لسد العجز الحالي في أعداد الأطباء بالمستشفيات، مع تزايد هجرتهم للخارج، وجّه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بدراسة تخريج دفعات استثنائية من خريجي كليات الطب، وكذلك زيادة أعداد الطلاب المقبولين بتلك الكليات، مع تأهيل مزيد من الأطباء. وكلّف رئيس الوزراء، بسرعة الاتفاق مع الجامعات الخاصة بشأن إتاحة المستشفيات الحكومية لها، وتدريب طلابها بهذه المستشفيات؛ وذلك للاستفادة من الإمكانات والبنية الأساسية التي تمتلكها وزارة الصحة، مع تيسير إنشاء كلية طب بهذه الجامعات، وتوفير مستشفى جامعي لها، طبقًا للاتفاقات التي ستتم مع وزارة الصحة. وقال الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي، إنه يوجد تكليف من رئيس الجمهورية بالنظر في أعداد العاملين في القطاع الصحي، موضحًا أنه خلال الفترة من 2014 حتى 2018، بلغ أعداد الخريجين في القطاع الطبي، نحو 47 ألف خريج من كليات القطاع الطبي الحكومي والخاص؛ وهي: «الطب، وطب الأسنان، والصيدلة، والعلاج الطبيعي، ومعاهد ودارسو التمريض». الدكتور سمير على توني، عضو مجلس نقابة الأطباء، قال إن «مهنة الطب دقيقة وحرجة؛ لأنها تتعامل مع الجسم البشري، إضافة إلى أن أخطائها لا يمكن تداركها بعكس المهن الأخرى». وفي تصريحات إلى «المصريون»، أضاف «توني»، أنه «نظرًا لأهمية وحساسية هذه المهنة، فإنه لابد أن يحصل الطبيب على التعليم والتدريب الكافيين، ولا يسمح له بمزاولة المهنة إلا بعد فترة التدريب العملي تحت أعين المتخصصين والاستشاريين الذين بدورهم يمنحونه رخصة مزاولة المهنة، بعد التأكد من أن قادر على مزاولتها». وأشار إلى أنه «صدرت خلال الأيام الماضية، توجيهات من رئاسة الجمهورية تنص على حزمة من القرارات التي تصب في صالح الأطباء ومهنة الطب، منها رفع بدل العدوى وأن تكون تذكرة السكك الحديدية للأطباء بنصف الثمن وغيرها من الإجراءات الجيدة»، لافتًا إلى أنه «من ضمن الإجراءات إلغاء تخريج دفعات استثنائية، وهذا وفقًا لما نشرته مواقع إعلامية»، بحسب قوله. عضو مجلس نقابة الأطباء، رفض المقترح بتخريج دفعات استثنائية، إن كانت هناك نية لذلك، مشددًا على ضرورة حصول الطبيب على التدريب الكافي قبل ممارسة مهنة الطب. وقال الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب بكلية الطب جامعة عين شمس، وعضو مجلس نقابة الأطباء السابق، إن الحديث عن تخريج دفعات استثنائية من كليات الطب، «غير منطقي ولا يمكن أن يقوله عاقل». وتساءل في تصريح إلى «المصريون»: «هل يجوز أن يتخرج طالب الطب دون أن يدرس مادة ما؟، هل يصح أن يدرس جزء فقط ما مادة مهمة؟، وهل يجوز إلغاء بعض الأجزاء من مواد الطب لتحقيق ذلك الأمر؟»، متابعًا «بالطبع لا يمكن حدوث ذلك». وأضاف: «المشكلة لا تكمن في أعداد الأطباء، حيث لا يوجد نقص أو عجز كما يدعون وإنما الخريجون يفوقون احتياجات السوق بنسبة 30%، إذ أنهم يطرحون مثل هذه المقترحات من أجل التغطية على أسباب الأزمة الحقيقية». وأشار إلى أن «المشكلة الحقيقية تكمن في أن الأطباء لا يريدون العمل بالقطاع الحكومي؛ لتدني الرواتب ولعدم الحصول على المعاملة الجيدة، أي أن المسألة تتعلق بالنواحي المادية»، لافتًا إلى أن «الحكومة عليها مواجهة هذه الأزمة بشجاعة وأن تعمل على حلها، وإلا ستستمر المشكلة». من جانبها، وصفت الدكتور منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباء، القرار بأنه «تخريب» كامل لمهنة الطب، مؤكدة أن المسئولين أجبروا الأطباء على الهروب، بكل طرق الاضطهاد المادي والمعنوي، وتركوهم فريسة للعدوى وللاعتداءات اليومية، والتعسف وحملات التشهير الإعلامي المسمومة؛ حتى أصبح الطلبة يدرسون المعادلات التي تمكنهم من السفر للخارج بدءً من السنة الثالثة في الكلية. وقالت الدكتورة نجوى الشافعي، الأمين العام لنقابة الأطباء، إن العجز ليس في جميع التخصصات فهناك كثرة في أطباء النساء والتوليد والأطفال والجلدية، على عكس نقص عدد أطباء التخدير والرعاية المركزة. وأضافت الشافعي، أنه يجب عمل دراسة عملية لمعرفة سبب عزوف الأطباء عن تلك التخصصات وإيجاد وسائل جاذبة لهم، كما يوجد سوء توزيع خطير بسبب قوانين لم الشمل والواسطة وغيرها. وأشارت الأمين العام، في تصريحات، إلى عدم جدوى زيادة عدد الخريجين خاصة أن جميعهم يبحث عن عقد عمل في دول الخليج فور تخصصه، مضيفة أنه يجب تحسين ظروف العمل من خلال رفع الرواتب وحماية الأطباء في أماكن عملهم وإعادة الكرامة والثقة بالنفس، وبطبيعة الحال سيعود للعمل دون أي مشاكل أو أزمات. بينما، قال الدكتور محمود أبو الخير، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، إن استقالة الأطباء سببها سياسة وزارة الصحة في التعامل معهم، فضلًا عن عدم زيادة المرتبات، وعدم تحديد الحد الأدنى لأجور الأطباء حتى الآن، وفي الوقت ذاته تتعاقد الوزارة مع الأطباء المستقيلين بمبلغ يتعدى 7 آلاف جنيه. وأضاف، أن ذلك يؤدي إلى استقالة عدد كبير من الأطباء ثم بعد ذلك يتعاقدوا مع الوزارة بمرتبات مرتفعة، مشيرًا إلى الحل يتمثل في رفع أجور الأطباء حتى لا يستقيل أحد منهم، معلنًا أن 4200 طبيب تقدموا باستقالتهم في العام الماضي