الشعب لم يثُر لخلع الطاغية فقط.. وإنما لتحسين المعيشة، واسترداد الكرامة، ويعتبر طريق بلبيس- الزقازيق من أهم الأدلة على تدهور الكرامة الإنسانية، سواء فى زمن المخلوع، أو حتى بعد الثورة المباركة!. فهذا الطريق مثال حى لتغلغل الفساد وانعدام الضمير وانهيار الرقابة وإذلال المواطن لسنوات طويلة.. إذ كان يرصف بالملايين ثم نفاجأ بتحوله إلى ما يشبه (العَجْوة)، وينقلب إلى مرتفعات ومنخفضات (خطرة)، تعطل السير وتستهلك السيارات وتسبب الحوادث؛ والحكومة والمحافظة بلا حس ولا خبر، لأن المواطن المسكين كان آخر ما يفكر فيه النظام، وقد ظل الحال هكذا لسنوات طويلة رغم أهمية الطريق.. وعندما (اختشوا) وقرروا إعادة رصفه، ظلت ثقافة إهمال المواطن وإهانته كما هي، وكأنهم يعاقبوننا!. ففى الدنيا كلها يتم الرصف بمعزل عن السيارات والمارة، بتدبير طريق بديل لجزء من المسار وإنشاء (تحويلة) مؤقتة لإبعاد السيارات عن عمليات الرصف التى ينبغى أن تتم فى هدوء ودون مضايقات من حركة المرور، وفى الوقت نفسه تحفظ كرامة المواطن بتدبير طريق آدمى له، حتى وإن كان ضيقاً وبطيئاً، ولكنه ممهد وصالح للسير.. وتتم إحاطة الجزء الخاضع للرصف بسياج مؤقت لمنع إزعاج الطرفين: عمال الرصف، وقادة السيارات، وهذا يتم فى كل الدول التى تهتم بحفظ كرامة الإنسان، ويؤدى إلى رصف جيد مطابق للمواصفات العالمية؛ التى ليس لها وجود فى بلادنا. أما ما يحدث بطريق بلبيس فلا يمت للآدمية بِصِلة: رصف عشوائى دون خطة أو تواصل، إذ تجد جزءًا مرصوفًا لمسافة طويلة يتوسطه جزء غير مرصوف وغير ممهد للسير!، وتفاجأ بانقطاع الرصف فجأة وتجد نفسك فى منخفض عميق مكدس بمواد الرصف دون تحذير، ثم تفاجأ بزلزلة السيارة لظهور قطعة أخرى مرصوفة ومرتفعة، والأسوأ أنك تسير فوق مواد الرصف بدرجاتها المختلفة، منها الممهد جزئياً ومنها الملقى فى أكوام، وتغوص فى الأوحال أو الأسفلت الطرى الذى يعرض السيارة للانزلاق وفقدان السيطرة عليها، وليت هذا العذاب لفترة محدودة، ولكنه ممتد لسنوات.. إذ مضى ما يقرب من ثلاث سنوات والحال كما هو، وكأننا نعيش فى بلاد واق الواق.. ولا ندرى ماذا يضير الشركة المنفذة إن حولت المرور لمسافة محدودة إلى جزء من الطريق المقابل، لتنجز بسرعة وهدوء ما تقوم برصفه، ثم تتحول إلى جزء آخر؟، أم إنها الاستهانة بالمواطن؟، وأنا لا أدرى حقيقة كيف تحلى الناس بصبر أيوب كل هذه السنوات، ولم يفكر أحد من المسئولين فى مكافأة هؤلاء الصابرين ولو بسرعة الإنجاز لتقليل المعاناة؟!. يا حكومة الثورة.. إن الشعب لن يصبر كثيرًا على استمرار النظم والإجراءات العشوائية التى تركها المخلوع ونظامه، ولن يصبر على استمرار تجاهل الكرامة الإنسانية.. إننا يمكن أن نصبر على الإصلاحات التى تحتاج إلى موازنات كبيرة أو دراسات وخطط متأنية.. أما ما يحتاج إلى مجرد إجراءات ولوائح وتشريعات، أو مراجعات ذكية للأنظمة البالية، أو تعزيز عمليات التدريب والرقابة والتفتيش؛ فلا يمكن أن نصبر عليه. واجبات شرطة المرور: لا شك أن الشرطة هى أول المتضررين من نظام الرصف العشوائى الرديء المعمول به فى مصر.. فالشرطة فى الدنيا كلها تحرص على تكثيف الإجراءات التى تؤدى إلى سيولة المرور وعدم تعطيله، وهى التى تأمر البلدية أو المقاول بتدبير الطريق البديل وبسرعة الإنجاز، ولا يتم إقرار النظام المتبع أثناء الرصف إلا بموافقة الشرطة، بعد تأكدها من عدم تعطيل حركة المرور وعدم (بهدلة) الناس.. كما تحرص على مراجعة الشواخص المرورية واللافتات التحذيرية والإرشادية اللازمة أثناء عمليات الرصف، ولا توافق على بدء عمليات الرصف دون التأكد من وجود كل ما يسهل للناس ممارسة قيادة المركبات دون منغصات. ولا يفوت الشرطة أن تراجع ما تم رصفه واستكمال مرافقه المرورية قبل السماح بفتح الطريق للاستخدام.. وللأسف فهذا النظام غير معمول به على الإطلاق فى بلادنا، ويبدو أن الشرطة مستبعدة تمامًا، أو أنها تبعد نفسها، عن هموم عمليات الرصف، رغم أنها أساس عملها. وللأسف لم نجد الشرطة على طريق بلبيس إلا لاصطياد من يضطرون للمخالفة هربًا من خطر انزلاق السيارة، أو الخوف على السيارات الجديدة.. فيتركون فخاخ عمليات الرصف (فى جزء من الطريق) إلى الطريق المخالف، فتظهر الشرطة لسحب رخص المجبرين على المخالفة!. لا بديل عن تدخل الشرطة لحماية المواطن وإلزام شركات الرصف باستخدام النظم العالمية المتبعة فى الدنيا كلها.. وكفى ما كابده الناس من عذاب وهوان. همسات: الفيلم (البذيء) لا يسيء إلى الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم الذى كفاه الله تعالى (إنا كفيناك المستهزئين).. ولكنه يسيء إلى من صنعوه، فلنكف عن ترديد جملة (المسيء للنبي) لأن أحدًا لا يستطيع الإساءة لمن حماه الله. من مساوئ المخلوع أنه كان لا يأبه بالصحافة، ولا يستجيب لها، بشعار (سيبوهم يتسلوا!).. والمفروض أن هذا النظام قد سقط، ويجب على حكومة الثورة وضع نظام للاستفادة من كل ما ينشر بوسائل الإعلام. يا وزير التربية والتعليم.. ليس هناك جديد، فالمدارس فارغة كما هى، والدروس الخصوصية كما هي!. يبدو أنك لابد أن تعزل كل وكلاء الوزارة، وتجدد الدماء بسرعة.. أو تستقيل!. [email protected]