سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التأكيد على الانتقال من مرحلة التمديد إلى مرحلة التوريث .. واعتبار أن مبارك يحكم مصر مستندا على أقلية شعبية .. وانقلاب الصحافة الحكومية إلى حزبية (وطنية) !! ..
المتابع للصحافة المصرية هذه الأيام يستطيع أن يلحظ على الفور انقسامها بين معسكرين (فسطاطين) واتجاهين متقاطعين تزداد الهوة بينهما يوما بعد يوم .. فهناك تصاعدا متواصلا في نبرة الصحف المعارضة والمستقلة ، وسخونة مرتفعة في موادها التي تحمل هجوما وانتقادا على النظام وكشف جميع عوراته بحدة بالغة ، إلى حد رفع جميع السقوف وتحطيم جميع المحظورات .. الأمر الذي خلق أجواء غير مسبوقة في الحياة السياسية المصرية وأعطاها زخما وحيوية غابت عنها عقودا عديدة .. في مقابل حاله من الركود والرتابة تمر بها الصحف الحكومية على رغم امتلاكها امكانات ووسائل مادية وبشرية كبيرة -قياسا بالصحف الأخرى- تؤهلها للقيام بدور مختلف عما تؤديه الآن .. لكن الفيصل في الموضوع هو: متى يتحقق لهذه الصحف حريتها واستقلاليتها ؟. على هذا المنوال استمرت فاعليات الصحافة المصرية اليوم (الاثنين) .. صحف معارضة ومستقلة تهاجم بقوة وضراوة وحرفية عالية ، وصحف حكومية تدافع بضعف وتخاذل .. في الصحف الحكومية عناوين ومانشيتات مكررة (سبق قراءتها من قبل) عن الرئيس مبارك ، فضلا عن أخبار (بايته) ومقالات (موالسة) .. إلا فيما ندر .. أما الصحف المستقلة والمعارضة وهي التي سنركز عليها اليوم .. ففيها أخبار طازجة وآراء متوهجة .. فقد استطلعت صحف اليوم آراء نخبة من السياسيين والمفكرين ، الذين أوضحوا أن أي انتقال للسلطة من الأب إلى الابن حتى لو عن طريق الانتخابات هو توريث ، وفيما رأى البعض أن نقل سلطة الحكم لجمال مبارك مسألة وقت ، أكد آخرون أن جمال قد تسلم الحكم بالفعل مساء يوم الانتخابات في 7 سبتمبر الماضي .. وأبرزت الصحيفة تأكيدات شيخ القضاة المستشار "يحيى الرفاعي" بأن مبارك (سيورثنا لابنه) وان بعض القضاة شاركوا في تزوير الانتخابات . ومن التنكيتات التي رددتها الصحف أن الراقصون والمطربون عرفوا نتيجة الانتخابات من الكنترول استعدادا للاحتفال بفوز مبارك !!.. كما أبرزت الصحف آراء خبراء القانون التي أكدت أن ضعف نسبة المشاركة في الانتخابات هو بمثابة انهيار سياسي للنظام يؤذن بان شرعية النظام قد انتهت يوم 7 سبتمبر وعدنا إلى نقطة الصفر . إلى ذلك توقعت صحيفة "العربي" أن يفجر النظام الحاكم في الأيام القادمة فضيحة فساد كبرى لامتصاص غضب الشارع بعد الانتخابات ، وأكدت أن الأجهزة الرقابية تنتظر الضوء الأخضر لفتح ملفات وزير حالي .. وفي سياق متصل نشرت "صوت الأمة" تحقيقا عن مذيع تليفزيوني يؤلف كتابا اسود عن فساد ماسبيرو يكشف فيه عن عمولات وصفقات صفوت الشريف وابنه . والإشارة إلى نوايا وزير الإعلام "انس الفقي" بفتح ملف خصخصة الإعلام المصري وصراع الكبار حول كعكة ماسبيرو ، وعزمه الطعن في حكم المحكمة الذي يسمح بظهور المذيعات المحجبات على شاشة التلفزيون ، وتعليل ذلك بالسعي للنجاح في المنافسة الإعلامية !!. والاحتفاء بحكم قضائي يكشف الفساد في مجلس الدولة ويدين الواسطة في المناصب القضائية ويستبعد نجل المستشار "مقبل شاكر" الرجل القوي في لجنة الانتخابات . والتحذير من إغلاق مصانع الأدوية المصرية لحساب الأجانب .. وتحذيرات خبراء الاقتصاد بان وعود مبارك الانتخابية لزيادة الأجور هي مجرد