فوز الزميلين عبد الوكيل أبو القاسم وأحمد زغلول بعضوية الجمعية العمومية ل روز اليوسف    وزارة النقل تدرس إرسال مهندسين وفنيين للتدريب في الصين    جهاز التنمية الشاملة يوزيع 70 ماكينة حصاد قمح على قرى سوهاج والشرقية    جولة داخل مصنع الورق بمدينة قوص.. 120 ألف طن الطاقة الإنتاجية سنويا بنسبة 25% من السوق المحلي.. والتصدير للسودان وليبيا وسوريا بنحو 20%    عاجل - إصابة الملك سلمان بن عبدالعزيز بمرض رئوي.. الديوان الملكي يؤكد    فرنسا تستثير حفيظة حلفائها بدعوة روسيا لاحتفالات ذكرى إنزال نورماندي    ميدو بعد التتويج بالكونفدرالية: جمهور الزمالك هو بنزين النادي    نتائج مواجهات اليوم ببطولة الأمم الإفريقية للساق الواحدة    غدا.. أولى جلسات استئناف المتهم المتسبب في وفاة الفنان أشرف عبد الغفور على حكم حبسه    أخبار الفن اليوم، محامي أسرة فريد الأطرش: إعلان نانسي تشويه لأغنية "أنا وأنت وبس".. طلاق الإعلامية ريهام عياد    «ذاكرة الأمة».. دور كبير للمتاحف فى توثيق التراث الثقافى وتشجيع البحث العلمى    الصحة: طبيب الأسرة هو الركيزة الأساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    سلطنة عمان تتابع بقلق بالغ حادث مروحية الرئيس الإيراني ومستعدة لتقديم الدعم    رئيس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة: جرائم الاحتلال جعلت المجتمع الدولى يناهض إسرائيل    دموع التماسيح.. طليق المتهمة بتخدير طفلها ببورسعيد: "قالت لي أبوس ايدك سامحني"    بينها «الجوزاء» و«الميزان».. 5 أبراج محظوظة يوم الإثنين 19 مايو 2024    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    طقس سيئ وارتفاع في درجات الحرارة.. بماذا دعا الرسول في الجو الحار؟    خبير تكنولوجى عن نسخة GPT4o: برامج الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى إغلاق هوليود    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للنوم في الطقس الحار بدون استعمال التكييف    الكشف على 1528 حالة في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    تحركات جديدة في ملف الإيجار القديم.. هل ينتهي القانون المثير للجدل؟    الجمعة القادم.. انطلاق الحدث الرياضي Fly over Madinaty للقفز بالمظلات    جدل واسع حول التقارير الإعلامية لتقييم اللياقة العقلية ل«بايدن وترامب»    متحور كورونا الجديد.. مستشار الرئيس يؤكد: لا مبرر للقلق    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    «النواب» يوافق على مشاركة القطاع الخاص فى تشغيل المنشآت الصحية العامة    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    حكم إعطاء غير المسلم من لحم الأضحية.. الإفتاء توضح    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    رئيس الإسماعيلي ل في الجول: أنهينا أزمة النبريص.. ومشاركته أمام بيراميدز بيد إيهاب جلال    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير معهد بروكنجز الأمريكي: الصحافة «المستقلة» محرك رئيسي للمضي في عملية الإصلاح الديمقراطي في مصر
نشر في القاهرة يوم 06 - 07 - 2010

في مايو الماضي صدر عن مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكنجز للابحاث تقرير بعنوان" مشهد الإعلام المصري المتطور ودوره في السياسة المحلية، وفي خبر صغير ،اشارت بعض الصحف المصرية لبعض ما جاء في التقرير من معلومات وآراء تتعلق بأوضاع حرية الصحافة والإعلام في مصر، وكانت كلها تتركز في إبراز الجوانب السلبية التي أوردها التقرير، وهو ما أعطي انطباعا بأن هذا هو الاتجاه العام لمحتواه، لكن بعد الاطلاع عليه اتضح أنه يحمل قدرا من الموضوعية في العرض ،فصحيح أن النقاط السلبية هي التي لها الغلبة، لكن التقرير لم يخل من بعض نقاط الضوء، وهنا لابد من الاشارة إلي أن اصدار هذا التقرير، يأتي في إطار مشروع المعهد الخاص بالعلاقات بين الولايات الأمريكية والعالم الاسلامي، وهو برنامج بحثي، فيتم اعداد تلك التقارير لمساعدة صانعي السياسات في الإدارة الأمريكية وقادة الرأي في صياغة القرارات المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط، ولهذا يحرص باحثو المعهد الذي يعد من ابرز مراكز التفكير think tanks في الولايات الأمريكية ،علي توصيف الاوضاع بالشكل الذي يمكن المسئولين من اتخاذ القرار الصائب- من وجهة نظرهم.
