تواجه المستشفيات الجامعية، والوحدات الصحية على مستوى محافظات مصر نقصاً شديداً في أعداد الأطباء، خاصة بعد تقدم عدد كبير منهم باستقالتهم من أجل الهجرة إلى الخارج للحصول على مستوى مادي ومعنوي أفضل. ولمحاولة سد هذا العجز، وجّه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء بدراسة مقترح يقضي بتخريج دفعات استثنائية من خريجي كليات الطب، وزيادة أعداد الطلاب المقبولين بهذه الكليات، إلى جانب التوسع في إنشاء كليات طب بشري جديدة حكومية أو خاصة أو أهلية، وهو ما اعترضت عليه النقابة العامة للأطباء، مؤكدة أن هذا الأمر سيؤثر سلباً على صحة المواطن المصري، ومشددة على ضرورة معالجة الأسباب الحقيقية وراء هذا العجز. وأكد أعضاء مجلس النقابة أن اقتراح تخريج دفعات استثنائية، لا يمثل حلاً لإنهاء الأزمة داخل المستشفيات الحكومية، وإنما الحل المناسب يكمن في تحسين وتصحيح أوضاعهم من خلال زيادة الأجور والبدلات ووقف الاعتداءات عليهم داخل المستشفيات. من جانبها، أكدت الدكتورة نجوى الشافعي، أمين عام نقابة الأطباء، أن اقتراح الحكومة سيدخل الأطباء في أزمة كبيرة خاصة أن العجز ليس بجميع التخصصات فهناك كثرة في أطباء النساء والتوليد والأطفال والامراض الجلدية، بينما هناك عجز في أطباء التخدير والرعاية المركزة. وطالبت بضرورة إجراء دراسة عملية لمعرفة السبب الحقيقي وراء عزوف الأطباء عن تلك التخصصات وإيجاد وسائل جاذبة لهم، مشيرة إلى وجود سوء توزيع للأطباء بسبب الواسطة ولوائح "لم الشمل". وشددت الشافعي على ضرورة تحسين ظروف العمل، التي تتمثل في رفع الأجور وحماية الأطباء داخل مقار عملهم بالمستشفيات، فضلاً عن إعادة الكرامة لهم، الأمر الذى سيؤثر إيجابيًا في المستقبل على العمل دون وجود أى معوقات أو أزمات.. لافتة إلى أن عدم توافر كل هذه العوامل جعلت هجرة الأطباء للخارج في تزايد مستمر. وأضاف الدكتور أسامة عبد الحى، وكيل نقابة الأطباء أن سد عجز الأطباء بمستشفيات وزارة الصحة لا يكون بتخريج دفعات استثنائية، قائلًا:«أعداد الخريجين في تزايد مستمر سنويًا ولكن الأزمة الحقيقية، في هجرتهم إلى الخارج بسبب تدنى الأجور داخل المستشفيات، وعدم تحفيز الأطباء على ممارسة عملهم في بيئة متكاملة مثل زيادة بدل العدوى، ووضع كادر مناسب لهم، ووجود حوافز مادية وعينية مجزية للمناطق النائية والتخصصات النادرة، وبالتالي يجب أن يتم معالجة أسباب الهجرة التى تعد من أهم الأسباب وراء نقص الأطباء وليس زيادة أعداد الخريجين». وفي السياق نفسه، أكد الدكتور إيهاب الطاهر، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن الاقتراح بتخريج دفعات استثنائية، أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، مطالبًا بضرورة معالجة الأسباب الحقيقية من خلال زيادة المرتبات والبدلات. وأوضح أنه لا يمكن دراسة الطب بالقطعة، مشير إلى أن الطبيب إما أن يكون قادرًا على تشخيص المرض، أو لا، خاصة أن دراسة الطب هي دراسة إكلينيكية، وبالتالي لابد أن يحصل فيها الطبيب على كل المواد العلمية التي يدرسها الطلاب. وقال عضو نقابة الأطباء، إن مصر بها العدد الكافي من الخريجين كل عام، إلا أن الأجور المتدنية لأعضاء الفريق الطبي وعلى رأسهم الطبيب هي السبب الرئيسي في «تطفيشهم» إلى الخارج بجانب أن بيئة العمل غير آدمية، متوقعًا زيادة نسبة العجز خلال الفترة المقبلة في حالة استمرار هذه المشكلات. وأشار إلى أن النقابة ستعقد اجتماعا عاجلاً خلال الأيام المقبلة، لبحث ودراسة هذا المقترح، ومخاطبة كل الجهات المعنية سواء مجلس الوزراء أو وزيرة الصحة لمتابعة تداعياته.