الإعلام المصرى أصبح قوياً ومؤثراً، بل وعَصِيْاً على المنع والغلق فى ظل ثورة المعلومات والتقدم التكنولوجى, والشعب المصرى الآن يعطى عقله وقلبه ونظره للإعلام بكل أشكاله, والإعلام يؤثر بشكل كبير فى عقول الناس, وكذلك الإعلام لا يترك شيئا إلا ويسلط عليه الضوء, بل أحياناً يُتهم بعدم الحيادية والتركيز المبالغ على أخطاء الرئيس ومؤسسته وإهمال الإنجازات والتغيرات فى البلاد. فإعلام كهذا لو شم ريحة الفرعنة فلن يسكت وسيملأ السموات المفتوحة ضجيجاً سيقيم الدنيا ولا يقعدها, وسنرى كوكبة الإعلام السياسية تظهر فى كل حدب وصوب, وسنرى تغيُراً بالغاً فى نظرة الشعب المصرى لرئيسه, وما قصة مواكب الرئيس وحرس الرئيس وسجادة الرئيس عنّا ببعيدة. الشخصيات التى تحيط بالرئيس من نائب الرئيس القاضى الجليل وحتى المستشارين وبعض الوزراء وطاقم الرئاسة، كثير منهم شخصيات لا تقبل أن يحكمها رئيس فرعون, عندما تشعر بهذا فيه سوف تعمل على نصحه وتقويمه, وإن لم يَعتدِل لن تتوانى عن الابتعاد عنه وتركه وحيداً بل وفضحه على كل طريق, فهل الدكتور سيف عبدالفتاح – مثلاً - سيقبل أن يكون مستشاراً للفرعون مرسى؟! وهل الأستاذ أيمن الصياد أو المستشارين أحمد ومحمود مكى - والقائمة تضم الكثير - سيقبلون بهذا؟! فالبِطانة التى حول الرئيس الآن – وإن كان يظُن البعض أنها ديكور - لن تقبل بهذا أبداً, ومن لاحظ الفرق بين سجادة الرئيس فى عيد الأضحى وسجادات الصف الأول فى صلاة الجمعة بأسيوط يعرف أن خلف الرئيس طاقماً لن يقبل بفرعنة أو استبداد مرة أخرى. بل إن حزب الرئيس ليس من مصلحته أن يتفرعن الرئيس, لأن تفرعنه سوف يضر الحزب فى أى انتخابات تلى انتخابات الرئاسة من مجلس نواب أو مجلس شيوخ أو محليات أو حتى نقابات, فالشعب المصرى بعد الثورة يُجرب مرة فإذا فقد الثقة غير الدفة تماماً, وكل حزب فى عالمنا الديمقراطىْ يسعى لأن يجلس على كرسى السلطة أكبر فترة ممكنة لتنفيذ مشروعه الوطنى. قد يقول قائل: إن حزب الرئيس هو أكثر الحريصين على فرعنة الرئيس, لكن الواقع المصرى بعد الثورة من انتخابات حرة ونزيهة وظهور قوى سياسية لها القدرة على المنافسة, سوف يُغير المعادلة ويجعل حزب الرئيس يعمل على إنجاح الرئيس والمؤسسة بلا فرعنة ولا استبداد, لأنه يعلم أن الشعب لن يعطيه ثقته مرة أخرى, لأنه خانها أول مرة. وأضف لذلك كله أنه سوف يكون لدينا برلمان منتخب لديه القدرة على محاكمة الرئيس – كما تنص مسودة الدستور الأولية فى مادتها (159)-, ولدينا مجلس شيوخ منتخب, ولدينا قضاء احترمه الكل حتى الآن رغم علامات الاستفهام الكثيرة, وكان أول الناس فى ذلك الرئيس ومؤسسته, وبدأ انتهاء عصر أمن الدولة وتَدَخل الشرطة فى الحياة السياسية ولإن كنا قطعنا أشواطاً قليلة في هذا المجال. ولا ننسى هنا أيضاً نخبة سياسية بدأت تتشكل ويَقوى عودها يوماً بعد يوم, قوى لديها القدرة على إزاحة الرئيس انتخابياً, قوى لا تترك للرئيس فرصة للاستبداد ولا الفرعنة ولن تتورع عن التشهير به إن فعل ذلك, بل إن بعضها يفعل هذا دون سبب, فما بالك لو وجد السبب؟ ولا ننسى قوى شبابية وثورية أخرى, تستطيع أن تُزيح الرئيس ثورياً وبالتعبئة الشعبية والميدانية, لو شعرت برياح الفرعنة والاستبداد تهُب علينا برائحتها النتنة مرة أخرى. بعد كل هذا أظن أنه يستحيل أن يظهر فرعون جديد لمصر, حتى لو تمنى هو ذلك, وطاقت نفسه للفرعنة, فسيجد ألْف من يقف له ويُقَوِمُه ولا يتورع أن يعزله ويحاكمه ويسجنه إن استوجب الأمر ذلك. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]