التقرير الذي اعدته ميريت مبروك وهي مؤسسة صحيفة The Daily Star Egypt «أصبحت فيما بعد The Daily New Egypt »، تخرجت في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وعملت علي هذا التقرير خلال فترة الزمالة في مركز سابان الذي تأسس في مايو 2002 .
إذن فالتقرير يصف وضع الإعلام المصري،من صحافة وفضائيات واعلام الكتروني، ويرصد دوره في تحقيق الإصلاح السياسي في الفترة الأخيرة، وبناء علي هذا العرض، تقوم الباحثة في النهاية، بتقديم توصيات للإدارة الأمريكية حول كيفية الإسهام في دعم الصحفيين والإعلاميين المصريين، من منطلق أن الإعلام يلعب الدور الأكبر في تحقيق الإصلاح والتحول الديمقراطي، الذي هو - من وجهة نظر الباحثة - هدف مهم للولايات الأمريكية، ويدعم مصالحها.
ما يعنينا هو الصورة التي قدمتها الباحثة للاعلام المصري في الفترة الاخيرة، وقد أولت اهتماما كبيرا بالصحافة "المستقلة"، حيث تري أن التحدي الأكبر في الوقت الحالي يأتي من ناحية الإعلام المستقل، فتقول إن الصحافة الحزبية تعامل بحذر من القراء، لأنها تقدم وجهة النظر الحزبية، أما الصحف الخاصة فحصلت علي قاعدة كبيرة ومنها صحف المصري اليوم، الشروق، الدستور، وهي هنا تشير إلي الفجوة بين أنماط الصحف المختلفة، وتدلل بالاعداد الصادرة من صحيفتي «الأهرام» والمصري اليوم لنفس اليوم، وكيفية انتقاء موضوعات الصفحة الأولي، وطريقة المعالجة أما عن ملاحظاتها حول بعض الصحف المعارضة والحزبية- ولم توضح الفرق بين التسميتين- فهي أنها زاعقة الصوت وحادة النبرة في نقد الحكومة وتميل إلي "الفرقعة"، وشبهتها بشبكة فوكس نيوز الأمريكية، حيث تميل للتعليق علي الاحداث اكثر من كونها مزودة بالأخبار، لكنها مع ذلك تشير إلي أن لتلك الصحف مريديها، مثلها تماما مثل "فوكس".
اشاد التقرير بالصحف الخاصة التي" استطاعت توفير المعلومات للقراء، وتغطية أحداث، تعتم عليها الصحف الحكومية أو ربما لا تغطيها نهائيا، وتفرد الباحثة مساحة كبيرة لمشاكل الصحافة المصرية، تبدأها بقانون الطوارئ، وتصف عملية تأسيس صحيفة بأنه"كابوس"، وتشير إلي انه تفاديا لهذه التعقيدات تؤثر الصحف "الطباعة" في الخارج - وهو تعبير غير دقيق والمقصود الحصول علي الترخيص- لكنها في المقابل تدفع الثمن بأن تعامل كمطبوعات أجنبية ومعرضة للمصادرة قبل التوزيع، وغالبا ما تتم المصادرة بعد الطباعة فيتكبد الناشر تكلفة باهظة، قد ينجم عنها انهيار الصحيفة ماليا.
