في تطورت سريعة في المشهد السوداني، عقب عزل الجيش السوداني للرئيس السابق عمر البشير قدم مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني صلاح قوش استقالته لرئيس المجلس العسكري الانتقالي. ويعد صلاح عبد الله قوش أهم رجال السودان المثيرة للجدل في جهاز المخابرات، حيث تسلم هذا الجهاز أكثر من مرة قبل اعتقاله على خلفية اتهامه بمحاولة تدبير انقلاب على البشير، ليعود العام الماضي إلى قيادته بتحديات جديدة أهمها مواجهة الاحتجاجات. وكانت الاستخبارات العسكرية السودانية قد اعتقلت أكثر من 100 من قادة حزب المؤتمر الوطني الحاكم، على خلفية تحركات للجيش السوداني وأنباء عن تنحي البشير. يذكر أن قوش سبق اعتقاله لمشاركته في محاولة انقلاب نوفمبر 2013، الذي أعلنت عنه الرئاسة السودانية. وفي ظل خروج عشرات المظاهرات في عدة محافظات سودانية منذ 19 ديسمبر الماضي، غاب المسئولون السودانيون عن المشهد في الخطابات والتصريحات العلنية، ليخرج أول تصريح علني حول الاحتجاجات من الرجل الأقوى في جهاز المخابرات، مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، الفريق صلاح عبد الله قوش، إذ أعلن أن كل القوات النظامية وعلى رأسها الجهاز الذي يديره، ستتصدى لكل من يحاول زعزعة الأمن والتخريب. وبعد تصريح قوش بدأت بعدها حملات الاعتقال في صفوف المتظاهرين وانتهاج القوة في تفريقهم، ما فتح باب الجدل حول قوة هذا الرجل ومكانته السيادية. والتحق قوش، الذي كان مهندس إنشاءات مدنية، بجهاز الأمن الداخلي عام 1989 معولا على خبرته كمسئول أمني للذراع الطلابية لتنظيم الإخوان المسلمين في جامعة الخرطوم التي تخرج فيها عام 1982. وبحسب المنظمات الحقوقية الدولية تميّزت الفترة التي تولى فيها إدارة الأمن الداخلي في التسعينيات، بالقوة في التعامل مع المعارضين وباعتقال آلاف السياسيين في سجونٍ سرية عُرفت وقتها باسم "بيوت الأشباح". كما اعترف قوش في لقاء صحفي لاحق أن قسوته البالغة طالت حتى شقيقه الأكبر، الذي اعتقل وسجن لعام كامل في بيوت الأشباح إبان رئاسته للجهاز، لأنه كان ينتمي للحزب الشيوعي. وقد واجه قوش عواصف عاتية خلال مسيرته الأمنية الطويلة، ألقت به خارج جهاز المخابرات بعدما اتهم جهاز الأمن والمخابرات السودانية بالتورط في مساعدة متطرفين إسلاميين مصريين في محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في يونيو 1995، والتي بسببه ساءت العلاقة بين الجانبين المصري والسوداني. كما شارك قوش في تشكيل قوات التدخل السريع السودانية المعروفة ب "ميليشيا الجنجويد" والتي قادت الحرب ضد القبائل غير العربية والمتعاطفة مع حركات التمرد في دارفور. وظل قوش شبحًا غامضًا لا يعرفه أحد من عموم الناس، ولم تنشر له صورة واحدة، حتى اختار بنفسه موعدًا للظهور العلني وسمح بنشر صورته في الصحف، حيث كان ذلك يوم اكتشاف المخبأ السري لمحمد إبراهيم نقد، زعيم الحزب الشيوعي السوداني في العاصمة الخرطوم 7 أبريل 2005 بعد اختفائه عن الأنظار لمدة 11 عاما.