حالة كبيرة من الرفض تسود وسط الأطباء اعتراضا علي توجيه د.مصطفي مدبولي رئيس الوزراء بدراسة تخريج دفعات طب استثنائية كليات الطب لمواجهة العجز في أعداد الأطباء.. أجمع عدد كبير من الأطباء أن هذا التوجيه، والذي أسفر عنه اجتماع رئيس الوزراء بوزير التعليم العالي مؤخرا يمثل تهديدا لمهنة الطب ووصفوه ب "الكارثة"، وأكدوا أن الحل لا يكمن في زيادة أعداد المقبولين بكليات الطب والضغط علي البنية التحتية للكليات والمستشفيات الجامعية، وإنما في وضع حلول واقعية للمشاكل التي تسببت في حدوث خلل في نسبة أعداد الأطباء إلي المرضي. يقول د.حسين خالد رئيس لجنة قطاع التعليم الطبي بالمجلس الأعلي للجامعات ووزير التعليم العالي الأسبق إن الجدل ساد بين المنتسبين للمجتمع الطبي حول الأفكار المطروحة بشأن مواجهة عجز الأطباء في المستشفيات الحكومية والجامعية وهو العجز الناتج عن نزوح ما يقرب من 20% سنويا من خريجي كليات الطب للعمل أو استكمال دراستهم العليا خارج مصر وكذلك انقطاع حوالي 30% عن ممارسة المهنة في المستشفيات العامة بما يعني أن عدد الأطباء المنضم للخدمة سنويا لا يزيد عن 5 آلاف طبيب. نزوح الأطباء وأوضح أن حل مشكلة عجز عدد الأطباء لا يمكن حله بزيادة أعداد المقبولين في كليات الطب الحكومية الموجودة حاليا وإنما بإيجاد حلول حقيقية للمشكلات التي تؤدي إلي مواجهة نزوح الأطباء للعمل خارج مصر أو إحجامهم عن ممارسة المهنة والاستقالة من المستشفيات الحكومية. وأشار رئيس لجنة قطاع التعليم الطبي إلي أن البنية التحتية الحالية لكليات الطب والمستشفيات الجامعية لا يمكنها قبول أعداد أكبر من الطلاب فضلا عن أن أية زيادة في أعداد خريجي الطب لن تحقق الأهداف المرجوة منها إذا لم يتم إيجاد حلول حقيقية للمشكلات التي تواجه شباب الأطباء حاليا وعلي رأسها مشكلة تدني رواتب شباب الأطباء وانعدام التدريب وسوء بنية العمل حيث يحصل الطبيب الشاب علي حوالي 2000 جنيه شهريا ويتم قصر الدراسات العليا علي 10% فقط من خريجي كليات الطب إضافة إلي بيئة العمل غير المناسبة التي يعمل فيها الأطباء.. وأشار خالد إلي أنه يمكن مواجهة ذلك بصرف بدل أو منحة شهرية تعادل ما يتقاضاه الطبيب حاليا، وذلك لخريجي كليات الطب الجدد بدءا من العام القادم. وقال إنه من الممكن إضافة إلي ذلك إنشاء كليات طب جديدة وليس زيادة أعداد الطلاب بالكليات القائمة حاليا، وأشار إلي أن أفضل نموذج للكليات الجديدة هو أن تكون كليات أهلية تابعة للجامعات الحكومية أو للمؤسسات الاجتماعية وتكون غير هادفة للربح بحيث لا تحمل أعباء ومشكلات كليات الطب الحكومية أو تكرر مشاكل كليات الطب الخاصة وأن يتم التركيز فيها علي التخصصات المطلوب. مشاكل كبيرة واستنكر د.خالد سمير أستاذ جراحات القلب بكلية الطب جامعة عين شمس، تخريج دفعات استثنائية من كليات الطب موضحا أن هذا الأمر لا يتم إلا في حالات الطوارئ القصوي. وأوضح أن ما يتم تدريسه لطلاب الطب لا يمكن اختصاره أو الحذف منه أو تكديسه لتدريسه في فترة قليلة، فالعملية هنا تعتمد علي اكتساب مهارات إكلينيكية وهي ما يعاني منها الوضع الحالي من الأساس، ومع تطبيق تخريج دفعات استثنائية سيزداد الوضع سوءاً. وأضاف سمير أن كليات الطب حاليا تقبل أعدادا تفوق استيعابها من الأساس، وهو عكس ما يحدث في الدول المتقدمة فمتوسط الطلاب يكون 150 للدفعة ويتم تقسيمهم لمجموعات الواحدة منها تضم 5 طلاب يتخصص أستاذ بتدريبهم والإشراف عليهم، مؤكدا أن أعداد الخريجين يتم حسبته وفقاً لعدد السكان، فيتم تخريج نحو 7 أو 8 آلاف سنويا بل يصل الأمر إلي 11 ألفا في بعض السنوات، فنحن بذلك ننتج أطباء يفوقون احتياجاتنا بنحو 30%، وذلك من 30 كلية مختلفة عن بعضها البعض في المستوي التعليمي مع عدم وجود امتحانات موحدة. وفي نفس السياق أكد سمير أن الأعداد التي اعتمدت عليها التقارير الأخيرة غير صحيحة بالمرة، فأعداد الأطباء في مصر لا يمكن تحديده. حلول واقعية أما د.حسن خالد أستاذ طب الحالات الحرجة بقصر العيني، فأكد أن تحسين ظروف العمل والتأمين ضد مخاطر المهنة ورفع أجور الأطباء المتدنية وإلغاء عقوبة الحبس هي الأسباب الطبية العلمية المؤكدة لتكون حلا لمنع هروب الأطباء من ممارسة المهنة في مصر وليس زيادة عدد الخريجين لأنهم أيضا وفي الظروف الحالية سيهربون، وأكثر الأطباء المتميزين هم من يغادرون البلاد. ووافقه الرأي د.محمد محيي أستاذ جراحة الأعصاب بالقصر العيني فأشار إلي أن تخريج دفعات استثنائية يعد إساءة بالغة للمواطن "الغلبان"، كما أنها بداية النهاية لهذه الكلية الواعدة. من جانبه أكد د.جمال شعبان عميد المعهد القومي للقلب السابق، أنه علي رئيس الوزراء تدارك الموقف فتخريج دفعات استثنائية أمر خاطئ في الطب". عدد كافٍ أوضح د.صفوت أبو النور الرفاعي مدير مستشفي هيئة قناة السويس، أنه لا يوجد عجز حقيقي وواقعي في عدد الأطباء بمصر، مستشهدا بذلك أن عدد الأطباء الحالي تخطي 800 ألف طبيب من واقع سجلات نقابة الأطباء وهو عدد كافٍ جدا، موضحاً أن العدد المسجل في نقابة الأطباء لا يعمل فعليا علي أرض الوطن فحوالي 30% من هذا العدد خارج مصر وخاصة الأطباء ذوي المهارة والخبرة والتخصص النادر. وأضاف أن أبرز أسباب هروب هؤلاء الأطباء هي تدني الأجور وعدم توفير تدريب وأجواء عمل مواتية، بجانب العمل تحت ضغط نفسي وعدم الشعور بالأمان مع التحريض المستمر علي الأطباء.