نشرت هيئة الكتاب هذا العام فى مطبوعات مكتبة الأسرة، كتاباً بعنوان "تربية سلامة موسى" وقد حرصت الدولة أن يشرف على المشروع ثلة من الماركسيين والعلمانيين من حظيرة فاروق حسنى بعد أن تحررت من استعمار سوزان مبارك وشلتها، بل أشاد المشرف الجديد "أصلان" بدور سوزان فى صدر كل المطبوعات، وبذلك استبدل هذه الإشادة بصورتها التى كانت تنشر على كل غلاف فى الماضى، واستبعدت هذه اللجنة أى صوت يمثل التيار الإسلامى الذى يحظى بأغلبية كاسحة فى الشارع المصرى، وكان أن نشر هؤلاء النخبة المزعومة أحد كتب الكاتب المغرض سلامة موسى الذى كان يكره كل ما هو إسلامى وعربى، وكان يجل كل ما هو وافد من الغرب حتى لو كان من فضلاتهم الفكرية التى نبذوها هناك، فهو يبشر بنظرية "النشوء والارتقاء" لدارون، بعد أن خرجت الأبحاث هناك لتثبت زيفها، ولأن هؤلاء لا يدققون النظر فيما ينشر، فهم يجاملون بعضهم بعضاً، يخلعون على أنفسهم الإشادات والألقاب، بعدما أقصوا التيار الإسلامى الغالب فى الشارع الآن الذى يدافع عن هويته الحضارية والفكرية، أما هم فعندما يجتمعون فى ردهات الهيئات الثقافة التى يحرمون من دخولها أى آخر يخالف فكرهم برغم صداعهم طوال الوقت بحرية الفكر والاعتقاد، ولم يتعارض هذا مع مصلحتهم تراهم يهرعون إلى كل سبيل يرجع لهم الدفة والزمام.. لذا نراهم يتعاونون مع الأجهزة الأمنية ويستقوون بها، ويستدعونها ضد مخالفيهم.. لذلك لزموا الصمت طوال العهود الاستبدادية التى عملت المذابح للإسلاميين ولما اختارهم الشعب.. فإذا بهم يحثون المجلس العسكرى بالبقاء سنين طوالاً فى الحكم حتى يحول بين انتخاب الإسلاميين الذى يعبرون عن هوية الأمة وتراثها الفكرى والحضارى وهم فى هذا يتبعون سيدهم الذى ينشرون له اليوم ويحيون ذكراه عندما تجسس للأجهزة الأمنية ضد المؤسسة الصحفية التى يعمل فيها وفضحته مجلة المصور فى العدد (341) الصادر يوم الجمعة 24 إبريل 1931، تحت عنوان (وثائق فاضحة تبين من هو سلامة موسى؟) بعد أن حصلت على الأدلة وهى نص الخطاب إلى موظف كبير بوزارة صاحب الدولة محمد محمود باشا فى 22 أغسطس سنة 1929 أى قبل أن يفصل من دار الهلال: "فأنا أكتب لسعادتكم وإدارة الهلال تهيئ عدداً خاصاً من المصور لسعد زغلول.. استكتبت فيه عباس العقاد وغيره من كتاب الوفد.. ومثل هذا العمل يتفق مع التجارة ولكنه لا يتفق مع الدعوة للحكومة الحاضرة ومشروع المعاهدة لأن الإكبار من ذكرى سعد وتخصيص عدد له فى الحقيقة هو فى الحقيقة إكبار من شأن الوفد ودعوة إليه.. والمصور يرخص له بالصدور أسبوعياً.. فأنا أكرر أنى مستعد للدعوة للمعاهدة.. فهل لى أن أنتظر معاونتكم". فسلامة موسى إقليمى عدو للعروبة والإسلام، عميل من أخطر عملاء الغزو الفكرى، أرادوه أن يمثل دوراً بعينه.. أن يعمل معول الهدم، ليدمر تراثنا العربى وعقيدتنا