أبدى محللون ومعارضون مصريون تشاؤمهم تجاه الأجواء التي ستجرى خلالها الانتخابات الرئاسة غدا الأربعاء ، مؤكدين أن النظام الحكام سوف يلجأ إلى جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة ومنها تزوير الانتخابات وتقفيل الدوائر من أجل فرض السيناريو الذي يريده . واعتبر السفير عبد الله الأشعل الدبلوماسي والمحلل السياسي أن موضوع بقاء النظام في السلطة هو مسألة حياة أو موت بالنسبة للرئيس مبارك الذي لن يقبل ببديل غير الفوز الساحق لذا فيمكن له اللجوء إلى كافة الوسائل بداية من التزوير واستخدام العنف وصولا إلى الاعتداء على القضاة غير عابئ بأي انتقادات سواء أكانت داخلية أم خارجية. وأوضح الأشعل أن الرئيس مبارك نبه إلى هذا السيناريو عندما شدد خلال زيارته إلى أسيوط على أن الأمن والاستقرار في مصر خط أحمر حتى فوق الديمقراطية وبالتالي فأي تدخل في تغيير نتائج العملية الانتخابية ليس مستبعدا . من جانبه ، أشار مجدي حسين الأمين لحزب العمل المجمد إلى أن النظام سوف يستخدم جميع الوسائل لتنفيذ السيناريو الذي يرغب في تنفيذه في الانتخابات الرئاسية خصوصا إذا شعر أن الأوضاع لا تسير في صالحه أو أحس بمقاطعة الناخبين مما قد يجبره على خوض جولة إعادة وهو ما لن يقبله النظام بأي حال من الأحوال ، وفي هذه الحالة سوف يستعيد النظام ذاكرة التزوير واستخدام أساليب التقفيل وتسويد البطاقات رغم أنف القضاة أو غيرهم بل أنه يمكنه طرد من يعترض منهم على هذه الإجراءات. واستبعد حسين لجوء النظام لاستخدام العنف أو التزوير المباشر ، وذلك من خلال اعتماده التام على اللجنة العليا للانتخابات ، التي تستطيع أن تقلب الأمر رأسا على عقب حتى لو صوت الناخبون ضد الرئيس مبارك من ثم فإن اللجوء إلى العنف المباشر ضعيف نسبيا رغم عدم استبعاده. وأبدى المستشار عادل عيد عضو مجلس الشعب اتفاقه التام مع وجهة النظر السابقة ، مشددا على أن سيطرة النظام على اللجنة العليا للانتخابات ، والتي حصن الدستور أعمالها بعيدا عن أي مساءلة ، تجعل لجوء النظام إلى العنف والتزوير أمرا مستبعدا. وأكد عيد صعوبة حدوث مواجهة عنيفة بين النظام والقضاة خصوصا أنه قام باستبعاد 1700 قاض أغلبهم من التيار الإصلاحي الذي كان وجوده سيمنع أي تزوير كما أن استعانة اللجنة العليا بالآلاف من أعضاء النيابة الإدارية العامة ومعظمهم تابعون لوزير العدل ، سوف يقلل من إمكانية حدوث أى احتكاك بين الطرفين . وأشار المستشار عادل عيد إلى أن سرية الفرز ستمكن النظام من تطبيق السيناريو الراغب فيه بدون عنف فاللجان الفرعية ستبلغ اللجنة العليا بالنتائج ولدى اللجنة الحرية التامة في إعلان اسم الفائز ، وفي كل الأحوال لن يجرؤ رئيس اللجنة على إعلان اسم فائز إلا إذا كان الرئيس مبارك من هنا فأنا استبعد حدوث أزمة بل كل ما سيحدث مجرد زوبعة في فنجان حول شرعية النظام في الداخل والخارج . في السياق ذاته ، رأى الدكتور أحمد ثابت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن النظام الحاكم لا يستطيع الاستغناء عن التزوير الذي يعد طابعه الأساسي طوال ال24 عاما الماضية ، فالتزوير بالنسبة له كالماء والهواء ولكن النظام سيلجأ إلى أساليب مبتكرة في التزوير حيث سيترك للمواطنين حرية التصويت ثم يفعل ما يحلو له أثناء عملية الفرز التي ستكون سرية ، وسيتم ذلك بدعم مطلق من لجنة الانتخابات الحكومية التي شكلت لخدمة النظام. وأشار إلى النظام استطاع حل مشاكله مع الولاياتالمتحدةالأمريكية بتقديم سيل من التنازلات ومن ثم فإن واشنطن لن تعترض على لجوء النظام إلى تزوير الانتخابات ، وبالتالي فلن يعبأ النظام بأي اعتراضات داخلية وسيتكرر سيناريو الاستفتاء الذي لم يحضره إلا 