أما الصحف المحلية فتذكر الباحثة - معتمدة في ذلك علي مقال لعاطف السعداوي في مجلة الديمقراطية بعنوان" الصحافة المصرية .. إلي أين" أن هناك مجموعة من القيود، وشبكة من التشريعات الإعلامية، ليس فقط في الكم، وانما أيضا في تعقيدها لتضييق الخناق علي الصحفيين من كل الجوانب، وهي متضمنة في قانون العقوبات وقانون تنظيم الصحافة، وقانون العمل، وقانون الأحزاب السياسية، وقانون المخابرات، وغيرها، وتبعا لنفس المصدر ،تذكر الباحثة أن القوانين التي تحكم عمل الصحافة في مصر، تخالف علي الاقل عشر مواد في الدستور، ووصفتها بأنها "وحشية" وقالت إنه علي الرغم من أن المادة 48 من الدستور المصري تضمن حرية الصحافة، الا أن مصر واحدة من ضمن 13 دولة في العالم تجيز السجن في حالة القذف أو التشهير، وبالتالي يكون "من الطبيعي ألا تشجع تلك القوانين الصحفيين علي متابعة أي بحث جاد يتعلق بالمساءلة العامة.
وتعود الباحثة إلي عام 2004 عندما صرح الرئيس مبارك بأن وضع الإعلام سيكون مؤسفا إذا كان هناك من يسجن لمجرد قيامه بعمله، وطلب اجراء تعديلات علي القانون، وبعدها بعامين تم اعلان القانون الجديد،" وأشاد به مسئولو الحزب الوطني الحاكم، باعتباره خطوة إيجابية علي طريق الإصلاح، وانتصارا للصحافة". أشارت الباحثة إلي أن نقابة الصحفيين تم تجاهلها أثناء إعادة صياغة القانون لكنها لم تذكر أن النقابة قدمت رؤيتها الخاصة للتعديل- وعددت أشكال الاحتجاج التي قام بها الصحفيون لكن" دون جدوي" .ذكرت الباحثة أن عقوبة القذف والتشهير في القانون الجديد أصبحت عامين سجن كحد أقصي دون وضع تعريف للقذف أو التشهير، وتم رفع الغرامة إلي 30 الف جنيه، فضلا عن ذلك قامت الحكومة بحذف جملة من المادة 302 وهي التي تعفي من عقوبة القذف من يثبت عدم وجود سوء النية، وانما مجرد الإبلاغ عن حقائق".
يتناول التقرير الدعاوي القضائية التي يواجهها الصحفيون، فتذكر الباحثة أنه منذ عام 2006 أقام عدد من رجال الاعمال المصريين البارزين دعاوي قذف وتشهير ضد صحف، وذكرت أن أحمد عز، علي مدار العام الماضي (2009) تنازع تقريبا مع كل صحف المعارضة، وتعلق بأن مثل هذه القضايا تكون "كارثية" للصحف بسبب الغرامات مع ذلك تؤكد أن مصر تتمتع بنظام قضائي مستقل وأن القضايا التي تتعلق بالتضييق علي حرية التعبير، غالبا ما يتم إسقاطها، لكنها مع ذلك تري أن مجرد التهديد برفع دعوي قضائية هو بمثابة رادع قوي للصحفيين، وتستشهد بدراسة شملت صحفيين من جريدتي المصري اليوم و"دايلي نيوز" الذين أكدوا انهم يلجئون للرقابة الذاتية لتجنب المواجهات القضائية مع الحكومة.
وتبرز الباحثة المعاملة المختلفة التي تلاقيها الصحف المستقلة، فتقول إنه في مسألة حظر النشر عما عرف بقضية هشام طلعت مصطفي،فإن 8 محررين تم اتهامهم بحظر النشر، 3 منهم من الصحف الحكومية ،و5 من الصحف الخاصة، فتم إسقاط التهم ضد محرري الصحف الحكومية، أما محررو الصحف الخاصة فحكم عليهم بالسجن عام- أسقطت لاحقا- وغرموا عشرة آلاف جنيه.