دخان في الهواء ، وان انهيار رواتب العاملين في الدولة ناتج عن الظلم الاجتماعي وسوء توزيع مخصصات الدخول . البداية من "المصري اليوم" حيث قال "حمدي رزق" في مقال بعنوان : (صحافة حزبية ولو كره المعارضون).. "تعالوا نفضها سيرة ونكف عن الخوض في عرض الصحافة القومية ونعتد ونعتبر لمقولة إنها ( صحافة حزبية قومية ) ولو كره المعارضون . وللمرة الثانية أؤكد أن الصحافة التي كانت قومية أصبحت تابعة لأمانة السياسات في الحزب الحاكم وليس في هذا عيباً ولا جناح علي رؤساء تحريرها إلا أن ينكروا تلك الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رائعة النهار فيدفعونها لحسابهم علي قومية الأداء في صحافة حزبية يعين الحزب رؤساء تحريرها .. أيضاً علي رؤساء تحرير الصحف التي كانت قومية ألا يدفنوا رؤوسهم في الرمال ويعتزوا بأنهم صحافة الحزب ( واللي موش عاجبه يشرب من بحر الصحافة المستقلة ) أما مضغ اللبان والتشدق بماضي حيادي لهذه الصحافة وحاضر أكثر حيادية فالصحافة القومية لا عمرها كانت محايدة وطوال عمرها منحازة بدرجات وبتلوينات وليس لها ، وغير مطلوبة منها وإن قامت بها فلن تقبل منها فهي منحازة ولو أقسم رؤساء التحرير علي الحياد . الخلاصة التي توصل لها رزق : أن من توقع من الصحافة القومية الحياد سقط في امتحان الفراسة ويحتاج لمخ اصطناعي ومن طالبها بالحياد أضاف للمستحيلات الأربعة خامسة ومن يود محاسبتها ستقطع يده وأرجله من خلاف ويلقي في شارع الصحافة بين الأهرام والأخبار لأنه يفسد علي تلك الصحافة طاعتها الأولي الأمر عنوان المعركة الانتخابية كان الانحياز الصارخ لكي انحياز صحف الأحزاب لمرشحيها كان زى العسل علي قلب المراصد الصحفية والهجوم الساحق الماحق علي الرئيس وأسرته من جانب كتاب الصحافة الخاصة والمستقلة ومن بينهم كتاب هذه السطور كان برداً وسلاماً لا حد قال احم ولا حد قال دستور ، وتبدأ نوبات الجلد الصحفي والسياسي لهؤلاء والسؤال هو حرام عليهم حلال علينا ؟ ثم إذا لم ينحازوا لأزمتهم إيه اختاروهم ليه؟! علشان سواد العيون ولا المهانة التي تجري أنهاراً من حبر أقلامهم السيالة ولا طشة الملوخية في مطابخهم العامرة ؟ إذن هؤلاء انحازوا ونحن بالضرورة منحازون ولكل انحيازه إلا أن يدعوا قومية ليست فيهم وحيادا أبعد ما يكونون عنه ولنكف عن هتك عرض الصحافة القومية لأنها أصبحت حزبية بالعند في القومجية . والى صحيفة "صوت الأمة" التي أعدت ملفا بعنوان : (انتهت شرعية مبارك) افتتحه "وائل الابراشي" بالقول : " أعتقد أن النظام في مصر انتهي من مرحلة "التثبيت " تثبيت الرئيس مبارك في الحكم لمدة 6 سنوات قادمة ودخل الآن في مرحلة التوريث، التوريث الحكم لجمال مبارك الذي سيدخل الانتخابات القادمة كمرشح للحزب الوطني وسيخرج علينا "المبرراتية" وترزية النفاق والقوانين والتشريعات ليؤكدوا لنا أن جمال مبارك خاض الانتخابات كمواطن وليس كابن رئيس الجمهورية إن هذا هو ما دفع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إلي التأكيد علي أنه يجب علي جمال مبارك أن يعمل في السياسية لفترة ويقدم لنا نفسه لكنه إذا دخل انتخابات الرئاسية ويقدم لنا نفسه لكنه إذا دخل انتخابات الرئاسية في ظل سلطة أبيه فإن ذلك يعد توريثاً ، والسؤال الآن هل انتهت مرحلة التثبيت بسلام ؟ وهل يضمن النظام تنفيذ خطة التوريث بأمان أعتقد أن هذا هو السؤال الأساسي المطروح للمناقشة الآن . وأضاف "الابراشي" : "أكاد أجزم أن مرحلة جمال مبارك الفعلية والحقيقة بدأت 7 سبتمبر وإن كانت بدأت قبل ذلك بكثير إلا أنني أتحدث عن فكرة التغيير الشامل في السلطة والسيطرة الكاملة عليها تمهيداً للوصول الرسمي إليها عام 2011 سوف يختفي كل رجال الحرس القديم صفوت الشريف وفتحي سرور وكمال الشاذلي بعد أن أدوا المهمة وأفسدوا الحياة السياسية سوف يزحف رجال جمال مبارك إلي كل المؤسسات من صغيرها إلي كبيرها للتنصيب الرسمي بعد 6 سنوات أخيراً دعونا نتحدث بصراحة الديمقراطية الكاملة لن تتحقق في مصر والعالم العربي لأنها تعني " تداول السلطة " وحكامنا يرفضون التنازل عن السلطة إلا ومنها إلي القبر ، حتى أصبحنا نراهن علي قضاء الله لا علي صناديق الانتخابات " . وتحت عنوان : (مجرد 6 سنوات سوداء أخرى) قال "إبراهيم عيسي" : " لست منزعجا علي الإطلاق من تمثيلية الانتخابات (التونسية) أسف المصرية ، فالحقيقة أن حكم مبارك لم يدع لي يوما فرصة واحدة كي يخيب ظني في استبداده وديكتاتوريته وتزويره لإرادة الناس بعد أن ألغي عقلهم وضميرهم الفارق فقط بين ما حدث هذه المرة عن أربع مرات سابقة أن وزارة الداخلية هي التي كانت تزور هذه المرة وزارة العدل هي التي تزور في المرات السابقة كان صفوت الشريف يشرف علي التزوير في هذه المرة جمال مبارك هو الذي أشرف علي التزوير .. ما كان مبارك يسمح لهذه الانتخابات بأي نتيجة غير اكتساحه لأن فشل إدارة الحملة الانتخابية سيجعل ابنه جمال مبارك عرضه للشماتة من الحرس القديم وللاتهام له ولرجاله في أمانة السياسيات بالضحالة التنظيمية والساذجة الحزبية، من هنا كان ولابد من خروج النتيجة علي هذا الشكل حتى تقر عين الابن ويتفوق أمام زملائه في المدرسة السياسية . وفي فقرة أخرى من مقاله يقول عيسى : "يقولون : إن هذه الانتخابات نزيهة نظيفة معني ذلك أن مبارك حكمنا أربعة وعشرين عاما باستفتاءات مزورة أي أنه حاكم صعد للحكم بتزوير إرادة الناس وأصواتهم ، فما الذي ينتظره منا هذا الحكم للناس أن نهلل له ونفرح لأنه قرر أن يزور بالانتخابات ما كان يزوره بالاستفتاءات .. امتلأت مصر وتكدست وانتفخت بالنفاق أقلام وألسنة كتاب وصحفيون مذيعون ومذيعات مسئولون وساسة أساتذة ودكاترة موظفون وخدم كلهم يعومون في بحور من النفاق يجرف الحق العدل من بلدنا وتزين الطغيان والديكتاتورية لحكامنا وتتملق أفعالاً ظالمة علي أنها قمة العدل وتمتدح أفاعلاً فاشلة علي أنها قمة النجاح وتركع إعجاباً بأقوال سقيمة علي أنها الحكمة المنزلة والآيات المطهرة وبات النفاق متاع الحياة الدنيا ، وأبدعت مصر أنواعا وإشكالا من النفاق واسمحوا لي أن أصنف نفاق المصريين تجاه رئيسهم وابن رئيسهم وحكامهم عموما إلي أنواع وطبقات من وجهة نظري وأتحمل أنا وحدي الوزر العلمي عن هذا التصنيف الذي أعيد تقديمه ونشره للإفادة والدراسة . أولاً هناك نفاق الاستقرار حيث ينافق البعض من أجل بقائهم علي مكاتبهم وفي عزمهم نابين وجائزين ولأنهم يعرفون أن الولاء والطاعة وكذلك النطاعة هي التي أتت بهم فهم أحرص الناس علي النفاق المغالي فيه والمموج حتى يحفظون استقرار مقاعدهم . وهناك ثانيا نفاق الاستمرار وأصحابه هم الذين لا يكفون عن طموح الترقي والتصعيد لا يرضون بالأبعديات التي تحت أيديهم بل يطمعون فيما هو أكبر وأكثر ومن هنا يمتد نفاقهم من تقديس وتأليه الحاكم إلي حد تقديس المقعد الجالس عليه والبدلة التي يرتديها وذريته وأهله وحفدته وأخوته .. ثم هناك ثالثا نفاق من نوع جديد طازج وهو نفاق اليأس حين يدرك البعض أنه لا أمل في حركة ولا يدركه ولا تغيير ولا صعود ولا طموح وأنه لا طريق إلا النفاق فيمارسونه يأسا ويلحقون بالركب لعلهم ينالون ما يرون أنهم أهل له من ثروة أو نفوذه أو إمارة أو سفارة . وهناك رابعا النفاق المتذاكي الذي يعتقد أصحابه أن قليلاً من النفاق يصلح المعدة ويسمح لهم تفاقم للسيد والسادة أن يقولوا بعدها كلمة طبية كشجرة طيبة . وخامساً النفاق الجبان بلا هدف سوي التقليد والمشي وراء القطيع والخوف من عدم النفاق فتمتد يد تتلف حياتهم أو يتلصص عسس علي قلوبهم وعقولهم . وسادساً: النفاق الماسوخى الذي يلجأ إلية مرضي احتقار الذات والتلذذ بالمذلة هذا هو النفاق بكل أنواعه الذي يحتاج إلي العلماء والمثقفين لتعريته وفضحه فإذا بهم أول من يمارسونه وأكثر من يحترفون وأعرف أسماء كثيرة تمارس كل نوع من هذا النفاق لكنني لن أذكرها لأن الله أمر بالستر ثم أن منهم زملاء أحيلهم فحالت أن أتفهم نفاقهم حتى لا أكرمهم . والى صحيفة العربي حيث قال رئيس تحريرها "عبد الله السناوي" أن الرئيس مبارك يواجه في ولايته الخامسة استحقاقات لا مفر منها وملفات لا سبيل هذه المرة لتجاهلها أو الالتفاف حولها ، فهو رئيس انتقالي بحقائق الأمور والأعمار ، وفى صخب الاحتفالات بتنصيبه لولاية خامسة يطرح سؤال المستقبل نفسه : من التالي؟ .. وقد بدأت الآن مرحلة البحث عن المستقبل بعد مبارك ، والملفات الثقيلة تضغط على الرئيس . الملف الأول توريث الحكم ، وهو ملف ملغم بالاحتمالات الخطرة ، ويصعب تصور حدوثه في بلد مثل مصر ، وفيما يبدو أن الرئيس راغب في توريث الحكم لنجله، ويحاول أن يكسب وقتا لعله يمكن الابن من تولى السلطة رسميا، بادعاء أنها جرت عبر صناديق الاقتراع في دورة انتخابية رئاسية جديدة ربما تباغتنا قبل موعدها المحدد، ووفق النص الدستوري المعيب للمادة 76 الذي يمنع أية منافسة محتملة، وربما يسعى الرئيس في الشهور المقبلة لتمكين نجله من مقاليد السلطة الفعلية ، وتغيير الجياد في الحكومة والجهاز التنفيذي لصالح لجنة السياسات ورجالها ، التغيير مطلوب ، غير أن الهدف منه لابد أن يكون واضحا أمام الرأي العام ، ولن يقبل أحد في مصر ، ومنهم أغلبية الذين انتخبوا مبارك وأيدوا توليه الحكم لولاية خامسة، أن تنقل السلطة في مصر على هذا النحو . بل لعل الرئيس يدرك، وهو معنى باعتبارات الأمن ومؤسسات القوة في الدولة ، أنه يصعب مرور هذا السيناريو ، والمشكلة الحقيقية في المرحلة المقبلة أن مصر تتطلع لنظام جديد ودستور جديد يرفع يد الدولة عن الحياة السياسية ويضع قواعد عقد اجتماعي جديد تتوافق عليه إرادة القوى الفاعلة في المجتمع، بينما هناك من يحاول توظيف هذه الطموحات لتوريث الحكم ، بما يهدد -عمليا- النظام الجمهوري ويخلق طبقة من المنتفعين ، وبعضهم دفع لحملة مبارك الانتخابية بسخاء وحشد أنصار للذهاب إلى صناديق الاقتراع ، والأثمان سوف تسدد ، بما قد يهدد بتصاعد أخطر في الاحتقان السياسي والاجتماعي . وأضاف "السناوي" أن خطاب التوريث ملتبس ، فمن ناحية يتبنى جمال مبارك ومن حوله خطابا إصلاحيا، ويصفون أنفسهم بالحرس الجديد في الحزب الوطني أو الإصلاحيين ، ومن ناحية مقابلة تبدو فكرة التوريث مناهضة للإصلاح السياسي . وهنا مأزق جمال مبارك السياسي، فدوافعه مفهومة إنسانيا ومستهجنة سياسيا، والأخطر أنها تعرقل التطور الطبيعي للبلاد