هي شهادة قاضٍ ثوريٍّ بالفطرة.. وقد شاهدته على الطبيعة في الغرفة المغلقة بالبرلمان وهي تحمل اسم سعد زغلول. شاهدته وهو يقول لا للدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الذي لم تكن الحكومة بأكملها تملك إلا أن تقول له نعم.. ورغم الود المفقود بينه وبين الصحافة بعد الثورة إلا أنه اختار الأهرام ليدلي أمامها بالشهادة التاريخية حول قرارات الرئيس مرسي ليكشف الحقائق التالية. قال المستشار والفقيه الدستوري ثروت بدوي: إن الرئيس مرسي يملك السلطة الشرعية لإصدار الإعلان الدستوري.. وقال إن الرئيس مرسي حصل على السلطة الشرعية من خلال انتخابات حقيقية وشعبية وهي أول انتخابات سليمة في تاريخ مصر قبل 52 أو بعد 52.. وقال إن هذه السلطة الشرعية تعطي الحق للرئيس في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمواجهة الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد، وقال إن الرئيس مرسي استند أيضًا إلى النظم الدستورية المتقدمة في دول أوروبا وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا التي تطبق الظروف الاستثنائية التي تمنع ما يمكن أن يؤدي إلى الفوضى.. وحول مفهوم الضرورة التي أجبرت الرئيس مرسي على اللجوء إلى الإعلان الدستوري قال: هي التهديد بنشر الفوضى في البلاد وإظهارها أمام العالم بعدم قدرتها علي التوصل لدستور جديد يرسخ قواعد الدولة والنظام الديمقراطي بعد ثورة 25 يناير.. وذلك بعد سحب الخلافات إلى ساحات المحكمة الدستورية العليا وانخراط بعض رجال الهيئات القضائية في مستنقع الصراع السياسي، وقال: إن القوى التي تدعي الليبرالية هي قوى تؤمن بالشمولية والدكتاتورية التي ترسخت في السلطة القضائية للزج بالأحرار والثوار في المعتقلات وهؤلاء يخشون صدور الدستور لكشف حقيقة فسادهم وتسترهم على فساد النظام السابق وسرقة أموال البلاد.. وقال إن الضرورة تفرض نفسها وبشدة بعد ظهور القوى المناهضة للثورة والقوى المناهضة لوضع نظام دستوريٍّ ديمقراطيٍّ تبجحت وتجرأت وعادت في إطلاق الشائعات التي تشكك في كل شيء، ولا يصح أن يتصور البعض منهم أنه ب"الجعير" يمكن أن يفرضوا آراءهم على الرأي العاقل المحايد الموضوعي. وقال: من معرفتي بكثير من هؤلاء وللأسف لمدة 6 عقود من الحكم الاستبدادي الدكتاتوري القامع للحريات الذي أهدر كرامة الإنسان المصري لم يكن من الحكمة أن تنشأ الأجيال الحالية على أسس من الانتماء والحرية أو فهم معنى الحرية أو معنى سيادة القانون.. وقال: إن الإسلام هو الذي حقق مبدأ مساواة وهو الذي بنصوص صريحة في القرآن الكريم قرر الحقوق والحريات الفردية والعامة. وحول ملاحظاته على مواد الإعلان الدستوري، قال المستشار ثروت بدوي: أولًا يكفي هذه التعديلات أنه قد انتهى عصر أن يكون هناك نائب عام ليس من القضاة الجالسين الذين تشربوا روح العدالة بجلوسهم في المحاكم سنوات طويلة.. النائب العام السابق بقي في منصبه فترة طويلة رغم أنه لم يجلس على منصة القضاء الأعلى، وقال: لابد من وضع ضوابط لاختيار رجال القضاء بما يمنع أي انحياز لأي فئة، فالقاضي الذي يُعين ظلمًا لا يمكن أن يحكم بالعدل، والمستشارون الذين عينوا بتقدير مقبول في القضاء يستحيل أن يحكموا بالعدل في يوم من الأيام. وقال المستشار ثروت بدوي: إن كلمة المواطنة من ألاعيب حسني مبارك فالدستور يقول إن كل المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، ماذا نريد أكثر من ذلك اللهم إلا إثارة الخلافات وإلهاء الشعب وفتح أبواب الدستور لتكون مدخلًا للمطالب الفئوية! منظار التاريخ لن يرحم المستشار العجوز طارق البشري الذي وافق حينما كان رئيسًا للجنة تعديل الدستور على بقاء نص التعديل الذي أدخله مبارك في دستوره ونقله للمجلس العسكري بالنص والذي يعطي للجنة الانتخابات الرئاسية اختصاصات شبه إلهية لتسمية رئيس الجمهورية. تلك نقطة سوداء.. تجعلني لا أثق فيما قال وهو يقول إن قرارات الرئيس منعدمة.. يا سيادة المستشار.. المصداقية لا تتجزأ. لا أعتقد أن الرئيس مرسي يمكن أن يتراجع إلا إذا كان قد بدأ التفكير جديًا في التخلي عن منصبه. لابد من توجيه التحية إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسي وهو أول وزير دفع تستجيب له قبائل سيناء وتسلم إليه السلاح، طول عمره يرفض ثقافة العنف من جانب قوات الأمن وهو يؤمن أيضًا بأن دور الجيش في الداخل هو حماية الشرعية.