فشلت القوى التى تسمى نفسها مدنية فى المعارضة وتوجيه الانتقادات لحكومة الرئيس مرسي، وعلى العكس تماما ينجح الإسلاميون فى ذلك رغم ما يقال عن حداثة تجربتهم السياسية. يمكن أن نفسر ذلك بأن القوى المدنية تعتبر معارضتها ونقدها نوعا من الترف وإثبات الوجود، وأن فشلها فى الالتحام بالشارع والنزول من عرشها إلى الناس يشمل أيضا عدم قدرتها على استكشاف الأخطاء الجوهرية والأساسية التى تمس حياة الناس. انظر إلى نقد المحسوبين على التيار الإسلامى لبعض سياسات الحكومة الحالية تجدها موضوعية وتستهدف أخطاء تراها من وجهة نظرها حقيقية وخطيرة، وهذا يصب فى صالح الإخوان من أجل أن يصححوا أنفسهم. وانظر فى الناحية الأخرى إلى انتقادات الذين يحسبون أنفسهم من أنصار الدولة المدنية، تجدها تصيدا لما يطفو فوق السطح فى محاولة لتحويله إلى خطايا، ولذلك يصب النقد لصالح الحكومة التى يتعاطف معها الناس لأن خصومها يعيرونها بحرصها على ارتياد المساجد لأداء الجمعة أو صلاة الفجر والخروج بعدها لتفقد أحوال بعض المنشآت فجرا بالجلابية بعد أدائها للصلاة! ولو كنت من جماعة الإخوان لطلبت من شبابها ونشطائها على مواقع التواصل الاجتماعى ألا يسيئون إلى المنتقدين الحقيقيين، بل أن يشجعوهم على مزيد من النقد والتصويب، فهم فى حاجة إليه أكثر من أى وقت مضى ليحافظوا على مكتسباتهم، خصوصا أن هؤلاء وقفوا معهم وقفة أصيلة خلال الجولة الثانية للانتخابات، وكان لهم النصيب الأكبر فى الحملة التى استهدفت أحمد شفيق بكل احترافية ومهنية، فيما لم يستطع الإعلام المنتمى للإخوان أن يفعل ذلك وشاب خطابه الأداء المبتدئ المرتجل غير الواعي. الفاشلون فى المنازلات الانتخابية يتصيدون من القسم الذى أداه رئيس جهاز المخابرات الجديد اللواء محمد رأفت شحاتة، أنه وضع يده على المصحف. وفى هذا قرأنا فى صحيفة فاشلة تطبع مساء لتوزع فى صباح اليوم التالى على أكشاك الطعمية الكثير من السخرية والتريقة والتحريض، فقد نظروا إلى ذلك القسم على أنه أسلمة للدولة واستثناء للمسيحيين من تولى هذا المنصب الأمنى الحساس، وتساءلت عن: هل سيحلف مسيحى على المصحف أيضا لو كان هو رئيس المخابرات؟، أم أن المنصب قاصر على المسلمين فقط؟! واعتبره خبير إستراتيجى عسكرى، كثير الطلعات التليفزيونية أنه دليل على وجود تيار إسلامى فى هرم السلطة. فتح الله عليك ذكرتنى بشاهد ما شفش حاجة (رقاصة وبترقص)! ما قاله اللواء سامح سيف اليزل ليس حقيقة على الإطلاق. ورغم أنه رئيس لمركز دراسات إستراتيجية فقد ظهر أنه لا يعلم شيئا عن اليمين التى يقسمها رئيس جهاز المخابرات، وأن وضع اليد على المصحف معمول به منذ تأسيس الجهاز فى السنوات الأولى للثورة، ولا يعنى وجود تيار إسلامى أو أخونة وأسلمة. كل من تولى هذا المنصب فى الماضى وضع يده على المصحف وهو يقسم اليمين. أما كلمات القسم فهى عينها لم يطرأ عليها تغيير، والمقصود هنا عبارة "أن يكون ولائى كاملاً لرئيس الجمهورية"، والتى تم وضعها فى القانون رقم 100 لسنة 1970 نظرا لتبعية المخابرات العامة لرئيس الدولة مباشرة، وهو أمر راسخ فى النظم الرئاسية والمختلطة ومعمول به فى الولاياتالمتحدة وفرنسا، وهذا لعلم الصحيفة الفاشلة التى فتحت لتلك النقطة باب الافتراء على مصراعيه. يخضع القسم فى أى دولة لدين الدولة الرسمي، وبما أن مصر دينها الرسمى الإسلام وتعيش فيها أقليات دينية أخرى، فطبيعى أن يكون القرآن الكريم هو الذى يقسم عليه.. الأمر لا يحتاج إلى تحريض إذن ولكن إلى فهم ومحو أمية الفاشلين من أمثال تلك الصحيفة التحريرية (أقصد التحريضية)! [email protected]