تحدث د.عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين وأبرز رموز تيارها الاصلاحى والمقبوض عليه الآن فى قضية التنظيم الدولى للإخوان فى الحلقة السابقة من مذكراته (شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر) التى تنفرد (الشروق) بنشرها حصريا عن دوره فى انتفاضة الخبز التى سماها السادات (انتفاضة الحرامية) عام 1977 وحكى القيادى الإخوانى عن صدامه مع رئيس الجمهورية على الهواء مباشرة، عندما كان رئيسا لاتحاد طلاب جامعة القاهرة فى حضور بعض أركان الدولة ومنهم نائبه حسنى مبارك. فى حلقة اليوم من المذكرات التى قدم لها المؤرخ والمفكر الإسلامى المستشار طارق البشرى وحررها حسام تمام الباحث فى شئون الحركات الإسلامية يتحدث أبو الفتوح عن أول اتصال له بالإخوان عبر القيادى الإخوانى كمال السنانيرى فى محل أحذية بوسط القاهرة، ثم عن لقائه بعم التلمسانى مرشد الجماعة الراحل، وعن السؤال المحورى الذى أثير داخل صفوف الجماعة الإسلامية الطلابية وقتها: من الذى سيستوعب الآخر، نحن الشباب أم شيوخ الإخوان؟.. وكشف أبو الفتوح عن لغز المرشد السرى للإخوان الذى رفض مهدى عاكف المرشد الحالى أن يبايعه. المرشد السرى مع نهاية حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 بدأ الإخوان فى الخروج من السجن، وكان قد سبقهم الأستاذ حسين الهضيبى الذى أفرج عنه بسبب حالته الصحية ولم يكن حول المرشد إلا عدد قليل يحيط به ويلزم صحبته وهم من يمثلون هيئة مكتب الارشاد من الإخوان الكبار مثل الدكتور أحمد الملط والحاج حسنى عبد الباقى والشيخ مرزوق وهو من قدامى الإخوان، وكان يقال عنه إنه المرشد السرى. لم يكن قادة الإخوان الكبار وخصوصا أعضاء المكتب يتصورون أن يظلوا هكذا دون مرشد جامعة، وكان حديث البيعة حاضرا فى أذهانهم (من مات ليس فى عنقه بيعة فقد مات ميتة الجاهلية) فكان لابد لهم أن يبايعوا أحد مرشدا عاما للإخوان ومن ثم فقد كانوا يأخذون البيعة للمرشد دون أن يكون هناك مرشد حقيقى للجماعة، وقد رفض بعض الإخوان خاصة خارج مصر- الأخ الأستاذ مهدى عاكف المرشد الحالى للجماعة، فحين ذهب إليه أعضاء المكتب ليأخذوا منه البيعة وسألهم عن شخص المرشد وقالوا له إنه سر غير معروف رفض أن يبايع.. وقد أخبرنى بهذه الرواية الدكتور أحمد الملط رحمه الله. ومن هنا جاءت قضية المرشد السرى التى استمرت حتى عام 1975 ففى هذه الفترة اشتد الجدل فى قضية المرشد، وكان لابد أن يظهر الناس من هو المرشد فاستقر رأى أعضاء المكتب على بيعة الأستاذ عمر التلمسانى مرشدا باعتباره أكبر الإخوان سنا، فقد كان هو عضو مكتب الارشاد الوحيد قبل اعتقالات 1954 التى عصفت بالجماعة. كان الإخوة الذين اختاروا الأستاذ عمر التلمسانى يمثلون مكتب الارشاد المؤقت، فلم يكن أحد منهم عضوا فى مكتب الارشاد الرسمى قبل عام 1954- إلا الأستاذ عمر التلمسانى فلم يكن أمامهم إلا اختياره رغم الاختلاف فى منهجية التفكير فقد كانوا من رجال التنظيم الخاص ولديهم اختلافات مع منهج الأستاذ عمر، لم يكن قد أفرج عنه وقت تشكيل مكتب الارشاد المؤقت، فلما خرج بعد ذلك بويع مرشدا وأعيد تشكيل المكتب ثانية لم أكد قد رأيت الشيخ مرزوق إلا مرة واحدة فى بيته حتى شهدت جنازته بعد ذلك.. رحمه الله..