حقا أنها مجموعة الموت التي أوقعت فيها القرعة مصر في بطولة الأمم الأفريقية. التقليل من قوة هذه المجموعة والحديث فقط عن مجرد تفاؤل الجهاز الفني لمنتخبنا يخرج بنا عن معايير الاستعداد الجيد لمواجهة تلك القوى التي تملك كل منها طموحات مشروعة للفوز بالبطولة، خاصة أن منتخبين منها وهما كوت ديفوار وليبيا كانا معنا في مجموعة واحدة بتصفيات كأس العالم، وهما سبب خروجنا مبكرا من هذه التصفيات. الايفواريون هزمونا على أرضنا وكرروها في بلادهم وصعدوا إلى نهائيات المونديال لأول مرة في تاريخهم بمساعدة الفراعنة الذين تعادلوا مع الكاميرون على أرضها مع أنها كانت الأقرب للصعود! المنتخب الليبي كان مفاجأة التصفيات بقوته وعناصره التي تملك امكانيات فنية عالية، وفازوا علينا على أرضهم في مباراة سيطروا عليها فنيا وخططيا.. وقد غابوا عن النهائيات الأفريقية سنوات طويلة وها هم يعودون تحدوهم طموحاتهم في المضي بعيدا، وسيساندهم بلا شك جمهور كبير لقرب المسافة بين مصر وليبيا من ناحية، ولأن الجمهور المصري سيشجعهم في المباريات التي يلتقون فيها مع بقية فرق المجموعة بما فيها المغرب التي يشعر الجمهور المصري أنها مع كل من تونسوالجزائر، كانوا السبب مرارا في افشال فرصة مصر في الصعود لنهائيات المونديال وكثيرا ما خطفوا تلك الفرصة على حسابها! المصريون يذكرون أيضا أن جماهير الكرة في الدول الثلاث، المغرب والجزائروتونس، شجعوا جنوب أفريقيا في لقائها مع مصر في النهائي الأفريقي ببوركينا فاسو، لدرجة أن المقاهي في المغرب وتونس امتلأت بالجمهور الكروي في البلدين الذين كانوا يمنون أنفسهم بفوز جنوب أفريقيا، وأصابهم هدفا أحمد حسن وطارق مصطفى بطامة كبرى كأن منتخبا بلديهما هما اللذان يواجهان الفريق المصري! هناك حالة تحفز متبادلة بين جمهور الكرة في مصر، ونظيره في كل من المغرب وتونسوالجزائر. والمباريات التي تجمع منتخب الفراعنة مع منتخبات تلك الدول مشحونة بالتوتر والحساسية الزائدة. لا زلنا نذكر معركة لاعب الجزائر السابق الأخضر بلومي مع المشجعين المصريين بعد مباراة الفريقين في القاهرة التي صعد الفراعنة بعدها إلى الاولمبياد، وكيف تسبب بلومي في فقد أحد المصريين لبصره! لاعبو دول شمال أفريقيا لهم أيضا طريقة معينة في استفزاز اللاعبين المصريين، فبعد أن يحرزوا هدف السبق يميلون إلى تمويت الكرة والمباراة والسقوط كثيرا على الأرض إلى أن يفقد اللاعب المصري أعصابه ويعرض نفسه للطرد! ما أريد أن أقوله أن المغرب فريق خطير يريد تعويض عدم صعوده لنهائيات المونديال بعد أن كان قريبا جدا منها، وبخطأ من دفاعه أمام المنتخب التونسي، وسيسعى المغاربة للفوز بالكأس، وسيقاتلون في الملعب من أجل أن يكونوا أحد الفريقين اللذين يصعدان من مجموعة الموت. ولن تكون مباراة مصر معهم سهلة، خاصة أن حظوظهم عالية جدا عليها، وسيمتلئ استاد القاهرة بأكثر من مائة الف متفرج يحركون الصخور من أجل أن يفوز فريقهم على المغرب، وهذا الجمهور سيعود أيضا لمؤازرة كل فريق آخر يلعب ضد المغاربة حتى لو كان فريق كوت ديفوار القوي جدا الذي هزم منتخب بلادهم مرتين وصعد على حسابه إلى المانيا! لا تقولوا لي أن المغرب فريق عربي شقيق وأن المصريين سيساندونه بلا شك ضد أي فريق أفريقي غير عربي.. حسابات الكرة بين جماهير هذه المنتخبات العربية التي يشعر المصريون أنها تكيد لهم وتفرح لنوازلهم تشابه تماما حسابات الأهلوية والزملكاوية، فرغم القول السائد "أنا وابن عمي على الغريب" فلا يوجد دليل واقعي يؤكد ذلك! الفصل في القول إننا سنواجه مواقف صعبة للغاية، لابد أن نسعى لحل لوغاريتماتها في مباراة الافتتاح مع ليبيا. لا بديل عنا عن الفوز في هذه المباراة لأن المباراتين التاليتين مع كل من كوت ديفوار والمغرب، ستشهدان صراعا عنيفا وقتالا في الملعب لآخر دقيقة، فكل من الفريقين يريد الصعود، وأدواتهما تتيحان ذلك.. فريقان متخمان بالنجوم المحترفين الأقوياء الذين يلعبون أمام أي جمهور بنفس قوة أدائهم أمام جمهورهم وعلى أرضهم! نضف إلى حظ المغرب العالي علينا، حظ مدرب كوت ديفوار هنري ميشيل العالي علينا أيضا منذ كان يدرب أسود الاطلسي "المغرب".. والحقيقة أنه لم يسبق لنا الفوز على فريق المغرب في عهد هذا المدرب، والايفواريون الذين كنا محظوظين عليهم فازوا علينا في الاسكندرية ثم هزمونا في مباراة العودة في ابيدجان ليجهضوا أمالنا تماما في المنافسة على بطاقة الصعود إلى نهائيات المونديال. حسن شحاتة تنتظره مهمة صعبة وينبغي ألا يجعلها مستحيلة عبر تهيئة لاعبيه للفوز ولا شيئ غير الفوز على ليبيا، والتخلص من مفاجآت مباريات الافتتاح حتى لو كانت ضد فرق سهلة، وليتذكروا أن منتخب السنغال عندما كان ضعيفا ولم يكن بربع مستواه الحالي فاز علينا بهدف في مباراة الافتتاح التي جمعتنا معا في استاد القاهرة في نهائيات الأمم الأفريقية عام 1986. [email protected]