أعربت صحيفة "نيويورك تايمز" عن دهشتها من الموقف السلبي للغالبية العظمى من المواطنين المصريين إزاء التظاهرات التي تنظمها تيارات المعارضة وخاصة التظاهرة الأخيرة التي نظمتها حركة كفاية يوم السبت قبل الماضي في وسط القاهرة. وقالت الصحيفة إنه في الوقت الذي امتلأت فيه شوارع وسط القاهرة بالمتظاهرين، من حركة كفاية، فلم يكن أحد سواء من البائعين أو عمال حفر الطرق أو الجالسين على المقاهي يفكر في شأن المتظاهرين الذين أحاط بهم المئات من قوات الشرطة على بعد أمتار منهم. وأضافت أنه ما زاد الأمر غرابة نظرة هؤلاء لمشهد ضرب وسحل المتظاهرين وجرهم إلى المعتقل على أيدي الشرطة وكأنه فيلم سينمائي يتم تصويره بالقرب منهم.. مشيرة إلى أن الموقف على بعد دقائق من مكان التظاهرة، والذي جسده الرجال والنساء والأطفال وانبعاث الموسيقي من داخل المحال، كان يبعث برسالة مختلفة تماما عما ينتظر بقية العالم استنتاجه في التقارير والأخبار عن ضرب المتظاهرين. وحاولت الصحيفة تفسير ما اعتبرته ظاهرة خروج أعداد قليلة من المصريين في تظاهرات المعارضة بالقول إنه من السهل أن تجد في مجتمع يعاني القمع كلاما غير ذي معنى عن حاكم مستبد مستدلة بما قاله بائع للنظارات يدعى أشرف فتحي التقت به في أعقاب تظاهرة يوم السبت: اعتراضي الوحيد بشأن ما حدث على الاضطراب.. الاستقرار أفضل لي وللبلد كلها. وعادت الصحيفة لتعبر عن استغرابها من صمت المصريين وعدم مشاركتهم في التظاهرات بالإشارة إلى أن العشرات من المصريين الذين لم يشاركوا في المظاهرة أعربوا عن شكواهم المشابهة تماما لتلك التي يصرح بها المتظاهرون وهي الاستياء من الحكومة والإحباط بسبب بطء الإصلاح السياسي والاقتصادي والرغبة الحقيقية في الحرية. إلا أنها قالت إن الاختلاف بين المتظاهرين وغير المتظاهرين هو أن التيار الثاني لا يعتبر الرئيس حسني مبارك مسئولا عن الأزمات التي تمر بها البلاد، بل ويعتبر أن مبارك أبا روحيا بعيدا تماما عن المشاكل الداخلية ومشغولا بشئون البلاد الأعلى مستوى والتي قد يفسدها هموم ومشكلات المصريين. وأضافت "نيويورك تايمز" أن هذا التيار، بعد عقود من القمع، ليس لديه توقعات بتغيير الرئيس مبارك، بل يعتبرون أنفسهم محظوظين بأن يحكمهم رئيس مثله. والتقت الصحيفة شابين مصريين يدعيان نور شعبان ومصطفى حسن وهما حاصلان على شهادتين في الكمبيوتر والسياحة ويعملان في بيع الملابس بعد أن فشلا في إيجاد عمل في مجالهما، وسألتهما عن شعورهم تجاه الرئيس مبارك.. فقال نور شعبان: أنا أحب رئيسي.. لا يمكنه النزول للشارع والنظر في مشاكل 80 مليون مواطن.. الحكومة هي المسئولة.. الأمر لا يتعلق بالرئيس وإنما بالحكومة.. مشكلاتنا كبيرة لكن الرئيس مشغول بالشئون الخارجية ولا يعرف ما يحدث من حكومتنا. كما نقلت "نيويورك تايمز" عن عامل حفر يدعى يوسف محمد قوله: هذه هي فرصتنا الوحيدة للعمل.. إنها فكرة جيدة أن يرشح الرئيس مبارك نفسه لفترة رئاسة خامسة. وخلصت الصحيفة في نهاية تقريرها إلى أن القمع الذي تعرض له المصريون خلال السنوات الماضية جعل هؤلاء جميعا سواء الشابين المصريين أو عامل الحفر أو غيرهم لا يرون سوى مبارك رئيسا قادما للبلاد.