ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن مصر في عهد الرئيس مبارك، الذي وصفته بأنه أطول من حكم البلاد منذ عهد محمد علي منذ 200 عام تقريبا، رغم أنها نجت من الاستبدادية الشمولية التي برزت في العراق وبدرجة أقل في سوريا، إلا أن حالة من السخط سادت البلاد في عهد مبارك وأسلافه. وقالت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها عن التظاهرة التي نظمتها جماعة الإخوان وحركة كفاية يوم الأربعاء الماضي أمام نقابة المحامين إن التطورات التي تشهدها مصر في الوقت الراهن تجسد النكتة القائلة إن المكان الوحيد الذي يمكن للمصريين أن يفتحوا أفواههم فيه هو عيادة طبيب الأسنان. وأكدت أن نظرة فاحصة على التظاهرة تكشف صورة أكثر تعقيدا للتغيير الذي اعتبرته من الأشياء القليلة التي يتفق عليها المصريون جميعا.. مشيرة إلى أن التظاهرة، رغم وعود جماعة الإخوان بأنها ستتحالف مع العلمانيين والليبراليين، سرعان ما انقسمت إلى معسكرين أحدهما ديني والآخر على النقيض منه.. حيث بدأ الإخوان بإطلاق شعارات دينية بينما أطلق العلمانيون الشعارات المطالبة باستقالة الرئيس مبارك. وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم السلبيات التي كشفت عنها التظاهرة إلا أن ثمة إيجابيات أبرزها تجاوز ما كان يعتبره المصريون في السابق خطوطا حمراء.. مشيرة إلى محاولة نبيل العزبي مدير أمن القاهرة إلى الدخول وسط المتظاهرين للتحدث إليهم ثم تراجعه بعد مواجهته برفض شديد وصيحات تطالبه بالخروج. وأوردت الصحيفة عددا من الظواهر التي تؤكد أن مصر تعيش حالة من الانتعاش السياسي، مثل تأسيس أكثر من حركة للتغيير على مستوى كافة المهن مثل صحفيون من أجل التغيير وأطباء من أجل التغيير ومثقفون من أجل التغيير وكتاب وشباب و...، وأيضا الدور الذي يقوم به سائقو سيارات الأجرة، أو دعاة الثورة كما وصفتهم الصحيفة، في نشر الأحداث السياسية بين جموع المصريين.. وآخر هذه الظواهر الانتقادات التي توجهها صحف المعارضة للرئيس مبارك ونجله وقرينته. ورأت الصحيفة في التقرير الذي حمل عنوان "تحليل تظاهرة" أن جماعة الإخوان أكدت قدرتها على حشد الجماهير حيث شارك في هذه التظاهرة نحو ألفين من أعضاءها وكوادرها. في سياق متصل، كشف "واشنطن بوست" النقاب عن أن قادة حركة كفاية أصابتهم حالة من الغضب بسبب فشل جماعة الإخوان في حشد أنصارها للمشاركة في التظاهرة الأخيرة التي نظمتها الحركة أمام قصر عابدين. وأعربت الصحيفة عن تأييدها للتكهنات حول موقف جماعة الأخوان التي تبدو أقل اهتماما بالتغيير في مجمله وأكثر اهتماما بعقد اتفاق مع النظام الحاكم وفقا له يتم الاعتراف بها رسميا وربما استيعابها ضمن ائتلاف. مشيرة إلى ما صرح به جورج إسحاق المنسق بحركة كفاية قائلا: أريد أن أسألهم إذا كانوا، أي جماعة الإخوان، جادين حقا.. لا أعتقد أنهم واضحين بالقدر الكافي.. لا أفهمهم بالضبط.. نريد من الجماعة أن ترينا ماذا تريد بالضبط. واعتبرت الصحيفة أن جماعة الإخوان بالنظر إلى قدرتها على حشد الجماهير وتاريخ الجماعة والتنظيم الذي تتمتع به، هي التيار الوحيد القادر على ممارسة ضغوط حقيقية على الرئيس مبارك.