وتسحب من رصيد الرئيس مبارك بصورة باتت خطرة وبما يهدد نظام الحكم في وجوده ، أو حتى قدرته على البقاء لدورة رئاسية جديدة مدتها ست سنوات . الرئيس لابد أن يحسم أمره، وإذا كان خياره بين مصر وأسرته، فالبلاد التي أولته ثقتها لسنوات طويلة أولى بالرعاية . يترافق مع هذا الملف الحساس ملف الفساد الذي لا يقل خطورة في تهديد مستقبل البلاد ، ففي السنوات الأخيرة أخذت عصابات الفساد المنظم تضرب في العمود الفقرى للسلطة ورؤوسها العليا ، ولا نتصور أن تقديم أكباش فداء مما يصلح أو يفيد إذا ما بقيت البيئة المولدة للفساد على حالها ، وهناك معلومات تتحدث عن احتمال إعلان قضية فساد كبرى لشخصية وزارية تتمتع بكراهية الرأي العام ، وأن جهة رقابية تنتظر ضوءاً أخضر للقيام بهذه العملية ، وهى مرحب بها على كل حال ، لكنها لا تكفى لإصلاح سمعة نظام تدهورت وكما لم يحدث من قبل . الملف الثالث ، هو ملف الإخوان المسلمين ، واحتمالات دمج تيار الإسلام السياسي في المجتمع المدني، ويصعب تصور تحول حقيقي للديمقراطية وإرساء قواعد جديدة للحياة السياسية مع استبعاد أحد المكونات الرئيسية للسياسة والمجتمع في مصر . ومن مصلحة البلاد أن تحزم أمرها مع توافر ضمانات دستورية وقانونية تمنع أية قوة تصل للسلطة عن طريق الانتخابات من الانقلاب على الديمقراطية باعتراف حقيقي بجماعة الإخوان المسلمين أو إقرار مبدأ إنشاء أحزاب سياسية بمرجعية إسلامية، فهذا مما يوفر استقرارا في المسرح السياسي، وهذا لابد أن يتبعه بالضرورة حل التنظيم السري لجماعة الإخوان المسلمين، والتخلص وهذا تطور ايجابي في كل الأحوال من ازدواجية الخطاب السياسي الذي يصف هذه الجماعة بالمحظورة ثم يذهب لعقد الصفقات السياسية معها . الملف الرابع ، وهو أكثر حساسية ، ويستدعى حوارا جدياً على أساس من احترام وتقدير لدور المؤسسة العسكرية في تاريخنا الحديث ، يتعلق بمستقبل هذه المؤسسة في الحياة السياسية ، ففي كل البلدان الديمقراطية تستند قوة الحكم على المؤسسة العسكرية ، ولأن المجتمعات السياسية هناك أقوى من الدولة وأجهزتها فإن الأخيرة تلتزم بالقواعد الديمقراطية ، وتلعب دورها المقدر في حماية الحدود والدستور معاً . وعلى مدى نصف قرن تولى أربعة من رموز المؤسسة العسكرية رئاسة الدولة في ظروف ثورة استثنائية ، ثم باسم الانتقال من شرعية ثورية إلى شرعية دستورية ، والانتظار طال والشرعية تآكلت . ومع الحراك السياسي الجديد الذي يبشر بدور أكبر للمجتمع السياسي فإنه من المتوقع أن تشهد مصر في السنوات المقبلة على سدة الحكم رئيسا مدنياً، أو رئيساً بخلفية عسكرية لكنه يعرض نفسه على الرأي العام في انتخابات حرة . وفى كثير مما يكتب الآن خفة لا تليق في التعاطي مع القوات المسلحة ودورها وتاريخها ، ومصر في حاجة إلى جدل جدي يضع مقتضيات الأمن القومي في اعتباره ، وينظر باحترام للمؤسسة العسكرية المصرية ، ثم يبحث في الدستور عن صياغات يتوافق عليها لدور هذه المؤسسة في مرحلة التحول الشامل إلى الديمقراطية . ونعود إلى "المصري اليوم" حيث يجيب "ضياء رشوان" عن تساؤل تصدر عنوان مقالة وهو: ماذا الآن وقد غابت أغلبية المصريين عن التصويت ؟ .. ويقول : " أن البلاد كلها في حاجة لوقفة جادة تتناسب مع الدلالات الخطيرة لأرقام ونسب الانتخابات . وأولي تلك الدلالات هي إقرار لجنة الانتخابات الرئاسية بأن نسبة مشاركة المصريين في الانتخابات كانت فقط 23% من المقيدين يعني مباشرة وبدون أي مواربة أن ما أعلنته وزارة الداخلية بشأن نسبة المشاركة في الاستفتاء الذي تم علي تعديل المادة 76 من الدستور يوم 25 مايو الماضي لا يحتمل سوي أحد استنتاجين : الأول أن الشعب المصري قرر فجأة وبدون أي أسباب واضحة لأي مراقب سياسي أو باحث علمي أن يغير من سلوكه التصويتى بنسبة تزيد علي 130 % فتنخفض نسبة المشاركة خلال نحو ثلاثة شهور من 53% في الاستفتاء حسب زعم وزارة الداخلية أما الاستنتاج الثاني والأكثر منطقية فهو نتيجة الاستفتاء قد طالها العوار ونضج منها التزوير بما يخرق الأعين والدليل الساطع علي ذلك ليس انتقادات المعارضة أو تقارير نادي القضاة العام ، بل ما أعلنته بنفسها لجنة الانتخابات الرئاسية من نسبة المشاركة تقترب بدورها من الحقيقة ولا تطابقها بل ربما تزيد عنها قليلاً بفعل ما قام بع قيادات الحزب الوطني من تسويد لبعض اللجان خاصة في محافظات الصعيد ولا شك أن تلك النتيجة تعطي كل الحق والتبرير لمن قاطعوا الاستفتاء وانتخابات الرئاسية لاستنادهم علي القاعدة القانونية المعروفة ما بني علي باطل فهو باطل حيث تطيح بشرعية تعديل المادة 76 ومعها وهو الأخطر اليوم بشرعية الانتخابات الرئاسية ونتائجها برغم أن تلك الأخيرة لم تعرف في يوم أجرائها تجاوزات كبرى تخل بنتائجها والنسب التي حصل عليها المتنافسون فيها . هذا عن البطلان القانوني والدستوري لتلك الانتخابات، أما البطلان السياسي والشعبي والتاريخي لها فيستند إلي الدلالة الثانية الخطيرة لها فمن شاركوا في تلك الانتخابات تبلغ نسبتهم 10% بالضبط من إجمالي عدد الشعب المصري وتبلغ نحو 15% فقط من عدد المصريين الذين هم في سن الانتخاب أي ثمانية عشر عاماً فما فوقها والبالغ خمسين مليون مواطن تقريبا .. أما من أيدوا الرئيس مبارك ليصبح أول رئيس منتخب لمصر في تاريخها فلا تكاد نسبتهم تصل إلي 9% من عدد الشعب المصري أو13% ممن هم في سن الانتخاب ولا يحتاج الأمر ألي كثير شرح أو توضيح فبأي نوع من القراءة لأي من تلك الأرقام يضحي الحزب الوطني ورئيسه يحكمان مصر اليوم مستندين إلي أقلية لا يعطيها حجمها الضئيل أي حق في أن تفوضهم بأي حال من الأحوال في اتخاذ قرارات كبرى أو وضع سياسات عامة تتعلق بمستقبل البلاد الدستوري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي داخلياً وخارجيا .ً وأضاف "رشوان" إن البطلان القانوني والدستوري وكذلك البطلان السياسي والشعبي والتاريخي لكل من الاستفتاء علي المادة وانتخابات الرئاسية يستلزم من الحزب الحاكم الاعتراف بذلك بطريقة عملية حتى لو لم يقم بذلك لفظية مباشرة والاعتراف العلمي هنا لا يعني أن يقر الحزب الحاكم بأخطائه ويستمر في الحكم البلاد وصياغة مستقبلها القريب والبعيد مستنداً إلي إجراءات باطلة وأقلية هزيلة بل يعني أن يمتلك الشجاعة باعتباره واحداً من القوي السياسية الرئيسية في البلاد منذ دخولها العصر الحديث ممثلاً كأسلافه قطاعات مهمة من المصريين المتلقيين حول جهاز الدولة وحزبها أيا كان اسمه . وامتلاك الحزب الوطني لتلك الشجاعة وإقراره بأنه واحد من القوي السياسية الرئيسية في البلاد إلي جانب أخري غاب ثلاثة أربعاها عن الاستفتاء وعن انتخابات الرئاسية يعني ضرورة البدء بلا إبطاء في وضع وتنفيذ برنامج للإنقاذ الوطني العاجل تشاركه في وضعه تنفيذه تلك القوى الرئيسية التي تمثل مصر الحقيقية معه . نتحول إلى صحيفة "الوفد" التي نشرت قرار الهيئة العليا