اعتاد القبطي سلامة موسى كتابة التقارير الأمنية يستعدي فيها أجهزة الأمن على زملائه وعلى المنابر الإعلامية التي كان يعمل بها إذ كتب تقريرا إلى أحمد كامل وكيل وزارة الداخلية في عهد حكومة محمد محمود باشا في 22 أغسطس عام 1929 ، يشي فيه بدار الهلال التي كان يعمل بها بعبارات نشرت الصحف ، بعد ذلك بسنوات ، صورتها الزنكوغرافية بخط يده و تقول "اكتب هذا لسعادتكم و إدارة الهلال تهيئ عددا خاصا من المصور عن سعد زغلول . استكتبت فيه عباس العقاد و غيره من كتاب الوفد .. و مثل هذا العمل يتفق مع التجارة ، ولكنه لا يتفق مع الدعوة للحكومة الحاضرة ، و مشروع المعاهدة لأن الأكبار من ذكرى سعد و تخصيص عدد له هو في الحقيقة إكبار من شأن الوفد و الدعوة إليه .. و المصور يرخص له بالصدور أسبوعيا مرة واحدة و ليس مرتين .. فأنا أكرر لسيادتكم إني مستعد للدعوة للمعاهدة .. فهل لي أن أنتظر معاونتكم " نلاحظ هنا انه طلب المعاونة من حكومة عميلة للاستعمار ، بل و في الوقت نفسه ينبه وزارة الداخلية إلى السند القانوني الذي يبرر لها مصادرة مجلة "المصور" ، و هو أنه مرخص لها أن تصدر مرة واحدة و ليس مرتين ! نعيد ونكرر هنا : كتب هذا أبان وزارة اليد الحديدية التي شكلها محمد محمود ولا يزال في دار الهلال ، ما يزال يتقاضى مرتبه منها ، و يدخلها كل يوم يبتسم في وجه أصحابها ، ويظهر لهم الود و الإخلاص و في الوقت نفسه يدس لهم و يتجسس عليهم و يرسل التقارير إلى وزارة الداخلية وفي 3/نوفمبر/1930 أرسل إلى حسين شفيق المصري ، خطابا نشرت صحف دار الهلال صورته الزنكغرافية قال فيه : " عزيزي حسين : بعد التحية : تعرف الخصومة بيني و بين السوريين ( أي أصحاب دار الهلال ) فأرجوك أن ترسل لي خطابا على لسان سوري وقح يشتمني فيه بإمضاء اسكندر مكاريوس أو غيره من الهكسوس .. و أنا في إنتظارالخطاب .. أخوك سلامة موسى " و قد علق حسين شفيق المصري على هذا بقوله : " كان يريدتي أن أزور خطابا ، و أن أفتري على أمة وأن أنزل إلى الدرك الأسفل من النذالة بالكيد لقوم ليس بيني وبينهم غير الصداقة و المودة ..هذا اللعب من لعب الصبيان فعجيب أن يكون منه و هو ينادي بأنه فيلسوف من علماء النفس ، أغفر كل شئ إلا أن يظن بي ما ظن من الجهل و الحمق ..وهو يدعوني إلى كتابة ذلك الكتاب الذي أشتمه فيه بتوقيع رجل برئ لا ذنب له إلا أن في الدنيا رجالا لا يحاسبون ضمائرهم ، ولا يرون أبعد مما بين أنوفهم و جباههم" وفي هذا السياق طلب سلامة موسى من "الحكومة العميلة للاستعمار" ترخيصا بصحيفة ليحدث بها انشقاقا في صفوف الأقباط ، تأييدا لمعاهدة " محمد محمود" مع الانجليز الذين كانوا في ذلك الوقت ، يحتلون مصر .. تقول الوثيقة التي خطها بيده سلامة موسى ، و نشرتها المصور ( أي في حياته) ، ولم يجرؤ على تكذيبها و لا مقاضاتها ، تقول الوثيقة بالحرف الواحد :" تعرفون سعادتكم أن عددا كبيرا من الأقباط يلتف حول الوفد ، و لهذا العدد تأثير كبير في الانتخابات و في قبول المعاهدة أو رفضها . و قد كنت منذ شهر طلبت الترخيص لي بإصدار جريدة يومية باسم " الدنيا" لكي اخدم الحكومة في الدعوة لها بين الأقباط .. و لكن لم أظفر للآن بهذا الترخيص ، والآن ومشروع المعاهدة أمام الأمة أظن أنه من مصلحة الوطن أن يكون الأقباط في صف الداعين لها . و إني اعتقد أني على شئ من القيمة الأدبية بين الأقباط و أنهم يحسنون الظن بي .. و لما كانت البلاد خالية من جريدة قبطية محترمة ، فأنا مستعد لأن أقوم بتحرير جريدة يومية أو أسبوعية للدعوة لها . فلو عاونتموني في ذلك لكسبتم الأقباط" وللحديث بقية السبت المقبل إن شاء الله عالى [email protected]