لم تغير نخبة السوء منهجها البائس الذى انتهجته فى عداء كل ما هو إسلامى لمجرد كونه إسلامياً، وما زالت تواصل هذا النهج القبيح لتزداد يوماً بعد يوم قطعية وعزلة مع الشارع، ولتبقى – كما هو حالها دائماً - تغرد خارج السرب، مكتفية بسكنى الفضائيات والمواقع الإخبارية؛ لتمرر منهجها الفكرى والسياسى الذى مقته الناس، وعلم جميع العقلاء ببواره وأنه لا مكان فى دنيا المصريين وواقعهم؛ لتكون المحصلة اختزال النخبة لدورها فى المجتمع بأن تصبح مجموعة من الكائنات الفضائية، التى كما يقول المثل العامي،: "تغنى وترد على نفسها". وما كان موقف النخبة من الرئيس إلا امتدادًا لموقفها الفكرى من الهوية الإسلامية؛ فإن النخبة قد أبغضت الرئيس لهويته الإسلامية قبل أن تبغضه لأى شيء آخر، ولم تنتظر لتقيم أدائه سياسياً أو اقتصادياً أو نحو ذلك، بل سارعت إلى رميه بالفشل قبل أن يدخل القصر أو يحلف اليمين الدستوري، ثم تعدى الأمر إلى إقامة حفلات تعذيب فضائية له، وإهانات متعمدة، بلغت شأواً بعيداً فى التدنى الأخلاقى والمهنى، حتى يخيل للرائى أن الرئيس يتعرض لكل هذا الهجوم الضارى هو رئيس الحكومة الصهيونية فى تل أبيب، وليس رئيساً مصرياً منتخباً، على أن التاريخ يشهد أن تلك النخبة ما تعاملت أبداً مع رؤساء الحكومات الصهيونية - وإن كان من نوعية نتنياهو وشارون - بمثل ما تعاملت به مع رئيسها المصري. لقد وضعت النخبة يدها فى يد فلول النظام البائد ووقفت معهم فى جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، ولم يسلم من هذا الخزى السياسى والأخلاقى إلا فئة قليلة ممن يحترمون مبادئهم ويغارون على وطنهم، ولمّا هزم مرشح الفلول وانتصر مرشح الثورة والتغيير، بادرت النخبة، كما تقدم، إلى انتقاصه وتحقيره، والإرجاف بأنه بلا سلطة ولا صلاحيات، والتعامل معه على أنه رئيس مؤقت ينبغى استغلال المشاكل والأزمات التى يصدرها الفلول له، والتحريض ضده، وكتمان كل حسنة يعملها، والتشهير بكل خطأ، بل واختلاق الأكاذيب والتهم ظلماً وعدواناً، إلى أن تتم الإطاحة به فيما كان قد أعده الفلول من مظاهرات "24 أغسطس". ولما قلب الرئيس بذكائه الطاولة على المتآمرين والمتربصين، وأنجز فى أسابيع ما لم يفعله غيره فى سنين، وخلص مصر من هيمنة العسكر – تغيرت لغة النخبة، لا إشادة بهذا الإنجاز الذى يعد مطلباً ثورياً، بل بوضع نغم جديد يعزفون عليه حقدهم وحسدهم، فزعموا أن هذا الإنجاز هيمنة وديكتاتورية و"أخونة للدولة"، ومن يومها لم تكف ألسنتهم عن هذا الحديث المموج والحجة البالية "أخونة الدولة"، ولم يستح أحد أحزاب النخبة أن يخرج متظاهراً فى هوجة "أبو حامد" التى كان يعدها الفلول للإطاحة بشرعية الصندوق، قبل أن يباغتهم الرئيس الناجح بالإطاحة بالعسكر، ظهيرهم الذى كانوا سيستندون إليه. إياك أيها القارئ أن تنتظر من هذه النخبة ثناءً على أى عمل من أعمال الرئيس مهما كان عظيماً وفى صالح مصر؛ بل لو حوّل مصر إلى فردوس أرضى، وحلّ كل مشاكلها، وفعل لها ما لم يفعله حاكم قط – ستظل النخبة تلعنه، وتظهر إنجازاته على أنها "شو إعلامي"، كما فعلوا مع موقفه فى قضية الصحفية التى اُحتجزت فى السودان أو يعتبرونها ليست إنجازاً ولا نجاحاً، كما فعلوا مع زيارته الناجحة للصين وكلمته القوية فى قمة عدم الانحياز، وإن أشاد الناس حول العالم بذلك. باختصار لن ترضى النخبة الفاشلة عن هذا الرئيس الناجح، وإن أحضر لها لبن العصفور، اللهم إلا أن يعادى الهوية الإسلامية ويضطهد أتباعها، فساعتها فقط سيرضون عنه. [email protected]