عمر عبد الفتاح عبد القادر مصطفى التلمسانى، المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين بعد وفاة المرشد الثانى الأستاذ حسن الهضيبى فى نوفمبر 1973م، تميز بقدرته الفائقة على الحوار واحتواء معارضى الجماعة من التيارات العلمانية والإسلامية الأخرى فى مصر، ويعتبر التلمسانى مجدد شباب الجماعة، والذى أعاد تنظيمها بعد خروج أعضائها من السجون فى عهد الرئيس أنور السادات. ترجع أصوله إلى (تلمسان) فى الجزائر، ولد فى حى الغورية بالقاهرة فى مثل هذا اليوم عام 1904، وكان جده سلفى النزعة، قد طبع العديد من كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فنشأ عمر فى جو بعيد عن البدع، وتلقى دراسته الابتدائية فى مدارس الجمعية الخيرية، ثم التحق فى المرحلة الثانوية بالمدرسة الإلهامية، ثم انتظم فى كلية الحقوق، وبعد التخرج سنة 1933م اتخذ له مكتبًا للمحاماة فى شبين القناطر، ثم انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكان أول محامٍ ينضم للجماعة ويوقف فكره وجهده دفاعًا عنها، كما كان من المقربين من الإمام حسن البنا، يصاحبه فى أسفاره وجولاته فى كل مكان، ويستعين به فى الكثير من الأمور. ظل خلف الأسوار أكثر من سبعة عشر عامًا، حيث دخل السجن عام 1948م، ثم فى عام 1954م، ثم فى عام 1981م، وعرف الأستاذ التلمسانى بالصلابة والقوة داخل السجون وخارجها، ولم يلن قط لإرهاب أو تهديد، كما عُرف بالزهد والتعفف والخشية من الله وحده دون سواه والحرص على مرضاته. عاش حياة الصدق مع الله، والعمل لدين الله، والارتباط بدعوة الله، صبر وصابر ورابط وجاهد متمسكًا بحبل الله المتين وعاملاً مع المجاهدين الصادقين سواء كان فى موقع الجندية أو موقع المسئولية، وسواء كان داخل أسوار السجون أو خارجها، لم يتبدل ولم يتلون ولم ينحرف ولم يطمع فى زخارف الدنيا، وبهارج المناصب، بل عاش حياته عازفًا عن رغائب الدنيا مقبلاً على الله، يسكن فى شقة متواضعة جدًا لا تكلف فيها، فى حارة المليجى الشعبية القديمة بحى الظاهر بالقاهرة، وفى زقاق ضيق وسلم قديم متداعٍ، برغم أنه ينحدر من أسرة غنية لها مكانتها الاجتماعية المتميزة. أسهم الأستاذ التلمسانى فى الفكر الإسلامى ببعض الكتب التى أصدرها فى موضوعات شتى، ومن أشهر مؤلفاته: شهيد المحراب عمر بن الخطاب، الخروج من المأزق الإسلامى الراهن، الإسلام والحكومة الدينية، الإسلام والحياة آراء فى الدين والسياسة، الملهم الموهوب حسن البنا أستاذ الجيل، ذكريات لا مذكرات، الإسلام ونظرته السامية للمرأة، بعض ما علمنى الإخوان المسلمون، قال الناس ولم أقل فى حكم عبد الناصر، أيام مع السادات، من فقه الإعلام الإسلامى، من صفات العابدين، يا حكام المسلمين ألا تخافون الله؟، فى رياض التوحيد، لا نخاف السلام ولكن، إلى جانب الكثير من افتتاحيات مجلة الدعوة القاهرية وما كتبه حول الشئون الإسلامية فى المجلات والصحف الأخرى، والمحاضرات التى كان يلقيها فى المنتديات فى البلاد العربية والإسلامية وديار الغرب، والدروس والتوجيهات فى الكتائب الإخوانية والمعسكرات والمخيمات. توفى يوم الأربعاء الموافق 22 مايو 1986م، بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهز 82 عامًا، ثم صُلٍّى عليه بجامع عمر مكرم بالقاهرة، وكان تشييعه فى موكب مهيب شارك فيه أكثر من ربع مليون مصرى، وحضر جنازته رئيس الوزراء، وشيخ الأزهر، وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية ورئيس مجلس الشعب، وبعض قيادات منظمة التحرير الفلسطينية، ومجموعة كبيرة من الشخصيات المصرية والإسلامية إلى جانب حشد كبير من السلك الدبلوماسى العربى والإسلامى، حتى الكنيسة المصرية شاركت بوفد برئاسة الأنبا جريجوريوس فى تشييع الجثمان.