وكأن كل الطرق لدينا وربما الشوارع والأزقة والحارات تؤدى بنا إلى فرعنة الرئيس فى كل عصر وحين!! وكأن ساعات قصيرة بين وقت إنتخابه ثم توليه المقعد كافية بأن تحوله عندنا إلى الزعيم القائد المُلهم الذى لا رد لطلتعه البهية إلا بالهتاف والصراخ المؤيد لحماسة كلماته وحلاوة عباراته وحكمة سكتاته !! هانحن نعود من جديد لنقول "إخترناه.. إخترناه" لكن هذه المرة نضيف عليها بقولنا "يوم ما وقف فى التحرير ووقفنا معاه" !!
الأمر لم يتوقف عند سيل الرياء وإشارات الغزل لصاحب السلطة الجديد ممن كانوا يختلفون وينتقدون الرئيس وقت أن كان مجرد مرشح للرئاسة, لكن الأمر تجاوز حدود عقل "اللياقة الثورية" لمن يدعون أنهم أصحاب تفجير الثورة وإستمرارها بأن وقف أحدهم يُقبل يد الرئيس أمام الملايين من المصريين وغيرهم وكأننا عبيداً من عصور حاشية السلطان بينما ندعى أننا "ثوار أحرار وهنكمل المشوار" والغريب أن السلطان لم يرفض أو يتهرب أو ينتقد هذا التصرف أمام نفس الملايين وكأنه واجب من الرعايا له !
لقد أثبتت الأيام القليلة الماضية أننا لازلنا نسير على هذا الدرب الذى يعود بنا إلى الوراء.. يعود بنا إلى عصر "فرعنة" الرئيس من جديد, بل وربما محاولة التسلل إلى فرعنة الأهل أيضاً.. فهاهم أشقائه يملئون السمع والبصر فى إعلامنا المتلون, وهاهو نجله يسخر من هذا الإعلام فى مداخلة تليفزيونية له أكد خلالها أنه يهرب من هذا الإعلام الذى حاول أن يسأله أسئلة من نوعية الأكل الذى يحبه الرئيس وغيرها ! إن الخلاف السياسى مع الرئيس الجديد هو أقل خطراً علينا من حاملى الطبول وأراجوزات كل زمان, لأننا يجب أن نعترف بقدراتهم الفذة والخارقة على خلق أجواء سحر الفرعنة .. وإمتلاكهم مفردات تشكيل وترسيخ مفهوم "السيد والعبيد" وخلق "البطانة" العازلة بين الرئيس وهى ما أصعبها بطانة, وما أصعب مهمة الرئيس من التخلص منها حتى لو أراد . ! إن صعوبة التخلص من هذه البطانة تأتى فى ظرفنا الإستثنائى الحالى من أنها تمثل "فاتورة" حتمية قد تكون مفروضة عليه ممن يرون أنه لولاهم ماجاء إلى حُكم هذه البلد.. فهل يستطيع رئيسنا الجديد بعد الثورة الخروج من جلباب هذه البطانة وبسرعة, وهل يملك قدرات خاصة فى رفض محرضيه فى المستقبل على "الفرعنة" ليبقى إنساناً بسيطاً خادماً لأبناء هذا الشعب.. أم سيسمح لهؤلاء ليقفوا مرددين "إخترناه إخترناه.. وفوق يديه قبلناه"..! المزيد من مقالات حسين الزناتى