكرار عرضها في هذا التوقيت. استعراض سريع للأحداث الجارية يفسر حالة الصحوة التي يعيشها أصدقاؤنا العلمانيون والتي تدفعهم إلي تذكيرنا في كل وقت بقيم الإسلام الجميلة. الحرب علي المشروع الإسلامي تدخل كل يوم مرحلة جديدة أكثر قسوة من سابقتها ، وذلك مع اقتراب انتهاء المرحلة الانتقالية و استقرار الحكم للإسلاميين. القوي المناهضة للثورة وعلى رأسها أذناب الحزب الوطني وميليشياته المدججة بأدوات البلطجة تخوض حربا لمنع تواجد الإسلاميين في الشارع ، وذلك لفرض أمر واقع مفاده أن التأييد الشعبي للرئيس معدوم ، وأنه فقد شرعيته بدليل الحشود التي تطالبه بالرحيل. الفقرة السابقة معروفة للجميع ، ولكنها مهمة هنا للفت النظر للأجواء التي تسيطر علي الصراع ، وعلي طبيعة المعركة بين مؤيدي السلطة الشرعية وبين من يريدون الانقلاب عليها. في هذه الأجواء يطالبنا أصدقاؤنا الليبراليين بالالتزام بصحيح الإسلام ، وهو - كما يذكروننا - أن تشيع جوا من الابتسامة في مواجهة القتل ، وأن تقابل أخيك البلطجي بشيء من الترحاب لأن ذلك من أخلاق الإسلام الذي تدعون دوما أيها الإسلاميون أنكم ملتزمون به. يجب عليكم أيضاً أن لا تظهر منكم الغلظة في مواجهة أي أحد يرغب في محاصرة الرئيس أو قتله ، والدليل موجود في القران "ولوكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك". هكذا يجري تسطيح الأمور ، وهكذا يكون التدليس بإسم الإسلام وباستخدام نصوص في غير موضعها. نسي هؤلاء أن الجانب الأهم في الإسلام هو الذي يتحدث عن مواجهة العدوان ، ويؤسس الشخصية القوية القادرة علي مقارعة الباطل. لا مجال للحديث عن الابتسامة والتسامح والطيبة في المواجهة بين الحق والباطل ،الشدة والغلظة والحزم مفردات إسلامية عادية في قاموس الحرب علي الفساد والظلم والبغي ، وهي بالمناسبة كلمات ظاهرها العذاب ولكن باطنها الرحمة بالدولة والمجتمع. تداول المقولات الجميلة عن الإسلام دين الحب والتسامح والرأفة يجب أن يقابله نشر منهج الإسلام في مواجهة المفسدين والمرجفين والقتلة. خاصة وأننا نعيش أجواء الصراع مع بقايا نظام مجرم لا يتورع عن القتل وإشعال الحرائق. نستطيع أن نتداول مقولات أكثر جاذبية من تلك التي ينشرها أصدقاؤنا الليبراليون أصحاب القلوب المرهفة ، ولكنها مقولات نبوية تعلمنا كيف تكون الشدة والقسوة في مواجهة البلطجة والتخريب. نستطيع أن نورد عشرات الأمثلة لمواقف نبوية أراق فيها الرسول الكريم الدماء وفقأ عيون مجموعات من اللصوص والخونة والذين ظنوا أنهم يمكنهم ارتكاب جرائم اعتمادا على سماحة الإسلام وكرمه. الدعاة الشباب الذين ملؤا الشاشات والمساجد حديثا عن الإسلام بوجهه اللذيذ يتحملون مسئولية كبيرة عن نشر ثقافة الضعف في مواجهة الباطل ، لأنهم أظهروا الإسلام من جانبه المحبب للقلوب والذي يضمن الإقبال عليهم من الشباب والفتيات. لذلك تجدهم فشلوا في استيعاب مواقف التيارات الإسلامية الأخيرة التي تتسم بالغلظة وتؤذى المشاعر لكنها ضرورية لحماية الحق. ليس في ديننا ما نخجل منه لكن المهم أن نعرف متى يكون التسامح والشفقة ومتى تكون القسوة والشدة. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]