بلا شك إن من تظاهروا فى ميدان التحرير أو أمام جامعة القاهرة كمعارضين ومؤيدين لقرارات الرئيس محمد مرسى ليسوا ضد الوطن بل كلا الطرفين كلهم أمنيات أن يروا مصر فى توهجها وقمة مجدها فى السنوات المقبلة.. وبالتأكيد ليس أى من الطرفين مع استبداد الرئيس وامتلاكه كل أدوات الديكتاتور.. بل هم متأكدون ولديهم كل الثقة أن الرئيس لا يستطيع ولا يفكر فى أن يصبح الحاكم بأمر الله وفرعونا كما صوره البعض، وما يجرى وربما سيجرى مثله أمراً مشابهاً مستقبلاً، يدعو للتفكير بعمق أن هناك مَن يسعون لدعم الرئيس بصدق وهم قليلون ممن لم يؤيدوه فى السابق ليعبر المرحلة الانتقالية بنجاح، وثبتوا على مواقفهم رغم اختلافهم معه أيديولوجياً، وهذا يؤكد مدى خوف هؤلاء على مصر وشعبها، فيما كشفت الأحداث عمن يريدون عرقلة الرئيس وتكبيله، وبالتالى ستكون مصر الخاسرة لمجرد أنه لا يتوافق ورؤاهم وما يطالبون به من خطوات تبدو مستحيلة، ووقعوا فى خطأ تقديرهم للظرف والزمان والمكان وتلك كارثة ومؤشر خطير على ماهية مساعيهم وما يتوقون إليه من تطلعات، ونتيجة لهذا الخطأ الفادح استغل مناصبو مصر العداء تحت حكم نظامها الناشئ الجديد بقيادة رئيس منتخب الفرصة وانقضوا بقوة على الفريسة والتى ربما لن يأتى الزمان بمثل هذه الفرصة ليعاودوا الظهور علناً كتفاً بكتف إلى جانب ثوار شاركوا وصنعوا الثورة بالفعل، بل استقبلتهم الجماهير فى الميدان عصر الجمعة استقبال الفاتحين، والأسماء معروفة للشعب ويعرف تماماً مَن كان معه ومَن كان ضده، ومن يُجنى مكاسب الآن ما كان لها أن تتحقق له ويعود لمقدمة الصورة ثائراً على شاشات الفضائيات ويلقى كل الاحترام والتبجيل فماذا نقول؟! غير عجبت لك يازمن، والمخجل أن رموزاً ثورية يدها بيد من نعتوهم بأقظع الألفاظ قبل ذلك ووصفوهم بالخائنين وبائعى مصر وأرضها وشعبها.. الموقف للمتتبع إذا كان مرفوضاً أو مقبولاً فى كل الأحوال جاء فى توقيت مهم كشف عن وجوه ونوايا ما كان أحد أن يعرفها وهى تتجمل خلف ستار من الخبث، وما تختلج صدورهم من أحقاد ليتها ستعود بضررها على أشخاص بقدر ما سيكون ضررها على البلد وتقدمها وخروجها من شرنقة هم أنفسهم من ساعدوا على شرنقتها وبهتانها، فى سبيل إفشال نظام قائم اختاره الشعب بسلاسة دون ضغوط وانجرار وراء هذا أو ذاك، لكنهم لا يطيقون أن يروا هذا الوئام والالتحام الذى جسده الشعب فى دعمه للنظام الشرعى، فالمشكلة ليست فى الإعلان الدستورى الفاحش، بقدر ما هى مع نظام لا يعجبهم ولن يروق لهم يومًا ما، ورأينا الهتافات التى تنادى بإسقاطه.. هل يعقل هذا؟ إسقاط مَن ولصالح مَن؟، هذا اختيار شعب مهما كانت نسبة مَن صوتوا لصالح مرسى ولنا فى الانتخابات الأمريكية والفرنسية لعبرة ومثال، والفارق شاسع بالطبع فهنا مشكلة البعض أنهم لا يرون فى مرسى رئيساً لهم، وهناك مجرد إعلان اسم الرئيس يلتفون حوله لأنهم يعرفون حق المعرفة أن الهدف والمصير واحد، وتلك فلسفة خالية من أى أحقاد قد لا نراها فى مصر فى القريب المنظور لو استمرت الأمور على هذا النسق برفض كل طرف للآخر طالما ابتعد عن موقع القرار.. فقد سبق وقلنا إن الشعب هو سند الرئيس فى اتخاذ أى قرارات والآن الرسالة وصلت بأن الأغلبية الساحقة تؤيد قرارات الرئيس ومساعيه الصادقة بالفعل للوصول للمرفأ الآمن بأن تستقر مصر وتدور عجلة دوائرها على كافة المستويات.. وقد تحمل الأيام القادمة عدة مفاجآت بعد أن تم وضع الدستور الجديد على طاولة الرئيس مرسى، وستتعالى نبرة الرافضين بقوة، تحت دعوى "سلق الدستور" ولا ندرى كيف تم السلق واللجنة التأسيسية تصل الليل بالنهار على مدار خمسة شهور ونصف، بل تلك حجة ولا جدوى من استخدام المصطلح هنا، فالرئيس مرسى أمام تحديات كبيرة بالفعل، وقد يكون نجح فى أول اختبار بإصداره الإعلان الدستورى ووقوف الشعب فى ظهره بقوة، لكن ما هو قادم من تحديات سيكون أعظم وأشد فالخوف هنا أن كل قرار يتخذه الرئيس تقابله مجابهة ورفض من هؤلاء مع احترامنا الكامل لرؤاهم أياً كانت لكننا ضدها بشدة لو نادت بإسقاط رئيس منتخب والتبجح بذلك من بعض القوى، "بنفخة زور" يعلمون هم قبل غيرهم أن هذا لا يجوز لو كانوا بالفعل يؤمنون بالديمقراطية التى هى خيار الشعب بالكامل بعد معاناة طالت ل 6 عقود متصلة، فمن أراد أن يعارض فأهلاً وسهلاً فقط عليه مراعاة كافة المواثيق المعمول بها عندما يبدى رأيه ويعلن رفضه وله كل التبجيل والاحترام، وأستحضر هنا كلمات الكاتب الكبير فهمى هويدى عندما استضافته منى الشاذلى فى برنامجها على قناة " mbs مصر" وسألته "ألا تخاف من مولد ديكتاتور وفرعون جديد؟" رد عليها سريعاً بقوله "الديكتاتوريون والفراعنة يزعلوا مننا كده ..!!،هو فيه ديكتاتور يسيب حد يشتمه ليل نهار وينعتوه بما ليس فيه ويتظاهرون ضده.. هذا ادعاء صنعه الإعلام وصدقه من رضى بها هواه".. ودعنا نرى وما خفى كان أعظم.