«صحة بالبرلمان»: الأطباء يهربون إلى الخارج بسبب الأوضاع المادية وعدم تأمينهم من اعتداءات ذوى المرضى نقابة «الأطباء»: لسنا فى حالة حرب حتى تتخرج دفعات استثنائية.. وقانون التأمين الصحى الجديد فرصة ذهبية للحل تعاني مستشفيات وزارة الصحة، من نقص هائل في أعداد الأطباء، لأسباب وعوامل مختلفة يأتي على رأسها العامل المادي، في ظل تدني الأجور مقارنة بما يحصلون عليه في المستشفيات الخاصة، أو في خارج مصر. وبلغت الأزمة ذروتها خلال الفترة الأخيرة مع استقالة الكثير من الأطباء للسفر خارج البلاد، ما دفع الحكومة إلى التدخل للبحث عن حلول لسد العجز في أعداد الأطباء. وعقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء اجتماعًا بحضور الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، والدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، والدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ووجّه رئيس الوزراء بدراسة تخريج دفعات استثنائية من خريجي كليات الطب، في ظل العجز الشديد الذي تواجهه مصر حاليًا في أعداد الأطباء، وكذا زيادة أعداد الطلاب المقبولين بكليات الطب. ووفق الدكتورة إيناس عبد الحليم، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، فإن نسبة الأطباء الراحلين تجاوزت 35% من إجمالي الأطباء في مصر. وأضافت في تقرير لها، أن النقص في الأطباء ليس وليد السنوات القليلة الماضية، لكنه يتراكم منذ سنوات، حتى انفجرت الأزمة في الوقت الراهن، وهو ما سبّب تدهورًا في الخدمات الصحية التي تقدمها مستشفيات الدولة، وهو ما يرجع بشكل مباشر إلى العجز في الأطباء وطاقم التمريض . وتابعت: "تواجه الدولة حالة من هروب الأطباء للخارج، حيث إن عدد الأطباء المصريين العاملين في السعودية وحدها نحو 70 ألف طبيب، وفي الولايات وأستراليا يوجد قرابة 25 ألف طبيب، إلى مصر دولة منتجة للوظائف الماهرة " . وأوضحت أن "هروب الأطباء من المنظومة الحكومية، يرجع إلى انخفاض رواتبهم بالمستشفيات الحكومية، حيث إن راتب الطبيب عند التعيين في القطاع الحكومي كان 250 جنيهًا حتى عام 2013، ويبلغ حاليًا نحو 1800 جنيه ". وأشارت وكيل لجنة الصحة بالبرلمان إلى أن "مصر تعاني من نقص في الأطباء بنسبة 33%، وفي التمريض بنسبة 43%، وهناك أزمة في سوء التوزيع في أماكن النقص، والمتوسط العالمي لعدد الأطباء بالنسبة إلى عدد السكان يبلغ طبيبًا واحدًا لكل 350مواطنًا، بينما في مصر ينخفض بشكل كبير إلى طبيب واحد لكل 1330مواطنًا، بجانب اهتمام الأطباء بالعمل الخاص أو السفر إلى الخارج ." وعلى الرغم من الإقرار بوجود مشكلة نتيجة النقص في أعداد الأطباء بالمستشفيات، إلا أن مقترح رئيس مجلس الوزراء بدراسة تخريج دفعات استثنائية من خريجي كليات الطب، في ظل العجز الشديد في أعداد الأطباء، قوبل بالرفض على نطاق واسع خوفًا من تداعياته على الخدمة الطبية المقدمة. وقالت النائبة إليزابيث شاكر، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، إنها ترفض المقترح بشكل مطلق، معتبرة أن "الوضع ليس بهذا السوء كما يتصور البعض، لكن السبب الرئيسي هو التوزيع الخاطئ للأطباء بالمحافظات". وأضافت ل"المصريون": "هناك مستشفيات عامة في قلب العاصمة يتواجد فيها أعداد كبيرة من الأطباء، بينما تتراجع النسبة بشكل واضح في المناطق البعيدة والنائية". وعزت شاكر العجز الجزئي بالمستشفيات، إلى "العجز المالي لعدم تقدير الطبيب ماليًا بالنظر إلى عدد السنوات التي أمضاها في عمله، ثانيًا عدم تأمين المستشفيات بالشكل الكافي من قبل الأمن، وعدم إقرار قانون المسئولية الطبية، المطروح على البرلمان، والذي لم تتم مناقشته حتى الآن ولم يتم إقراره". وأضافت: "قانون المسئولية الطبية، يحفظ الأطباء في أماكن عملهم، لأنه ينظم العلاقة بين المريض والطبيب، في ظل ترهيب الأطباء من بعض ذوي المرضى بالمستشفيات، وهو ما يجعل الطبيب غير آمن على حياته داخل عمله؛ فيقرر الاستقالة والعمل خارج البلاد". وعن مقترح الدفعات الاستثنائية، ردت النائبة: "لماذا يخرج الأطباء خارج حدود الوطن؟ ومن هنا أبدأ في حل مشكلاتهم، ومن ثم لا يحدث أي فراغ طبي داخل المؤسسات الصحية". وتابعت: "أنا أُزعجت جدًا من كلمة دفعات استثنائية، ومن ثم راجعت المسئولين عن التصريح، وأكدوا أن العبارة فهمت بطريقة خاطئة، وليس كما فهما البعض على أننا سنأتي بالطلاب، ونجعلهم أطباء". واقترحت زيادة أعداد كليات الطب بجميع المحافظات؛ لعدم وجودها في الكثير من المحافظات، واقتصارها على عواصممحافظات بعينها. وتابعت: "ماذا ستستفيد الدولة من كثرة عدد طلاب كلية الطب داخل نفس الجامعة؟ دون فتح آفاق جديدة في جامعات أخرى، لاستخراج أطباء جدد، مع الاحتفاظ والحفاظ على المتخرجين الجدد وتدريبهم بأفضل الوسائل". وهاجم الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، المقترح الحكومي، معللًا ذلك ب"أننا لسنا في حالة حرب، والأطباء ليسوا ضباط جيش للذهاب إلى الحرب لكي ندخل دفعات استثنائية، فهذا غير معقول ولا يعقل، ولا يجب أن يقال". وأضاف ل"المصريون": "مهنة الطب تختلف عن أي دراسة أخرى، فهذه المهنة مسئولة عن حياة المرضى، ولا يجب أن نلغي أجزاءً من المناهج حتى نسرع بنشر الأطباء داخل المستشفيات لسداد العجز". وواصل منفعلًا: "هناك حد أدنى من الأمان للمرضى يجب توفيره للطبيب للحفاظ على المرضى". وفسر سبب الأزمة بأن "جميع الأطباء يهربون من المهنة في الداخل قبل الخارج، فنجد أطباء يتركون مهنتهم ويعملون بمهن أخرى داخل مصر للعيش في وضع مادي أفضل". وزاد: "إذا كانت الدولة جادة في حل مشكلة الأطباء، فلدينا فرصة ذهبية، وهي قانون التأمين الصحي الجديد، علينا أن نجلس معًا للنظر إلى حل يرضي الجميع؛ للحفاظ على الدولة وعلى مؤسساتها، وفي مقدمتها مهنة الأطباء".