رصدت صحيفة /فاينانشيال تايمز/ البريطانية آثار حرب غزة الأخيرة على عدد من الأطراف المعنية، قائلة إن كافة تلك الأطراف قطفت من ثمارها باستثناء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وبدأت الصحيفة تعليقها -الذي أوردته على موقعهاالإلكتروني الخميس- من إسرائيل قائلة إن إسرائيل تعلمت من حربها الأخيرة على غزة كيف تتوقف عن القتال وكيف تكبح جماح شهواتها الاجتياحية، مشيرة إلى دخول إسرائيل على مدار السنوات الست الماضية في ثلاثة حروب؛ لبنان 2006 ثم غزة 2008-2009 وأخيرا غزة 2012 بدأتها جميعا بالطريقة نفسها المتمثلة في القصف الجوي الذي يهدف إلى إضعاف الخصم، دون أن تحرز في أي منها انتصارا واضحا. ولفتت الصحيفة إلى أن إسرائيل في حربيها الأوليين على لبنان وغزة لم تتوقف عند القصف الجوي، وإنما أتبعته باجتياح بري كبدها خسائر في الأرواح إلى جانب إضعاف موقفها الدولي، مشيرة إلى ما تمخضت عنه حرب غزة الأولى والتي سقط ضحيتها 400ر1 فلسطيني مع قيام الأممالمتحدة بعمل تحقيقات في تلميح لاحتمال ارتكاب إسرائيل جرائم حرب. ورجحت الصحيفة أن يكون القادة الإسرائيليون باتوا مقتنعين في الحرب الأخيرة على غزة بأن حربا صغيرة بمكاسب محدودة أفضل من حرب كبيرة بمكاسب محدودة أيضا. وانتقلت "فاينانشيال تايمز" الى الحديث على الصعيد الحمساوي، وما أفادته الحركة من الحرب الأخيرة على قطاع غزة، قائلة إن حماس باتت كيانا سياسيا شرعيا لا يمكن تجاهله بعد الآن، إضافة إلى توطيد أركان حكم الحركة لقطاع غزة حسبما تقتضيه بعض نصوص اتفاقية وقف إطلاق النار المبرمة أمس الأربعاء، مشيرة إلى مطالبة المجتمع الدولي حماس للتعهد بعدد من الالتزامات السياسية؛ منها نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل. ثم انتقلت الصحيفة بعد ذلك للحديث عن النصف الفلسطيني الثاني بالضفة الغربية، تحديدا محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، واصفة إياه بالقوة الغائبة عن المعركة، مشيرة إلى أن الفلسطينيين لن ينسوا بسهولة أن رئيسهم رفض زيارة قطاع غزة إبان تعرضه للقصف، والتي رأت الصحيفة أنها كانت اللحظة التي يجب على عباس استغلالها والظهور فيها بمظهر القائد لكل الفلسطينيين، إلا أنه أضاعها. ولفتت الصحيفة إلى قرار عباس بالتقدم نهاية الشهر الجاري إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب لرفع تمثيل فلسطينبالأممالمتحدة إلى دولة مراقبة غير عضو، مرجحة حصول هذا الطلب على مواقفة أغلبية أعضاء الجمعية، لكنها رأت أن هذا النصر سيكون ضعيفا وأجوف في وقت يحتفل فيه الفلسطينيون جميعا في غزة والضفة الغربية على السواء ببسالة المقاومة التي أظهرتها حماس وغيرها من الجماعات المسلحة. واتجهت "فاينانشيال تايمز" جنوبا إلى مصر، لترصد ثمار الحرب الغزاوية عليها والتي جناها الرئيس المصري، محمد مرسي، الذي انهال عليه الثناء من كل صوب وحدب مساء أمس الأربعاء على خلفية إبرام اتفاق وقف إطلاق النار، فيما اعتبرته الصحيفة بمثابة نجاح لمرسي في أول اختبار حقيقي يواجهه، مشيرة إلى إدانته الشديدة لما وصفه بالعدوان الإسرائيلي على غزة وإرساله رئيس وزرائه إليها قبل مرور 48 ساعة على بدء القتال، في إشارة واضحة إلى التضامن مع القطاع. واختتمت الصحيفة تعليقها بالحديث عن طرف خامس أثبت نجاحا في تلك الحرب وهو "نظام القبة الحديدية الدفاعي المضاد للصواريخ" والذي أثبت نجاحا باهرا في أول اختبار حقيقي له، على حد قول الصحيفة، مشيرة إلى مساهمة هذا النظام في حماية أرواح الإسرائيليين بتمكنه من اعتراض عددا غير قليل من الصورايخ والقذائف قبل سقوطها على مناطق آهلة بالسكان، وهو ما حال دون سقوط عدد كبير من الضحايا على الجانب الإسرائيلي، الأمر الذي لو وقع لما كان ثمة بديل عن اجتياح بري إسرائيلي للقطاع، وهو ما كان الجميع يخشى وقوعه.