الإسلامية، فقد كان معانداً لطموحات أمته على طول الخط، فى عز الصراع بيننا وبين إنجلترا وحادثة دنشواى وجهاد مصطفى كامل ودعوته إلى الجامعة الإسلامية، تراه يذهب إلى أوروبا بعد أن رفض الانضمام إلى الحركة الوطنية التى شملت الجميع.. ذهب بعد شنق الأبرياء فى دنشواى فبدلاً من أن يعزى فى الضحايا ذهب ليبارك الجزارين.. كان مبشراً بالحضارة الغربية والنفوذ الغربية، ناقلاً لأفكاره بلا تدقيق وبلا رؤية إلى الهتاف لهذا الفكر، دعا إلى تحديد النسل بعد نصف قرن من وجود هذا الدعوة فى أوروبا، فى حين أن زوجته أنجبت ثمانية، وفى نفس الوقت يدعو إلى الاشتراكية الفابية وهى "التى تدعو إلى الصبر على المشاكل فلا تتعجل حلها بالعنف والقوة، وتعمل على تحقيق الاشتراكية بدون تسرع.. بل بالتريث والأناة والروية والصبر".. دعا إلى هذا فى سنة 1910، والصراع محتدم بيننا وبين الإنجليز.. ونراه متناقضاً حينما قال يعيرنا "بأننا نؤلف عن معاوية بن أبى سفيان، فى الوقت الذى كان يجب أن نؤلف عن هنرى فورد عبرة الصناعة فى عصرنا".. ولنا أن نسأل ما علاقة الاشتراكية الفابية بالاحتكارية الأمريكية التى يمثلها فورد، أم هو الحقد ضد كل ما هو إسلامى وعربى؟! كان يدعى التدين ومحاربة الأديان.. وهو متدين.. متعصب طائفى.. رأس تحرير جريدة "مصر" التى كانت تعبر عن رأى الطائفة القبطية، وكان مكانه المفضل هو جمعية الشبان المسيحية وكان يقابله فيها نجيب محفوظ ، ومحفوظ عبدالرحمن، والعديد من الكتاب الكبار والناشئين، ويتساءل الكاتب الكبير محمد جلال كشك: كيف يدعو المسلمين إلى التخلى عن الأديان.. وكان كما يصفه مريدوه "راح فى مختلف مؤلفاته يلح إلحاحاً شديداً مركزاً على ضرورة الخلاص من أسر الفكر الدينى" ثم يغرق فى الطائفية، بل يقبل من "نيتشه" الفيلسوف الألمانى فاشيته، ويختلف معه حول المسيح عليه السلام، بل وصلت جراءته فى أكثر من مؤلف له وأشدها تطرفاً ووقاحة كتابه "اليوم والغد"، الذى نفث فيه جام حقده على الدين الإسلامى والحضارة الإسلامية ويسخر من اللغة العربية والأدب العربى والحضارة العربية والفتوحات الإسلامية والشخصيات الإسلامية ويمجد كل ما هو دخيل من الغزو الفكرى البغيض الذى رافق الاستعمار أثناء غزواته على بلاد الاسلام، قد زعم أيضاً أن الإسلام نفسه يكاد أن يكون مذهباً من المسيحية". ولا نعجب اليوم أن يسير فصيل من النصارى فى مصر على هديه، يدعون الليبرالية وينتمون إلى اليسار ولا يجرؤ أحدهم على انتقاد فعل لشماس فى الكنيسة، بل أكاد أجزم أنهم لا يستطيعون فعل شىء دون الرجوع للكنيسة فى الوقت الذين يطالبون فيه 94% من سكان بتنحية الإسلام حفاظاً على الوحدة الوطنية، ووصل بهم الحقد والغل والضغينة لإثارة البلبلة ولب التدخل الدولى لإسقاط الرئيس المنتخب محمد مرسى نكاية فى الأغلبية الإسلامية. [email protected]