لحزب الوفد تأكيد الثقة بالإجماع في الدكتور نعمان جمعة رئيساً لحزب الوفد . صدر القرار بعد اجتماع استمر أكثر من أربع ساعات عبر خلاله أعضاء الهيئة العليا عن آرائهم وملاحظاتهم حول نتائج الانتخابات الرئاسية التي خاضها الدكتور نعمان جمعة استجابة لقرار الهيئة العليا للوفد والمكاسب التي تحققت من هذا القرار والسلبيات التي شابت العملية الانتخابية . وفي هذا السياق قال "فؤاد فواز" في مقاله اليومي بالوفد (رحلة كل يوم) : "لقد تصرفنا بحسن نية شديدة .. كنا نعتقد أن النظام الحاكم قد أغلق هذه الصفحة إلي الأبد ولم يعد يفكر في ارتكاب هذه الجريمة مرة أخري .. والاعتداء علي حق الشعب المصري في اختيار مستقبله وتحديد مساره للتقدم والرقي .. كنا نعتقد أن النظام الحاكم سوف ينسي الماضي ولا يعود إلي ارتكاب هذه الفضائح مرة أخري .. لكن يبدو إن اللي فيه طبع ما يغيرهوش .. ومن تعود علي اغتصاب حقوق الشعب في اختيار مستقبله لن يتوقف . حاول الوفد في هذه المرة ألاّ يلتفت إلي الوراء .. نسي الوفد ما حدث من النظام الحاكم عام 95 إبان ذروة عمليات الإرهاب في مصر .. وكيف أنه أدانها بشدة ووقف ضدها .. في الوقت الذي وقفت فيه أحزاب المعارضة موقفاً سلبياً نكاية في الحزب الحاكم الذي استولي علي كل شيء .. كانت وجهة نظر الوفد في ذلك الوقت أن الوطن وسلامته فوق أي اعتبار وأنه مستعد أن يتحالف مع أي أحد ضد أي سوء قد يصيب سلامة هذا الوطن .. وجاء رد النظام الحاكم علي الوفد بأسرع ما يمكن وفي نفس العام مارس النظام الحاكم في انتخابات البرلمان أسوأ أساليب التزوير والبلطجة وتزييف إرادة الشعب .. وكان المقصود من وراء هذا هو عدم السماح للوفد باحتلال مكانة تليق وتاريخه ومواقفه الوطنية تحت قبة البرلمان . وهذه المرة يا سادة كنا نعتقد أن الحزب الحاكم قد تاب .. وأنه قد عدل عن ارتكاب جرائمه المتكررة من مخالفات في الانتخابات وفرض إرادته بالقوة علي جموع الشعب.. ورغم تحذير الرفاق لحزب الوفد بأن يقاطع هذه الانتخابات.. إلا أن الحس الوطني والقومي للوفد الذي اشتهر به عبر التاريخ أبي عليه أن ينسحب وقرر دخول الانتخابات علي أمل أن يكون الحزب الحاكم قد وعي الدرس مما حدث في انتخابات العراق وفلسطين.. لكن يبدو أن الرفاق كانوا علي حق.. لأن الحزب الحاكم لم يتغير ولن يتغير ولم يعد لديه في كل الأحوال إلا تزوير إرادة الأمة . !! وفي هذا الموضوع أيضا علق "مجدي مهنا" في المصري اليوم على هزيمة الوفد في الانتخابات قائلا : " الهزيمة التي لحقت بحزب الوفد لا اتفق مع من يفسروها علي أنها مؤامرة ضد الوفد وضد رئيسه الدكتور نعمان جمعة .. فالهزيمة لها أساب داخلية لا ترجع إلي فشل حملة الوفد الانتخابية وإنما ترجع إلي العديد من السياسات والممارسات في السنوات الأخيرة والتي تحتاج إلي مراجعة وإلي مواجهة شجاعة مع النفس قبل أي شيء أخر . بدون الاعتراف بهذه الحقيقة التي تبدو واضحة كالشمس قبل الانتخابات بفترة طويلة وبعدها فالوفد الحزب العريق سوف يلحق به هزائم أخري والمسؤولية يتحملها الجميع الوفد بهيئاته ولجانه وبرئيسه .. أعتقد أن كل مخلص للوفد وكل محب له لابد أن يشارك بالرأي في كيف يعود الوفد إلي جذوره ؟ .. وقد كشفت الانتخابات الرئاسية أن حزب الغد استطاع خلال شهور قليلة أن يتحول إلي الحزب السياسي المنافس الرئيسي للحزب الوطني الحاكم، وهذا يضع أمام قادة أحزاب المعارضة والقوي السياسية الأخرى مسؤولية كبيرة في دارسة نتائج التجربة الوليدة لماذا نجح أيمن نور فيما فشلوا هم فيه؟ إن عليهم إعادة حساباتهم والتعليم من تجربة حزب الغد الذي أظهر معارضة شرسة للحكومة والحزب الوطني ولنظام الحكم تجاوزت في بعض الأحيان حدود المعقول .. ورفعت من مساحة الحرية ودفع حزب الغد ثمن ذلك من اعتداءات وضرب واعتقال وحبس .. واختتم مهنا مقاله قائلا : "إن توجيه الاتهامات والانتقادات إلي أيمن نور وإلي حزبه حتى لو كان أغلبها صحيحاً لن يفيد في شيء وإنما يعني استمرار المنافسين له في نفس سياستهم الخاطئة التي يدفعون ثمنها اليوم . ونعود إلى صحيفة العربي حيث نختتم جولتنا بما قاله ابرز كتابها "عبد الحليم قنديل" : "أن من حق مصر التي تتغير الآن وتخلع جلدها القديم أن تخلع الرئيس مبارك، فلم يعد من شك في بطلان رئاسة مبارك بالقانون وبالسياسة ، أمارات السياسة ظاهرة في النتائج المعلنة لما يسمى عبثاً بالانتخابات الرئاسية ، فقد حصل مبارك طبقا للبيان الرسمي- على قرابة ستة ملايين صوت من 32 مليونا مقيدين في جداول الناخبين ، أي أنه حصل على 20% أو أقل من أصوات المقيدين ، ولو أضفت ما يزيد على 16 مليون مصري آخر لهم حق الانتخاب وغير مقيدين بالجداول التي تعدها وزارة الداخلية ، فالمعنى بسيط فاضح للقصة كلها، فقد حصل مبارك حتى بالنتائج الرسمية على 12.5% من مجموع أصوات الذين لهم حق الانتخاب ، أي أن مبارك حتى بالنتائج الرسمية مجرد رئيس لشريحة ضئيلة لا تكاد تمثل ثُمن المصريين ، أي أن الرئيس مبارك في أفضل الأحوال هو رئيس 3% فقط من المصريين، وحزب الرئيس صاحب الأغلبية المزعومة هو حزب ال3% ، وبالمقابل : قاطعت الأغلبية الساحقة من المصريين أو امتنعت عن تأييد أو دعم رئاسة مبارك ، وقد بلغت هذه الأغلبية المقاطعة 77% من المقيدين بالجداول بحسب النتائج الرسمية ، وبالأرقام : قاطع 25 مليون مصري من المقيدين بالجداول مساخر انتخابات 7 سبتمبر ، ولو أضفت ال16 مليونا ممن لهم حق الانتخابات وغير المقيدين بالجداول ، فالمعني : أن 41 مليون مصري لهم حق الانتخاب يعارضون رئاسة مبارك أو يعرضون عنها ، أي أن نسبة المقاطعة التلقائية والمقصودة زادت بمقتضى الأرقام الرسمية على 85% من إجمالي الذين لهم حق الانتخاب ، وقد تزيد النسبة إلى ما يقل قليلا عن مئة بالمئة بأخذ دواعي الإكراه والتزوير في الحسبان ، وهو ما يعنى أن موقف المقاطعة السياسية لا المشاركة الذيلية كان الأشد إخلاصا لرغبة شعبية غلابة ، فلم تنفع مبارك هذه البروباجندا الإعلامية غير المسبوقة ، ولا نفعه إنفاق دعائي فاجر حقا زادت تكلفته على المليار جنيه مصري ، ولا نفعه تجنيد الإدارة والأمن المركزي ومافيا المصالح الموبوءة لمصلحته، ولا نفعه توريط أطراف منسوبة للمعارضة في استفتاء مقنّع أو انتخابات على الباترون، فالأساس الدستوري فاسد ، ومبدأ المساواة جرى دهسه تماما ، وحق الترشيح الجدي جرى حجبه ، وقرارات ما يسمى لجنة الانتخابات الرئاسية جرى تحصينها من مجرد التأويل ناهيك عن حق التقاضي فيها المكفول دستوريا ، وبالجملة : فقد انتهت القصة إلى انكشاف سياسي وقانوني كامل لنظام حكم الرئيس مبارك، سقطت ورقة التوت في القفزة الأخيرة ، وثبت أن مبارك يغتصب الرئاسة ويحجزها له ولنجله من بعده ، وأنه حول مصر إلى حكر مخصوص لعائلته وأصهارها ومماليكها وأغواتها في أمانة الحزب الوطني وأمانة لجنة السياسات ، وأن رئاسته لمصر باطلة كبطلان زواج عتريس من فؤادة .