لا يختلف العقلاء و الوطنيون في أن قضية وزير الزراعة الأسبق يوسف والي ، هي قضية كبيرة و مختلفة عن الكثير من القضايا التي يُتهم فيها مسئولون كبارا في الدولة . و يخطئ من يظن أنها قضية فساد مالي أو إداري أو سياسي و حسب ، فهي في الأساس و الأصل بالإضافة إلى ذلك كله قضية انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان المصري ، ترقى لأن تكون جريمة ضد الإنسانية التي يمكن أن تنظرها مؤسسات قضائية دولية ، و كما هو معروف فإن مثل هذه القضايا لا تسقط بالتقادم ، فستظل حاضرة في العقل المصري العام ، و في و جدانه ، و سيحركها يوما ما ، متى أُُزيحت كل المعوقات التي تمنع تحريكها بشكل جدي أمام جهات التحقيق المصرية في الوقت الراهن . يوسف والي حتى الآن له حضوره القوي في وزارة الزراعه و له مكتب خاص في مبنى الصوب الزراعية ، و يتردد أنه يجتمع فيه و كما كشفت "المصريون" في عددها أمس مع وكلاء شركات لهم علاقات وثيقة بشركات مبيدات إسرائيلية ، و تحاك داخل هذا المكتب ، سيناريوهات احراج الوزير الحالي د. أحمد الليثي ، و يرجح بعض المراقبين أنها هي التي وراء ظاهرة دس مبيدات مسرطنة في مخازن وزارته ، و تمرير الأخبار لبعض مصادر الإعلام ، التي تفيد ضبط المبيدات في مستودعات الوزير الجديد! . تعدد الأخبار الخاصة بعمليات الضبط ، و التي لا يكاد يمر يوم إلا و نطالع واحدا منها في وسائل الإعلام ، و وصلت بعضها إلى مجلس الشعب ، و تورط نائب ناصري معروف ، في إثارة الموضوع ، و تحميل الوزير الحالي المسئولية عن ذلك ، فيما توارى إسم يوسف والي تماما عن الواجهة .. تعدد هذه الأخبار و رصدنا لها حملنا في إدارة تحرير "المصريون" على التساؤل عن هذا السر ، و لماذا لم نطالع مثل هذا الكم من الأخبار عن عمليات الضبط في عهد وزير الزراعة السابق ؟!. في غضون ذلك نصحتنا مصادر موثوقة و قريبة و مطلعة عما يجري داخل دهاليز وزارة الزراعة ، أن نحطاط في تلقي الأخبار التي تتعلق بهذا الموضوع ، منبهة "المصريون" أنها أي تلك الأخبار جزء من حرب "والي" الخفية على الوزير الجديد ، و في إطار التغطية على مسئولية وزارة الزراعة في عهده عن تسميم غذاء المصريين و موت الألاف منهم بالسرطان و الفشل الكلوي ، تدمير خصوبة من بقي منهم حيا. و أعتقد أن النظام السياسي سيرتكب حماقة كبيرة ، و ربما جريمة في حق هذا الشعب ، إذا لم يتخذ اجراءات تفصل في هذه القضية ، علانية و بشفافية أمام الرأي العام و بسرعة ، فإغراق السوق بالمبيدات لإحراج هذا المسئول أو ذاك ، بهذه الطريقة التي تستن بسنة "حرق و هدم المعبد بما فيه" ، لن يسدد فاتورته إلا الغلابة و المساكين من هذا الشعب . و في هذا الإطار سيظل التساؤل عن تجنب سلطات التحقيق استدعاء يوسف والي لسماع أقواله في بلاغ محكمة الجنايات حاضرا و مشروعا ، فالذي طلب التحقيق مع والي ليس واحدا من عوام الناس و إنما محكمة الجنايات ، فلماذا لم تلتفت النيابة العامة إلى بلاغها ، و ترى عدم التحقيق معه من الأصل و كما ورد في حوار الدكتور فتحي سرور مع إحدى الصحف اليومية المستقلة ، و المثير للاستغراب أنه لم يعرف أحد في مصر برأي النيابة العامة في هذه القضية ، "إلا مصادفة" ، و ما كان لنا أن نعرفه أبدا لولا أن سُئل عنه سرور من قبل الصحفي الذي أجرى معه الحوار . لا شك في أن قضية والي قضية كبيرة .. قضية رأي عام ، و لا يحل لأحد أيا كان موقعه أن يتخذ بشأنها قرارا "سريا" و يغلق ملفها بالضبة والمفتاح غير عابئ بمشاعر 70 مليون مصري يترقبون القصاص من الجاني .. و سؤال أخير نسأله : لماذا والي هذا بالتحديد الذي نرفعه فوق القانون و الدولة و السلطات العامة و الشعب؟! .. أفيدونا أفادكم الله