وتستطرد قائلة إن عددا من رؤساء تحرير الصحف المستقلة كانوا متصدرين العناوين الرئيسية للصحف علي مدار العامين الماضيين وهم ابراهيم عيسي، ووائل الابراشي، وعادل حمودة، وعبد الحليم قنديل، وتمت محاكمتهم وفقا لقانون العقوبات بتهمة نشر اخبار كاذبة بسوء نية، وترويج الشائعات التي من شأنها الإضرار بالنظام العام، فقالت إنهم تلقوا أقصي عقوبة، وهي السجن عام، وغرامة 20 الف جنيه،. لكن تم اسقاط عقوبة السجن في المراحل التالية للتقاضي. وتشير إلي قضية « إبراهيم عيسي التي عرفت ب "قضية صحة الرئيس" واتهامه ب اهانة الرئيس "- لم تذكر انه تمت تبرئته من هذه التهمة لاحقا- وقالت إن عيسي اتهم بتهديد الامن القومي مما أثر سلبا علي البورصة المصرية، فتم "صفعه" بغرامة وستة أشهر حبس، وقبل دخوله السجن مباشرة تلقي عفوا رئاسيا ، ورغم إشارة الباحثة إلي أن قضية ابراهيم عيسي تندرج تحت بند قضايا الحسبة، والتي وصفتها بأنها بلاء أصاب البيئة السياسية المصرية إلا أنها لم تشر إلي أن قضية رؤساء التحرير الاربعة هي الأخري قضية حسبة، أقامها أحد المحامين الأعضاء بالحزب الوطني، اتهم فيها رؤساء التحرير بالإساءة وتشويه رموز الحزب الوطني، وطالب بتعويض عن الأضرار التي أصابته كمنتم للحزب بمبلغ 10 آلاف جنيه.
تخلص الباحثة إلي أن الصحافة المصرية أصبحت "منبطحة" أمام الدعاوي القضائية، حتي انه في الربع الأول من 2009 وحدها تم اقامة 28 دعوي قضائية ضد صحف أو صحفيين، والصحافة المستقلة كان لها النصيب الأكبر، 8 صحف مستقلة أقيمت ضدهم دعاوي، أما صحف المعارضة فكان نصيبها ثلاث قضايا، أما القومية فكان نصيبها قضيتين فقط، وتستند في تقرير لمنتدي الحوار للتنمية وحقوق الانسان صدر في مارس 2009 يفيد بأن 26 % من القضايا تم إقامتها من قبل صحفيين، و26% من قبل أحزاب سياسية وسياسيين، و26% من قبل شخصيات عامة،و ال22 % المتبقية من أفراد عاديين.
القنوات الفضائية
تنتقل الباحثة إلي رصد وضع الإعلام الفضائي، الذي «أحدث تغييرا كبيرا في المشهد الإعلامي»، وذكرت أن أولي القنوات الفضائية المصرية الخاصة وهي "المحور" و دريم 1 ودريم 2، " تميزت بمجموعة متنوعة من البرامج السياسية، والحوارات التي تتناول الموضوعات المثيرة التي تغطي كل المجالات بدءا من الفتاوي الدينية، حتي"العادة السرية" مما جذب المشاهدين إلي القناة، وتعلق قائلة "صحيح أن حلقات العادة السرية لم تغضب الحكومة- وحظيت بإعادات عدة- إلا أن حديث هيكل عن التوريث السياسي صدم القائمين علي القناة، وكانت اخر مرة يظهر فيها علي قناة فضائية مصرية، لكن "الجني" كان قد خرج من الزجاجة، وكان علي القنوات أن تستجيب لرغبات الجمهور لتستمر في العمل، فالمشاهدون يرغبون في موضوعات الجنس والسياسة والاهم من ذلك الفرصة لطرح أسئلتهم لتلقي الاجابات عنها علي الهواء مباشرة، وكانت برامج التوك شو هي السبيل.
الإعلام الجديد
يفرد التقرير المساحة الأكبر لما يعرف بالإعلام الجديد، فتؤكد الباحثة مستشهدة بإحصائيات مركز المعلومات و دعم اتخاذ القرار ووزارة الاتصالات، أن تطور الإعلام الجديد في مصر كان سريعا، ففي عام 1995 قدر عدد مستخدمي الإنترنت بعشرة آلاف مستخدم، وبعد 13 عاما أصبح 8,62 مليون مستخدم، في بلد تقدر نسبة الامية بها أكثر من70 %، أما عن المدونين فقبل اربعة اعوام، قدر عددهم بحوالي 40 مدونا ليصبح عددهم الان 160 الف مدون، اي انه يوجد مدون من كل اربعة يستخدمون الإنترنت.
وتستشهد بدراسة بجامعة هارفارد توصلت إلي أن أعلي نسبة من المدونين الإناث في المنطقة العربية هي في مصر، والفئة العمرية للمدونين تتراوح بين 20 و30 عاما، وهي نفسها التي تسعي لجذبها كل الأحزاب السياسية " حزب الحكومة والأحزاب المعارضة" لمدة ثلاثة عقود دون نجاح يذكر.
ويأتي التعليم كعامل آخر في التأثير علي بيئة الإعلام، وتؤكد الباحثة أن كل العوامل السابقة أدت مبدئيا إلي تغيير بسيط في البيئة السياسية، لكن تأثيرها أصبح محسوسا بشكل متزايد، وتدلل علي دور برامج التوك شو، التي تصفها بأنها "تقوم بالدور التقليدي للمقاهي"، مشيرة إلي أنها غالبا ما تنشر "الغسيل القذر للبلاد."
من ضمن الأمثلة التي تبرهن بها علي دور برامج التوك شو، تذكر الباحثة ما حدث منذ عامين عندما نشر مالك مصطفي علي مدونته تحت عنوان" السعار الجنسي في وسط البلد"، كشاهد عيان علي ما حدث من تحرش بالفتيات أثناء عيد الفطر مصحوبة بصور من زميله المدون وائل عباس، فقامت قناة دريم من خلال برنامجها العاشرة مساء، بعرض الموضوع علي الرأي العام، من خلال ضيفته نوارة نجم التي كانت تتحدث عن مسلسلات رمضان، وهنا تقول الباحثة إن مني الشاذلي تصرفت بما يليق بكونها الأكثر مشاهدة، عندما أجري فريق عمل البرنامج تحقيقا تليفزيونيا وقابل شهود العيان، واتصلت بوزارة الداخلية التي أصرت علي نفي كل ما قيل، بعدها تناقلت القصة وتابعتها الصحف المختلفة، لكن التقرير يؤكد أن تأثير برامج التوك شو ليس إيجابيا دائما أو كما هو متوقع، وتستشهد بما حدث في برنامج وائل الإبراشي "الحقيقة" الذي وصفته الباحثة بأنه برنامج ناجح وجريء للغاية، عندما استضاف اثنين من البهائيين والصحفي جمال عبد الرحيم عضو مجلس نقابة الصحفيين، وانتهت المناقشة بصراخ عبدالرحيم علي باسمة موسي البهائية، بأنها مرتدة، وبعدها بثلاثة ايام، تم حرق ثلاثة منازل لبهائيين في قرية الشورانية بصعيد مصر.
الأحزاب السياسية والشخصيات العامة أيضا استخدمت برامج التوك شو للوصول إلي أكبر قدر من الجمهور ممن لا يمكن الوصول اليهم من خلال الوسائل الحزبية التقليدية، واعتبرت الباحثة أن مطالبة المواطنين ومساءلتهم للمسئولين و السياسيين تطورا حديثا في مصر، لكن القيام بذلك علي الهواء مباشرة وبدون اخفاء للهوية يعد تطورا "مذهلا"
تداعيات
هنا تربط الباحثة بين ما سبق وبين تبني جامعة الدول العربية في عام 2008 وثيقة مبادئ لتنظيم البث الفضائي في الوطن العربي، وقالت إن الوثيقة جاءت بمبادرة من مصر والمملكة العربية السعودية، لعدم رضا النظامين عن طريقة عمل قناة "الجزيرة" فيما يخص البلدين. وأشارت إلي أن الصحفيين العرب انتقدوا الوثيقة في مقابلات عديدة بالصحف وبرامج التوك الشو، خاصة أن الوثيقة تضمنت عواقب وخيمة إلغاء التراخيص، وأكد الصحفيون أن وظيفتهم ليست تعظيم وتمجيد الحكام العرب، وإنما مساءلتهم.
