مسألة التغيير الاجتماعي ليست عملية سهلة ، ولكنها في غاية التركيب والتعقيد ، ولها كما يتحدث علماء السياسة جانب موضوعي وهو توافر الشروط الموضوعية للتغيير من مثل غياب العدالة الاجتماعية والتفاوت الاجتماعي الهائل بين الطبقات ، ومن مثل الاستبداد والديكتاتورية والتعذيب وقمع المعارضين ووضعهم في السجون ، ومن مثل التصلب السياسي وعدم الاستجابة للأصوات المنادية بالتغيير ، هذه كلها عوامل موضوعية لكنها وحدها ليست كافية لإحداث التغيير المنشود بل لا بد من توافر الشروط الذاتية من مثل وعي الناس بضرورة التغيير وإدراكهم أن الأوضاع التي يعيشون فيها ليست مناسبة لطموحاتهم وآمالهم ، فالوعي الذاتي لدي الجماهير شرط ضروري لتحويل ماهو موضوعي إلي واقع متحقق في الوجود ، بيد إن الوعي وحده ليس مهما بل لا بد من اتساع قاعدة هذه الوعي التي تتضمن السخط علي كل ماهو قائم ، وضرروة التغيير . وهناك نظريات كثيرة تتحدث عن التغيير الاجتماعي والثورة والتحول الثوري وكانت هذه النظريات منتشرة بقوة في فترة من الفترات ، لكنها تراجعت اليوم بقوة ، وكأن الإنسان المعاصر إنسان مابعد الحداثة لم يعد قادرا علي المقاومة وعلي تحقيق التغيير . بيد إن وعي الجماهير وحده لا يمكن أن ينتج التغيير وإنما لا بد من وجود " إنتلجنسيا " طبقة مثقفين تدعو إلي التغيير وتكون هذه الطبقة صلبة وقوية ولديها رؤية حقيقية ذات طابع ثوري ، ومن هنا كان الحديث عن المثقف والمثقفين وأهميتهم في إحداث التغيير في أي مجتمع ، ونحن هنا في مصر تراجعت لدينا أخلاق المثقفين الثوريين الذين لديهم نظرية لتحقيق التغيير . مشكلة مصر أنه لم يعد لديه المثقف العضوي الذي يؤمن بضرورة تحقيق التغيير الجذري . لكن لدينا قوي اجتماعية كما أسلفت تقليدية بمعني أنها لا تملك نظرية للتغيير كما أنها مدينة للحاضر والماضي بالعرفان لأنها نمت وترعرعت في ظل الأوضاع المستقرة والثابتة ولكنها تخاف من المستقبل . والمشكلة أن القوي الاجتماعية التي يمكن أن تكون رافعة للتغيير ليست لديها نظرية أو إرادة أما الذي لديهم إرادة ونظرية فليس لديهم تيار أو قوة اجتماعية إن مصر تعيش لحظة فرصة حقيقية للتغيير لكنها تبدو لي وكأنها تريد الإفلات منا بسبب غياب الشروط الذاتية لدي القوي الاجتماعية التي يمكنها أن تحقق التغيير .