من حق الشباب المصرى أن يعرف تاريخ حركة بيوت الشباب كحركة شبابية عالمية ظهرت للوجود عام 2009، وأن يعى فلسفتها وأهدافها ليعوضها عن الظلم الذى تعرضت له فى مصر كثيرًا. وعليه نبدأ فى تأريخ وتوثيق أهم أحداث حركة بيوت الشباب نقلاً عن قياداتها التاريخية، وإلقاء الضوء على فلسفتها وأهدافها ودورها فى تنمية النشء. فقد بدأت الفكرة لأول مرة على مستوى العالم مع بدايات القرن العشرين فى مطلع عام 1909، فى ذهن معلم أطفال ألمانى يدعى ريتشارد شيرمان، ولد بإحدى القرى الريفية بغرب ألمانيا فى شهر مايو 1874، وكان يدرس الجغرافيا والتاريخ الطبيعى، وكان منذ الصغر مولعًا بالرحلات والميل إلى حياة الجماعة، وهذا جعله ينقل هذه الميول إلى أسلوبه فى التدريس، حيث كان يعتمد على أسلوب المعايشة الواقعية والتطبيق العملى وذلك بالخروج مع تلاميذه والتجوال بين الطبيعة سيرًا على الأقدام خارج قاعات الدراسة وبعيدًا عن جدران المدرسة. وساعدت طبيعته المرحة والرياضية على تعليم الأطفال دروس الجغرافيا والتاريخ الطبيعى بطريقة لا يمكن أن يحققها أى كتاب مدرسى بالرغم من تعرضه لانتقادات كثيرة من الإدارة المدرسية، حتى أنهم أطلقوا عليه لقب مدرس المشى المجنون. ومن خلال تمرده على طرق التعليم التقليدية والمعتمدة على جلوس التلاميذ طوال اليوم وهم يدرسون مقرراتهم بين أربعة جدران لا تتوافر فيها الشروط الصحية للإضاءة والتهوية، ودون مراعاة لجوانب التربية المتكاملة والتى تتمثل فى تربية الجسم وتنمية العقل والخلق والوجدان، وإهمال جوانب لها مردودها فى بناء الشخصية الإنسانية كتنمية التفكير وإشباع الميول والهوايات، وبذلك بعدت المدرسة عن الحياة والبيئة.. بدأ شيرمان فى رحلته التى استغرقت 8 أيام، وأصبحت تاريخية فيما بعد من قرية ألتنا إلى قرية آخن سيرًا على الأقدام مرورًا بهضبة ريفية على نهر الراين، استضافهم فى ليلتهم الأولى أحد الفلاحين وقدم لهم البطاطين واللبن الدافئ والبرقوق والخوخ الطازج، وفى الليلة التالية هبت عاصفة شديدة ولم يكن لدى الفلاح ما يستطيع مساعدتهم به إلا قليلاً من القش أخذوه إلى مدرسة القرية ليبيتوا ليلتهم التى كثرت فيها أوقات السمر رغم قسوة الطبيعة، وتسببت فى إخراج هؤلاء الأطفال ما لديهم من طاقات إبداعية، وجعلتهم يتعاونون بروح الفريق وازداد الارتباط بينهم بسبب تلك الرحلة، ومن هنا نشأت الفكرة لديه فى أن تستعمل المدارس كأماكن للضيافة أثناء العطلات كبيوت آمنة للشباب يقع كل منها على مسيرة يوم من الآخر ليستمتع الفتية بالمشى والترحال.. وبدأ ينادى بفكرته عبر وسائل الإعلام المتوفرة وقتها وكانت الصحافة، ووجد من يساند فكرته ليتأسس أول بيت شباب بالعالم بقرية ألتنا عام 1909، وكان فى الأصل قلعة قديمة، وتوالى إنشاء البيوت بكل مقاطعات ألمانيا والدول المجاورة، إلى أن بدأت الحركة فى الانتشار فى معظم أنحاء أوروبا، ثم انتقلت منها إلى جميع أنحاء العالم.. حتى عقد أول مؤتمر دولى لجمعيات بيوت الشباب فى العالم بأمستردام فى أكتوبر 1932، حيث أنشئ الاتحاد الدولى بمشاركة إحدى عشر جمعية وصلت الآن أكثر من 78 جمعية حول العالم منها مصر، التى وصلت إليها الحركة عام 1953، وللحديث بقية.. [email protected]