3% وأدعى النظام أن أكثر من 55% من الناخبين شاركوا فيه . واستبعد ثابت حدوث أي صدام أو عنف داخل اللجان الانتخابية لأن خسائر هذا العنف ضد القضاة أو المندوبين ستكون أكثر من مكاسبه ، لذا فاللجوء إليه سيكون في أضيق الحالات ، مشيرا إلى أن النظام سيلجأ إلى التزوير في القرى والمناطق المهمشة والنائية لخلق انطباع بعدم مقاطعة الناخبين لأن هذه المقاطعة لو ثبتت فستخلق له مأزقا شديدا وتشكك في شرعيته. من جانبه ، أستبعد الدكتور ضياء رشوان الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية أن تكون الانتخابات الرئاسية انتخابات حرة ونزيهة لأن ذلك موضع شك من قبل المواطنين نظراً لممارسات الحزب الوطني والحكومة في تزوير الانتخابات سواء كانت انتخابات مجلس الشعب والشورى والمحليات أو الاستفتاء علي تعديل المادة 76 من الدستور . ولفت رشوان إلى أن حكومة الحزب الوطني قد تلجأ إلي تزوير إرادة الناخبين إذا أحست أن الحزب في مأزق وذلك من خلال إدخال ناخبين بدون البطاقات الانتخابية أو تواطئي أعضاء اللجان لصالح مرشح الحزب الوطني والسماح للناخبين التصويت أكثر من مرة . وتوقع رشوان أن تكون نسبة الإقبال الجماهيري ضعيفة كعادتها ولن تزيد عن نسبة 25 %. وفيما يتعلق بموقف النظام من القضاة الذين سيتولون الإشراف على الانتخابات ، أستبعد المستشار محمود مكي نائب رئيس نادي القضاة أن يكون هناك سيناريو عنيف للتعامل مع القضاة في هذا اليوم ، مشيراً إلي أن مأزق الحكومة لا يكون في هذا اليوم بقدر ما يكون عقب إعلان النتيجة وهل الشعب أطمئن إلي سلامة العملية الانتخابية أم لا وهل يتمتع الرئيس مبارك بعد هذه الانتخابات بالشرعية وتوقع مكي أن تلجأ الحكومة إلي العبث بالنتيجة وتغييرها بعد عملية الفرز وتداول المظاريف مشيراً إلي أنه لابد وأن تتوافر الشفافية والعلنية في إعلان اللجان الفرعية لنتائجها وأن يتم التجميع في علانية وأن تحرص اللجنة العليا للانتخابات علي تحقيق الشفافية في إعلان النتيجة إلي جانب وجود الأشراف القضائي الكامل ومراقبة مؤسسات المجتمع المدني. وعن سرية عملية الفرز ، أكد نائب رئيس نادي القضاة أن اللجنة العليا للانتخابات تحرص حتى الآن أن يكون الفرز سري ولكن القضاة من خلال قرارات فردية سيجعلون الفرز يتم في حضور مندوبي المرشحين ومؤسسات المجتمع المدني حتى تتحقق الشفافية والعلنية . من جانبه ، أكد المستشار مرسي الشيخ رئيس محكمة الاستئناف السابق أن الأحكام التي صدرت عن محكمة القضاء الإداري ، والتي رفضتها اللجنة العليا للانتخابات ، هي عدوان على القضاء ترفضه العدالة وهذا الحكم من الجائز تأييده في الإدارية العليا وواجب النفاذ لأنه لا يجوز الطعن عليه ، ويصبح واجب النفاذ ويكون الأمر المترتب علي عدم الاعتراف بوحيد الأقصري أن يتم فتح باب الترشيح للانتخابات مرة أخرى للترشيح للانتخابات . وأوضح المستشار الشيخ أن قرار القضاء الإداري بإحالة بعض نصوص قانون الانتخابات الرئاسية للمحكمة الدستورية يعني وجود شبهة عدم دستورية ، وبطلانها يعني بطلان إجراءات الانتخابات وإعادتها مرة أخرى. وأضاف أن كل ذلك يترتب عليه عدم شرعية الانتخابات ، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية العليا لا تعرف إلا الرقابة اللاحقة ولا تعرف الرقابة السابقة لكون أن الرأي السابق غير ملزم ومن ثم يجوز للمحكمة الدستورية أن تنظر في المواد المحالة إليها وتصدر حكما ملزما للنظام . واعتبر الشيخ أن ما حدث هو خطر على الشرعية وعدوان على مبدأ سيادة القانون الوارد في الدستور وهو ما يعرض أعلى سلطة في البلاد لشبهة عدم الدستورية ويحدث صدام مروع بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية .