أصبح في حكم المؤكد أن يدخل الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد الانتخابات علي منصب نقيب الصحفيين. وتأتي خطوة مكرم محمد أحمد للترشيح بعد جهود ووساطات قام بها البعض لاقناعه بالتقدم لهذا المنصب الشرفي الرفيع في خطوة تهدف إلي لم الشمل وتجنيب النقابة والصحفيين مخاطر الانقسام وخوفا أيضا من تحول النقابة إلي حزب معارض بشكل يعرض مصالح الصحفيين النقابية إلي الخطر. والواقع أن ترشيح السيد مكزم محمد أحمد يأتي مناسبا الآن خاصة وأن من ترددت اسماؤهم أو أفصحوا تلميحا أو مباشرة عن عزمهم خوض انتخابات النقيب هم من الشخصيات التي لا يمكن أن يكون هناك إجماع حولها ولا يحمل بعضهم وراء ظهره تاريخا صحفيا أو نقابيا يؤهله لهذا المنصب، ويعتمد بعضهم الآخر منهم علي مساندة فئوية ضيقة النطاق لفكر أو اتجاه معين. ويشكل مكرم محمد أحمد في واقع الأمر ظاهرة صحفية جديرة بالمتابعة فهو من بين القلائل من رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير السابقين حيث ظل قلمه متدفقا ومقروءا بعد تركه الموقع التنفيذي علي عكس الكثيرين من زملائه من القيادات السابقة الذين انطفأت وهجة أقلامهم بعد تركهم لمواقع النفوذ والكتابة المفروضة علي القراء. وقيمة مكرم محمد أحمد كنقيب محتمل قادم للنقابة تأتي في كونه يستطيع استقطاب وتجميع مختلف أطياف واتجاهات التجمع الصحفي وإعادة توظيف وبناء دور جديد للصحافة في المرحلة الحالية التي اصبحت مقرونة باختلاط المفاهيم والأوراق وضبابية الرؤية والانقسام الحاد بين الصحفيين ودخولهم في مواجهات مع بعضهم البعض. فالواقع اننا أمام ظاهرة لم نعهدها من قبل في الصحافة المصرية وهي تتعلق بتبادل الاتهامات بشكل قاس وجارح ويخلوا تماما من كل الأعراف المهنية التي كانت سائدة من قبل. فقد أصبح معتادا في الصحف المستقلة والحزبية وحتي القومية أن يكون هناك هجوم أو نقد لاذع لكتابات صحفي آخر وأن يكون هناك تصيد للاخطاء والهفوات وتسفيها من الآراء المعارضة واستخدام للغة متدنية في هذا الحوار الذي لا علاقة للقراء به. وهي ظاهرة وقفت أمامها نقابة الصحفيين عاجزة ولم تبد نصحا أو ارشادا أو توجيها أو موقفا من أي نوع وتركت الجميع يعري كل منهم الآخر بشكل أضر تماما بمصداقية المهنة وقيمتها وبهيبة الصحافة والصحفيين. وانصرفت النقابة بدلا من ذلك إلي لعب دور سياسي في العديد من القضايا بشكل حولها في كثير من الأحيان إلي حزب سياسي وتبنت في ذلك مواقف وآراء وتصورات تعبر عن فكرة واتجاهات اعضاء مجلس النقابة دون أن يكون ذلك رأي جموع الصحفيين الذين لم يكترثوا كثيرا لما تقوم به النقابة. ودخول النقابة المعترك السياسي يفتح الجدال الذي كان قائما من قبل حول هل من صالح الصحفيين أن تدخل النقابة المعترك السياسي أن تركز فقط علي العمل النقابي ومصالح الصحفيين. والبعض يدفع بأنه لابد أن يكون هناك موقف موحد للصحفيين في القضايا الوطنية من خلال نقابتهم وان الدور السياسي هو واقع مفروض علي النقابات المصرية ولا يمكن أن تكون النقابة بمعزل عن تفاعلات المجتمع وهمومه. بينما يطالب أنصار الجانب الآخر بأن تنأي النقابة بنفسها عن القضايا الحساسة التي يمكن أن يكون للصحفيين رأي فيها من خلال صحفهم وكتاباتهم وتعلقياتهم وآرائهم الشخصية والتي يمكن أيضا أن يبلورها من خلال انتماءاتهم الحزبية، ويجب أن يقتصر عمل النقابة علي الجانب المهني والنقابي من خلال علاقات جيدة مع مختلف اجهزة الدولة بشكل يسمح بتحسين أوضاع الصحفيين المعيشية ويرفع من أجورهم ويحسن من معاشاتهم التقاعدية. وفي الانتخابات السابقة كان هناك من المرشحين من تبني الاتجاه الأول وكان هناك من دعا إلي تعزيز وقبول الاتجاه الثاني وجربنا انتخاب نقيب للسياسة ونقيب للخدمات وفي الحالتين لم تتحسن أحوال الصحفيين كثيرا وما حصلوا عليه لا يتناسب مع معاناة الصحفيين ومخاطر المهنة واعبائها. وقد يكون مفيدا أن يأتي مكرم محمد أحمد الآن بصيغة جديدة لدفع العمل النقابي وايجاد توازن ما بين الالتزام السياسي تجاه القضايا الوطنية وما بين العمل علي رفع المعاناة عن الصحفيين وإحداث ثورة في الاجور والمرتبات تجعل الصحفي آمنا في يومه وغده متفرغا للعمل في مطبوعة واحدة حتي يمكن أن يكون له عطاؤه المتميز والابداعي بعيدا عن السعي وراء لقمة العيش علي حساب الانتماء والرأي والموقف. فقد أصبح مثيرا للدهشة والسخرية علي سبيل المثال ان نجد ان الصحفيين الذين يعملون في صحف قومية هم أنفسهم الذين يعملون في الصحف المعارضة والمستقلة بكل ما يمثله من تعارض في المصالح والانتماء واخلاقيات المهنة. إن مكرم محمد أحمد هو الخيار الأمثل لنقابة ضلت كثيرا معالم الطريق وبحاجة إلي وقفة لتصحيح الأوضاع وعلاج الجسد المريض. [email protected]