وتستعرض الباحثة تداعيات الوثيقة التي " دخلت حيز التنفيذ علي الفور"، فتذكر أنه في أول إبريل 2008 أوقف النايل سات إشارة بث قناة الحوار ومقرها في لندن، دون إعلان السبب، لكنها أرجعت ذلك إلي بثها برنامجين، الأول يعرض انتهاكات حقوق الانسان في الدول العربية والثاني يستضيف الرموز المعارضة، لكنها لم تذكر أن القناة عاودت البث بعد ذلك - كما تم وقف بث قناتي البركة والحكمة .
وفي يوليو 2008، قدمت الحكومة المصرية مشروع قانون لتنظيم البث المرئي والمسموع، ودعت لتأسيس هيئة حكومية لمنح التراخيص لأي قناة تبث من مصر والتأكد من أنها لا تؤثر سلبا علي الوحدة الوطنية والنظام العام، ويشمل القانون كل وسائل نشر المعلومات بما فيها الإنترنت ورسائل الموبايل، ووصفت "المصري اليوم" هذا المشروع علي لسان منظمات حقوق الانسان المصرية بأنه المسمار الاخير في نعش الإعلام المصري، لكن القانون لم يتم حتي الآن عرضه علي مجلس الشعب للنظر به بشكل نهائي.
و في 8 إبريل قدم اتحاد الإذاعة والتليفزيون شكوي ضد شركة القاهرة للأخبار، التي تمنح خدمات البث الفضائي والمعدات للقنوات التي تعمل في مصر ومنها قناة الجزيرة، التي قدمت تغطية لاحتجاجات العمال في المحلة يوم 6 إبريل، وفي 17 إبريل قام 35 من رجال الشرطة بمصادرة معدات البث الخاصة بالشركة، واتهم نادر جوهر مالك الشركة باستيراد وحيازة معدات وأجهزة للبث بدون ترخيص، وحوكم وفقا للقانون 10 لسنة2002 . جوهر أعلن أن تراخيص الشركة انتهت في يوليو 2007 بعد أن عملت الشركة بشكل قانوني لمدة عام، وقال انه عندما حاول تجديد الرخصة، أخبره مسئولو وزارة الإعلام أنه يجب أن ينتظر حتي تصدر التشريعات الجديدة، لكن بإمكانه أن يعمل خلال هذه المدة، ومع ذلك تمت مقاضاته، وهنا تشيد الباحثة مرة أخري بالقضاء المصري"المستقل" الذي برأ جوهر في الاستئناف من حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتم إسقاط غرامة قدرها 150 الف جنيه.
السياسة و التدوين
يقدر عدد المدونين السياسيين ب18,9 % فقط من اجمالي المدونين المصريين، لكنها مع ذلك مقروءة بشكل جيد من قبل المهتمين بالسياسة، " ليجد الشباب المصري وسائل جديدة للتعبير عن نفسه، بعد عقود من الركود السياسي".
تفسر الباحثة سبب انتشار التدوين بأنه يمكن القيام به من خلال المنزل أو الجامعة أو كافيه، دون الحاجة للتظاهر في الشارع، ففي يناير 2006 حمل المدون وائل عباس فيديو يظهر عماد الكبير سائق الميكروباص الذي يتم تعذيبه بواسطة اثنين من عناصر الشرطة، وتقول" في انتصار نادر لحقوق الانسان تم الحكم عليهما بثلاثة أعوام سجن". انتشر التدوين أيضا بسبب عدم ظهور هوية المدون، فالعالم الافتراضي يبدو أكثر أمانا لممارسة الحقوق السياسية والمدنية، وهذا ما يفسر زيادة عدد الاناث المدونات، لكنها تشير أنه مع ذلك تعرضت إسراء عبدالفتاح لاعتقال لمدة اسبوعين، باعتبارها منسقة لإضراب "خليك بالبيت"، لكنها كانت اكثر حظا من زملائها، فكريم عامر الذي تم اتهامه بالإساءة إلي الإسلام والرئيس مبارك، يقضي حاليا السنة الثالثة من عقوبة أربع سنوات بالحبس، وهنا تلفت الباحثة إلي أنه من المهم الإشارة إلي أن مدونين آخرين انتقدوا كتابات عامر، ووصفوها بأنها غير مسؤولة و تدعو للكراهية، ومرة أخري تؤكد الباحثة أن الحكومة ليست فقط من تزعج المدونين، وانما يقوم بعض الأفراد برفع دعاوي ضدهم، فقام القاضي عبدالفتاح مراد برفع دعوي بحظر 51 موقعاً أغلبهم يتصل بالسياسة وحقوق الإنسان.
تستعرض الباحثة كيف استغلت القوي السياسية المختلفة الإعلام الجديد، وعلي رأسها من وجهة نظرها جماعة الإخوان المسلمين، فتقول انه رغم إغلاق الحكومة لموقع الجماعة الرسمي في 2004،الا انها أنشأت 18 موقعا للدعاية للمرشحين الذين تدعمهم في انتخابات 2005، وتم تدعيم ذلك براديو علي الإنترنت. أشارت الباحثة أيضا إلي أن التدوين من قبل المنتمين للجماعة كان وسيلة للنقد الذاتي خاصة من شباب الجماعة لقياداتهم، وهو ما اعتبرته أمرا إيجابيا.
الإعلام الجديد والإصلاح
ترفض الباحثة أن يتم تفسير ما جاء سابقا بالشكل الذي يعتبر نشطاء الإنترنت مفاتيح الإصلاح الديمقراطي في مصر، وقالت إن هذا الافتراض يتسم بالحماس الزائد لأكثر من سبب، ففي أفضل الأحوال فإن 25% من السكان يدخلون علي الإنترنت ولهذا فان جمهور المدونات محدود، ورغم أن وائل عباس حمل فيديو تعذيب عماد الكبير علي المدونة إلا أن القصة لم تنتشر وتعرف الا بعد أن قام صحفي بجريدة الفجر هو كمال مراد بالنشر عنها، ولهذا فان دور الإعلام الجديد في مصر يبدو كعامل محفز أكثر من كونه وسيلة لنشر الاخبار. سبب اخر لمحدودية المدونات، وهي أنه يتم العثور عليها بالصدفة، وغالبا ما يدخل القراء علي مدونة بعد أن يسمعوا عنها، فيحظي عدد معين من المدونات دون غيره بالشهرة. وهي غير قادرة علي الحشد والتعبئة، ولهذا فإن اضراب 6 ابريل 2008 تم تنظيمه من خلال مواقع اجتماعية مثل الفيس بوك، وليس من خلال المدونات.
التباس!
تثير الباحثة هنا نقطة في غاية الأهمية وقد ناقشها من قبل عدد من الصحفيين، وهي نشأة ما يعرف بصحافة المواطن، فتقول" المدونون لأنهم يكتبون ويجدون من يقرأ لهم، اعتبروا أنفسهم صحفيين، لكنهم لا يمارسون أو حتي تدربوا ليكونوا صحفيين، وقالت إن المنظمات الدولية التي من المفترض أن تهتم بالصحفيين، أدرجت المدونين ضمن اهتمامها، وتري الباحثة أن تلك المنظمات تحط بذلك من قدر الصحافة العربية، لأن مهنة الصحافة لها أخلاقيات وقواعد ومبادئ، وتضيف" في استطلاع أجري عام 2007، شمل 600 صحفي عربي، أكد المبحوثون أن التقييد الحكومي، والفساد، والملكية الحكومية، علي رأس التحديات التي تواجه الصحافة العربية، لكن اللافت أن 71% منهم يرون أن افتقاد المهنية هي التحدي الرئيسي.
