انتهى مشهد انتخابات الرئاسة في مصر وملايين الناس تنتظر الآن النتائج والتداعيات وتترقب أن ينفرج الستار عن مشهد آخر خلال أيام أو شهور قليلة مقبلة يختلف في الشكل والمضمون عما قبل 7 سبتمبر من سنوات ركود عام في الحياة السياسية المصرية بلغت حد الاحتقان الذي كان ينذر بعواقب غير متوقعة ومقدرة في ظروف داخلية ودولية مغايرة. أياً كانت نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت الأربعاء الماضي في مصر وأياً كان الرئيس الجديد فإن السؤال الكبير على الألسنة الآن هو وماذا بعد؟.. هل تدخل مصر حقا مرحلة سياسية جديدة بنظام قديم وبعقد اجتماعي جديد يتراضى فيه الجميع ويستوعب كل القوى السياسية الفاعلة وينهي مرحلة الفرد الواحد والحزب المهيمن. الشواهد في السنوات القليلة الماضية وفي العامين الأخيرين تحديداً كشفت عن حالة حراك وعافية سياسية دبت في أوصال المجتمع المصري أنبتت حركات رفض اجتماعية وسياسية لحالة الجمود والركود وسط عالم يمور ويتغير ويتبدل وكان ذلك دليلاً على إصرار وتصميم على تغيير ما نحو الأفضل ولا يكون في مقدور أحد التراجع عنه أو إحداث أية انتكاسة من شأنها إظلام المشهد بالكامل والدخول في سيناريو لم يكن يعلمه إلا الله وحده. الآن وقد انتهى مشهد 7 سبتمبر فإن ما حدث كان بمثابة «ضربة البداية» في مباراة صعبة وعسيرة على الفريق الذي سيخوضها والجماهير التي صدقت الوعود لن تنتظر طويلا فقد ذهبت السكرة وجاءت الفكرة، وعلى الفريق الفائز الآن أن يعد نفسه لما هو آت وليس أمامه سوى سنوات قليلة لينجز ما وعد به. الصدق وحده هو السبيل والطريق الوحيد الآن لدخول مصر إلى «مرحلة تاريخية» حقيقية تستطيع لملمة ما تبقى لها من دور ومكانة في محيط عربي ممزق ومهلهل بعد مرحلة شاب الدور والموقف غموض ودارت حوله التساؤلات.أمام مصر بعد 7 سبتمبر استحقاقات ومتطلبات في الداخل والخارج.. ولتكن البداية من الداخل الذي يحتاج إلى الكثير من البناء والترميم وإعادة الهيكلة وإصلاح شامل والوعود التي أطلقها المرشحون كفيلة بالانتقال إلى مرحلة سياسية واقتصادية جديدة إذا تحققت وليس أمامها سوى مدى زمني قصير بشرط أن تكون النوايا خالصة لأن أي تحايل والتفاف بالتأكيد لن يكون مقبولا فالرقابة على الانتخابات انتهت والرقابة على الوعود مستمرة ومستيقظة. بناء 1000 مصنع وتوفير 700 ألف وظيفة والقضاء على البطالة وتقليص سلطات رئيس الجمهورية وتفعيل السلطات التشريعية والتنفيذية والتعديلات الدستورية ومحاربة الفساد.. كلها وعود أطلقها المرشحون المتنافسون على منصب «رئيس مصر» وإنجازها في سنتين أو 6 سنوات هو المحك الآن. ولن نشكك في القدرة والامكانية.أعتقد أن مصر بإصلاحها الداخلي قادرة على إحداث التأثير الكبير في المنطقة وتستطيع أن ترفض مشاريع الهيمنة والتبعية وتستعيد بعضا من بريقها ومقامها واللحظة قد تكون مواتية رغم كل ما يحدث حولها.. فلننظر وننتظر. ---------------------------- صحيفة البيان الاماراتية في 10-9-2005