ترجع الباحثة سلوك المدونين إلي تمسكهم بنظرية الصدمة وأن المجتمعات التي طالت فترة انغلاقها لابد من إيقاظها بقوة، ولهذا فالمعايير المهنية لا تعنيهم، وتضيف" المدونون يقومون بخدمة أساسية كناشطين لكنهم ليسوا صحفيين، وتذكر انه عندما أرسلت اللجنة رسالة مفتوحة للرئيس مبارك في مارس الماضي، فإنها " "رثت" الانحدار العام في حرية الصحافة في مصر، رغم أن كل انتهاك أوردته اللجنة كان يتعلق بأحد الناشطين، حتي منظمات مثل "نايت"knight كرمت وائل عباس بجائزتها للصحافة، وعباس نفسه، علق بأنه ليس صحفيا.
و هنا يلفت التقرير إلي أن المشكلة هي استغلال الحكومات العربية هذا الالتباس والخلط بين المدونين والصحفيين، لتقييد الإعلام، فميثاق الجامعة العربية، كان موجها في جزء منه لحماية الشعب من بعض «العناصر غير المسئولة»، وفي هذه الحالة فإن الالتباس بين الصحفيين المحترفين وبعض الناشطين لن يكون في صالح أحد.
وفي نهاية حديثها تلخص الباحثة رؤيتها فيما يخص المدونين، فتقول إنهم ليسوا "المهدي المنتظر" لتحقيق الإصلاح الديمقراطي ولا هم مجرد جهلة مهووسون بالتكنولوجيا، وأنه من الخطأ أن نأمل الكثير منهم، فقدرتهم علي الوصول محدودة، وصعب أن يتم حشدهم ليكونوا معارضة متماسكة، لكن مع ذلك لا يمكن تجاهل مساهماتهم في عملية الإصلاح كونهم أعادوا فكرة التمرد التي كانت مفقودة في مصر، واعطوا روحا للحياة السياسية ،وكلها تطورات محببة تعني انه من غير الممكن العودة للوراء.
أين يجب أن تخطو الولايات الأمريكية ؟
في ختام التقرير تشرح الباحثة اهمية التحول الديمقراطي في مصر للولايات الأمريكية، كونها أكبر دولة في منطقة الشرق الأوسط، والدول العربية تتابع ما يجري فيها وتحذو حذوها، وعندما تكون مقيدة بمعاناة اقتصادية، وحرمان سياسي، فإنها لن تكون نموذجا للدولة التي يمكن أن تدعم الولايات الأمريكية في سعيها لشرق أوسط أكثر استقرارا وعالم خال من الإرهاب، واعتبرت أن إعلاما مستقلا قد يكون حليفا أساسيا في تحقيق تحول ديموقراطي سلمي، خاصة مع ضعف الأحزاب السياسية، خاصة أن الصحافة المستقلة اظهرت اهتماما بالإصلاح السياسي علي صدر صفحاتها الأولي وأعمدة الرأي علي مدي الخمس سنوات الأخيرة.، تري الباحثة أن الدعم الأمريكي يمكن أن يكون دعما ماليا مباشرا، أو من خلال منح جوائز للصحف التي تحقق التميز الصحفي، فضلا عن تمويل ورش عمل لتدريب الصحفيين والطلاب، خاصة أن كليات الإعلام تقدم دراسة نظرية لا تدريبا عمليا، الدعم التكنولوجي يأتي بنفس أهمية الدعم المالي، فيقدم في صورة معدات، مثل الكمبيوتر والطابعات ومعدات التصوير، فهي تتميز بتكلفتها المرتفعة، وهنا أشارت الباحثة إلي أن اغلبية الصحف تطبع في مطابع مؤسسة الأهرام "المقربة من السلطة"، وامكانية استغلال ذلك كوسيلة ضغط سياسي، كتأخير الطباعة. أوصي التقرير أيضا بالمساهمة في تقديم الدعم القانوني، في ظل تزايد عدد الدعاوي المقامة، وتأثيرها"المدمر" علي الصحفيين، وقد يتم ذلك من خلال نقابة الصحفيين أو منظمات حقوق الانسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.